قانون العفو عن بعض الجرائم… في الميزان
للمحامي / سالم جمعة عاشور
القانون رقم (35) لسنة 2012 م بشأن العفو عن بعض الجرائم…..هل هو منحة ام وصية واجبة ؟!
بادئ دى بدءوقبل البدءبالخوض فى هذا الموضوع بتناولنا فيه للنقد فى بعض احكامه لاستضهار اوجه العيوب ومجمل القصور
الناتجة عن الاخطاء المرتكبة من المشرع و المأخودةعلى هذا القانون , يجدر بنا التطرق باستعراض نصوص المواد الواردة فيه ..
اذ على سبيل الذكر فقد نصت المادة الاولى منه على ان : لا تسرى احكام هذا القانون على الحالات الاتية :
1.الجرائم المرتكبة من زوج المدعو معمر محمد عبد السلام بومنيار القدافى و ابنائه و بناته اصالة او بالتبنى و اصهاره و اعوانه
2.جرائم الحدود متى رفعت الى القضاء
3.جرائم الخطف و التعذيب و المواقعة بالقوة
4.جرائم جلب المخدرات و المؤثرات العقلية و الاتجار بها
5.جرائم تسميم الميام او المواد الغدائية و الاتجار بالاغدية و الادوية الفاسدة
كما نصت المادة التانية من هذا القانون على ان : يعفى عن الجرائم المرتكبة قبل نفاد هذا القانون و تنقضى الدعاوى الجنائية بشأنها و تسقط العقوبات المحكوم بها و الاثار الجنائية المترتبة عليها و تمحى من سجل سوابق المشمولين بهذا العفو متى توافرت الشروط التالية :
1.فى جرائم اختلاس المال العام يشترط رد الموال المختلسة
2 التصالح مع المجنى عليه او وليه او عفو ولى الدم حسب الاحوال
3. تسليم المحكوم عليه او المتهم الاشياء و الاسلحة و الادوات المستعملة فى ارتكاب الجريمة
4.اعلان التوبة امام دائرة الجنايات المختصة
واستتبعه ذلك نص المادة الثالتة بالغاء العفو بموجب احكام هذا القانون فى حالة عود الاشخاص المشمولين به الى ارتكاب جناية عمدية خلال خمس سنوات من تاريخ نفاده ويعادون للسجن لتنفيد العقوبات المحكوم بها او ما تبقى منها بالنسبة للمحكومين منهم واستئناف الا جراءات الجنائية ضد من انقضت الدعاوى الجائية بشانهم طبقا لاحكام هذا القانون على ان يعلن ذلك فى وسائل الاعلام المختلفة
كما تولت المادة الرابعة منه بالنص على تولى دوائر الجنايات كل حسب دائرة اختصاصها البت فى المسائل التى تثار بصدد تطبيق احكام هذا القانون وفقا للقواعد العامة
كما ظهر فى النص و فى المادة الخامسة منه بعدم اخلال احكام هذا القانون بحق المتضرر فى الرد و التعويض
وبينت المادة السادسة تاريخ نفاده و العمل به و ذلك منذ صدوره الذى كان بتاريخ2 | مايو |2012 .و بنشرفى الجريدة الرسمية .
فاولا :-الذى يهمنا فيه هنا هو ما تطرق اليه النص الوارد فى المادة الاولى منه من حكم متضمنا عدم سريان احكامه على الحالات المتعلقة بجرائم الحدود متى رفعت للقضاء الوارد فى البند2 من المادة ذاتها
وتانيا :- الحالات المتعلقة بجرائم جلب المخدرات و المؤثرات العقلية و الاتجار بها الواردة فى البند 4من نفس المادة كذلك.
واول مايسترعى نضرنا و يثير انتباهنا هو استتناءه للبعض من الحالات فى عدم اخضاعها لاحكامه و من بين تلك الاستناءات استتنائه لجرائم الحدود التى اشترط فيها ضرورة رفعها الى القضاء اى ان تكون منظورة امام الجهات القضائية للبث فيها عن طريقها و ليس عن طريق سلطات التحقيق فى دور بداية و استمرارية مباشرة الاجراء بشأنها وقبل التصرف فيها من قبل النيابة العامة باعتبارها سلطة تحقيق و اتهام لا سلطة قضاء او لازالت فى دور مباشرة جمع الاستدلالات بشأن الوقائع التى حولها عن طريق العمل الاجرائى الذى يقوم به مأمورى الضبط القضائى عن طريق محاظر جمع الاذلة بشأنها حيث ان هذه الاجراءات ولو كانت مباشرتها عن طريق النيابة العامة لا تعطى العمل الاجرائى صفة الارتقاء به لمرتبة العمل القضائى طالما انها لم تباشر من قبل السلطة القضائية باحالة الحالة المرفوعة بشأنها الدعوى من قبل النيابة العامة للمحكمة و بقرار اتها م بخصوص الواقعة و تقييد الدعوى بالسجل العام .
يفهم من هذا ان اى اجراء لم يتم الانتهاء منه باستكمال التحقيق و بحكم وجوده ضمن سيطرة الجهات المخولة بمباشرة اجراءات التحقيق و لم يبث فيها من قبلها باى تصرف بشأن احالتها للقضاء لم تكن هذه الحالات خاضعة للاستتناء الوارد فى النص بل يعتبر اصحابها مستفيدين من ميزة العفو الوارد بالقانون رقم (35) 2012م بشأن العفو عن بعض الجرائم و هو صلب موضوعنا الان .
و هذا عيب ناتج بسبب اهمال المشرع فى عدم مراعاته لمعايير التفرقة بين الاعمال الاجرائية المتعلقة بتلك الحالات للوقوف فيها على بيان ماهو معتبرا بانه عمل قضائى او اجراء من اجراءات التحقيق و تطبيق ذلك على هذه الحالة بامكانية تداركه لهذا العيب . الامر الذى قد يؤدى معه افلات اصحاب هذه الحالات من العقوبات الخاصة من الحدود وذلك بسقوط جرائمها بالعفو عنها تبعا لاستفادتهم من الرخصة الممنوحة فى هذا القانون و للغرابة… !! ان الذى اصبح محدثا فى هذه الحالة ممكن ان يحدث شرخا من شأنه اسقاط الحدود عن مرتكبى تلك الجرائم بشأن تلك الحالات التى يشملها النص حيث ان الحدود لا يجوز اسقاطها ابدا الا بتوفر شبهة الحد و السؤال الذى يمكن طرحه الان هو هل سنظل بصمتنا عاجزين امام هذه التغرة باعتبارها عيب من العيوب الماسة بالحكم الوارد فى البند المشار اليه فى نص المادة المذكورة ام اعتبار ذلك شبهة تنفى قيام الحد ام شئ اخر يمكن ان يقال او يظهر به غيرنا فى التعليق عليه .
وتانيا كذالك و الذى يهمنا فيه فى هذا القانون توجهنا فيه با لنقد للاستتناء الوارد فى البند الرابع من المادة رقم( 1)منه و المتعلق بجرائم جلب المخدرات و المؤثرات العقلية و الاتجار بها اذ يفهم من النص الوارد فى هذا البند انه لم يكن الاستتناء شاملا لجميع جرائم المخدرات من الخضوع لاحكامه بل تبين لجزء بسيط من هذه الجرائم فى خضوعها له و هى جرائم الجلب للمخدرات و المؤثرات العقلية و الاتجار بها فقط مع مراعاة ان هناك عدة انواع من الاوصاف المشكلةا للاركان المادية لقيام جرائم المخدرات .فالتصدير و النقل اضافة للجلب للمادة المخدرة و النقل للنبات المخدر والزراعة و الصناعة والترويج و الجرائم الناتجة عن اصحاب التراخيص الخاصة باستيراد ا لمادة المخدرة و كذلك التعاطى و كل ما تشير اليه الا حكام الواردة فى قانون المخدرات رقم (7) لسنة 1990 مسيحى و القوانين المعدلة له من بيان لانواع الجرائم و العقوبات الخاصة بها و التى سنقوم بالتطرق لها بالذكر فى هذه المناسبة اذ على اثر ذلك نود ان نوضح للجميع من سادتنا القراء ان هناك اربعة قوانين صادرة و منظمة احكامها للقواعد المتعلقة بارتكاب جرائم المخدرات و المؤثرات العقلية و هى كالاتى :-
1.القانون رقم (7) لسنة 1990 مسيحى بشأن المخدرات و المؤثرات العقلية
2.القانون رقم (19)لسنة 1423 مسيحى بشان اضافة حكم للقانون رقم (79) 1990 مسيحى بشأن المخدرات و المؤثرات العقلية
3.قانون رقم (19)لسنة 1424 مسيحى بشأن تعديل بعض احكام القانون رقم (7) لسنة 1990 مسيحى بشان المخدرات و المؤثرات العقلية
4.القانون رقم (23)لسنة 1369 و.ر بتعديل و اضافة بعض الاحكام الى القانون رقم (79) لسنة 1990 مسيحى بشأن المخدرات و المؤثرات العقلية ايضا
من هنا و من خلال تبيانناهذا الذى جاء فيه توضيحنا فى التعريف لما لهذه التشريعات من وجود و فى ظل تنظيمها سير العمل باقامة الضوابط داخل المجتمع لتوضيح المفهوم و نقل المعلومة بالتأكيد على ان جميع جرائم المخدرات و المؤثرات العقلية المنصوص عليها فى هذا القانو ن و القوانين المعدلة له و كذالك المترتبة على حدوث تلك الجرائم من مصادرة للاموال و المواد المتحصلة عن الجريمة و كذلك كل ما له علاقة بغسيل الاموال عن طريق الاستخدام الناتج عن التعامل فى المواد المخدرة كله ذلك مبين و موضخ فى هذا القانون .فالذى نعنيه و التأكيد عليه بالقول هنا انه لا يعنى القانون فى اختصاره على معالجة حالة واحدة فقط وهى الجلب للمخدرات و المتاجرة بها بل تشمل تلك المعالجة جميع الحالات المتناولة لها النصوص الواردة باحكام ذالك القانون و هى على سبيل المثل و من بينها ما تناوله النص فى المادة الرابعة و الثلاتون التى تقضيىبالاتى :
يعاقب بالاعدام او بالسجن المؤبد و الغرامة التى لا تقل عن عشرة الاف دينار و لاتزيد على خمسين الف دينار كل من :-
1. صدر او جلب او انتج او استخرج او فصل او صنع او روج مواد مخدرة او مؤثرات عقلية فى غير الاحوال المرخص بها قانونا و كان ذالك بقصد الاتجار او ترويجها
2.زرع او صدر او جلب نباتا من النباتات الواردة فى الجدو ل المرفق رقم (5) فى اى طور من اطوار نموها هى او بذورها فى غير الاحوال المرخص بها قانونا و كان ذلك بقصد الاتجار بها او ترويجها . الخ
كما اشارت هذه المادة بان يعاقب بذات العقوبة كل من حو ل اموالا او بدلها او نقلها او اخفاها او موه حقيقتها او مكانها او طريقة التصرف فيها او حركتها او الحقوق المتعلقة بها او ملكيتها مع علمه انها مستمدة من الجريمة او من فعل يعد اشتراك فيها و كان ذلك بقصد اخفاء او تمويه المصدر الغير مشروع .
اضف الى ماقضت به المادة (35 ) (36 )(37) (38) (39 )من هذا القانون المتعلقة بالحيازة و الشراء و الاحراز و البيع و التعاطى للمواد المخدرة اذ لم يقتصر القانون فى جميع احكامه فى معالجته حالة و احدة فقط هى الجلب للمواد المخدرة و الاتجار بها دون اقتصاره فى معالجته للحالات الاخرى المتعلقة و المبينة فى هذه المواد و التى تجاهلها الحكم الوارد فى النص للمادة (1) و بالبند4 من القانون رقم 35 لسنة 2012 بشأن العفو عن بعض الجرائم وهذا ما يعيبه و ادى بنا الى تناوله بالنقد لاحكامه. نصل الى ذلك لنقل هذه المعلومة الى السادة القراء بان جميع الجرائم المنصوص عليها فى القانون المشار اليه بشان المخدرات تشكل حالات يمكن اصحابها من الاستفادة من القانون الخاص بالعفو المشار اليه اعلاه بأستتناء حالات الجلب للمواد المخدرة و المؤثرات العقلية فقط و لقصد الاتجار بها . اذ كان بامكان المشرع ان ينص فى البند 4 من المادة (1) من القانون رقم 35 لسنة 2012 بشان العفو عن بعض الجرائم على عدم سريان احكام هذا القانون على الحالات الواردة فى القانون رقم (7) لسنة 1990 بشأن المخدرات و المؤثرات العقلية و القوانين المعدلة له .
واختتم مقالنا هذا باعادة تكرار السؤال المتصدر مقدمة المقال بالتساءل ومن جديد بهل ان القانون المشاراليه بانه منحة ام وصية واجبة ؟!
اترك تعليقاً