جريمة الامتناع عن الإغاثة في التشريع العراقي
القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
الأصل في كل تشريع أن تكون هناك غاية وعلة في سن ذلك التشريع ومن الجرائم التي نص عليها قانون العقوبات العراقي ( جريمة الامتناع عن الإغاثة ) والعلة في تجريم هذا الفعل.
إن المشرع الجنائي جعل القيم الأخلاقية أساسا لتجريم الامتناع عن الإغاثة لان المصلحة الاجتماعية التي يهدف القانون الجنائي إلى حمايتها تتمثل في وجود قدر مشترك من الشعور الأخلاقي الذي يتوافر لدى معظم أفراد المجتمع لذلك إن من واجب المشرع الجنائي أن يوازن بين ظروف المجتمع وقيمه الأخلاقية التي استقرت في أعماقه ولهذا قد جعل المشرع العراقي من الواجب الأخلاقي معيارا للتجريم فرأى ان في ارتكابها ما يناقض واجبا أخلاقيا.
وقد نص قانون العقوبات العراقي على جريمة الامتناع عن الإغاثة في المادة (370 ) حيث نصت الفقرة (1 ) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع أو توانى بدون عذر عن تقديم معونة طلبها موظف أو مكلف بخدمة عامة مختصة عند حصول حريق أو غرق أو كارثة أخرى وفي الفقرة (2) يعاقب بالعقوبة ذاتها من امتنع أو توانى بدون عذر عن إغاثة ملهوف في كارثة أو مجني عليه في جريمة، وإن صور الامتناع عن الإغاثة الذي أوردها المشرع العراقي هي ثلاث وهي: الامتناع عن معاونة موظف أو مكلف بخدمة عامة عند حصول حريق أو غرق أو كارثة والامتناع عن إغاثة ملهوف في كارثة أو مجني عليه في جريمة، والامتناع عن رعاية شخص عاجز بسبب سنه أو حالته الصحية وكان باستطاعة الممتنع تقديم العون له إلا انه امتنع عن ذلك بإرادته واختياره دون أن يكون له عذر مشروع يبرر امتناعه ولم يحدد المشرع العراقي نوع الجريمة المرتكبة بحق المجني عليه هل هي من الجنايات أو الجنح أو المخالفات ولكننا نرى بانه يشترط أن تشكل خطرا حالا على حياة المجني عليه أو أمواله مثل جرائم القتل أو الخطف أو الجرائم الجنسية أو تكون من الجنايات الواقعة على الأموال كالسرقة وإحراق الأموال.
ونرى بانه من غير المنطقي مساءلة شخص لأنه امتنع عن إغاثة مجني عليه في جريمة سب أو قذف لان هذه الجرائم لا تشكل خطرا حالا على المجني عليه وكذلك نجد بانه من غير المعقول معاقبة شخص بهذه العقوبة وهي الحبس والغرامة لأنه امتنع أو توانى عن إغاثة مجنى عليه في مخالفة ونقترح تعديل نص المادة 370 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل باقتصار هذه الحالة على المجني عليه في جناية أو جنحة تشكل خطرا حالا على حياته أو سلامته الجسدية أو امواله أو عرضه ولم يحدد المشرع العراقي نوع الإغاثة الواجب تقديمها للمجني عليه قد تكون الدفاع عن المجني عليه أو اخبار السلطات العامة بوقوع الجريمة، وفي جريمة الامتناع عن الإغاثة فقد تبين بان المشرع العراقي قد وسع من مسؤولية الأفراد وألزمهم بالمشاركة في مكافحة الجريمة وذلك حماية لحياة أو أي حق أخر للمجني عليه الذي يكون في ظروف يصعب على الأجهزة المختصة في الدولة حمايته.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً