الأثر التنفيذي لعقد إيجار الموحَّد على قطاع العقار الإيجاري
عبدالله بن ثامر القديمي
مستشار قانوني
أطلقت وزارة الإسكان صيغة عقد إيجار الموحَّد الذي يعنى بتوثيق العقود الإيجاريَّة، وحفظ حقوق المؤجر والمستأجر، والوسيط العقاريّ، حيثُ يُعتبرُ العقد بمثابةِ سندٍ تنفيذيّ ملزمٍ قابلٍ للتنفيذ أمام الجهات القضائية والتنفيذيَّة، ولا شكَّ أنَّ وجود هذا العقد بمثل هذه المزيَّة يُسهمُ في تنظيم قطاع العقار الإيجاريّ، وتقليل المنازعات أمام جهات التقاضي والتنفيذ، إذ نَصَّ قرار مجلس الوزراء رقم (292) بتاريخ 16/5/1438ه على عدم اعتبارِ عقد الإيجار الذي لم يُسجَّل في (شبكة إيجار الإلكترونية) عقداً صحيحاً مُنتجاً لآثاره الإدارية والقضائية، الأمر الذي يعني عدمُ نظرِ جهة التنفيذ القضائيّ في أيِّ عقد إيجار وقَّعهُ المؤجر والمستأجر مباشرةً أو بواسطة الوسيط العقاريّ عدا عقد إيجار الموحَّد، معَ إلزامِ الوسطاءِ العقاريين بتسجيل جميع عقود إيجار الوحدات السكنية والتجارية من خلال الشبكة الإلكترونية (شبكة إيجار الإلكترونية) بحسب قرار مجلس الوزراء رقم (405) وتاريخ 22/9/1437ه، حيثُ يُبرَمُ العقد لدى الوسيط العقاريّ المرخَّص له، والذي يُعدُّ أشبه بالموثِّق المختصّ في عقد إيجار الموحَّد .
ويُعدُّ العقدُ المُبرم من خلال شبكة إيجار في حكم العقد الموثَّق من حيث الإثبات والتنفيذ بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (131) وتاريخ 3/4/1435ه، الأمر الذي يعني اعتبارهُ سنداً تنفيذياً وبالتّالي –بحسب نظام التنفيذ- يستطيعُ المؤجرُ –الدائن- التوجه لقاضي التنفيذ مباشرةً للتنفيذ على المستأجر –المدين- لسداد الأجرة إن حلَّ الأجل ولم يستوفِ حقَّهُ منه، حيثُ يختصُّ قاضي التنفيذ بسلطة التنفيذ الجبريّ، فإن ماطلَ المستأجر ولم ينفِّذ أو يفصح عن الأموال التي تكفي للوفاء بالدين خلال خمسة أيام من تاريخ إبلاغه بأمر التنفيذ، فللقاضي الأمر بمنع المستأجر من السَّفر، أو حبسه حتى يتم استيفاء الدَّين، وله كذلك الأمر بالإفصاح عن أموال المستأجر من الأصول العقارية أو المالية أو التجاريّة أو أي أصلٍ آخر، والحجز عليها تمهيداً لبيعها لتمكين المؤجر من استيفاء حقه من المستأجر، حيثُ تُعدُّ جميعُ أموالِ المستأجر ضامنةً لديونه، ولا يستطيعُ المستأجر التصرَّف بأمواله بمُجرَّدِ أمر قاضي التنفيذ بالحجز عليها، ويستطيعُ القاضي كذلك منع الجهات الحكومية أو المنشآت المالية من التعامل مع المستأجر.
ومع ذلك لا يجوزُ الحجز والتنفيذ على مسكنِ المستأجر، أو وسيلةِ نقله، ولا على مستلزمات المستأجر الشخصية، وما يلزمهُ لمزاولة مهنته، ولا على الأجور والرواتب فيما عدا مقدار الثلث من إجمالي الراتب .
وقد راعت قرارات مجلس الوزراء الحالات التي لا تستطيع سداد الأجرة، حيثُ نصَّ قرار مجلس الوزراء رقم (405) وتاريخ 22/9/1437ه على تكوين وزير الإسكان لجنة أو أكثر من الجهات المختصَّة تكون مهمّتها التعامل مع الحالات التي يكون فيها المستأجر سعودياً غير قادرٍ على سداد الأجرة، أو إخلاء العين، إما بسبب سجنه، أو مرضه، أو وفاته، أو ضعف قدرته المادية على أن تقوم اللجنة –خلال ثلاثين يوماً- من تاريخ إشعارها من قاضي التنفيذ عن حالة المستأجر المنفذ ضده بالبتِّ في موضوع سداد الأجرة عنه، أو توفير مسكنٍ مناسبٍ له، أو إسكانه ودعمه .
وينصُّ عقد إيجار الموحَّد على إلزام المؤجرِ بدفع نفقات الصيانة الدورية اللازمة للحفاظ على الوحدة المؤجّرة، ومسؤوليته عن إصلاح أي عُطلٍ يؤثر في استيفاء المستأجر للمنفعة المقصودة إذْ يحقُّ للمستأجر التنفيذُ على المؤجِّر في حالِ عدم التزامِه بذلك، ويلتزمُ المؤجرُ –كذلك- بما قد يُفرض على الوحدات الإيجارية من أية رسوم خدمات تُفرض من قبل الجهة المختصَّة، ولا يجوزُ للمالك الجديد إخراجُ المستأجر حتى انتهاء مدة العقد، وينصُّ العقدُ كذلك على حق المؤجرِ في طلبِ إخلاء العقار إذا تأخَّر المستأجر في دفع قيمة الإيجار أو جزءٍ منه خلال (30) يوم من إشعار المؤجر بالدفع مالم يتفق الطرفان على خلاف ذلك كتابياً .
أخيراً؛ لا شكّ أن عقد إيجار الموحَّد يُساهم بشكل واضح في تنظيم قطاع الإيجار العقاريّ، من خلال تفعيل الوسطاء العقاريين، وحفظ حقوق المؤجِّر والمستأجر من خلال اعتبارِ العقد سنداً تنفيذيّاً بالإضافةِ إلى التفصيل الوارد في العقد للواجبات والالتزامات على كلا الطَّرفين .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً