التركز الاقتصادي
ظهرت قوانين وأنظمة حماية المنافسة لتنظيم وضبط سلوك وممارسات المشروعات القائمة في الأسواق، لإرساء مبدأ الحرية التنافسية، وتمكينه من أداء دوره المنوط به على الوجه الأمثل. وبالرغم من هذا التوجه ، فلم تتمكن هذه الأنظمة والقوانين من القضاء التام على بعض الممارسات التي من شأنها الإضرار بالمنافسة، ومن بينها عمليات التركز الاقتصادي.
وعمليات التركز الاقتصادي هي عمليات تؤدي إلى تكتل المشروعات العاملة في الأسواق على نحو يغير من مجرى هيكل المنافسة في تلك الأسواق، عن طريق الاندماج أو الاستحواذ. فالتركز الاقتصادي يحدث إذاً باندماج بين مشروعين أو أكثر، أو باستحواذ شخص أو أكثر يسيطر على مشروع ما، بحيث يتمكن من السيطرة أو الهيمنة على مشروع أو على عدة مشاريع أخرى، سواءً عن طريق شراء السندات المالية أو بشراء بعض الأصول، أو بالمشاركة في رأس المال، أو بأي طريقة أخرى.
إن عمليات التركز الاقتصادي في حد ذاتها غير محظورة في ظل أحكام قانون المنافسة إلا أن القانون قد فرض رقابة على عمليات التركز التي قد تؤثر سلباً على المنافسة في السوق حرصاً على عدم خلق او تدعيم وضعية هيمنة أو احتكار لقطاعات اقتصادية.
و فقاً للمادة 9 من قانون تنظيم المنافسة الإماراتي عمل المشرع على مراقبة عمليات التركز الاقتصادي عن طريق إلزام المنشأة بالتبليغ المسبق عن نيتها في التركز الاقتصادي لمجلس الوزراء و ذلك قبل البدا في المشروع ب 30 يوماً من أجل الحفاظ على المسار التنافسي الطبيعي للسوق.
و لقد أشترط المشرع لإتمام عملية التركز الاقتصادي ألا تتجاوز الحصة الإجمالية للمنشآت للأطراف فيها النسبة التي يحددها مجلس الوزراء من إجمالي المعاملات في السوق المعنية التي من شأنها التأثير على مستوى المنافسة في السوق و على الاخص خلق أو تعزيز وضع مهيمن ، و لمجلس الوزراء زيادة أو إنقاص نسبة التركز وفقاً لمتطلبات الوضع الاقتصادي.
و تقوم الوزارة بالتحقق في عمليات التركز الاقتصادي و ذلك حيث يصدر الوزير قرارة خلال تسعين يوماً و يجوز تمديدها لمدة خمس و أربعين يوما اخرى من تاريخ استلام الطلب و على المنشآت الا تتخذ أي إجراءات معنية لإتمام عملية التركز الاقتصادي في هذه المدة الا بعد صدور قرار المجلس ، و يعتبر عدم صدور قرار الوزير خلال هذه المدة قبولاَ ضمنياً لعمليات التركز الاقتصادي.
و على النحو التالي يصدر الوزير قرارة مسبباً بشأن طلب عملية التركز الاقتصادي إما بالموافقة علية إذا كانت لا تؤثر سلباً على المنافسة و كانت لها أثار اقتصادية ايجابية تفوق الآثار السلبية على المنافسة.
أو بالموافقة شريطة تعهد المنشآت المعنية بتنفيذ الشروط و الالتزامات التي يحددها الوزير لهذه الغاية او برفض عملية التركز الاقتصادي.
و إذا ارتأت الوزارة أي مخالفة للشروط و الالتزامات من قبل المنشآت التي قد تم الموافقة على طلبها فان للوزير الحق بإلغاء قرار الموافقة .
و قد عاقب قانون تنظيم المنافسة في المادة 17 كل من يخالف احكام المادة (9) الخاصة بالتركز الاقتصادي بغرامة لا تقل عن 2% و لا تزيد عن 5% من الإجمالي السنوي لمبيعات السلع أو ايرادات الخدمات موضوع المخالفة الذى حققته المنشأة المخالفة داخل الدولة خلال اخر سنة مالية منقضية، او بغرامة لا تقل عن (500.000) خمسمائة الف درهم و لا تزيد على (5.000.000) خمس ملاين درهم إذا تعذر تحديد أجمالي المبيعات أو الإيرادات موضوع المخالفة.
و يجب الإشارة إلا أن المتغيرات الاقتصادية التي ظهرت في ظل التطور الاقتصادي ادى الى قلق الشركات التجارية على مستقبلها الاقتصادي في البقاء و القدرة على المنافسة ، مما حدا بها الى البحث عن تحقيق التركز الاقتصادي لمواجهة تلك التغيرات حتى اصبح الاقتصاد الحديث يتميز بالتركز الاقتصادي و لكن في الإطار القانوني و ذلك لضمان سير المنافسة العادلة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً