المحافظة أو فرض سعر إعادة البيع والمنافسة
د. ملحم بن حمد الملحم
تقوم الشركات بشكل عام بالسعي نحو تطوير منتجاتها وخدماتها، وتسعى كذلك للحفاظ على جودة منتجاتها ضمن استراتيجية وخطة عمل تسير عليها تلك الشركات هادفة للتنافس بشكل أقوى أفضل من المتنافسين ضمن سباق للوصول إلى المستهلك. ومن ضمن إحدى الاستراتيجيات التي تتخذها مجموعة من الشركات هي فرض سعر لإعادة البيع لمنتجاتها وهوما يعرف بـ Resale Price Maintenance. أستعرض في هذه المقالة هذا المفهوم وعلاقته بالمنافسة وقوانين المنافسة بشكل عام.
تكون صورة فرض سعر إعادة البيع عندما تنتج شركة من الشركات منتجا، وتبيعه على بائعي التجزئة أو المحال، وتشترط أو تتفق معهم على ألا يبيعوا المنتج على الغير بأقل من سعر معين. هذه الصورة من صور التعاملات بين التجار والشركات تتقاطع مع قوانين المنافسة في كون هذا قد يعتبر اتفاقا بين متنافسين أو متنافسين محتملين، وتحظر قوانين المنافسة عادة الاتفاق بين المتنافسين اتفاقا يقيد التجارة أو يضعف المنافسة.
يعتبر هذا النوع من الاتفاقات صعبا من ناحية تقييمها من قبل أجهزة المنافسة، بل ينبغي ألا تكون من المسائل التي تقيم من ظاهرها. المقصود أنه ينبغي ألا تقيم هذه الاتفاقات على ظاهرها، أي أنه يفترض في أجهزة المنافسة ألا تحكم مباشرة باعتبار هذه الاتفاقات مخالفة كونها اتفاقات مخالفة للمنافسة من خلال ظاهرها أو افتراض كونها اتفاقات مخلة بالمنافسة.
أجهزة المنافسة هي أجهزة يفترض لها أن تحمي المنافسة وتتدخل عند الحاجة الملحة، عندما تختل قواعد السوق بممارسات احتكارية، وما عدا ذلك فالمفترض أن تبقى أجهزة المنافسة مراقبة وتترك للسوق العمل على نفسها وإصلاحها من خلال العرض والطلب؛ من خلال المنافسة والابتكار.
في الولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من قدم عمر قانون المنافسة لديها، إلا أن منظومة وآلية قوانين المنافسة فيها نسبيا مكنت هذه القوانين من مواكبة التحديثات الاقتصادية والتجارية التي تمر بها السوق العالمية. فبعد أن كانت تنظر أجهزة المنافسة الأمريكية إلى اتفاقات فرض إعادة سعر البيع على أساس أنها اتفاقات بطبيعتها مخالفة للمنافسة، تحولت أجهزة المنافسة الأمريكية الفيدرالية نسبيا عن هذا التوجه لتقرر أنه ينبغي النظر في مثل هذه الاتفاقات بشكل شامل وبحث ما إذا كانت مخلة بالمنافسة من عدمها.
على الرغم من وجود بدائل لمثل هذه الاتفاقات وخيارات قد تكون قانونية، إلا أن عمومية النصوص النظامية في نظام المنافسة السعودي توجب بذل العناية والحذر في مثل هذه الاتفاقات واتخاذ الأساليب القانونية التحوطية من جهة القطاع الخاص، ومن الناحية التشريعية والرقابية فمثل هذه الاتفاقات تحتاج إلى إرشادات ومعايير تقلل الغموض وتزيد في الوضوح للقطاع الخاص، وتقرر التوجه الذي تسير عليه الجهات الرقابية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً