قانون الطفل.. تأديب أم خروج على الشريعة
محيط – نرمين صبري : يواصل مجلس الشورى المصري برئاسة صفوت الشريف لليوم الثاني مناقشة مشروع قانون تعديل على قانون الطفل الصادر عام 1996 بعد أن وافق المجلس عليه من حيث المبدأ ، وسط معارضة بعض نواب الإخوان والمستقلين ، فيما تؤكد الحكومة أن تعديلات القانون لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية .
وقال النواب اليوم الأربعاء أن القانون يأتي ضمن الحماية الكاملة للطفولة التى تحرص مصر على توفيرها للأطفال وحسن تربيتهم ورعايتهم، كما يعمل على إنشاء صندوق لتوفير هذه الحماية سواء للطفولة أو الأمومة ، وأنه يتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية ومسايرة الإتفاقيات الدولية.
وقال وزير العدل المصري المستشار ممدوح مرعي :” إن هناك العديد من الظواهر التي طرأت على المجتمع ، بشكل عجزت القوانين القائمة على مواجهتها بالشكل الجيد كظاهرة أطفال الشوارع ، ومشكلة رعاية أبناء الأم المسجونة ، وعمالة الأطفال ، وحرمان بعض الأطفال من القيد بسجلات المواليد واستخراج شهادات ميلاد لهم “
وأضاف أن التطبيق العملي لمواد قانون الطفل كشف عن أوجه قصور تعرقل تحقيق غاياته ، حيث أحجمت العديد من الأسر عن قيد مواليدها ، نتيجة ربط استخراج شهادات الميلاد بالاشتراك في تأمين الأسرة ، كذلك حرمان بعض الأمهات العاملات من أجازة الوضع ، فضلا عن صعوبة تطبيق العقوبات على الأطفال ممن جاوزوا الخامسة عشر سنة ، نتيجة التفرقة في العقوبات بين من بلغ الخامسة عشر والسادسة عشر من عمره .
وتنفرد شبكة الأخبار العربية “محيط” بعرض بعض بنود القانون ، والذي يفرض تعهد الدولة بكفالة الحدود القصوى لحقوق الطفل ، ابتداءً من حقه الثابت في النسب ، وامتدادًا إلى سائر الحقوق المقررة له تعليميًا وتربويًا وصحيًا ، فضلا عن كفالة المعاملة الجنائية الأفضل للطفل ، وتوفير الضوابط الحمائية الضرورية للطفل ، بالاضافة إلى دعم دور المجلس القومي للطفولة والأمومة في مجال رعاية الطفل .
ويؤكد مشروع القانون حق الطفل في الحياة والبقاء والنمو في كنف أسرة متماسكة ومتضامنة ، وحمايته من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الأهمال والتقصير ، فضلا عن حمايته من أي نوع من التمييز بسبب المولد أو الوالدين أو الجنس والدين والعنصر والإعاقة أو أي وضع آخر .
وطالب التعديل الجديد المطروح على القانون حق الطفل في إثبات نسبه إلى والدين الشرعيين والتمتع برعايتهما مع الاستعانة بكافة الوسائل العلمية ، وحظر التبني .ويمنح القانون الام الحق في الابلاغ عن وليدها وقيده بسجلات المواليد ، استخراج شهادة ميلاده منسوبا اليها كأم.
وفي محاولة لمواجهة تغاضي بعد الأسر عن تسجيل المواليد في سجلات الدولة ، طالب القانون بتسليم شهادة ميلاد الطفل الأول بغير رسوم أو اشتراك تأمين صحي إلى رب الأسرة بعد التحقق من شخصيته .
ويمنح التعديل الطفل اليتيم او مجهول النسب والأمهات المعيلات وأطفال المساجين الحق في الحصول على معاش شهري من وزارة التضامن الاجتماعي . ويحظر التعديل الجديد تشغيل الطفل في أي عمل يعرض صحته وسلامته أو اخلاقه للخطر ، وعلى صاحب العمل الذي يشغل الاطفال أن يبلغ الجهات الإدارية التابع لها ببيانات الطفل الأساسية وأن يوفر لهم سكن خاص ااذا قضت طبيعة العمل ذلك .
ويمنح القانون الجديد للمرأة العاملة سواء في القطاع العام او الخاص أجازة وضع لمدة ثلاث أشهر بعد الوضع بأجر كامل ، وفي جميع الأحوال لا تستحق العاملة هذه الأجازة لأكثر من مرتين طوال مدة خدمتها .
وتتمتع هذه العاملة اثناء فترة الحمل بعد الشهر السادس بالحق في تخفيض عدد ساعات العمل اليومية ، كما يحظر تشغيلها ساعات عمل اضافية طوال مدة الحمل .
ويقضي القانون الجديد بمنع المسئولية الجنائية للطفل الذي لم يتجاوز اثنتي عشر سنة وقت ارتكاب الجريمة ، واذا كان الطفل تجاوز السابعة من عمره ولم يتجاوز الثانية عشر وصدرت منه واقعة جنائية أو جنحة يكون لمحكمة الطفل وحدها الاختصاص في النظر في امره .
أما الطفل الذي لم يتجاوز الخامسة عشر يحكم عليه اذا ارتكب أي جريمة بأحد التدابير التالية بالتوبيخ أو التسليم ، الإلحاق بالتدريب المهني والإلزام بواجبات معينة والاختبار القضائي ، العمل على المنفعة العامة با لا يضر بصحة الطفل أو نفسيته ، الايداع بأحد المستشفيات المتخصصة ، والإيداع بأحد مؤسسات الرعاية الاجتماعية . لا يحكم بالسجن المؤبد أو الاعدام على المتهم الذي يجاوز سنة الثامنة عشرة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة .
ويطالب القانون بانشاء دار حضانة في كل سجن يتوافر فيها الشروط المقررة لدور الحضانة ، يسمح فيها بايداع أطفال السجينات حتى بلوغ الطفل سن أربع سنوات ، عدا حالة الحكم بالإعدام ، على أن تلازم الأم طفلها خلال ستة الأشهر الأولى من عمره .
ويحظر القانون الجديد توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة عامًا ، ويشترط أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقيق من خلوهما من الأمراض .
وأيد بعض النواب القانون التي أقرها المجلس ، مؤكدين إنه يعالج السلبيات التي كانت موجودة في القانون السابق ، حيث أكد الدكتور إسماعيل الدفتار عضو مجلس الشوري واستاذ الحديث في جامعة الأزهر :”هذا القانون لا يخالف أحكام الشريعية الإسلامية ،التى منحت الحق للأباء فى تربية أولادهم بالحسنى دون إيذاء أو ضرب مبرح ، وكذلك بشأن نسب الأطفال لأمهاتهم حيث كان بعض الصحابة يسمون بامهاتهم مثل الزبير بن صفية”.
ويقول محمد رجب ممثل الأغلبية بالمجلس :” القانون التزم بالشريعة الاسلامية والدستور ، فهو يحرص على الاهتمام بالطفل المصري الذي يمثل المستقبل ، وأولها ضرورة اجراء الكشف الطبي للزوجين قبل العقد ، لمعرفة الأمراض الوراثية التي قد تصيب الطفل بأمراض “.
ونفى صلاح منتصر وكيل لجنة الثقافة بمجلس الشورى المصري أن يكون هذا القانون بهدف تحديد النسل ، مؤكدا أنه جاء لتحسين النسل، وداعيا إلى إعادة النظر فى سن الزواج ، قائلا “إننا قد إعترفنا أن سن الطفولة حتى ال 18 ، وأننا إذا وافقنا على توثيق سن الزواج عند 18 سنة فإننا نوافق على زواج الأطفال” .
ومن جانبها ، أعربت الدكتور هدى رشاد استاذ علم الاجتماع وعضو المجلس عن تأييدها لرفع القانون سن زواج الفتيات من 15 إلى 18 سنة ، حيث أن الفتاة التي تتزوج في سن مبكر قد تعاني من ضعف وهو ما يؤثر على صحة طفلها ، خاصة وأن الفرق بين الزوجين يتجاوز العشر سنوات .
وأيدت الدكتورة زينب صقر عضو المجلس والاستاذ بجامعة القاهرة رفع سن زواج الفتيات إلى 18 سنة ، مؤكدة أن القانون حرم ايضا ختان الاناث وهي عادة إفريقية تتركز في مصر والسودان واليمن و لا توجد في الدول الخليجية .
بينما أوضح الدكتور مصطفى كمال حلمى أهمية هذا القانون خاصة فيما يتعلق بحقوق الطفل وأولها حق التعليم، داعيا إلى ضرورة أن تقدم وزارة التعليم رعاياتها على الأطفال من سن الرابعة وليس من سن السادسة.
وطالب النائب عبدالسلام خضراوى بالتطبيق التدريجى لهذا القانون فى بعض المحافظات حول الكشف الطبى قبل الزواج حسب توافر المعامل لتحليل العينات من راغبى الزواج وطبقا لامكانيات وزارة الصحة، خاصة أن هذه المعامل غير متوفرة فى كل المحافظات، علاوة على تكاليف التحاليل الباهظة والتى قد ترهق راغبى الزواج.
ومن جانبه ، وصف الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب “التجمع”، معارضي المشروع بأنهم ظلاميون، قائلا :” سيأتي بعض الظلاميين ليقولوا إنهم سيضربون أطفالهم رغم أنف القانون.. وأنا أقول لهم: (اضربوهم حتي يصبحوا متخلفين مثل من ضربوهم)”.
وذكر السعيد أن المادة 52 من مشروع تعديل القانون تنص علي توفير دور حضانة، في حين أن الميزانية العامة لا تحتوي علي أي بند لذلك، فيما رد ناجي الشهاب، رئيس حزب الجيل، بأن القانون يعبر عن انسياق حكومي للمؤامرات الخارجية، ويخالف مبادئ الشريعة الإسلامية، مؤكدًا القانون سيسمح للشباب بأن يصادقوا البنات ويأتوا بهم للمنزل ، طالما إنهم لن يجدوا العقاب اللازم .
ويرى علماء دين أن تحديد سن الزواج ب18 سنة خروج عن الشريعة الاسلامية التي تؤيد التبكير بالزواج لمنع الانحرافات، فالزواج ضرورة فطرية .وشدد العلماء ان هذه المادة تفتح الباب على مصرعيه لانتشار الزواج العرفي ، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء”.
وانتقد العلماء تخفيف العقوبات عن الجرائم التي يرتكبها الصغار من بين المحاذير الشرعية التي تبناها قانون الطفل المصري الجديد تخفيف العقوبة لدرجة التوبيخ بالنسبة لمن هم دون 18 سنة، وهو ما يشجع على الجريمة.
وعلى الجانب الأخر ، يتميز المشروع ببعض الإيجابيات التي تتفق مع الشريعة مثل رفض وتجريم التحرش الجنسي بالأطفال، ومحاربة التسول، والإقامة في الشوارع.
اترك تعليقاً