عقد الهبة في القانون السوري

الهبة في القانون السوري

يعتبر عقد الهبة من أسمى العقود, ففيه يفتقر الواهب ويغنى الموهوب له, وهو بالتالي عطاء وتضحية, و سواء كان الواهب يهب سعياً وراء عوض أو بدافع عاطفة كريمة, فإنه كثيراً ما يندفع و يخطئ تتغير ظروفه وأحواله.
كما جرى مع السيد سعيد.د الذي اتفق مع زوجته على أن يهبا منزلهما إلى ابنتهما, مقابل أن تعتني بهما و تساعدهما في ما يحتاجانه, أي مقابل أن تقوم بواجبها كابنة, ولكنه وبعد أن تنازل لها عن المنزل, فوجئ بأنها ترفض القيام بما اتفقا عليه, مما اضطره للجوء إلى القضاء.
لذلك من المهم جداً قبل الإقدام على هكذا خطوة, معرفة شروط الهبة وشروط الرجوع عنها.
عرف القانون السوري الهبة في المادة 454 الهبة بأنها عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض, ولكن يجوز للواهب دون أن يتجرد من نية التبرع, أن يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين.
و اشترط المشرّع في الهبة حتى تنعقد صحيحة عدة شروط, فهي لا تتم إلا إذا قبلها الموهوب له أو نائبه مادة /455/ قانون مدني
و يجب أن تكون بسند رسمي, و إلا وقعت باطلة, ما لم تتم تحت ستار عقد آخر, واستثنى المنقول من ذلك, بحيث يجوز في المنقول أن تتم الهبة بالقبض دون حاجة إلى سند رسمي مادة 456 قانون مدني. فإذا كان الشيء الموهوب عقاراً, يجب أن يكون بورقة رسمية, حتى تتوافر للواهب أسباب الحرية في عقد ينزل به عن ماله دون مقابل, و ليس السبب في رسمية الهبة حماية ورثة الواهب فحسب, بل حماية الواهب نفسه, إذ هو يتجرد عن ماله دون مقابل.
أجاز القانون بالنسبة للمنقول أن تتم الهبة بورقة رسمية, كما أجاز أن تتم بالقبض, وهذا ما استند إليه ورثة العلامة الشهير المقيم في حلب والذي لم يرزق بأولاد, عندما أراد أن يتبرع بمكتبته الضخمة لإحدى الجهات الرسمية في حلب, ولكن الإجراءات التي تبعتها تلك الجهة لقبول الهبة، كانت طويلة بحيث لم يتم التسليم ولا التوقيع على سند رسمي قبل وفاته, ما أدى بالمحكمة إلى الحكم بعدم صحة الهبة.
أما بالنسبة للرجوع في الهبة, فيجوز للواهب الرجوع عن الهبة، إذا قبل الموهوب له, كما نصت الفقرة /1/ من المادة 468 من القانون المدني السوري, ولكن الفقرة /2/ نصت على أنه، إذا لم يقبل الموهوب له, جاز للواهب أن يطلب من القضاء الترخيص له في الرجوع متى كان يستند في ذلك إلى عذر مقبول, ولم يوجد مانع من الرجوع.
و نصت المادة 469 على أنه يعتبر بنوع خاص عذراً مقبولاً للرجوع في الهبة
أ‌- أن يخل الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب, أو نحو أحد أقاربه, بحيث يكون هذا الإخلال جحوداً كبيراً من جانبه
ب‌- أن يصبح الواهب عاجزاً عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة، بما يتفق مع مكانته الاجتماعية, أوأن يصبح غير قادر على الوفاء بما يفرضه عليه القانون من النفقة على الغير
ج- أن يرزق الواهب, بعد الهبة, ولداً يظل حياً إلى وقت الرجوع, أو أن يكون للواهب ولد يظنه ميتاً وقت الهبة, فإذا به حي
و نص القانون أيضا على عدة موانع, إن وجدت, يُرفض طلب الرجوع في الهبة
نص المشرع في المادة /470/ من القانون المدني على أنه يرفض طلب الرجوع في الهبة إذا وجد مانع من الموانع الآتية:
1 – إذا حصل للشيء الموهوب زيادة متَّصلة موجبة لزيادة قيمته، فإذا زال المانع عاد حق الرجوع.
2 – إذا مات أحد طرفي عقد الهبة.
.
3 – إذا تصرَّف الموهوب له في الشيء الموهوب تصرُّفاً نهائياً، فإذا اقتصر التصرُّف على بعض الموهوب جاز للواهب أن يرجع في الباقي.
4 – إذا كانت الهبة من أحد الزوجين للآخر، و لو أراد الواهب الرجوع بعد انقضاء الزوجية.
5 – إذا كانت الهبة لذي رحم محرم.
6 – إذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهوب له، سواء كان الهلاك بفعله أم بحادث أجنبي لا يد له فيه أم بسبب الاستعمال، فإذا لم يهلك إلا بعض الشيء جاز الرجوع في الباقي.
7 – إذا قدم الموهوب له بدلا من الهبة.
8 – إذا كانت الهبة صدقة أو عملا من أعمال البر.
ويترتَّب على الرجوع في الهبة، أن تعتبر كأن لم تكن.
أما بالنسبة إلى ثمرات الهبة، فنصَّ القانون على أنَّ الموهوب له لا يرد الثمرات إلا من وقت الاتفاق على الرجوع، أو من وقت رفع الدعوى.
مما تقدَّم، نرى أنَّ عقد الهبة يحتلُّ مكان الصدارة بين سائر العقود، لما يتجلَّى فيه من نزعات إنسانية.
والقانون السوري سدَّ كلَّ الثغرات التي يمكن أن تنشأ عن هذا العقد حفاظاً على حقوق الواهب والموهوب له
اهتمَّت القوانين بالخطبة كخطوة تسبق الزواج, على الرغم من أنها مجرد مرحلة تسبق الارتباط الفعلي بعقد الزواج.
ففي العهد الروماني, أعطى القانون لكلِّ من الخطيبين الحق في المطالبة بالزواج, بالإضافة إلى الحق بالتعويض عما يحدث من ضرر.
وكان يترتَّب على الخطبة في القوانين الكنسية بعض الالتزامات، أهمها أن يلتزم كلٌّ من الخطيبين بإتمام الزواج؛ ما يخوِّل كلا منهما أن يطالب بتنفيذه أمام القضاء, وهو ما نصَّ عليه قانون الأحوال الشخصية لطائفة السريان الأرثوذكس اللبنانية. واعتبر الشارع الفرنسي الوعد بالزواج مجرد تعهُّد آجل بالزواج.. ولكن، وبعد أن اعتبر الزواج في فرنسا عقداً مدنياً يبيح الطلاق 1791, لم يكن من الممكن أن تختصَّ الخطبة بقوة ارتباط أكثر من الزواج ذاته, وإن كانت تتمُّ في الكنيسة, وبهذا فقد الوعد بالزواج ما كان له من أثر قانوني.
أما قانون الأحوال الشخصية السوري, فقد نصَّ في المادة /2/ منه على أنَّ الخطبة والوعد بالزواج وقراءة الفاتحة وقبض المهر وقبول الهدية، لا تكون زواجاً, وأعطى لكلٍّ من الطرفين الحق في العدول عن الخطبة دون شروط- مادة /3/.
أما بالنسبة إلى المهر والهدايا، فقد نصَّ على ما يلي:
1 – إذا دفع الخاطب المهر نقداً واشترت المرأة به جهازها, ثم عدل الخاطب, فللمرأة الخيار بين إعادة مثل النقد أو تسليم الجهاز.
2 – إذا عدلت المرأة فعليها إعادة مثل المهر أو قيمته.
3 – تجري على الهدايا أحكام الهبة.

شارك المقالة

3 تعليقات

  1. السلام عليكم٠ ماذا لو كانت الهبة بعقد في السجل العقاري مدون به عبارة عقد بيع حقيقي لقاء عوض ولا ينطوي تحت هبة مستترةو تصريح اتفاق الطرفين الاب الواهب والابن الموهوب له انها هبة قطعية لا رجوع فيها ولانكول بلا بدل او عوض وقد مضى عليها ثلاث سنوات

  2. السلام عليكم..اساتذتي الكرام ..ارجو الاجابة تفضلا وتكرما..أب وهب لابنته قطعة ارض وأستترها بعقد بعقد بيع صوري..وبعد مرور ١٤ سنة على الهبة اراد الاب الرجوع عن هبته لابنته والبنت ترفض تسليم العقار لابيها..مع العلم ان الهبة لم تتم بعقد رسمي بل استترت بعقد بيع ..وكذلك البنت أشادت بناء على قطعة الارض ..فهل للاب الرجوع في هبته ؟ وماحكم البناء المشاد على الارض الموهوبة فيما لو صح رجوع الواهب ..؟؟
    ولكم جزيل الشكر..

  3. السلام عليكم بعد اذنكم سؤال انا والدي وهب جمعيه البر والخدمات الاجتماعيه في سوريه منزل مع قطعه ارض ووالدي بعد فتره قصيرة قرر استرجاع هذه الارض والمنزل واقامه بدعوه على هذه الجمعيه ولكن بعد سنوات اتا القرار مع الرفض ويحفظ حق الاستناف والدي الان لقد توفا هل يوجد طريقه او قانون نستطيع ارجاعه به ولقد مر علي هذا الخلاف اكثر من سبع سنوات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.