جريمة تسلُّم شيك بدون رصيد
عبدالرحمن بن نهار الرحيلي
كثيراً ما نسمع في الآونة الأخيرة عن جريمة سحب شيك بدون رصيد، وكيف أن هذه أصبحت ظاهرة غير قانونية، راح ضحيتها كثيرٌ من المواطنين، وللحد من هذه الظاهرة صدر المرسوم الملكي رقم م/45 وتاريخ 12/9/1409هـ، الذي جاء في مضمونه تفعيل عقوبة التشهير لمصدر الشيك الذي لا يوجد له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب، بل جاء المرسوم الملكي بتعديل بعض النصوص العقابية في نظام الأوراق التجارية، فارتفع الحد الأعلى لمدة الحبس على مصدر الشيك بدون رصيد من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وكذلك الغرامة التي تكون في الحق العام غير الحق الخاص، الذي يتمثل في قيمة الشيك، من ألفي ريال إلى 50 ألف ريال. جميع ما سبق بيانه يمكن أن نعبر عنه بالمعلوم من النظام بالضرورة، ولا سيما لدى التجار وعموم المواطنين، ولكن الذي لا يعرفه كثير من المتعاملين بالشيكات كورقة تجارية أن هذه العقوبات غير مقتصرة على إصدار الشيك بدون رصيد، بل إصدار الشيك بدون رصيد هو إحدى جرائم أخرى نص عليها النظام، ومن ضمنها جريمة (تسلُّم شيك بدون رصيد).
كثيراً ما تطلب بعض جهات القطاع الخاص مثل بعض المدارس الأهلية ومكاتب التقسيط ومعارض السيارات وغيرها أن يسلمها المدين شيكات كأداة ائتمان لدى الدائن.
والقاعدة المستقرة فيما يتعلق بالأوراق التجارية، تقول إن الشيك أداة وفاء وليس أداة ائتمان مطلقاً، ومما يؤسف له أن كثيراً من المدينين يقع في مثل هذا، ويقوم بسحب الشيك الذي ليس له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب، ويسلمه للدائن الذي يعلم أن هذه الشيكات ليس لها مقابل وفاء، وهو ما يمثل سوء النية، ولا سيما إذا كانت هناك عدة شيكات وبتواريخ متعددة لنفس المستفيد، فهذه قرينة على سوء النية والعلم بعدم وجود مقابل الوفاء- فهو يعلم أن هذه الشيكات بدون رصيد، ومع ذلك تسلمها، وعليه فإن ساحب الشيك بدون رصيد (المدين) وكذلك المستفيد (الدائن) الذي تسلم الشيك وهو يعلم أنه بدون رصيد في النظام جريمتهما سواء وعقوبتهما واحدة.
وقد يقع المدينون تحت ضغط الدائنين -الذين تسلموا شيكاً بدون رصيد مع علمهم بذلك- وتهديدهم بالقيام بالإجراءات النظامية ضدهم، وما علم هؤلاء الدائنون أنهم بذلك يضرون أنفسهم أيضاً، ومثلهم كمثل الذي يقيم الحجة على نفسه، و”على نفسها جنت براقش”. لذلك لم يزل رجالات القانون وحاملو لواء نشر الوعي القانوني يحذرون من جريمة تسلم شيك بدون رصيد وجرائم الشيك الأخرى، بيد أني لا أعلم السر وراء ذيوع واشتهار جريمة إصدار الشيك بدون رصيد، دون بقية الجرائم المتحدة معها في التنظيم والعقوبة، ولذلك كانت هذه الكلمات.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً