عقوبة جريمة التزوير الجنائي حسب القانون الأردني

التزوير الجنائي في قانون العقوبات الأردني
يتناول المقال جريمة التزوير الجنائي وتعريفها في القانون الأردني، ويسرد أركان الجريمة المادية والمعنوية ونتائجها، وعقوبتها ورأي القضاء الأردني فيها. كما يذكر المقال أمثلة عديدة على جريمة التزوير سواء في الأوراق الرسمية أو الأوراق الخاصة.

التزوير الجنائي في قانون العقوبات الأردني
أولاً: المقدمة
أعطى المشرع الأردني كبقية المشرعين في دول العالم أهمية كبيرة لمعالجة جريمة التزوير وإيقاع عقوبة رادعة على كل موظف، أو غير موظف، أو مفوض عن الغير، أو أي شخص يقوم بتزوير أوراق رسمية أو غير رسمية –خاصة- أو قام بإستخدامها أو إبرازها وهو يعلم بتزويرها، وذلك لإدراكه لخطورة جريمة التزوير الجنائي وأثرها الضار في ضياع حقوق ومصالح أفراد المجتمع. ليس هذا فقط، بل قام المشرع الأردني بخطوة سبق فيها غيره من المشرعين في دول العالم حين أورد نصًا قانونيًا بتعريف جريمة التزوير الجنائي في قانون العقوبات الأردني كما هو موضح في الفقرة التالية.

ثانياً: تعريف التزوير الجنائي
نصت المادة رقم (260) من قانون العقوبات الأردني على أن التزوير هو “تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع والبيانات التي يراد إثباتها بصك أو مخطوط يحتج بهما نجم أو يمكن أن ينجم عنه ضرر مادي أو معنوي أو إجتماعي”. ومن خلال هذا التعريف، أوضح المشرع الأردني أن جريمة التزوير لا يمكن أن يعاقب عليها الجاني إلا إذا تحققت الأركان المكونة لجريمة التزوير، وهما الركن المادي والركن المعنوي كما هو موضح في الفقرة الثالثة.

ثالثًا: أركان التزوير الجنائي
الركن المادي: وهو خروج الجريمة إلى حيز الوجود
وينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: هو الأفعال الجرمية وتعني قيام الجاني بسلوك أو تصرف مكون للتزوير الجنائي المجرّم وفقًا للقانون. ومن أجل أن يصدق على الجاني ارتكاب جريمة التزوير الجنائي، يجب التفرقة ما بين الأفعال الجرمية في تزوير الأوراق الرسمية وبين الأفعال الجرمية في تزوير الأوراق الخاصة، إذ على الجاني في تزوير الأوراق الرسمية أن يقوم بتحريف مفتعل للوقائع والبيانات، إما بإساءة إستعمال إمضائه، أو الختم الذي هو في عهدته بحكم عمله، أو ببصمة اصبعه أو بتوقيعه إمضاءً مزوراً، أو بصنع صكوك، أو مخطوطات مزورة، أو قيام الجاني بحذف أو إضافة أي تغييرات في مضمون الصكوك أو المخطوطات الأصلية.

كذلك فإن جريمة التزوير الجنائي تقع على الأوراق الرسمية في حال ما إذا قام الجاني بإحداث تشويش في موضوع السند أو ظروفه مثل الإسائة في إستعماله، وإمضائه على بياض في سندات اؤتمن عليها بحكم عمله، أو بتدوين الجاني عقودًا أو أقوالًا غير التي صدرت عن المتعاقدين أو التي أملوها عليه، أو بإثبات الجاني لوقائع كاذبة على أنها صحيحة أو وقائع غير معترف بها على أنها معترف بها، أو بتحريف الجاني لأية واقعة أخرى بإغفاله أمرًا أو إيراده على وجه غير صحيح. ومن حالات التزوير الجنائي التي قد تقع على الأوراق الرسمية أيضًا أن يسمح الجاني- الذي يكون في عهدته سجلات أو ضُبط محفوظه لديه بتفويض قانوني- عن علم منه بإدخال قيودًا فيها تتعلق بمسألة جوهرية مع علمه بعدم صحة بتلك القيود.

بالإضافة إلى الحالات السابقة، هناك حالات للتزوير الجنائي التي قد تقع على الأوراق غير الرسمية –الأوراق الخاصة- مثل قيام الجاني بمحو تسطير شيك، أو إضافة بيانات إليه، أو تغيير بيانات فيه، أو أن يقوم الجاني بتداول شيك مسطر وهو يعلم بأن التسطير الذي عليه قد محي أو أضيف إليه بيانات غير حقيقية أو غُيرت بياناته الحقيقية.

القسم الثاني: هو النتيجة الجرمية وتعني وقوع أو إمكانية وقوع ضرر مادي أو معنوي أو إجتماعي على المجني عليه يسبب له خسارة مقدرة القيمة أو قابلة للتقدير يستحق له مطالبة الجاني بالتعويض عنها عن طريق الإدعاء بالحق الشخصي.

الركن المعنوي: وهو النية الجرمية للجاني
وتنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: هو علم الجاني يعني إدراك ووعي الجاني ماهية التصرف والسلوك المجرم في القانون وأنه يعاقب على كل من يأتي بمثل هذه التصرفات، مثل أن يقوم الجاني بإستعمال الأوراق المزورة وهو عالم بأمرها، ومثل علم الجاني بإدخال قيد في سند يتعلق بمسألة جوهرية مع علمه بعدم صحة ذلك القيد.

القسم الثاني: هو إرادة الجاني يعني ما حاك في باطن وداخل الجاني من نية إجرامية عند إقدامه على القيام بتصرف يعلم أنه يشكل جريمة خطيرة على حقوق الأفراد والمجتمع وهي من المسائل التقديرية لقاضي الموضوع يستقيها من وقائع الدعوى وإجراءات المحاكم خاصة عند استجواب الجاني ومواجهته بالأدلة المعروضة ضده في تحقيق المدعى العام وتقرير الخبرة وباقي الأدلة المرفقة في ملف الدعوى علمًا أن جريمة التزوير الجنائي يمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات.

رابعًا: عقوبة التزوير الجنائي
تختلف عقوبة الجاني في التزوير بحسب السندات أو المخطوطات المزورة، فإذا كانت الأوراق رسمية تكون التهمة جناية من إختصاص محكمة بداية الجزاء، ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة الحد الأدنى منها خمس سنوات إلى خمسة عشرة سنة، ويكون الحد الأدنى بالأشغال الشاقة المؤقتة سبع سنوات إذا كان الجاني موظفًا وكان السند المزور من السندات التي يعمل بها وأن يدعى تزويرها. يعاقب سائر الاشخاص الذين يرتكبون تزويراً في الأوراق الرسمية بذات العقوبات بما فيهم الشريك والمحرض والمتدخل.

أما إذا كانت السندات أو المخطوطات المزورة أوراقًا غير رسمية -أوراق خاصة- فإن التهمة تكون جنحة من اختصاص محكمة صلح الجزاء، وتكون العقوبة بالحبس الحد الأدنى منها سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة أقلها خمسون دينارًا.

خامسًا: رأي القضاء الأردني في التزوير الجنائي
قضت محكمة التمييز الأردنية في حكم لها أنه “يشكل إنتحال المتهمة إسم اختها خديجة أمام كاتب عدل الزرقاء والتوقيع على نموذج الوكالة العدلية العامة على أنها خديجة بالتطبيق القانوني جناية التزوير في أوراق رسمية خلافاً للمادتين (260) و(265) من قانون العقوبات الأردني كما انتهت لذلك محكمة الموضوع.. إن إقدام المتهمة على التعريف على المتهمة نجيه أمام كاتب عدل الزرقاء على أنها خديجة والتوقيع على نموذج الوكالة العدلية بصفته شاهد ومعرف يشكل بالتطبيق القانوني جناية التدخل في التزوير في أوراق رسمية خلافاً للمواد(260) و(262) و(2\80) من قانون العقوبات الأردني على إعتبار أنه سهّل وأتم إرتكاب الجريمة .”

وقضت محكمة التمييز الأردنية في حكم لها أنه “إذا قام المتهم بالدخول على الحاسوب خارج إختصاصه بشطب اسم المشتكي مصطفى بصفته مشتري وشريك في قطعة الأرض من الصحيفة الإلكترونية وإعادة إسم البائع عيدة على الصحيفة الإلكترونية واستخراج سند تسجيل (قيد) لون أحمر تضمن إسم البائعة عيدة وعدم وجود اسم المشتري مما استدعى تقديم الشكوى من المشتكي فإن هذه الأفعال تشكل العناصر والأركان المكونة لجناية التزوير خلافاً لأحكام المادة (262) من قانون العقوبات الأردني وبدلالة المادتين (3) و(4) من قانون الجرائم الإقتصادية الأردني.”

المراجع
1- قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960. 2- راجع المادة (262/1) من القانون السابق. 3- راجع المادة (263/1) من القانون السابق. 4- راجع المادة (263/2) من القانون السابق. 5- راجع المادة (272) من القانون السابق. 6- راجع المادة (261) من القانون السابق. 7- راجع المادة (263/2) من القانون السابق. 8- راجع المادة (262) من القانون السابق. 9- راجع المادة (265) من القانون السابق. 10- راجع المادة (272) من القانون السابق. 11- راجع قرار حكم محكمة التمييز الأردنية (جزاء) رقم (1729/2011) هيئة خماسية صدر بتاريخ 21/11/2011. راجع قرار حكم محكمة التمييز الأردنية (جزاء) رقم (1148/2010) هيئة خماسية صدر بتاريخ 1/11/2010.

كُتِبت بواسطة:

أحمد مسك | أحمد مسك للمحاماة

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

Share

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.