جنحة إخفاء رسالة اتصالات أو العبث بمضمونها
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
المـادة الثالثة والسبعـون
النص القانوني
[يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام أثناء تأدية وظيفته في مجال الاتصالات أو بسببها بأحد الأفعال الآتية:
1- إذاعة أو نشر أو تسجيل لمضمون رسالة اتصالات أو لجزء منها دون أن يكون له سند قانوني في ذلك.
2- إخفاء أو تغيير أو إعاقة أو تحرير أية رسالة اتصالات أو لجزء منها تكون قد وصلت إليه.
3- الامتناع عمداً عن إرسال رسالة اتصالات بعد تكليفه بإرسالها.
4- إفشاء أية معلومات خاصة بمستخدمى شبكات الاتصال أو عما يجرونه أو ما يتلقونه من اتصالات وذلك دون وجه حق].
تمهيـد وتقسيـم
يتضح لنا من خلال استعراضنا للمادة 73/1 بند 2 تجريم المشرع لكل فعل يتضمن إخفاء أو تغيير أو أعاقة أو تحوير لأية رسالة من رسائل الاتصالات أو لجزء منها ويعد ذلك استكمالاً لمنظومة احترام وتقديس الحياة الخاصة والحفاظ عليها والتأكيد على حظر المساس بالحق في الخصوصية للأفراد.
وقد بسط المشرع الحماية اللازمة لرسائل الاتصالات وسنعرض لتلك الجنحة في خمس نقاط رئيسية على النحو التالى.
أولاً: الشرط المفترض.
ثانياً: موضوع السلوك الاجرامى.
ثالثاً: الركن المـادي.
رابعاً: الركن المعنوى.
خامساً: العقوبـــة.
أولاً: الشرط المفترض
(المتهم احد العاملين في مجال الاتصالات)
لا قيام للجنحة موضوع التعليق (إخفاء رسالة اتصالات أو العبث بمضمونها) إذا ارتكبها شخص لا يعمل في مجال الاتصالات حيث أوجب المشرع توافر شرط مفترض في النموذج الاجرامى لتلك الجريمة هو أن يكون المتهم أحد العاملين في مجال الاتصالات ويستفاد ذلك من عبارة (كل من قام أثناء تأدية وظيفته في مجال الاتصالات أو بسببها بأحد الأفعال الآتية) الواردة في البند (1) من المادة (73) من قانون تنظيم الاتصالات.
وقد سبق لنا استعراض ذلك الشرط حال دراستنا لجنحة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة المؤثمة بالمادة 73/1 بند 1 من قانون تنظيم الاتصالات ومن ثم فإننا نحيل إلى ما سلف ذكره منعاً من التكرار.
ثانياً: موضوع (محل) السلوك الإجرامـي
تظهر لنا دراسة النص أن فعل الاخفاء أو التغيير أو الاعاقة أو التحوير لا تقع إلا على رسالة اتصالات أو جزء منها أي أن محل أو موضوع النشاط الإجرامى للمتهم هو رسالة اتصالات ولا تقوم الجريمة إذا تم أي فعل من الأفعال سالفة الذكر (الإخفاء – التغيير – الإعاقة – التحوير) على شئ خلاف رسالة اتصالات ولقد سبق لنا استعراض محل السلوك الإجرامى في الجريمة الواردة في المادة 73/1بند1 وهو ذات المحل في الجنحة موضوع التعليق. ومن ثم فإننا نحيل إلى ما سبق ذكره وذلك منعاً من التكرار.
ثالثاً: الركن المـادي
تدخل جنحة إخفاء رسالة اتصالات أو العبث بمضمونها من ضمن الجرائم الشكلية (جرائم الخطر) حيث يتكون ركنها المادى من فعل إجرامى فقط.
وقد حصر النص صور السلوك الإجرامى في أربعة وهى:
أ – الاخفاء.
ب- التغيير.
جـ- الإعاقة.
د – التحويـر.
وسوف نتناول كل منها بالشرح على النحو التالى.
أ – الإخفـاء
تتعدد معانى الإخفاء وسنعرض للتعريف اللغوى والفقهي وفقاً لما سيأتى:
التعريف اللغوى
يقصد بالاخفاء لغة كتم الشئ([1]). ويعني به كاصطلاح حجب الشئ عن الغير.
التعريف الفقهي
يعرف الإخفاء بأنه إخفاء ما لا يجب اخفاؤه من معلومات أو بيانات موجودة داخل رسالة الاتصالات ويستلزم الأمران يكشف عنها لصاحبها([2]).
كما يرى أحد الفقهاء أن الإخفاء كسلوك مادى يتطلب أن يكون الشئ المخفى في الحيازة المادية لمرتكب الإخفاء([3]). ويتحقق ذلك بسلوك إيجابى يدخل به الفاعل رسالة الاتصالات في حوزته([4]).
ومن أمثلة ذلك قيام أحد العاملين في مجال الاتصالات (شركة اتصالات مثلاً). بإخفاء احدى الرسائل التليفونية المرسلة من (أ) إلى (ب) عبر الة الهاتف المحمول وذلك بعدم ارسالها إلى (ب). فهنا يسأل (أ) كأحد العاملين في مجال الاتصالات عن جنحة إخفاء رسالة اتصالات المؤثمة بالمادة 73/1بند1.
ب- التغيير
يرى أحد الفقه أن التغيير هو العبث بمضمون الرسالة بطريقة تؤدى إلى إختلاف هذا المضمون ويتم ذلك بأية وسيلة كالحذف أو الإضافة([5]). بحيث تتغير الرسالة في صورتها الأخيرة عن ما أرسلت من المرسل.
وقد يعنى التغيير استبدال رسالة اتصالات برسالة أخرى. ومن أمثلة ذلك قيام الموظف بتغيير عبارات الراسالة([6]).
تعريفنـا للتغييـر
ولدينا فإن المقصود بالتغيير قيام أحد العاملين في مجال الاتصالات بإدخال تعديلات على محتوى رسالة اتصالات من خلال أبدال أو أضافة أو حذف لجزء أو كل الرسالة أو اصطناع رسالة جديدة تختلف كلياً عن البيانات والمعلومات والعبارات والصور والإشارات التي تضمنتها الرسالة الأصلية بحيث يؤدى ذلك إلى طمس فحوى ما تضمنته الرسالة المرسلة من المرسل وعدم تحقق الغاية من إرسالها إلى المرسل إليه بحسبان أنها لم تصبح معبرة عما كان يريد المرسل إطلاع أو توصيله للمرسل إليه مع وجوب أن يتم ذلك الفعل (تغيير رسالة الاتصالات) بمعرفة أحد العاملين في مجال الاتصالات أثناء تأديته لوظيفته أو بسببها.
جـ – الإعاقــــة
يتمثل فعل الإعاقة في قيام موظف الاتصالات بأفعال مادية يكون من شأنها الحيلولة دون وصول هذه الرسالة أو لجزء منها إلى صاحبها المرسل إليه ويكون ذلك بغلق أو إقفال جهاز الاتصالات المعد لاستقبال رسائل الاتصالات في غير الحالات القانونية لغلقه. أو إتلاف أو تعطيل الجهاز أو فصل التغذية الكهربائية الخاصة به أو إعاقة الرسالة بعد بدء ارسالها. وقبل تمام وصولها([7]) من المرسل إلى المرسل إليه.
ويمكن تعريف الإعاقة بانها وضع عقبات مادية فنية تحول دون وصول رسالة اتصالات([8]).
ومن أمثلة ذلك قيام أحد العاملين بأحدى شركات الاتصالات بقطع الخدمة عن أحد المستخدمين لنظام الكرت المدفوع مقدماً رغم أنه في فترة السماح كنوع من الانتقام منه([9]).
د – التحويـر
يتخذ التحوير صور كثيرة يمكن من خلالها تعريفه فيقصد به إدخال أية تغييرات أو تعديلات على رسالة الاتصالات بمعرفة أحد العاملين في مجال الاتصالات ويستوى أن يتم ذلك على كل الرسالة أو جزء منها. والتحوير هو أحد أشكال التغيير ويمكن أن يتخذ التحوير تغيير مسار الرسالة بتوجهها لشخص آخر خلاف المرسل إليه وقد يعنى بالتحوير إخفاء الرسالة كلها أو جزء منها([10]).
ويعرف التحوير بأنه إدخال تعديل على مضمون الرسالة بحيث يختلف معناها عن المعنى الذي كان يراد منها قبل ارتكاب هذا السلوك. ويستلزم قيام المتهم (أحد العاملين في مجال الاتصالات) بتحوير الرسالة كلها أو بعضها سبق علمه بمضمونها([11]).
ولدينـا فإن ذلك الرأي الأخير محل نقد لأنه من المتصور أن يقوم شخص بتحوير رسالة أو جزء منها دون أن يكون عالماً بمضمونها كان يضيف لها صورة أو جزء مع عدم قراءته أو اطلاعه على الرسالة الأصلية.
رابعاً: الركـن المعنـوي
نوع القصد الجنائي المتطلب في الجريمة
يجب لتوافر الركن المعنوي في جنحة إخفاء رسالة اتصالات أو العبث بمضمونها توافر القصد الجنائي العام بعنصرية العلم والإرادة بحسبان أنها تدخل من ضمن الجرائم العمدية.
وسنعرض لكل منهما بالتفصيل.
عنصـر العلـم
يتعين أن يتصرف في علم الجانى (مرتكب الجريمة) إلى عناصر الجريمة كافة فيلزم أن يتوافر علم المتهم بأنه يقوم بإخفاء أو تغيير أو أعاقة أو تحوير لأية رسالة اتصالات أو لجزء منها.
وترتيباً على ما سلف فإنه وفقاً للقواعد العامة فيلزم علم الجانى بأمريين هما:
1- العلم بأنه يرتكب أحد الأفعال الإجرامية [صور السلوك الإجرامى] الواردة في النص وهي [الإخفاء – التغيير – الاعاقة – التحوير] وفقاً للنموذج القانوني للجريمة الوارد في المادة 73/1 بند 2 من قانون تنظيم الاتصالات.
2- أن محل الجنحة رسالة اتصالات أو جزء منها.
وهدياً بما سلف فلا قيام للجريمة إذا انتفى علم الجانى بذلك.
عنصـر الإرادة
لا يكفى العلم وحده لقيام القصد الجنائي العام في الجنحة موضوع الدراسة بل يجب أن تتجه إرادة مرتكب الجريمة إلى إتيان السلوك الإجرامى محل التأثيم [فعل الإخفاء – التغيير – الإعاقة – التحوير] كى يكتمل الركن المعنوي لتلك الجنحة.
ومن أمثلة ذلك عدم ارسال أحد العاملين في مجال الاتصالات لرسالة مرسلة من المرسل إلى المرسل إليه [أحد المستخدمين أو المشتركين في الشبكة] اعتقاد منه بسبق إرسالها بمعرفة موظف آخر زميل له أو قيامه بحفظها على سبيل الخطأ.
إثبات القصد الجنائي
تحرى توافر القصد واستظهاره من عناصر الدعوى والقول بتوافره هو من شأن محكمة الموضوع وفقاً لما هو مستقر عليه قضاءاً([12]).
خامسـاً: العقـــوبـة
مقدـار العقـوبة
حدد قانون تنظيم الاتصالات [مادة 73/1 بند2] عقوبتى الحبس والغرامة أو احداهما لكل من يرتكب جنحة إخفاء رسالة اتصالات أو العبث بمضمونها.
فأما عن الحبس فحده الأدنى ثلاثة أشهر والأقصى وفقاً للمادة 18 من قانون العقوبات ثلاث سنين ويعاقب أيضاً بالغرامة من خمسة آلاف جنيه كحد أدنى حتى خمسين الف جنيه كحد أقصى.
([1]) الامام محمد بن أبى بكر الرازى: مختار الصحاح، المطبعة الاميرية، 1905، ص202.
([2]) المستشار الدكتور/ عمر الشريف: شرح لمبادئ وأحكام قوانين الاتصالات، مرجع سابق، ص110.
([3]) الدكتور/ إبراهيم حامد طنطاوى: مرجع سابق، بند رقم 144، ص140.
([4])LARGUIER (Jet – A – M): Eroit penal special, D, 1998, p. 98..
([5]) المستشار الدكتور/ عمر الشريف: مرجع سابق، ص110.
([6]) الدكتور/ إبراهيم حامد طنطاوى: مرجع سابق، بند رقم 145، ص140.
([7]) المستشار الدكتور/ عمر الشريف: المرجع السابق ص 111.
([8])GATTEGNO (P): Droit penal seécial, Dalloz, 3éd 1999, No 536, p. 283.
([9]) االدكتور/ إبراهيم حامد طنطاوى: المرجع السابق، بند رقم 146، ص141.
([10]) المستشار الدكتور/ عمر الشريف: مرجع سابق، ص 111.
([11]) الدكتور/ إبراهيم حامد طنطاوى: مرجع سابق، بند رقم 147، ص 141.
([12]) نقض 13/12/1978، مجموعة أحكام محكمة النقض، س29، رقم 174، ص828.
اترك تعليقاً