عرض مميز لجريمة الرشوة في القانون المغربي
الركن المادي لجريمة الرشوة هو الطلب أو القبول أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى مقابل العمل أو الامتناع
لم يعرف المشرع المغربي جريمة الرشوة وإنما اكتفى بالتنصيص عليها ضمن المواد 248..256 من القانون الجنائي والمواد 35..40 من ظهير 6101972• وإذا كان من عادة المشرعين أنهم لا يهتمون بالتعريفات فان الفقهاء والقانونين وكذا القضاء ينصرفون الى تعريف الجرائم، وهكذا فان الفقه عرف جريمة الرشوة بأنها هي عرض من جانب وقبول من جانب آخر لأي فائدة أو منفعة كانت مقابل القيام او الامتناع عن العمل من أعمال وظيفته .
وجريمة الرشوة بهذا التعريف تقتضي وجود طرفين هما: موظف يطلب او يقبل او يتسلم رشوة مقابل قيامه او امتناعه عن عمل من أعمال وظيفته أو الإخلال بواجباتها، وصاحب مصلحة يقدم او يعرض رشوة او يعد بها موظفا. ويمكن تعريفها بأنها اتجار الموظف العمومي بإعمال وظيفته او استغلالها على نحو معين لفائدته الخاصة ن بمعنى أن الموظف يتخذ من القيام بأعمال وظيفته أو الامتناع عن أدائها سببا للحصول على فائدة من أي نوع كانت.
في حين عرفها آخرون بأنها فعل يرتكبه موظف عام او شخص ذو صفة عامة يتجر او بالأحرى يستغل السلطات المخولة له بمقتضى هذه الوظيفة وذلك حين يطلب لنفسه او لغيره او يقبل او ياخذ وعدا او عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته او يزعم انه من أعمال وظيفته او للامتناع عن ذلك العمل او للإخلال بواجبات الوظيفة. ويرى فريق آخر بان جريمة الرشوة تقوم على اتفاق او تفاهم بين الموظف وصاحب الحاجة يعرض فيها هذا الأخير على الموظف عطية او فائدة فيقبلها لأداء عمل او امتناع عن عمل يدخل في نطاق وظيفته او فيما يتصل بها من سلطة او بعبارة أخرى هي في الأصل تتكون من العرض من جانب القبول من الجانب الآخر لأية فائدة.
وقد وجدت الرشوة في صدر الشريعة الإسلامية في غير جهة القضاء من ذلك أن ابي حميد عبد الرحمان بن سعد الساعدي رضي الله عنه، قال: استعمل النبي (ص) رجلا من الازد يقال له ابن اللتيبة على جمع الصدقات، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا إلي فقام الرسول (ص) على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
” أما بعد فاني استعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هذا لكم، وهذا هدية أهديت إلي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينتظر أيهدى إليه أم لا؟” ونخلص الى أن الموظف يعتبر مرتكبا للفعل المادي لجريمة الرشوة بمجرد طلبه او قبوله لعرض او وعد او هدية او أية فائدة سواء أكان لطلبه اثر أم لا أنجز العمل او الامتناع المطلوب منه أداؤه أم لم ينجز، تسلم المقابل فعلا أم لم يتسلمه.
ولعل صور جريمة الرشوة هي : الفعل المادي ويمكن تقسيم الفعل المادي الى ثلاث أقسام: 1 طلب عرض او وعد 2 طلب هبة او هدية او أية فائدة 3 قبول العرض او الوعد او تسلم هبة او هدية او أية فائدة أخرى وتعتبر جريمة الرشوة قائمة متى قام الموظف بأحد هذه الصور. وبالرجوع الى المادتين 248 والمادة 35 من ظهير 6101972 وبالرجوع الى هاتين المادتين يتبين أن أركان الرشوة ثلاثة هي :
1) أن يكون الجاني متصفا بصفة موظف عمومي بمفهوم المادة 224 من القانون الجنائي ومختصا بالعمل او الامتناع المطلوب منه أداؤه
2) ركن مادي قوامه فعل الطلب او القبول او تسلم هبة او هدية او أية فائدة أخرى مقابل العمل او الامتناع
3) ركن معنوي يتخذ دائما صورة القصد الجنائي. وطبعا عقوبة جريمة الرشوة واضحة في القانون الجنائي المغربي فهي حسب منطوق المادة 248 تتراوح بين الحبس من سنتين الى خمس سنوات وغرامة من 250 الى 5000 درهم وذلك بحس الحالات الواردة في الفصل المذكور ثم جاء الفصل 249 وجعل العقوبة هي الحبس من سنة الى ثلاث سنوات وغرامة من 250 الى 5000 درهم حسب الحالات التي أوردها الفصل المذكور ثم الفصل 250 الذي اقر نفس العقوبة الواردة في الفصل 249 ثم زاد الفصل 250 في فقرته الأخيرة انه إذا كان الجاني قاضيا او موظفا عاما او متوليا مركزا نيابيا فان العقوبة ترفع الى الضعف. أما إذا كانت رشوة احد رجال القضاء او الأعضاء المحلفين أو قضاة المحكمة قد أدت إلى صدور حكم بعقوبة جناية ضد متهم فان هذه العقوبة تطبق على مرتكب جريمة الرشوة. وكل قاض او حاكم إداري تحيز لصالح احد الأطراف ممالأة له أو تحيزا ضده عداوة له يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 250 الى 1000 درهم
اترك تعليقاً