علاقة المحامي بالمحكمة والقاضي في أحكام النظام السعودي
محمد عبد العزيز السنيدي
نظام المحاماة ولائحته التنفيذية ومدى نظامية بعض أحكام اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة فإننا في هذا المقال سنتحدث عن علاقة المحامي في المحكمة والقاضي. حيث إنه إذا نظرنا إلى ما وضعه نظام المحاماة السعودي فيما يخص هذه العلاقة نجد أنه قد نص عليها في نظام المرافعات الشرعية فيما يتعلق بالإخلال بنظام الجلسات وذلك في باب (نظام الجلسة).
المادة التاسعة والستون (69): ضبط الجلسة وإدارتها منوطان برئيسها وله في سبيل ذلك أن يخرج من قاعة الجلسة من يخل بنظامها فإن لم يمتثل كان للمحكمة أن تحكم على الفور بحبسه مدة لا تزيد على 24 ساعة ويكون حكمها نهائياً وللمحكمة أن ترجع عن ذلك الحكم. (ولعل القارئ الكريم يلحظ أن لا فرق بين محام أو (دعوجي) أو غيره).
1/69 ـــ للقاضي الذي ينظر الدعوى منفرداً ما لرئيس الجلسة من الاختصاص المنصوص عليه في هذه المادة. الحكم بالحبس 24 ساعة أو أقل يدون في ضبط القضية وينظم في قرار ـــ دون تسجيل ـــ ويبعث للجهة المختصة لتنفيذه مع الاحتفاظ بصورة عنه في المحكمة. 2/69 ـــ إذا حصل في جلسة من الجلسات واقعة تستوجب عقوبة أحد الحاضرين ـــ سوى ما يخل بنظام الجلسة ـــ فيعد القاضي محضراً بذلك ويكتب بإحالته مع المدعي العام لمحاكمته لدى المحكمة المختصة. 3/69 ـــ من حصل منه الإخلال بنظام الجلسات من المحامين فإن مجازاته بالعقوبة المنصوص عليها في هذه المادة لا يمنع من تطبيق العقوبات عليه الواردة في نظام المحاماة.
(لعلنا نلحظ أن عقوبة المحامي أشد من غيره مع أن حقوقه أقل) ومما سبق يتضح لنا أنها شددت العقوبة على المحامين وأكدت على عدم إعفائهم من تطبيق العقوبات الإضافية الواردة في نظام المحاماة.
فلذلك نلحظ أن كون الإنسان وكيلاً شرعياً أيسر له وأفضل من أن يكون محامياً لأنه معفى من إيقاع أي عقوبة نص عليها في نظام المحاماة فهل هذا عدل في نصوص الأنظمة بين المحامي وبين الوكيل الشرعي العادي، تصوروا أي تكريم هذا للمحامي؟! بينما نجد معالجة مثل هذه الحالات في الأنظمة الأخرى للمحاماة أفضل بكثير من نظام المحاماة السعودي ونظام المرافعات الشرعية ولوائحه التنفيذية مما يعطيه مزيدا من الاحترام والتقدير، حيث يجعل المحامي كما لو كان صنو القاضي، ويتضح ذلك لنا إذا استعرضنا ما نص عليه في هذا الشأن في قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون الإثبات المصري وقانون المحاماة المصري وذلك على النحو التالي:
1. قانون المرافعات المدنية والتجارية وكذلك قانون الإثبات المصري المادة 104 تنص على أنه (ضبط الجلسة وإدارتها منوطان برئيسها وله في سبيل ذلك ـــ مع مراعاة أحكام قانون المحاماة ـــ أن يخرج من قاعة الجلسة من يخل بنظامها فإن لم يمتثل وتمادى كان للمحكمة أن تحكم عليه فوراً بحبس 24 ساعة أو يغرم 50 جنيهاً ويكون حكمها بذلك نهائياً).
أمّا لو تمعنا النظر في المادة 104 من نظام المحاماة المصري الذي ألزم المحكمة بمراعاة قانون المحاماة، وذلك حماية له من تعسف المحكمة التي يترافع أمامها.
حيث يظهر ذلك من توضيح حقوق المحامين المنصوص عليها في قانون المحاماة المصري، حيث ذكرت المادة التاسعة والأربعون: المادة 49 ـــ للمحامي الحق في أن يعامل من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة.
واستثناء من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في قانون المرافعات والإجراءات الجنائية إذا وقع من المحامي أثناء وجوده في الجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعي محاسبته نقابياً أو جنائياً يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك. المادة 50 ـــ في الحالات المبينة في المادة السابقة لا يجوز القبض على المحامي أو حبسه احتياطياً ولا ترفع الدعوى الجنائية فيها إلا بأمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العامين الأول. ولا يجوز أن يشترك في نظر الدعوى الجنائية أو الدعوى التأديبية المرفوعة على المحامي أحد من أعضاء الهيئة التي وقع الاعتداء عليها.
المادة 51 ـــ لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة. ويجب على النيابة العامة أن تخطر مجلس النقابة العامة أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت مناسب وللنقيب أو رئيس النقابة إذا كان المحامي متهماً بجناية أو جنحة خاصة بعمله أن يحضر هو أو من ينيبه من المحامين، التحقيق. ولمجلس النقابة العامة ولمجلس النقابة الفرعية المختص طلب صور التحقيق بغير رسوم. المادة 54 ـــ يعاقب كل من تعدى على محام أو أهانه بالإشارة أو القول أو التهديد أثناء قيامه بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أعضاء هيئة المحكمة. ولعل من المؤسف أن يجد المتصفح ـــ لنظام المحاماة السعودي ولائحته التنفيذية ـــ الكثير من الأحرف والكلمات التي تعطي معنى الأمر أو الحظر (لا يجوز للمحامي) أو (يجب على المحامي) أو (لا يستحق المحامي) أو (يحظر على المحامي)، وهلم جرا، وطبعاً كلها قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخافتها، كما قال أساتذة القانون وقد وجدتها تزيد على سبعين مرة بدأت بتعريف المهنة تعريفاً يمنع المحامي من مزاولة مهنة غيرها غيرها وهذا أول القيود.
ثم مروراً بشروط قيده في جدول المحامين الممارسين وانتهاء رخصته والشروط الصعبة التي نصت عليها ما يزيد على سبعة وسبعين نصاً ونيّف (للقارئ الكريم إن أراد التأكد التفضل بالاطلاع على اللائحة التنفيذية ليعرف الظلم الواقع على المحامي) وحتى أزيدكم من الشعر بيتاً، فإن الثقة مفقودة فيما بين نظام المحاماة السعودي والمحامي السعودي وهذا يتضح من نص المادة التالي 13/7 من اللائحة التنفيذية: ”إذا تقدم المحامي طالباً التجديد وادعى، فقد البطاقة والترخيص أو أحدهما أو تلف أحدهما فلا بد من الإعلان، (لاحظوا أيها القراء الكرام كلمة (وادعى) ولم يقل أفاد أو ذكر وأضع تحتها أكثر من خط لأنها توحي بأن يقول ويدعي بقول ادعى أنه قول يحتمل الكذب قد لا يصح، وهل يوجد محام في الدنيا وليس في وطننا فقط سيدعي ضياع ترخيصه أو بطاقته وهما معه، كما أنهما أداة عمله، بالله عليكم هل رأيتم أسوأ من هذه الكلمة، مع أن النص صحيح ولكن الكلمة غير المناسبة جاءت في النص المناسب ولكن لماذا نذهب بعيداً ألم يتم تضمين لائحة التفتيش الخاصة بالقضاة نصاً على (تأديب القضاة)
وهم أعلى قدراً ومقاماً، فهل إلى هذا الحد خلت اللغة العربية من كلمة ألطف وأكثر احتراماً للقضاة من كلمة ”تأديب”، وهي اللغة التي قال الشاعر على لسانها: (أنا البحر في أحشائه الدر كامنٌ فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي) لكن يبدو أن اللائحة قد نقلت نصوصاً مترجمة من أنظمة أخرى، وأخذوا عنها الكثير، ولو أخذوا من الفقه الإسلامي والشريعة بصفة عامة لوجدوا عبارات ألطف تليق بمقام القضاة والمحامين فضلاً عن الوزراء وهي (محاسبة القضاة) أو (محاسبة الوزراء) أو (محاسبة المحامين) أو (محاكمة)، وأضعف الإيمان هي كلمة (محاكمة) فذلك أليق بالقضاة ومن على شاكلتهم.
أما في قانون المحاماة السوداني فقد نص على ما يتعلق بواجبات المحامين في المواد من 26 إلى 38 أي اثنتا عشرة مادة مقارنة بنظام المحاماة السعودي التي تعدت فيه المواد التي تتناول واجبات المحامين 70 مادة فرعية في اللائحة التنفيذية متفرعة من 25 مادة أصلية من النظام، أما بالنسبة لقانون المحاماة الكويتي، فلا تتجاوز المواد الخاصة بواجبات المحامي أكثر من اثنتي عشرة مادة، ولعلنا نلاحظ أنه شتان ما بين نظام المحاماة السعودي وهذه القوانين، حيث كل هذه القوانين جعلت هناك توازنا بين الحقوق والواجبات وجعلت كفة الميزان متعادلة. فبعد أن وضحنا السلطة الكاملة للقاضي في نظام المرافعات الشرعية السعودي دون أي منازع لهذه السلطة من نصوص نظامية تكفل للمحامي حقوقه من تعسف الغير.
ولم يبق للمحامي من حقوق سوى حقه في الأتعاب وهذا نص تحصيل حاصل لا حاجة له حتى وإن ذكر لأن أتعاب المحامي يستطيع المطالبة بها دون حاجة للنص عليها في نظام يظن الغير أنه كفل حقوق المحامين. والله ولي التوفيق ..
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً