نظرة المشرع العراقي من عوائد رأس المال
المؤلف : خيري ابراهيم مراد
الكتاب أو المصدر : المعاملة الضريبية للشخص غير المقيم في قانون ضريبة الدخل العراقي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اولاً: نظرة المشرع العراقي من عوائد رأس المال غير المنقول (الثابت)(1):
عدّ المشرع العراقي، بدلات ايجار الاراضي الزراعية(2)، احد مصادر الدخل الذي تفرض عليه الضريبة. فقد يكون هناك اناس لايزرعون اراضيهم الزراعية بأنفسهم ولحسابهم، ولاسيما اولئك الاشخاص الذين يسكنون في المدن على وجه الدوام والذين يطلق عليهم عادة اصطلاح (الملاك الغائبين) بل يؤجرونها الى اشخاص اخرين يتولون زراعتها واستغلالها لحسابهم ولفترة محدودة من الزمن نظير مبلغ معين من النقود. هذا المبلغ هو الذي عناه قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل، وتحت اسم بدل ايجار الارض الزراعية(3).
وحيث ان محور بحثنا هو الشخص غير المقيم، يطرح هنا تساؤل حول مدى امكانية تملك هذا الشخص للعقار، بكلمة اخرى هل يمكن تصور حصول الشخص غير المقيم لبدل ايجار الارض الزراعية؟ للاجابة نقول ان الشخص غير المقيم قد يكون عراقياً وقد يكون غير عراقي.
فاذا كان هذا الشخص غير المقيم عراقياً فلا مانع قانوناً من حصوله على هذا الدخل لان المشرع لم يحظر عليه تملك العقار داخل الاقليم العراقي. اما اذا كان الشخص غير المقيم غير عراقي، فان المشرع العراقي حظر عليه تملك العقار داخل الاقليم العراقي. حيث اصدر المشرع قراراً بوقف العمل بالقوانين والقرارات التي تجيز تملك غير العراقي العقار او استثمار امواله في الشركات داخل العراق، وكل ما من شأنه التملك او الاستثمار في أي وجه كان(4). كما ان المشرع العراقي من جانب آخر لم يجز لغير المقيم او الاجنبي ان يهب او يبيع او يملك بأية طريقة كانت عقاراً كائناً في العراق او يرتب حقاً عينياً الا بموافقة محافظ البنك المركزي العراقي(5).
ثانياً- موقف المشرع العراقي من عوائد رأس المال المنقول:-
عدّ المشرع العراقي الدخول الناجمة من رأس المال المنقول احد مصادر الدخل التي تفرض عليه الضريبة بالنص على “الفوائد والعمولة والقطع وكذلك الارباح الناجمة من احتراف المتاجرة بالاسهم والسندات”(6). وتجدر الاشارة هنا ان العمولة(7) والقطع(8) والارباح الناجمة عن احتراف المتاجرة بالاسهم والسندات(9). هي ليست دخول ناجمة من رأس المال وانما اعمالاً تجارية والدخل الناجمة منها يعد دخلاً تجارياً (تفاعل العمل ورأس المال معاً).
وعليه الذي يهمنا هنا هو الفوائد باعتبارها دخلاً ناجماً من رأس المال المنقول. ويلاحظ ان النص القانوني جاء مطلقاً، فلا فرق بين الفوائد الناتجة من السندات والفوائد الناشئة عن الديون العادية او الحسابات الجارية او الودائع. فالضريبة تنبسط على جميع الفوائد مهما تعددت انواعها وتباينت اشكالها. وهنا يطرح تساؤل، لماذا لم يتناول المشرع العراقي نتاج الاسهم بالرغم من كونه دخلاً ناتجاً من رأس المال المنقول وعدّه احد مصادر الدخل الذي تفرض عليه الضريبة؟ للاجابة نقول ان المشرع الضريبي العراقي فرض الضريبة على دخل الشركة قبل دفع أي شيء منه الى اصحاب الاسهم عندما نص على “تتحقق الضريبة على دخل الشركة قبل دفع أي شيء منه الى اصحاب الاسهم وتعتبر الشركة ومديرها بالذات مسؤولين مالياً عن قطع الضريبة ودفعها للسلطة المالية وتقديم الحسابات والشهادات المقتضية وكافة الامور المطلوب القيام بها عملاً بأحكام هذا القانون(10).
ولذلك فلا حاجة للنص على اخضاع حصص الارباح للضريبة مرة اخرى عند توزيعها على المساهمين متجنباً بذلك حصول الازدواج الضريبي.
__________________
[1]- عرّف القانون المال الثابت (العقار) او غير المنقول بأنه “كل شيء له مستقر ثابت بحيث لايمكن نقله او تحويله من دون تلف فيشمل الارض والبناء والغراس والجسور والسدود والمناجم وغير ذلك من الاشياء العقارية” الفقرة (1) من المادة 64 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 51 والمنشور بالوقائع العراقية بالعدد 3015 في 18/9/1951.
2- الفقرة (3) من المادة الثانية من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل. علماً ان بدل ايجار الارض الزراعية صورة من صور الايراد الناجم من رأس المال غير المنقول (الثابت) والخاضع لقانون ضريبة الدخل من دون بقية الايرادات والتي خضعت لقوانين اخرى كقانون ضريبة العقار رقم 162 لسنة 1959.
3- يشار هنا الى ان المستأجر لهذه الارض الزراعية كان سابقاً يخضع لضريبة الارض الزراعية، لانه لم يكن خاضعاً لضريبة الدخل، ولكن المشرع العراقي تدخل والغى ضريبة الارض الزراعية بموجب قرار مجلس قيادة الثورة رقم (21) لسنة 80 والمنشور بالوقائع 2754 في 28/1/1980.
4- قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 23 في 7/3/1994 والمنشور بالوقائع العراقية 3501 في 14/3/1994.
5- الفقرة (2) من المادة (65) من قانون البنك المركزي العراقي رقم 64 لسنة 76.
6- الفقرة (2) من المادة الثانية من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل.
7- اعتبر قانون التجارة العراقي رقم 30 لسنة 84 وفي الفقرة (سادس عشر) من المادة الخامسة منه ان العمولة عملاً تجارياً فهي تعني ذلك الاجر او المبلغ المحدد الذي يتقاضاه الوكيل بالعمولة ومن على شاكلته نظير قيامه بأعمال الوساطة مابين البائع والمشتري.
8- عدّ قانون التجارة العراقي رقم 30 لسنة 84 وفي الفقرة (ثالث عشر) من المادة الخامسة منه ان عمليات المصارف تعد عملاً تجارياً ويعرّف الفقه التجاري القطع او الخصم كما يسميها الفقه بأنها عقد يعجل بمقتضاه الى حامل ورقة تجارية او أي صك اخر قابل للتداول لم يحل اجل استحقاقه القيمة الثابتة بالصك مخصوماً منها الفائدة والعمولة. انظر في ذلك: د. حسن حسني- عقود الخدمات المصرفية- مؤسسة دار التعاون للطبع والنشر- 1986- ص52.
د. منير محمد الجنبيهي- اعمال البنوك- الاسكندرية- دار الفكر الجامعي- 2000- ص203.
د. محمد حسن الجبر- العقود التجارية وعمليات البنوك في المملكة العربية السعودية- الرياض- جامعة الملك سعود- 1984- ص331. ويرى البعض خلاف ذلك ويعتقدون القطع ليس عملاً تجارياً وانما دخلاً ناجماً من رأس المال المنقول دون أي سند. ان هذا الرأي مردود عليه لان المشرع اعتبره صراحة عملاً تجارياً لان القطع تقوم به المصارف والاخيرة اعمالها تجارية بموجب القانون (انظر المادة 283 من قانون التجارة). انظر حول هذا الرأي: محمد علوم محمد- موقف المشرع العراقي من الضريبة على الشركات- مصدر سابق- ص76.
9- اعتبر قانون التجارة العراقي رقم 30 لسنة 84 وفي الفقرة (خامس عشر) من المادة الخاصة منه ان التعامل في اسهم الشركات وسنداتها يعد عملاً تجارياً.
0[1]- المادة الرابعة عشرة من قانون ضريبة الدخل العراقي رقن 113 لسنة 82.
اترك تعليقاً