التعامل مع القاعدة الجنائية: الأصول والمهارة
إن صياغة القاعدة القانونية الجنائية تقوم على أدوات عدة تخرجها إلى الوجود العملي إخراجا يحقق هدف المنظم من صياغتها، وتعد صياغة القاعدة القانونية ضرورة لترجمة قواعد الدستور أو ما يصطلح عليه نظاما في المملكة العربية السعودية بالنظام الأساسي للحكم، بحيث تكون قواعد النظام الأساسي فاعلة ومطبقة فعليا في المجتمع عن طريق القواعد الأخرى التي تستمد قوتها من القاعدة العليا.
ومن المهارات التي تستخدم في صياغة القاعدة القانونية أنها تتراوح بين الجمود والمرونة التي تعطي القاضي مساحة من الحرية ليقدر ويطبق ما يراه مناسبا في حكمه على الواقعة المنظورة أمامه.
وإن الصياغة الجامدة للقاعدة القانونية إنما لمواجهة فرض معين لا تعطينا إلا حلا ثابتا لا يتغير بتغير الظروف وملابسات كل حالة عن الأخرى، فبالتالي يكون عمل القاضي بهذا النوع من القواعد أشبه ما يكون آليا، حيث يقتصر دوره على التثبت من الوقائع وتطبيق القاعدة عليها، أما القاعدة المرنة تعطي القاضي نوعا من المرونة ومراعاة ظروف وملابسات كل قضية لها ظروفها الخاصة، ولذلك تختلف أحكام القضاة بحسب اختلاف كل حالة عن الأخرى مراعاة لظروفها الخاصة.
ومن استعرض القواعد القانونية الجنائية في القانون السعودي يتبين أنها تحمل شيئا من الصرامة ولكنها تعطي القاضي المرونة الكافية التي تجعله يأخذ بالاعتبار كل ظرف يقدر أنه عنصر لتخفيف أو تشديد العقوبة، وهذا ما يدفع من لا يعرف أصول التقاضي والقانون إلى الاستغراب أو التعجب ظنا منه أن القاضي تعدى في حكمه بينما في واقع الأمر إنما التقاضي والتعامل مع القواعد القانونية علم له أصوله ومهارة تحل النزاع القانوني بكل سهولة، ودون طول أمد في التقاضي.
وهذا ما يجعلنا نؤكد على دور المحامي ورجل القانون في الترافع أمام المحاكم نيابة عن الآخرين، حيث لديه القدرة والمعرفة العلمية في البحث عن العناصر التي تساعد موكله في تخفيف العقوبة عنه من خلال عرضه الإيجابي للوقائع وتحديد حدودها بصورة منطقية تقنع القاضي بتخفيف أو تشديد العقوبة.
إن التعامل مع القانون له أصوله ومهاراته، فليس كل شخص يفهم مفردات النظام، وليس كل فرد يستطيع أن يكيف الواقعة تكييفا صحيحا يحقق له العدالة، فالقضاة بشر تختصم إليهم الناس ويسمعون منهم ويقضون بحسب ما يسمعون ويتبين لهم.
عبدالله قاسم العنزي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً