قراءات في حقوق المرأة بالدساتير العراقية المتعاقبة
يتطلب عند قراءتنا في الدساتير العراقية المتعاقبة اعتماد مرجعية حقوق الإنسان في عالميتها وشموليتها ، سواء ما تعلق منها بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان عامة كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أوالمواثيق الدولية الخاصة بالمرأة وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي تنص على المساواة في الحقوق الخمسة بين المرأة والرجل وعلى القضاء على كل تمييز ضد المرأة .
وبما أن الدستور يعتبر هو أسمى قانون للدولة فمن المفروض أن ينص ويضمن حقوق الإنسان الخمسة لجميع المواطنين دون تمييز، وأن ينص على تلك المساواة في تلك الحقوق بين الرجال والنساء، ويضمن بشكل خاص للمرأة حقوق الأسرة والأمومة والطفولة وحمايتها كما هو منصوص عليه في العهدين الدوليين للحقوق الخمسة والتي هي ضمان مساواة الذكور والإناث في التمتع بالحقوق المنصوص عليها وكذلك الحق في حماية الأسرة والأمومة والطفولة … فهل الدساتير العراقية المتعاقبة نصت على تلك الحقوق وعلى المساواة فيها بين الرجل والمرأة ؟ هذا ما سنعالجه في هذا المبحث ولو بالإشارة إلى الفقرات والمواد الواردة في الدساتير العراقية التي تعاقبت والحكومات المتعاقبة .
ولما كان عنوان المبحث يتناول حقوق المرأة في الدساتير العراقية المتعاقبة، أذن سنكتفي بذكر المواد والفقرات الدستورية التي نصت على حقوق المرأة في الدساتير العراقية المتعاقبة، دون اعتماد مرجعية حقوق الإنسان من إعلانات ومواثيق وصكوك دولية التزاماً منا بموضوع هذا المبحث وعدم الذهاب بعيداً والخوض في غمار القانون المقارن .
يعتبر ( القانون الأساسي العراقي) لعام 1925 من الدساتير الناهضة، وذلك لأنه يركز على حقوق الإنسان، والحريات الأساسية المصانة، فهو يتكون من مقدمة وعشرة أبواب، حيث يذكر في الباب الأول (حقوق الشعب) نصوصاً قانونية تتعلق بالجنسية العراقية، وتساوي العراقيين في الحقوق أمام القانون، وإن اختلفوا في القومية، والدين، واللغة، وأنَّ الحرية الشخصية مصونة للجميع، وأنَّ حقوق التملك محترمة وغيرها من الحقوق الأساسية التي كلفها هذا الدستور للشعب العراقي .
وتحدث الدستور العراقي عام 1925 في الباب الثاني عن (الملك وحقوقه)، وفي الباب الثالث تحدث عن (السلطة التشريعية) واعتبرها منوطة بمجلس الأمة مع الملك، وأنَّ مجلس الأمة يتألف من مجلس الأعيان والنواب، وللسلطة التشريعية حق وضع القوانين، وتعديلها وإلغائها .
وتحدّث دستور عام 1925 في الباب الرابع عن (تشكيل الوزارات العراقية) وعدد وزراء الدولة، وأنَّ مجلس الوزراء هو القائم بإدارة شؤون الدولة .
وفي الباب الخامس تحدّث دستور عام 1925 عن (السلطة القضائية) وتقسيم المحاكم، وتعيين كيفية تأسيس المحاكم، وأماكن انعقادها، ودرجاتها وأقسامها واختصاصاتها، وكيفية المراقبة عليها، وتنفيذ أحكامها، وأنَّ جميع المحاكمات يجب أن تجري علناً .
عن إدارة الإقليم العراقي، قد قسم دستور عام 1925 العراق إلى مناطق إدارية وأوجب تعيين هذه المناطق وأنواعها وأسماؤها وكيفية تأسيس واختصاص موظفيها وألقابهم بقانون خاص .
أما في الباب الثامن والتاسع والعاشر فقد تحدّث دستور عام 1925 عن تأييد القوانين والأحكام وتبديل أحكام القانون الأساسي والمواد العمومية المتعلقة بهذا الدستور. علماً أن نوع الحكم يعتبر ملكياً مقيد بالدستور.
لدى قراءتنا لدستور العراق لعام 1925م الذي يسمى (القانون العراقي الأساسي لعام 1925) نتفاجأ بعدم وجود كلمة (إمرأة) في القانون المذكور، إلا إننا فد نتلمس بعضاً من الحقوق البسيطة التي جاءت خجلة في الدستور المذكور وذكرت دون الإشارة إلى المرأة في نصها ومنها ما جاء في المادة السابعة والتي نصت على : ” الحرية الشخصية مصونة لجميع سكان العراق من التعرض والتدخل ولا يجوز القبض على أحدهم أو توقيفه أو إجباره على تبديل مسكنه أو تعريضه لقيوده، أو إجباره على الخدمة في القوات المسلحة إلا بمقتضى القانون أما التعذيب ونفي العراقيين إلى خارج المملكة العراقية فممنوع بتاتاً”.
وجاء في المادة الثانية عشرة : ” للعراقيين حرية إبداء الرأي والنشر والاجتماع وتأليف الجمعيات والانضمام إليها ضمن حدود القانون “. كان ذلك حقاً في التعبير عن الرأي متساوون فيه المرأة والرجل .
وعن حقوق النساء والرجال على حد سواء أمام القضاء جاءت المادة الثامنة عشرة من نفس الدستور لتنص على : ” العراقيون متساوون في التمتع بحقوقهم، وأداء واجباتهم، ويعهد إليهم وحدهم بوظائف الحكومة بدون تمييز، كل حسب اقتداره وأهليته، ولا يستخدم في وظائف الحكومة غير العراقيين إلا في الأحوال الاستثنائية التي تعين بقانون خاص ويستثنى من ذلك الأجانب الذي يجب أو يجوز استخدامهم بموجب المعاهدات والمقاولات “.
وفي قانون التعديل الثاني للقانون الأساسي لسنة 1925، حيث جاءت المادة الثامنة لتعدل المادة الثامنة عشرة من القانون العراقي الأساسي عام 1925 والتي جاءت بالشكل التالي : ” العراقيون متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، فيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل، أو اللغة أو الدين وإليهم وحدهم يعهد بالوظائف العامة مدنية كانت أم عسكرية ولا يولى الأجانب هذه الوظائف إلا في أحوال استثنائية يعينها القانون “.
على الرغم من افتقار هذه المادة إلى الإشارة إلى أسم المرأة إلا أنها جاءت شاملة بمعناها ذكوراً وإناث وإعطاء المرأة وأخيها الرجل الحق في المساواة أمام القانون .
وفي التعديل الثالث للقانون الأساسي العراقي لعام 1925، 1958 / 5 / 10، أشارت مادة مؤقتة في فقرتها الثانية إلى النص الآتي : ” يجوز تعديل القانون الأساسي خلال سنة من تاريخ تنفيذ هذا القانون، بما في ذلك منح المرأة المتعلمة الحقوق السياسية، فإذا وافق المجلسان على التعديل المذكور حسب الفقرة السابقة، يعرض على الملك للمصادقة عليه من دون حاجة إلى حل مجلس النواب بسبب هذا التعديل وذلك لمرة واحدة” . أي أعطت هذه المادة حق المرأة المتعلمة في الأمور السياسية .
وفي الفصل الأول (الأسس العامة) من دستور الاتحاد العربي 1958 / 3 / 29جاء في المادة الثامنة منه : ” يتمتع المواطنون في بلاد الاتحاد العربي على اختلاف أجناسهم وأديانهم ووفق القوانين المرعية بالحريات والحقوق التي كلفها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ويكون لكل فرد منهم حرية التملك والتنقل في جميع أنحاء الاتحاد وحرية السكن والإقامة في أي جهة من جهاته واختيار المهنة وممارسة أية حرفة أو تجارة أو عمل والالتحاق بالمعاهد التعليمية”. حيث منح المرأة والرجل الحق في الحرية والتملك والتنقل واختيار المهنة والحرفة والتجارة والالتحاق بالمعاهد التعليمية .
بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 أعلن عن سقوط القانون الأساسي العراقي لسنة 1925 وتعديلاته كافة، وتطبيق الدستور المؤقت لعام 1958 رغبة في تثبيت قواعد الحكم وتنظيم الحقوق والواجبات لجميع المواطنين، وقد أشار هذا الدستور المؤقت إلى أنه واجب التطبيق في فترة الانتقال إلى أن يتم تشريع دستور دائم .
وقد أشار الدستور المؤقت لعام 1958 إلى احترام حقوق المواطنين وصيانة حرياتهم، وأنَّ العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن، ويقر هذا الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية، كما ركز الدستور على حرية الاعتقاد والحريات الشخصية وحرمة المنازل وحرية الأديان وأن تسليم اللاجئين السياسيين محظور، كما نصّ الدستور على أن يتولى رئاسة الجمهورية مجلس سيادة يتألف من رئيس وعضوين، ويتولى مجلس الوزراء السلطة التشريعية بتصديق مجلس السيادة، كما أكد الدستور على استقلالية القضاء وأنّ القضاة لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة أو فرد التدخل في استقلالية القضاء أو في شؤون العدالة، وينظم القانون الجهاز القضائي وقسم الدستور إلى أربعة أبواب وهي كالآتي :
((الباب الأول : الجمهورية العراقية، والباب الثاني : مصدر السلطات والحقوق والواجبات العامة، والباب الثالث : نظام الحكم، والباب الرابع : أحكام انتقالية)).
جاء في المادة التاسعة ـ الباب الثاني (مصدر السلطات والحقوق والواجبات العامة) النص الآتي : ” المواطنون سواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة ولا يجوز التمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو ألأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة “. وجاءت هذه المادة لتمنح للمرأة حقاً مساوياً للرجل في الحقوق والواجبات ولم تختلف عن ما جاء في الدستورين السابقين لعام 1925 الأساسي وقانون التعديل الثاني من العام نفسه سواء بالإشارة صراحة إلى مساواة المواطنين رجال ونساء أمام القانون حيث كانت عبارة “… لا يجوز التمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل … “. عبارة دالة على المساواة بجمع الرجل والمرأة في مدلول الجنس وأعطت كما ذكرنا سابقاً للمرأة حق المساواة أمام القانون .
وفي اتفاق الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق ( القاهرة)1963 / 4 / 17 المقومات الأساسية نجد النص الآتي : ” الحريات العامة مكفولة في حدود القوانين، وتكفل الجمهورية العربية المتحدة لجميع المواطنين دون تمييز (حرية الرأي والتعبير ـ حرية النقد والنقد الذاتي ـ حرية الصحافة ـ حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات ـ حرية تكوين النقابات التعاونية ـ حرية العلم ـ حرية العقيدة والعبادات والشعائر الدينية، وغيرها من الحريات العامة) “. حيث منح الاتفاق حقاً للمرأة والرجل على حد سواء في الحريات المذكورة أعلاه.
ونطالع في نفس الاتفاق والفقرة الثانية منه وفي هذه الفقرة يقول النص : ” المواطنون سواء أمام القانون في الحقوق والواجبات ولا يجوز التمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو العقيدة. كما أنَّ المرأة لابد أن تتساوى بالرجل تستطيع أن تشارك بعمق وإيجابية في صنع الحياة “. حيث أشارت هذه الفقرة صراحة إلى حق المرأة تارة مشتركة مع الرجل في الحقوق أمام القانون ومنفصلة تارة أخرى كما هو مبين أعلاه .
ويحتوي الدستور المؤقت لعام 1963 كثيراً من النصوص القانونية التي منحت حقوقاً كثيرة للشعب العراقي، خصوصاً في الباب الثاني (المقومات الأساسية للمجتمع)، حيث أوجب الدستور فيه ضمان الدولة تكافؤ الفرص لجميع العراقيين، حيث أوجب الدستور فيه ضمان الدولة تكافؤ الفرص لجميع العراقيين، وتحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. كما نص الدستور على أن تكون الملكية الخاصة مصونة .
علماً أن الباب الثالث من هذا الدستور (الحقوق والواجبات العامة) قد نصّ على أن الجنسية العراقية يحددها القانون وأن العراقيين لدى القانون سواء هم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين، كما أنه لا يجوز القبض على أحد أو توقيفه أو حبسه أو تفتيشه إلا وفق أحكام القانون، وأنَّ المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية. وأنَّ حرية الأديان مصانة، وحرية الصحافة والطبع والنشر مكفولة في حدود القانون، وحرية تكوين الجمعيات والنقابات مكفولة أيضاً في حدود القانون. وتضمن الدولة للعراقيين معاملة عادلة بحسب ما يؤدونه من أعمال، والرعاية الصحية حق للعراقيين، وأنّ الانتخاب حق للعراقيين على الوجه المبين في القانون.
وخلال البحث بين السطور نجد في مقدمته إشارة خجولة خلت من كلمة المرأة وإن دلت في مدلولها على المرأة والرجل وجاء في مقدمته الآتي ” : تهدف إلى إيجاد الاستقرار والطمأنينة وتهيئة الفرص الكافية لمختلف أبناء الشعب دون تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو الدين … الخ “.
وجاءت المادة الخامسة من الدستور نفسه لتبين مكانة الأسرة قانونياً حيث جاء في نصها : ” الأسرة أساس المجتمع ، قوامها الدين والأخلاق والوطنية “.
ومنح الدستور نفسه حق العمل للمرأة والرجل على أساس تكافؤ الفرص حيث جاء في المادة السادسة ما هو نصه : ” نضمن الدولة تكافؤ الفرص لجميع العراقيين “.
ومن حقوق المرأة أيضاً حماية الأمومة والطفولة ودعم القانون للأسرة ونصت المادة الخامسة عشرة على : ” تكفل الدولة وفقاً للقانون دعم الأسرة وحماية الأمومة والطفولة ” .
وتبعتها المادة السادسة عشرة من نفس الدستور لمنح العراقيين نساءً ورجال حق الضمان الاجتماعي والمعونة في حالات المرض والشيخوخة والعجز والبطالة وجاء في نصها : ” تكفل الدولة خدمات الضمان الاجتماعي وللعراقيين الحق في المعونة في حالة الشيخوخة والمرض أو العجز أو البطالة ” .
نصت المادة التاسعة عشرة على حق المرأة والرجل في الحقوق والواجبات وكان نصها : ” العراقيون متساوون في الحقوق والواجبات العامة بلا تمييز بسبب الجنس أو ألأصل أو اللغة أو الدين أو أي سبب آخر، ويقر هذا الدستور الحقوق القومية للأكراد ضمن الشعب العراقي في وحدة وطنية متآخية. حيث كما ذكرنا أعطت هذه المادة حقاً للمرأة والرجل في الحقوق والواجبات أمام القانون وبدون تمييز.
ومن حقوق المرأة على الدولة العراقية الرعاية الصحية، وعلى الرغم من عدم وجود اسم المرأة في المادة السادسة والثلاثون لمنحها ذلك الحق إلا أنها حصلت عليه من خلال جمعها مع الرجل في المادة، حيث نجد عبارة كافة العراقيين أي نساء ورجال وجاء في نصها : ” الرعاية الصحية حق للعراقيين جميعاً تكفله الدولة بإنشاء مختلف أنواع المستشفيات والمؤسسات الصحية والتوسع فيها”.
لقد جاءت ثورة السابع عشر من تموز 1968 بشعارات براقة لخداع الناس ، ولذا نجد أن الدستور المؤقت لعام 1968 يحاول أن يستنسخ كثيراً من المواد القانونية التي وردت في الدساتير السابقة، مع إضافة مواد قانونية تخدم التوجه الذي جاء به البعثيون لاستعباد الناس وسرقتهم حقوقهم وأموالهم .
ولذا فقد عدلت الفقرة (ج) من المادة السابعة عشرة بموجب المادة الأولى من التعديل الثاني للدستور المؤقت في 15 آيار 1969 ، ونص التعديل على : (إن الأشخاص الذين تثبت إدانتهم من محكمة مختصة بجريمة التجسس لحساب الأجنبي أو التآمر على تقويض الحكم التقدمي الاشتراكي وأساسه الاقتصادي والاجتماعي فيجوز مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة) .
وهو نص استعمله النظام الحاكم لقتل معارضيه، واتهامهم زوراً بالعمالة والتجسس، ولم تكن المحكمة المختصة التي تحدثت عنها المادة سوى محاكم صورية غير شرعية.
أشار الدستور المؤقت لعام 1968 إلى جملة من الحقوق وما يخص المرأة منها هو الأسرة وحماية الأمومة والطفولة وحقها في الضمان الاجتماعي وحق العمل والمساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات .
نصت المادة الثامنة من الدستور المذكور على إن الأسرة هي أساس المجتمع حيث جاء في نصها : ” الأسرة أساس المجتمع ، قوامها الدين والأخلاق الوطنية ” .
وتلتها الفقرة (أ) من المادة التاسعة والتي منحت للمرأة حقها في الأمن والحماية لها ولأطفالها وأسرتها حيث نصت على : ” تكفل الدولة دعم الأسرة وحماية الطفولة والأمومة وفقاً للقانون “.
وعن حق المرأة في الضمان الاجتماعي إسوة بالرجل جاء في الفقرة(ب) من المادة التاسعة نفسها حق الضمان كالآتي : ” تكفل الدولة خدمات الضمان الاجتماعي ويكون للعراقيين الحق في المعونة في حالة الشيخوخة والمرض والعجز والبطالة “. كسابقاتها لم تنص هذه الفقرة التي تخص حق الضمان الاجتماعي للمرأة لم تنص بعبارة صريحة على أنه للمرأة حق في الضمان الاجتماعي إلا إننا نفهم من كلمة (للعراقيين) معنى النساء والرجال سواء.
وجاء في المادة العاشرة : ” تضمن الدولة تكافؤ الفرص لجميع العراقيين “. إن من حق المرأة والرجل على الدولة توفير فرص العمل على أساس الكفاءة لكلا الجنسين .
وبعيداً عن العمل وتكراراً لنفس النص الوارد في المادة الحادية والعشرون حيث تكررت هذه المادة في الدساتير السابقة والتي نصها : ” العراقيون متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو الدين ويتعاونون في الحفاظ على كيان الوطن بما فيهم العرب والأكراد ويقر هذا الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية “. تمنح هذه المادة حقاً للمرأة في المساواة مع الرجل أمام القضاء.
على الرغم من أنَّ الدستور المؤقت لعام 1968 قد وعد الشعب العراقي بوضع دستور دائم للبلاد ، إلاّ أنَّ ذلك لم يحدث وعدّل الدستور أربع مرات إلى أن قرر ما يسمى بـ (مجلس قيادة الثورة) إصدار الدستور المؤقت لعام 1970 ، الذي نص في المادة الأولى على أن العراق يهدف (لتحقيق الدولة العربية وإقامة النظام الأشتراكي) .
وقد نص الباب الثالث من هذا الدستور على (الحقوق والواجبات الأساسية) ومنها اعتبار (المواطنين سواسية أمام القانون، دون تفريق بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الدين) ، و (تكافؤ الفرص لجميع المواطنين مضمون في حدود القانون)، و (المتهم بريء حتى تثبت إدانته)، و ( حق الدفاع مقدس في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة)، و (كرامة الإنسان مصونة، ويحرم ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي)، و( للمنازل حرمة ولا يجوز دخولها أو تفتيشها، إلاّ وفق الأصول المحددة بالقانون)، و(لا يجوز منع المواطن من السفر خارج البلاد) ، و (حرية الأديان والمعتقدات وممارسة الشعائر الدينية المكفولة)، و (يكفل الدستور حرية الرأي والنشر والاجتماع والتظاهر وتأسيس الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات) .
وكل هذه الحقوق الأساسية سعت السلطة الحاكمة إلى منعها من الشعب العراقي، وممارسة التسلط على المواطنين، وحظر أي نشاط حزبي أو سياسي أو اقتصادي لا يتلاءم مع مصالح السلطة الحاكمة بحجة أنه يتعارض مع أهداف الشعب كما ورد في المادة (36) من هذا الدستور.
ونطالع في المادة التاسعة عشرة ( أ ) ” المواطنون سواسية أمام القانون، دون تفريق بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الدين”. حيث منحت المرأة حق المساواة أمام القانون أسوة بالرجل .
ونصت الفقرة (ب) من نفس المادة على : ” تكافؤ الفرص لجميع المواطنين مضمون في حدود القانون “. ومنحت المرأة بذلك حقها في العمل أسوة بالرجل .
وجاءت المادة السابعة والعشرون، الفقرة (أ) لتنص على : ” تلتزم الدولة بمكافحة الأمية وتكفل حق التعليم بالمجان في مختلف مراحله الابتدائية والثانوية والجامعية، للمواطنين كافة ” ومنحت المرأة بذلك حقها في التعليم أسوة بالرجل .
وجاء في المادة الثلاثون الفقرة(ب) : ” المساواة في تولي الوظائف العامة يكفلها القانون “. حيث منحت المرأة بذلك الحق في الوظائف العامة أسوة بالرجل . وجاءت الفقرة(د) من المادة نفسها لتنص على : ” تكفل الدولة توفير أوسع الضمانات الاجتماعية للمواطنين كافة، في حالات المرض أو العجز أو البطالة أو الشيخوخة “، حيث منحت المرأة حق الضمان الاجتماعي أسوة بالرجل.
بعد الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ، التي عبرت عن رفض الشعب العراقي للنظام الحاكم، تم الشروع بكتابة نص (مشروع دستور جمهورية العراق)، الذي لم يتم العمل به، لأنه كان للدعاية ولتلميع وجه النظام الدكتاتوري الذي أذاق الشعب العراقي الأمرين .
حيث كان يتضمن هذا الدستور مئة وتسع وسبعون مادة موزعة على ثمان أبواب وهي كالآتي : ( الباب الأول : جمهورية العراق، والباب الثاني : الأسس القانونية والاجتماعية والاقتصادية لجمهورية العراق، والباب الثالث : الحقوق والحريات وضماناتها، والباب الرابع : مؤسسات جمهورية العراق، والباب الخامس : المعاهدات والاتفاقيات الدولية، والباب السادس : تعديل الدستور، والباب السابع : أحكام انتقالية، والباب الثامن : أحكام ختامية).
ونطالع في الفقر أولاً من المادة الثامنة والثلاثون الفصل الأول الحقوق والحريات العامة، الباب الثالث ـ الحقوق والحريات وضماناتها ماهو نصه : ” المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون، ويتمتعون جميعهم بحمايته من غير تمييز : منحت المرأة في ذلك حقها في المساواة أمام القانون أسوة بالرجل .
ومن نفس المادة الفقرة ثانياً نصت على : ” تكافؤ الفرص مضمون لجميع المواطنين في حدود القانون ” ، إذن منحت المرأة في هذه الفقرة الحق في العمل على أساس تكافؤ الفرص مع أخيها الرجل .
منحت المادة التاسعة والأربعون للمرأة والرجل الحق في تولي وظائف الدولة بموجب القانون على أساس المساواة وكان نصها : ” المواطنون متساوون في تولي وظائف الدولة بموجب أحكام القانون “
وعن حق المرأة والرجل في الضمان الاجتماعي جاء نص المادة الحادية والخمسون بالشكل الآتي : ” تكفل الدولة توفير الضمانات والرعاية الاجتماعية للمواطنين في حالات المرض أو العجز أو الشيخوخة بموجب أحكام القانون ” .
وجاء في المادة الثالثة والستون حقاً مشتركاً للمرأة والرجل في الانتخاب والاستفتاء بموجب أحكام الدستور، وهذا نص المادة : ” لكل مواطن الحق في أن ينتخب ويُنتخب . ويشارك في الاستفتاء وفي الحياة العامة، بموجب أحكام الدستور والقانون ” .
وجاء في المادة الخامسة والستون حقاً مشتركاً للمرأة والرجل في التعليم واعتبر إلزامياً يجب تطبيقه وهذا نص المادة : ” تكفل الدولة حق التعليم للمواطنين. ويكون التعليم إلزامياً في المرحلة الابتدائية في الأقل وتكافح الدولة الأمية طبقاً للقانون” .
يعتبر قانون إدارة الدولة العراقية المؤقتة من الدساتير التي عبرت عن ضمير الشعب العراقي، بعد أن تذوق طعم الحرية بسقوط النظام الدكتاتوري الذي تسلط على رقاب الناس سنوات طوال .
وقد ذكرت ديباجة القانون بأن : ( الشعب العراقي الساعي إلى استرداد حريته التي صادرها النظام الاستبدادي السابق، هذا الشعب الرافض للعنف والإكراه بكل اشكالهما، وبوجه خاص عند استخدامهما كأسلوب من أساليب الحكم، وقد صمم على أن يظل شعباً حراً يسوده حكم القانون).
أشتمل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004 ، على اثنتين وستين مادة موزعة على تسعة أبواب وهي كالآتي : ( الباب الأول : المبادىء الأساسية، الباب الثاني : الحقوق الأساسية، الباب الثالث : الحكومة العراقية الانتقالية، الباب الرابع : السلطة التشريعية الانتقالية، الباب الخامس : السلطة التنفيذية الانتقالية، الباب السادس : السلطة القضائية الاتحادية، الباب السابع : المحكمة المختصة والهيئات الوطنية، الباب الثامن : الأقاليم والمحافظات والبلديات والهيئات المحلية، الباب التاسع : المرحلة ما بعد الانتقالية).
ونبدأ في المادة الثانية عشرة من القانون المذكور ونطالع في نصه : ” العراقيون كافة متساوون في حقوقهم بصرف النظر عن الجنس أو الرأي أو المعتقد أو القومية أو الدين أو المذهب أو الأصل، وهم سواء أمام القانون ويمنع التمييز ضد المواطن العراقي على أساس جنسه أو قوميته أو ديانته أو أصله. ولهم الحقّ بالأمن الشخصي وبالحياة والحرية ولا يجوز حرمان أيّ من حياته أو حريته إلاّ وفقاً لإجراءات قانونية، إنَّ الجميع سواسية أمام القضاء”. منحت هذه المادة حقاً للمرأة والرجل في المساواة أمام القانون وكذلك منعت التمييز ضد المرأة والرجل (ويمنع التمييز ضدّ المواطن العراقي على أساس جنسه أو قوميته أو ديانته أو أصله) والمراد بهذه الجملة التمييز ضد المرأة وإن لم ترد كلمة صريحة على ذلك، وكذلك الحق بالأمن والحياة والحرية .
أشارت المادة الرابعة عشرة في نصها : ” للفرد الحق بالأمن والتعليم والعناية الصحية والضمان الاجتماعي، وعلى الدولة العراقية ووحداتها الحكومية وبضمنها الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية، بحدود مواردها ومع الأخذ بالاعتبار الحاجات الحيوية الأخرى أن تسعى لتوفير الرفاه وفرص العمل للشعب”، حقوقاً مشتركة للمرأة والرجل وهي كما وردت واضحة أعلاه (الأمن والتعليم والعناية الصحية والضمان الاجتماعي) .
نصت الفقرة (ب) من المادة العشرون على : ” لا يجوز التمييز ضدّ أيّ عراقي لأغراض التصويت في الانتخابات على أساس الجنس أو الدين أو المذهب أو العرق أو المعتقد أو القومية أو اللغة أو الثروة أو المعرفة بالقراءة والكتابة”، حيث منحت المرأة والرجل حقاً مشتركاً في التصويت للانتخابات.
وفي مسودة الدستور العراقي لعام 2005 والذي قد يعد الأفضل مما سبقه من الدساتير العراقية لما فيه من إشارات واضحة وصريحة لحقوق المرأة وحرياتها حيث تضمن الدستور مئة وثلاث وأربعون مادة دستورية موزعة على ستة أبواب وهي كالآتي : (الباب الأول : المبادىء الأساسية، الباب الثاني : الحقوق والحريات، الباب الثالث : السلطات الاتحادية، الباب الرابع : اختصاصات السلطات الاتحادية، الباب الخامس : سلطات الأقاليم، الباب السادس : الأحكام الختامية والانتقالية) نجد في ديباجة الدستور إشارة إلى الاهتمام بالمرأة وحقوقها.
ولدى قراءتنا المتأنية في دستور عام 2005 للحقوق والواجبات الواردة في مواده وفقراته نجد هناك إشارات واضحة إلى حقوق المرأة المشتركة مع الرجل تارة وحقوق المرأة ككيان مستقل تارة أخرى وهذا ما نلاحظه في نص المادة الرابعة عشرة والتي جاء فيها : ” العراقيون متساوون أمام القانون دون تميز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي “. منحت هذه المادة حقاً للمرأة في المساواة أمام القضاء وتبعتها المادة الخامسة عشرة التي منحت للمرأة حق الأمن والحرية وجاء في نصها : ” لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون وبناءً على قرار صادر عن جهة قضائية مختصة”.
ولم يغفل الدستور الجديد عن حق العمل للمرأة والرجل حيث نصت المادة السادسة عشرة على ذلك باعتباره حقاً للمواطنين على الدولة حيث جاء فيها : ” تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك ” .
ولما كانت الحرية الشخصية حقاً من الحقوق التي تطبقها بلدان العالم المتحضر لم يتردد الدستور الجديد في تثبيت ذلك الحق في مواده حيث جاء في الفقرة (أولاً) من المادة السابعة عشرة ما نصه : ” لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الآخرين والآداب العامة “. حيث كان ذلك الحق مشتركاً بين النساء والرجال سوية .
أدرك المشرعون العراقيون مكانة المرأة السياسية من خلال قراءتهم لتاريخ المرأة ونضالها وما هو الدور الفاعل الذي يمكن أن تقوم به فنجد في الدستور الجديد إشارة واضحة إلى حق المرأة في المشاركة السياسية حيث جاء في المادة العشرين نصه : ” للمواطنين (رجالاً ونساءً) حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح “.
وعن مكانة الأسرة والأمومة والطفولة نجد في المادة التاسعة والعشرون الفقرة أولاً(أ): ” الأسرة أساس المجتمع، وتحافظ الدولة على كيانها وقيمتها الدينية والأخلاقية والوطنية “.
وتلتها الفقرة(ب) من نفس المادة والفقرة لتعطي للمرأة حقها في الأمن حيث جاء في نص الفقرة ( ب ـ أولاً) الآتي : ” تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وترعى النشىء والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم “
ومن حقوق المرأة على الأولاد الاحترام والرعاية حيث منح الدستور العراقي الجديد لعام 2005 ذلك الحق للمرأة والرجل سواء، حيث جاء في نص الفقرة ثانياً من المادة التاسعة والعشرون ما يأتي : ” للأولاد حق على والديهم في التربية والرعاية والتعليم، وللوالدين حق على أولادهم في الاحترام والرعاية، ولا سيما في حالات العوز والعجز والشيخوخة “.
ومن حقوق المرأة حقها في الضمان الاجتماعي، نصت المادة الثلاثون الفقرة أولاً على ذلك الحق حيث جاء : ” تكفل الدولة للفرد وللأسرة وبخاصة الطفل والمرأة الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياة كريمة، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم “.
من حقوق المرأة أيضاً الحياة الكريمة، ولغرض توفير ذلك الحق للمرأة نصت المادة الخامسة والثلاثون الفقرة (ثالثاً) على : “يحرم العمل القسري”السخرة” والعبودية وتجارة العبيد “الرقيق” ويحرم الاتجار بالنساء والأطفال والاتجار بالجنس” .
وجاء في المادة الثامنة والأربعين الفقرة رابعاً حق المرأة في التمثيل السياسي داخل البرلمان حيث كان نصه : “يستهدف قانون الانتخابات تحقيق نسبة تمثيل للنساء لا تقل عن الربع من أعضاء مجلس النواب”.
أشرنا في كل ما ذكر إلى أهم الحقوق التي وردت في دساتير العراق لطيلة ثمانون عام منذ بداية تأسيس الدولة العراقية 1920م ـ ولغاية عام 2005م ، ابتعاداً عن النصوص القانونية (الفرعية) التي تشرح مواد الدستور لكون المواد القانونية قد تدخل !ضمن دراسات فقه القانون والتي قد تجرنا إلى مواضيع بعيدة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً