حكم صادر عن محكمة التمييز الكويتية – في دعوى قضائية بـ عزل مدير شركة معين في عقد التأسيس (شركة ذات مسئولية محدودة) – في ظل قوانين الشركات الكويتي المتعاقبة- أسباب عزل مدير الشركة قضائيا – مبدأ عدم رجعية القوانين – الأثر المباشر للقوانين المتعلقة بالنظام العام (ومنها قانون الشركات) على جميع العقود السارية وقت نفاذه حتى ولو كانت قد نشأت قبل سريانه طالما إن آثارها ممتدة إلى وقت نفاذ القانون الجديد المتعلق بالنظام العام – إغفال الفصل في بعض الطلبات ، وأثره.
من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى به قضاء محكمة التمييز، أنه:
“من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه متى كانت نصوص القانون جلية فلا يجوز الأخذ بما يُخالفها أو يُقيدها، لما في ذلك من استحداث لحُكم مُغاير لمُراد الشارع عن طريق التأويل. وأن مضمون النص لا يقتصر على المعنى الذي تدل عليه ألفاظه وعباراته في ذاتها، إنما يشمل المعنى المُستمد من روح النص ومفهومه بإشاراته ودلالته والذي يتم الكشف عن حقيقته بطرق التفسير المُختلفة.
وكان النص في المادة (201) من قانون الشركات رقم 15 لسنة 1960 – قبل إلغائه بالقانون رقم 25 لسنة 2012، المُعدل بالقانون رقم 97 لسنة 2013 – على أنه: “يُدير الشركة مُدير أو أكثر، من بين الشركاء أو من غيرهم، بأجر أو على سبيل التبرع، وإذا لم يُعين عقد تأسيس الشركة المُديرين عينتهم الجمعية العامة للشركاء”.
والنص في المادة (202) منه على أنه: “إذا عُيِنَ مُدير في عقد تأسيس الشركة دون أجل معين، بقي مُديراً مدة بقاء الشركة، ما لم يقض عقد التأسيس بغير ذلك، أو يُجمع الشركاء على عزله”.
والنص في المادة (204) منه على أن: المديرون مسئولون بالتضامن تجاه الشركة والشركاء والغير عن مُخالفتهم لأحكام القانون أو لعقد التأسيس أو عن الخطأ في الإدارة، وفقاً للقواعد المنصوص عليها في شركة المُساهمة”.
والنص في المادة (205) منه على أنه: “لا يجوز للمدير – بغير موافقة الجمعية العامة للشركاء – أن يتولى الإدارة في شركة أخرى مُنافسة أو ذات أغراض مماثلة، أو أن يقوم لحسابه أو لحساب الغير بصفقات في تجارة منافسة أو مماثلة لتجارة الشركة، ويترتب على مُخالفة ذلك جواز عزل المدير وإلزامه بالتعويض”.
والنص في المادة (212) منه على أنه: “لا يجوز تعديل عقد الشركة ولا زيادة رأسمالها أو تخفيضه إلا بقرار من الجمعية العامة للشركاء يصدر بالأغلبية العددية للشركاء الحائزين لثلاثة أرباع رأس المال، ما لم يقض عقد الشركة بغير ذلك”.
وكان مفاد هذه النصوص مُجتمعة – وفقاً لما تدل عليه ألفاظها وعباراتها، ويُستفاد من مفهومها –
أن المشرع، بعد أن بيَّن طريقة تعيين مُدير الشركة ذات المسئولية المحدودة وأوضح أن ذلك يتم إما في عقد تأسيسها أو عن طريق الجمعية العامة للشركاء، أعطى للشركاء الحق في عزل المدير المُعين في عقد تأسيس الشركة متى توافر إجماعهم على ذلك، وأحال في شأن مسئولية المدير عن أخطائه في الإدارة إلى النصوص الواردة بهذا الشأن في خصوص الشركات المساهمة. كما أباح للشركاء عزله دون نصاب معين في حالة أفعال المنافسة غير المشروعة للشركة التي يتولى إدارتها، أو عن طريق تعديل عقد الشركة متى توافر النصاب الوارد في نص المادة 212 من ذات القانون.
وإذ لم تتضمن نصوص المواد سالفة البيان أو غيرها من نصوص القانون رقم 15 لسنة 1960 – الواردة في شأن الشركات ذات المسئولية المحدودة – ما يحظر على الشريك أو الشركاء فيها اللجوء إلى القضاء بطلب عزل مدير الشركة المعين في عقد التأسيس أو من عينته الجمعية العامة للشركاء، وذلك في حالة عدم إجماع الشركاء على عزله أو عدم توافر النصاب اللازم لتعديل عقد الشركة. ولو أراد المشرع حظر لجوء الشركاء إلى القضاء بطلب عزل المدير المعين في عقد التأسيس لنص صراحة على ذلك أو أحال على نصوص أخرى في القانون تحظره، وهو ما لم يتم، بل أعطى هذا الحق، دون تقيد بتوافر نصاب معين في حصص الشركاء أو عددهم، لطلب عزل المدير حينما نص في المادة (205) سالفة البيان على جواز عزل المدير في حالة ارتكابه أفعال المنافسة غير المشروعة، وجاء نصها على إطلاقه دون أي قيد، بما لا مجال معه للتذرع بأن عزل المدير المعين يتطلب إجماع الشركاء على عزله أو صدور قرار من الجمعية العامة للشركة بموافقة الأغلبية العددية للشركاء الحائزين على ثلاثة أرباع رأس المال بالتطبيق للمادة (212) سالفة البيان والتي اشترطت صدور هذا القرار في حال تعديل عقد الشركة، كما لو قررت تقصير مدة الشركة أو إطالتها أو إيراد بعض القيود على سلطة المديرين أو زيادة رأسمالها أو تخفيضه، وهي حالات وردت على سبيل الحصر، والقول بغير ذلك فيه تقييد لنصوص القانون سالفة البيان واستحداث حكم مغاير لمراد الشارع منها، والذ اعتنق هذا النظر في قانون الشركات الجديد رقم 25 لسنة 2012 وتعديله، وذلك بالنص صراحة في المادة (104) منه على جواز عزل مدير الشركة ذات المسئولية المحدودة – بحكم قضائي – للأسباب التي حددها هذا النص حصراً.
وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، واعتبر المدير المعين في عقد التأسيس لمدة غير محددة لا يجوز للشركاء طلب عزله قضاءً، ورتب على ذلك قضاؤه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدعوى الأصلية، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب تمييزه جزئياً في هذا الخصوص.
وحيث إن موضوع الاستئنافين رقم 1423 ، 1821 / 2011 تجاري – في حدود ما تم تمييزه من الحكم المطعون فيه – صالحاً للفصل فيه.
وكان المقرر أن الأصل هو عدم سريان القانون الجديد على الماضي، وإنما يسري من تاريخ العمل به على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه، سواء في نشأتها أو انتاجها لآثارها أو انقضائها، كما يسري بما له من أثر مباشر على الآثار المستقبلية التي تترتب على المراكز القانونية السابقة، ويستثنى من ذلك آثار التصرفات المبرمة تحت سلطان القانون القديم فتبقى خاضعة له ما لم تكن أحكام القانون الجديد متعلقة بالنظام العام فيسري على ما يترتب منها بعد نفاذه.
لما كان ذلك، وكانت أحكام قانون الشركات، وإن تعلقت بالأفراد إلا أنه قُصِدَ بها تحقيق مصلحة عامة اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد بحسبانها تمثل كيان الدولة الاقتصادي، وإن في انهيارها ما يؤدي إلى المساس به والتأثير عليه.
وإنه ولئن كان عقد تأسيس الشركة محل التداعي – وما تضمنه من تعيين المستأنف ضده/ ح. م. ع. ع. الوزان – مديراً لها، قد أبُرِمَ في ظل قانون الشركات القديم، إلا أنه، ولما كانت قواعد الشركات من النظام العام على نحو ما سلف بيانه، فإن المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 2012 الصادر بشأن الشركات والمعدل بالقانون رقم 97 لسنة 2013 يسري على الدعوى الماثلة في خصوص طلب عزل مدير الشركة محل التداعي – باعتباره أثراً مستمراً من آثار العقد المشار إليه، لا زال قائماً لحين العمل بهذا القانون، والذي أدرك الدعوى قبل الفصل فيها بحكم نهائي، بعد ما انتهت هذه المحكمة سلفاً في قضائها بتمييز الحكم المطعون فيه – في هذا الخصوص – تمييزاً جزئياً بما يزيل الجزء المميز منه فتزول معه كافة آثاره ويسقط ما أمر به أو رتبه من الحقوق ويصبح غير قابل للتنفيذ وغير صالح لأن يُبنى عليه حكم آخر وتعود الخصومة والخصوم إلى ما كانوا عليه قبل صدور الحكم المميز.
وكان النص في المادة (104) من قانون الشركات الجديد رقم 25 لسنة 2012 المعدل بالقانون رقم 97 لسنة 2013 على أنه: “يجوز عزل مدير الشركة بحكم قضائي بناءً على طلب شريك أو أكثر ممن يملكون ربع حصص رأس المال على الأقل، وذلك للأسباب الآتية:
1- إذا ارتكب عملاً من أعمال الغش.
2- إذا ارتكب خطأ ألحق بالشركة ضرراً جسيماً.
3- إذا خالف حكم المادة (106) من هذا القانون”.
مفاده أن مدير الشركة ذات المسئولية المحدودة، سواء كان مُعيناً في عقد تأسيسها أو بقرار من جمعيتها العمومية، يجوز عزله قضائياً إذا ما ارتكب عملاً من الأعمال التي أوردها النص حصراً، وهي الغش والخطأ الذي يترتب عليه ضرراً جسيماً بالشركة أو عملاً من أعمال المنافسة غير المشروعة للشركة على ما هو وارد بنص المادة (106) من ذات القانون، وذلك إذا طلب عزله شريك أو أكثر ممن يملكون ربع حصص رأس المال على الأقل، وكان الثابت بالأوراق ومنها تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة أن المستأنف ضده/ ح. م. ع. ع. الوزان، منذ أن تولى – منفرداً – إدارة شركة التداعي في أغسطس سنة 2000 دأب على الخروج على حدود سلطاته المُبينة في البند التاسع من عقد تأسيسها، بأن أبرم قروضاً ومنح كفالات بغير إذن جمعيتها العمومية ولم يقم بدعوتها للانعقاد لتعيين مجلس رقابة للشركة مما اضطرهم إلى إقامة الدعوى رقم 6520 / 2008 تجاري بهذا الطلب وبعد أن رفضته محكمة الموضوع بدرجتيها أجابتهم إليه محكمة التمييز بحكمها الصادر في الطعن رقم 407 / 2010 تجاري، كما لم يقم بتوزيع أنصبتهم في أرباحها إلا مرتين: الأولى- عن السنة المالية 2001، والثانية- عن السنة المالية 2007/2008، مما اضطرهم إلى إقامة العديد من الدعاوى بمطالبته بأداء أنصبتهم فيها، كما لم يمكنهم من الاطلاع على ميزانيات الشركة وحساباتها الختامية وتقارير مراقب الحسابات وهو ما اضطرهم إلى إنذاره بشأن هذه المخالفات وتحرير محاضر في الشرطة – مقدم صورها للخبير الذي ندبته محكمة أول درجة – يفيد إحداها وجودهم خارج الشركة وأبوابها الرئيسية مُغلقة في الوقت المحدد لانعقاد جمعيتها العمومية، وآخر يفيد تسلم المستأنفة السابعة/ عائشة مظروفاً مغلقاً مرسل إليها من شركة التداعي لحضور جمعيتها العامة، وبفتحه بمعرفة قائد شرطة اليرموك تبين احتوائه على عدد (2) ورقة بيضاء خلواً من أي كتابة، وكذلك انذارين رسميين موجهين للمستأنف ضده من المستأنفين/ ص. و ج. م. ع. ع. الوزان بتاريخ 30/5/2010م بشأن استلامهما الدعوة لحضور الجمعية العامة للشركة أوراقاً بيضاء خالية من الكتابة في مظاريف مغلقة. وإذ استند المستأنفون لما سبق تبريراً لمطلبهم الحكم بعزله من إدارة الشركة، وكانوا يملكون حصصاً في رأسمالها تزيد على الربع،
وتستخلص المحكمة – مما سلف –
ما لها من سلطة فهم واقع الدعوى وتقدير أدلتها أن المستأنف ضده منذ أن انفرد بإدارة الشركة عمد إلى عدم انعقاد جمعيتها العامة للنظر في تعيين مجلس رقابة بالمخالفة للمادة (114) من القانون رقم 25 لسنة 2012 المار بيانه والتي ألزمته بذلك، رغم علمه أن الشركة بلا مجلس رقابة، كما لم يؤدي للمستأنفين أنصبتهم في أرباحها بصورة دورية تغنيهم عن المطالبة بها قضاءً، وحال بينهم وبين حقهم في الاطلاع على أوراقها ومستنداتها مما دفعهم إلى اللجوء إلى الشرطة لتمكنهم من ذلك، وهو ما يُعد منه في جملته غشاً وخطأ في إدارة الشركة يُلحق بها وبالشركاء ضرراً جسيماً ومُبرراً – وفقاً لنص المادة (104) من القانون سالف البيان – للقضاء بعزله من إدارة شركة التداعي، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب إلغائه وإجابة المستأنفين لمطلبهم على نحو ما سيرد بمنطوق هذا الحكم. وحيث إنه عن طلب المستأنفين تعيين مدير مؤقت للشركة من بينهم، فالمحكمة تلتفت عنه باعتباره طلباً جديداً لم يسبق لهم إبدائه أمام محكمة أول درجة.
وحيث إنه عن طلبهم تقرير مسئولية المستأنف ضده – بصفته – عن أخطائه في إدارة الشركة، فإنه لما كان الحكم الابتدائي قد أغفل الفصل في هذا الطلب إغفالاً كلياً إذ خلت أسبابه مما يدل على أنه فصل فيه صراحة أو ضمناً، ومن ثم فإنه يبقى مُعلقاً أمامها، ويكون سبيل تدارك هذا الإغفال هو الرجوع إليها لتفصل فيه عملاً بالمادة (126) من قانون المرافعات، وتكتفي المحكمة بما أوردته في هذا الخصوص بأسباب حكمها بغير حاجة إلى النص عليه بمنطوق حكمها”.
[[ حكم محكمة التمييز الصادر في: الطعون بالتمييز أرقام 1328 و 1332 و 1473 و 1517 و 1520 و 1522 لسنة 2001 تجاري/5 – بجلسة 29/4/2015م ]]
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً