عقوبة جريمة القذف طبقاً للقانون العراقي
جريمة القذف من جرائم الاعتداء على الاعتبار التي اوردها قانون العقوبات العراقي ضمن مواده (433-436 ) من القانون … ويمكننــــا تعريفها بانها الجرائم التي تصيب الشخص في اعتباره وشرفه . وهذا يسوقنا الى تعريف اخر وهو تعريف الاعتبار والشرف فيمكننــــــــا تعريفهما بانهما المكانة التي ينالها الشخص في مجتمعه وبين جماعته وتكون حصيلة لرصيد تصرفاته وصفاته المكتسبة والوراثية . وذلك يشمل الثقة والاحترام التي تكون للشخص ضمن محيط علاقاته الاجتماعية والاسرية .وتتحدد هذه المكانة بموجب معيار موضوعي قوامه الراي العام في المجتمع ..كل ذلك ضمن الناحية الاجتماعية للتعريف اما من الناحية الشخصـــــــية فان الشرف والاعتبار هو شعور الفرد بكرامته واحساسه بانه يستحق من افراد المجتمع معاملة واحتراما متفقين مع هذا الشعور ….حيث ذهبت التشريعات الجنائية العالمية الى حماية المكانة الاجتماعية للفرد تمكينا له من اجل استغلالها في خدمة مصالحه المشروعه..والقذف لــم يعرفه المشرع الفرنسي (وهو الذي استمد منه مشرعنا احكامه في هذا الجانب )الا في عام 1911 م حيث كان يطلق عليها كلمة الافتراء حــــيث كان يجعل محكمة الجنح من اختــصاصها وكذلك نص على اختصاص الادعاء العام في تحريك الدعوى الجزائية العامة ولولم يتقدم المجني عليه بالشكوى من الافتراء .. ويمكننا تعريف جريمة القذف بانها اسناد واقعه معينة من شانها لو صحت تعريض المجني عليه للعقاب سواءا كان اداريا ام انضباطيا ام جزائيا او احتقاره لدى اهل وطنه او مجتمعه ويدخل في هذا المضمون كل ما يمس قيمة الانسان عند نفسه او يحط من كرامته او شخصيته عند غيره . وهذا المعنى يسري على اطلاقه . ويختلف القذف عن السب بالاسناد ففي السب يوجد اسناد لعيب معين دون تعيين واقعه معينة .ولا بــــد لنا من معرفة الاركان الخاصة لجريمة القذف ..ومن خلال المواد القانونية في قانون العقوبات العراقي والاطلاع عليها والتمعن فيها نرى ان اركان الجريمة حيث يجب توافر الاركان التالية لتحقق جريمة القذف : وهي :
1-اسناد واقعة معينة لو صحت لأوجبت العقاب او الاحتقار ..
2-حصول الاسناد باحدى طرق العلانية..
3-ان يكون ذلك بقصد جنائي ..
وفعل الاسناد يتمثل بنسبة الامر الشائن او العيب او الواقعه المعينة الى الشخص المعين وهـــــو المقذوف سواءا على سبيل التاكيد او عن طريق الرواية او ترديد العبارات على انها اشاعة فاذا كان القاذف قد ذيل الخبر بعبارة ((والعهدة على الراوي ))فان ذلك لا ينفي مسؤوليته عن الجريمة .. وكذلك فان اعادة النشر لموضوع او مقال سابق يعد قذفا جديدا..ولا يكفي ان يقــــــــــــول الناشر انه لايضمن صحة النشر ..وكذلك لا عبرة بالاسلوب الذي يتم فيه صياغة امر الاسناد سواءا اكان بصيغة تاكيدية او بصيغة تشكيكية لم يتـــم التاكد منها ..مادام ان اسناد الامر بهذه الطرق يلقي في روع الجمهور المتلقي ولو بصفة مؤقتة احتمال صحة الواقعه المسندة لشـــــــخص المقذوف وهوما يكفي وحده للمساس بشرف المقذوف واعتباره الاجتماعي ..كما يستوي في ذلك ان ينسب القاذف الواقعة الى المـــــــــقذوف وذلك باعتبارها من معلوماته الخاصة او بوصفها رواية عن الغير قام بنقلها ..كما يستوي في ذلك ان يكون المعنى السيء واضــــــحا ولا يحتاج الى تفسير او متخفيا في لفظ بريء .كما لايشترط القانون صدور عبارات القذف من شخص القاذف نفسه بل يمكن للجريمة ان تتحقق اذا ما اجاب بكلمة نعم اذا ما وجه شخص سؤالا اليه يطلب منه التوضيح عن الاشاعة التي اطلقت عنه فيعتبر هنا قاذفا …كما لا يشــــترط القانون شكلا معينا في فعل الاسناد فقد يكون شفويا وقد يكون بالكتابة سواءا كانت بخط اليد ام بالكتابة الالكترونية ام بالطباعه وعلى اية مادة كانت كالورق او القماش او الخشبوكذلك استعمال الرموزاو الصور او الرسوم الكاريكاتورية يدخل في هذا المضمون وكذلك يحــــــــصل الاسناد اخيرا عن طريق الايماء او الاشارة …او التلميحات التي تعد عرفا اساءة او تحقيرا الى شخص اخر او بما يفيد انها اسناد لامـــــــر معين يعد عرفا مسيء لشخص المقذوف ….
كما يشترط ان تكون الواقعة المسندة معينة تعيينا واضحا لا لبس فيه ولا غموض ويكفي في ذلك ان يسند القاذف الى الــــــغير امرا شائنا وتحديد الواقعة او الامر يجعله اقرب الى التصديق كما يجعله اكثر تاثيرا في شرف المقذوف واعتباره الاجتماعي ..وبصــورة عامة تكون الواقعه محددة اذا ما تم تعيين او تحديد زمان ومكان وقوعها وعناصرها الاساسية .. والظروف التي وقعت فيها فاذا كانت الواقعة محددة تحديدا تاما فان جريمة القذف قائمة اما اذا لم يتم تحديدها تحديدا تاما فلا توجد جريمة هذا فقهيا ويبدو ان القانون اكتفى بالتحديد النسبي للواقعة وتعيين بعض ملامحها وعناصرها لكي يعتبر امر اسنادها قذفا …
ويشترط في الواقعه لكي تكون قذفا ان تكون لو صحت توجب توجيه العقاب او الاحتقار لمن تنسب اليه.. ويستوي في ذلك العقاب الموجه لشخص المقذوف فيما لوصحت الواقعه المسندة اليه ان يكون اداريا او انضباطيا يتعلق بمهام وظيفته او تاديبيا اذا كان الفعل المــسند يقرر القانون له عقوبة جنائية او غير ذلك من العقوبات المذكورة اما الاحتقار الاجتماعي فقد اقره القانون واعتبره نتيجة لذلك الاســــناد ويكتفي القانون في ذلك ان يكون الامر المسند يحط من كرامة الشخص او اعتباره الاجنماعي او الادبي في داخل محيطه او لدى الافراد المحيطين به او اهل مهنته او الوسط الاجتماعي او المهني المحيطين به …ولم يعتبر القانون الاسناد الذي يؤدي الى الحط من سمعة التاجـــــــــــر او مركزه المادي او المالي او سمعته في السوق اومكانته في البورصة ..قذفا الا اذا مس سمعته الشخصية او اعتباره الاجتمــاعي او ادى الى مس كرامته او شرفه في المجتمع
2- يكون ركن العلانية هو الركن الاهم لتوافر اوصاف الجريمة وهو الركن المميز لها عن باقي الجرائم وفيه تكمن خطورة هذه الجريمة حيث يشترط القانون ان يكون الاسناد علنيا او تم باحدى طرق او وسائل العلانية وقدد حددتها الفقرة (3 )المادة (19 )من القانون بانها الاعمال او الاشارات او الحركات اذا حصلت بطريق عام او في محفل عام او مكان مباح او مكان مطروق او معرض لانظار الـــجمهور بحيث يستطيع رؤيتها عامة الناس او نقلت اليهم باحدى الطرق الالية كما تعد متحققة بالصياح او القول اذا تم الجهر به اذا مــــا تم ترديده باحدى الاماكن المذكورة انفا ..كما يتحقق ركن العلانية اذا تم القذف بطريق النشر عن طريق الكتابات اوالرسوم او الاشارات او الصور او الافلام اذل تم عرضها في احدى الاماكن المذكورة انفا…….كما يخضع تقدير المكان وكذلك الوسيلة التي تم بها اسناد العبارات الشائنة الى المقذوف واعتبارها من وسائل العلانية الى تقدير المحكمة حي اورد المشرع امثلة وترك تقدير الباقي للمحكمة واجتهاد القاضــــــــــي …..حيث يجب على المحكمة التحقق من توافر ركن العلانية باعتباره احد اهم الاركان لتوافر جريمة القذف ..
3- ولا بد اخيرا من توافر القصد الجنائي وكما هو الحال في كافة الجرائم الواردة في القانون العراقي حيث ان جريمة القذف من الجرائم العمدية التي يجب ان يتوافر فيها القصد الجنائي العام ولم يشترط المشرع القصد الخاص وهو نية التشهيرلان اشتراطه يدعو الى اثبات الواقعه او العيب الى شخص المقذوف والقصد العام هو ان تتجه ارادة الجاني الى اتيان الفعل المادي المكون للجريمة وعلى النحو الذي وصفه القانون وهو التعبير علنا ضد شخص عن طريق اسناد واقعه لو صحت لاوجبت عقابه او احتقاره وتتوافر الجريمة بقيام هذا القصد ولا عبرة بالباعث وان كان له دخل بتقدير العقوبة ..اما قصد القذف فيفترض في حق المتهم حالة كون العبارات التي نسب اليه النطق بها شائنة بحد ذاتها كاشفة بجلاء عن الامر الموجب للعقاب او الاحتقار ويكون عليه ان يلاحظ هذه القرينة باثبات عكس المستفاد منها اما اذا كانت العبارات المنسوبة الى المتهم تحمل وجهين في تفسيرها فعلى المشتكي حينذاك ان يقيم الدليل على ان المتهم كان يقصد بها القذف ولا شيء غيره …
عقوبة جريمة القذف
نصت المادة 433 الفقرة 1من قانون العقوبات العراقي على عقوبة جريمة القذف حيث فرضت عقوبة الحبس و الغرامة او باحدى هاتين العقوبتين على مرتكب الجريمة كما اعتبر المشرع نشر العبارات الشائنة عن طريق الاذاعه او التلفزيون او احدى الصحف او المطبوعات وبمختلف وسائل النشر ظرفا مشددا حيث يكون الخطر اكبر والضرر على سمعة وشرف شخص المقذوف اكثر واوسع انتشارا وكـــــــما اعتبر ذلك المشرع العراقي في المادة 136 من قنون العقوبات حيث اجازت للمحكمة ان تحكم باكثر من الحد الاقصى للعقوبة .. كما اعتبر القانون عدم توافر العلانية ظرفا مخففا للعقوبة حيث اشارت المادة 435 من القانون لعقوبة الحبس لمدة لا تزيد على ستة اشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارا او باحدى هاتين العقوبتين في حالة ارتكاب القذف في مواجهة المجني عليه من دون علانية . او اذا ارتــــــــــكب الجاني الجريمة في حديث تلفوني تم بينه وبين المجني عليه ..او اذا تم كتابة رسالة موجهة الى المجني عليه وكانت تتضمن قذفا…….كما اشترط المشرع تحريك الدعوى الجزائية التي تتضمن تهمة القذف ان يكون تحريكها من المجني عليه حصرا ..كما نص على ذلك فـــــي قانون اصول المحاكمات الجزائية ..واخيرا هناك ما يسمى القذف المباح في حالات عدة وهي :
اذا وقع القذف بحق الموظف او المكلف بخدمة عامة او بحق شخص ذو صفة نيابية كاعضاء المجالس النيابية او أي شخص يقوم بعمل يتعلق بمصالح الجمهور فان الفعل لا يشكل جريمة بشرط ان يكون القذف متصلا بوظيفة المقذوف او عمله وان يقيم الدليل على صحة ما اسنده وهذا ما جاءت به الفقرة 2 من المادة 433 من القانون .
كما ذهبت معظم التشريعات الجنائية الحديثة على النص صراحة على اعفاء الخصوم في الدعاوى من الخضوع لعقوبة جريمة القذف فقد يصدر عن الخصوم اقوال تكون جرائم اثناء تقديمهم الدفوع امام المحاكم وذلك تمكينا لهم من الدفاع عن حقوقهم حيث ان الحق في الدفاع الذي يكفله القانون يقتضي اطلاق حرية الدفاع للمتقاضي بما قد يتضمن من اقوال تصل الى درجة القذف والسب وهذا ما تضمنته المادة 436 من القانون بقولها ((1-لا جريمة فيما يسنده احد الخصـــــــوم أو من ينوب عنهم الى الآخر شفاها أو كتابة من قذف أو سب اثناء دفاعه من حقوقه امام المحاكم وسلطات التحقيق أو الهيئات الاخرى وذلك في حدود ما يقتضيه هذا الدفاع .2- ولا عقاب على الشخص اذا كان قد ارتكب القذف أو السب وهو في حالة غضب فور وقوع اعتداء ظالم عليه))
كما اعتبر المشرع العراقي الاستفزاز الذي يحصل بعد حصول اعتداء ظرفا معفيا من العقاب كما نص على ذلك في الفقرة2 من المادة 436 من قانون العقوبات وكما تم ذكره سابقا.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً