البند الأول: من لا يكون مسؤولا بشخصه عن الدين
تنص م 163 ف 1 تنفيذ فلسطيني أنه، يمتنع القاضي من إصدار قرار بالحبس على من: ” لا يكون مسؤولا بشخصه عن الدين كالوارث غير واضع اليد على التركة والولي والوصي ” (1) الاصل أن يطبق الحبس على الشخص المترتب في ذمته الالتزام، فلا يقع الحبس على شخص آخر مهما كانت تبعيته للأصيل سواء أكانت هذه التبعية قانونية أم تعاقدية فالمسؤولية ” للأول ناجمة عن الفعل لشخصي الذي ارتكبه في حين أنها بالنسبة للثاني قائمة على أساس آخر رتبه القانون أو الطرفان” (2) لذلك فإنه لا يطبق الحبس على المتبوع أو الولي أو الوصي بالنسبة للدين المطلوب عن التابع أو من هو تحت الولاية أو الوصاية” (3) ومن المعلوم أن الوارث لا يكون مسؤولا بشخصه عن ديون ترتبت على ذمة مورثه فالدين مطلوب من المورث، وبموته يكون الدين من التركة امتدادًا لشخصيته بعد الوفاة فالحق الثاني بعد تجهيز الميت من التركة هو قضاء الدين وهو مقدم على الوصية وعلى الميراث ” لأن الدين واجب والوصية تبرع والواجب مقدم على التبرع” (4) وذلك مأخوذ أيضًا من قوله عليه السلام ” نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ” (5) ويكون سداد الدين بقدر التركة ولذا فإن المشرع الفلسطيني استقى ذلك من مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء، فالدين من التركة حتى تقضى إن شاء الدائن “عفي بها وإن شاء تركه ليوم الحساب” (6) وهو كذلك ما نصت عليه م 14 تنفيذ فلسطيني ف 3 بقولها: “يكون ال تنفيذ بقدر الأموال التي تركها المورث”، والوريث حسب نص القانون لن يكون مسؤولا عن التركة ما لم يكن واضعًا لليد عليها ومالكًا التصرف فيها، أما بخصوص الولي أو الوصي فلا يجوز حبسهما إذا لم يوف من هو تحت الولاية أو الوصاية بالتزامه.
البند الثاني: عديم الأهلية وناقصها
تنص م 163 ف 2 من قانون التنفيذ الفلسطيني على أنه ” لا يصدر قرار بالحبس بمقتضى هذا القانون على : المدين الذي لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر والمعتوه والمجنون ” (7) فالناظر للمادة المذكورة أعلاه يرى أن المشرع وضع حدًا أدنى لعمر المدين حتى يمكن توقيع أمر الحبس عليه لا يجوز للمحكمة تجاوزه ولو توافرت شروط الدين الاخرى، وهذا السن هو سن الرشد المعمول به في فلسطين والأردن، بموجبه يعتبر الشخص كاملا للأهلية “مالم . يسلب القانون أهليته أو يحد منها، ويقع عبء اثبات عدم الاهلية على من يدعيه” (8) كما أن المشرع لم يضع حدًا أعلى للسن، وكان من الأفضل لو راعى ذلك خاصة أننا ليسنا أمام قانون جزائي، كما أن النص على مثل ذلك الاستثناء ليس غريبًا أو مبتكرا، وانما أخذت بذلك بعض كقانون التنفيذ العراقي (9).، وقانون المرافعات الكويتي (10). وكذلك المشرع . الإماراتي(11). ولاشك أن المجنون والمعتوه لا يطبق عليهم قرار الحبس ولا يصدر بحقهم ذلك ويثور التساؤل هنا حول الجنون غير المطبق، وهو الجنون المتقطع، حيث اعتبرت بعض القوانين أن . التصرفات الصادرة عن الشخص المجنون جنونًا متقطعًا في حالة إفاقته كتصرف العاقل (12) كما استثنى المشرع المعتوه من الحبس والذي هو “قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير إلا أنه لا يضرب ولا يشتم (13) وتثور هنا صعوبة حول الجهة التي لها الحق بتحديد عته هذا الشخص من عدمه ؟ وهل يجوز حبس السفيه وذو الغفلة وصاحب العاهة المزدوجة ؟ رغم أنني أفضل استثناءهم من حالات الحبس ” فالسفيه هو المغلوب بهواه فيعمل بخلاف موجب العقل والشرع مع قيام العقل حقيقة، وذو الغفلة هو من لا يهتدي إلى التصرفات الرابحة فيغبن لسلامة قلبه (14). وأرى من تعريف كل من ذي الغفلة والسفيه أن تصرفاتهم لم ترتق إلى تصرفات الشخص الطبيعي وبما أنه يسري عليهم ما يسري على تصرفات الصبي المميز من أحكام (15) وبما أن قرار الحبس لا يطبق إلا على من أتم الثامنة عشر من العمر فإني أفضل استثناءهم من ايقاع الحبس عليهم .
البند الثالث: دين الأزواج ودين الفروع للأصول
تنص م 163 ف 3 من قانون التنفيذ الفلسطيني على أنه ” لا يصدر قرارا بالحبس بمقتضى هذا القانون على: المدين المحكوم بدينه بين الزوج وزوجته أو لأجل دين محكوم به . للفروع على الأصول” (16)
وقد يكون المشرع استثنى هذه الفئة من ايقاع الحبس عليها حتى لو توافرت شروطه من أجل “المحافظة على الروابط والعلاقات الأسرية والعائلية ” (17). التي تعتبر مقدسة في مجتمعنا وهذا متوافق مع الشريعة الإسلامية الغراء. من دراسة نص المادة المذكورة يظهر للدارس منع ايقاع الحبس على الاصول لدين في ذمتهم لفروعهم ، وكان من الأفضل لو شمل المشرع بالمنع من الحبس الطلبات التي تقع بديون الأصول على الفروع أيضَا مستثنيًا دين النفقة كما فعل المشرع الكويتي في م 294 ف (18)3 كما قد أخذت بعض التشريعات بتوسعة دائرة المنع من الحبس لتمنع ايقاع الحبس على من كانوا . أخوة للدائن ومثال ذلك المشرع العراقي بنص م 41 ف3 (19).
________________
1- تنص م ف أ 2 من قانون التنفيذ الاردني على هذا الاستثناء حيث أنه ” 2-من لا يكون مسؤولا بشخصه عن الدين
كالوارث من غير واضعي اليد على التركة والولي والوصي
2- القضاة، مفلح. أصول التنفيذ وفقا لقانون الإجراء الطبعة الثالثة. عمان: دار الثقافة. 1997. ص 213
3- أبو رمان، عبد الرزاق رشيد: حبس المدين وفقا لقانون الإجراء الاردني دراسة مقارنة.
. (رسالة ماجستير منشورة) الجامعة اللبنانية.بيروت. عمان: دار وائل. 1999. ص 79
4- القدومي، مروان: أحكام المواريث في الشريعة الإسلامية. كلية الشريعة والدراسات الإسلامية. باقة الغربية. 1996
. ص 9
5- صحيح الترمذي. ج 4. ص 279
6- القدومي، مروان. أحكام المواريث بالشريعة الإسلامية. فلسطين: كلية الشريعة والدراسات الإسلامية. 1996. ص 10
7- ذات الاستثناء أخذ به قانون التنفيذ الاردني بنص م 23 ف 3 حيث تنص على أنه ” لا يجوز الحبس لأي من المدين
الذي لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره والمعتوه والمجنون ” .
8- السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني. مصادر الالتزام. الجزءالأول. طبعة 2007 . تنقيح
. المستشار: أحمد مدحت المراغني. طبعة نقابة المحامين المصريين. ص 226
9- تنص م 41 ف 2 من قانون التنفيذ العراقي رقم 45 لسنة ” 1980 ” على أنه ” يمنع حبس المدين إذا لم يكمل الثامنة عشرة
. من عمره أو جاوز عمره الستين “.مشار اليه في : عبودي ،عباس: شرح أحكام قانون التنفيذ.مرجع سابق .ص 162
10- تنص 264 ف 1 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي رقم 38 لسنة 1980 على أنه: ” يمنع إصدار أمر
بحبس المدين في الأحوال التالية…. إذا تجاوز الخامسة والستين من العمر “.
11- تنص م 326 ف 1 من قانون الإجراءات المدنية والتجارية الإماراتي رقم 11 لسنة 1992 على انه: ” يمنع إصدار أمر
بحبس المدين في الأحوال الآتية: إذا لم يبلغ الثامنة عشرة أو تجاوز السبعين من عمره
12- تنص م 128 ف 2 من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 على أنه ” المعتوه هو في حكم الصغير المميز”.
13- مجلة الأحكام العدلية، م 945
14- سلطان، أنور. مصادر الالتزام في القانون المدني الاردني دراسة مقارن. الطبعة الأولى .
. عمان: دار الثقافة. 2002. ص 40
15_ 129 تنص من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 م على أنه” 1 – يسري على تصرفات المحجور للغفلة أو السفه ما يسري على تصرفات الصبي المميز من أحكام، ولكن ولي السفيه المحكمة أو من تعينه للوصاية عليه وليس لأبيه
أو جده أو وصيهما حق الولاية عليه، 2 – أما تصرفاته قبل الحجر فمعتبره إلا إذا كانت نتيجة استغلال أو تواطؤ.
16 – وافق المشرع الاردني نظيره الفلسطيني على استثناء هذه الحالة من الحبس وذلك بنص م 23 ف ب من قانون التنفيذ
حيث تنص على أنه ” كما لا يجوز الحبس اذا كان المحكوم به دينا بين الازواج أو دينا للفروع على الأصول”.
17- ادكيدك، حازم : حبس المدين وفقا لقانون التنفيذ الفلسطيني .تقوية القضاء الفلسطيني سيادة
.2007/. ص 10
18- تنص م 294 ف 3 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي رقم 38 لسنة 1980 المعدل بقانون رقم 38 لسنة
2002 على أنه ” يمنع إصدار أمر بحبس المدين في الأحوال الآتية: إذا كان زوجا للدائن أو من أصوله أو فروعه مالم
يكن الدين نفقة مقررة.
19- قانون التنفيذ العراقي رقم 45 لسنة 1980 . مشار اليه في . العبودي، عباس. شرح أحكام قانون التنفيذ دراسة مقارنة. الطبعة الأولى . عمان : دار الثقافة 2002ص166 .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً