جريمة التزوير
نظم المشرع البحريني جريمة تزوير المحررات في المواد من (270 – 276) من قانون العقوبات، باعتبار أن هذه الجريمة تخل بالثقة الواجب توافرها في المحررات، سواءً الرسمية أو العرفية منها؛ لذا فقد حرص المشرع إعطاء هذه الجريمة أهمية خاصة، من أجل حماية المحررات من العبث في مضمونها والمحافظة على مصداقيتها وسلامة تداولها.
عرف المشرع البحريني جريمة التزوير في المادة (270/1) من قانون العقوبات، بقوله: “تزوير المحرر هو تغيير الحقيقة فيه بإحدى الطرق المبينة فيما يعد تغييرا من شأنه إحداث ضرر، وبنية استعماله كمحرر صحيح”.
ونستخلص من تعريف جريمة التزوير الوارد في نص المادة السابقة، بأن هذه الجريمة تقوم على ثلاثة أركان، وهي:
1 – فعل التزوير، وهو تغيير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق التي نص عليها القانون على سبيل الحصر.
2 – أن يكون من شأن تغيير الحقيقة إحداث ضرر بالفعل أو وجه الاحتمال.
3 – توافر القصد الجنائي.
وتنقسم المحررات محل التزوير إلى نوعين، محررات رسمية ومحررات عرفية أو خاصة كما نص عليها قانون العقوبات، وهي:
1 – التزوير في المحررات الرسمية:
نصت المادة (272) من قانون العقوبات المحرر الرسمي، على أن: “المحرر الرسمي هو الذي يختص موظف عام، بمقتضى وظيفته بتحريره أو بالتدخل في تحريره على أية صورة، أو بإعطائه الصفة الرسمية”.
ويقصد بالموظف العام الذي يقوم بتحرير الورقة الرسمية، كل شخص مكلف من جانب السلطة العامة بتحرير أوراق معينة بصفة دائمة أو مؤقتة وإعطائها الصيغة الرسمية أو كما عرفته المادة (107) من قانون العقوبات، والتي حددت الأفراد الذين يتمتعون بصفة الموظف العام.
أما بشأن وقوع التزوير أثناء تأدية الموظف لأعمال وظيفته، فيقصد به أن يقع التزوير في المحرر بواسطة الموظف بمقتضى وظيفته واختصاصه بتحريره أو بالتدخل في تحريره، على أية صورة، أو بإعطائه الصفة الرسمية ويجب أن يقع التزوير من الموظف المختص أثناء مباشرته أعمال وظيفته أما إذا ارتكبه قبل تسلم أعمال وظيفته، أو بعد أن زالت عنه الوظيفة أو زوال الاختصاص بتدوين المحرر، فإن الجريمة تنتفي وقوعها من قبل موظف عام.
فإذا توافرت العناصر السابقة فإن العقوبة المترتبة على هذه الجريمة السجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات، حسب المادة (271/) من قانون العقوبات البحريني.
2 – التزوير في المحررات العرفية (الخاصة):
بعد أن عرفت المادة (272) من قانون العقوبات البحريني المحرر الرسمي، نصت على أن “ما عدا ذلك من المحررات، فهو محرر خاص”.
ونصت الفقرة الثانية من المادة (271) على أنه “يعاقب على التزوير في محرر خاص بالحبس”. وتكون عقوبة التزوير في المحررات العرفية هي الحبس، والذي لا يقل عن عشرة أيام ولا يتجاوز ثلاث سنوات.
رابعاً: استعمال المحررات المزورة:
فرَّق المشرع بين التزوير واستعمال المحرر المزور، حيث اعتبر كل فعل جريمة مستقلة بذاتها، الأمر الذي يعني أن مرتكب فعل التزوير تتم معاقتبه حتى ولو لم يستعمل المحرر المزور، كذلك وأن من يستعمل المحرر المزور تتم معاقبته حتى ولو لم يكن هو من ارتكب عملية التزوير ولم يشترك فيها، بالإضافة إلى ذلك، فإنه يمكن معاقبة الشخص على فعل التزوير وفعل الاستعمال، وفي هذه الحالة توقع عليه عقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الأشد وفقاً للمادة (66) من قانون العقوبات، وهنا ساوى المشرع بين عقوبة التزوير وعقوبة الاستعمال، سواءً كان المحرر رسميا أم عرفيا.
ولم يحدد المشرع المقصود من فعل الاستعمال، وبالتالي فإن كل استعمال للمحرر المزور فيما أعد من أجله والتمسك أو الاحتجاج به لدى فرد أو جهة كما لو كان صحيحا، مع علم الفاعل بأنه مزور، يشكل جريمة استعمال المحرر المزور. ويتضح من ذلك أنه يلزم توافر ركنين في جريمة استعمال المحرر المزور، ركن مادي يتضمن فعل الاستعمال، وأن يكون المحرر مزور بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون، وركن معنوي، قوامه على المستعمل بالتزوير، حيث إن هذه الجريمة هي جريمة عمدية يلزم لقيامها توار القصد الجنائي من علم وإرادة.
بالإضافة إلى ذلك نص المشرع في المادة (276) من قانون العقوبات، على جريمة استعمال المحررات الصحيحة باسم الغير أو الانتفاع بها بغير حق، وجعل عقوبتها ذات العقوبة المقررة لجريمة التزوير، حيث إن عقوبة استعمال المحررات الرسمية نفس العقوبة المقررة لجريمة التزوير في محرر رسمي، وهي السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات وعقوبة استعمال المحررات العرفية المزورة نفس العقوبة المقررة لجريمة التزوير في محرر عرفي وهي الحبس.
خامساً: صور خاصة من صور التزوير:
عالج المشرع البحريني بعض الصور الخاصة بالتزوير، وهي كالتالي:
1 – تزوير الشهادات الطبية الصادرة من طبيب أو قابلة
نصت المادة (273) من قانون العقوبات البحريني على صورة خاصة من صور التزوير، بقولها: “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل طبيب أو قابلة طلب أو قبل لنفسه أو لغيره عطيه أو مزية من أي نوع أو وعداً بشيء من ذلك لإعطاء شهادة أو بيان مزور في شأن حمل أو ولادة أو مرض أو عاهة أو وفاة أو غير ذلك مما يتصل بمهنته مع علمه بذلك.
ويعاقب بالعقوبة ذاتها إذا وقع منه الفعل نتيجة رجاء أو توصية أو وساطة”.
2 – التزوير في إعلامات تحقيق الوفاة أو الوراثة أو الوصية
نصت المادة (274) من قانون العقوبات البحريني على أنه: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين أو بالغرامة التي لا تجاوز مئتي دينار من قرر في إجراءات تتعلق بتحقيق الوفاة أو الوراثة أو الوصية أمام السلطة المختصة بأخذ الإعلام أقوالاً غير صحيحة عن الوقائع المرغوب إثباتها، وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة وذلك متى ضبط الإعلام على أساس هذه الأقوال”.
3 – انتحال اسم الغير أو إعطاء بيان كاذب عن محل الإقامة في تحقيق ابتدائي أو انتهائي
نصت المادة (275) من قانون العقوبات على صورة أخرى من صور التزوير، وهي انتحال اسم الغير أو إعطاء بيان كاذب عن محل الإقامة في تحقيق ابتدائي أو انتهائي، بقولها: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين أو بالغرامة التي لا تجاوز مئتي دينار من انتحل اسم غيره أو أعطى بيانا كاذباً عن محل إقامته في تحقيق ابتدائي أو انتهائي”.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً