قراءات في نظام الإشتراك في الأملاك بين الزوجين طبقاً للقانون التونسي.
إعداد السيدة أمال العلويني حرم سعد الله متفقد رئيس للملكية العقارية
عالج المشرع التونسي النظام المالي للزوجين بصدور القانون عدد 91 لسنة 1998 المؤرخ في 9 نوفمبـر 1998، ويعتبر نظام الاشتراك في الأملاك نظام اختياري يجوز للزوجين اختياره عند إبرام عقد الزواج أو بتاريخ لا حق، وهو يهدف إلى جعل عقار أو جملة من العقارات ملكا مشتركا بين الزوجين متى كانت من متعلقات العائلة. إذا صرح الزوجان بأنهما يختاران نظام الاشتراك في الأملاك فإنهما يخضعان إلى أحكام هذا القانـون إلا أنه يحق لهما الاتفاق علي توسيع نطاق الاشتراك بشرط التنصيص علي ذلك صراحة بالعقد.
على أنه لا يمكن أن يؤدي اختيار نظام الإشتراك في الأملاك على المساس بقواعد الإرث باعتبار الإرث مجموع الأموال التي يتركها شخص طبيعي بعد وفاته والتي حدد القانون طرق قسمتها على ورثته حسب درجة قرابة كل واحد منهم بالنسبة إليه.
كما لا يدخل المهر في الأملاك المشتركة ويبقى خاصا بالزوجة لأن المهر هو المال الذي يدفعه الزوج إلى زوجته حين إبرام عقد الزواج والذي يعتبر شرطا من شروط صحة الزواج ( الفصل 3 من مجلة أ ش ) وهو ملك للمرأة ( الفصل 12 من م أ ش ) ويمكن للزوجة أن تطالب بدفع كامل مهرها ويبقى الجزء غير المدفوع من المهر دينا في ذمة الزوج ( 14 من مجلة أ ش ) وإن وقع الطلاق قبل الدخول فلزوجة نصف المسمى في المهر ( 33 من م أ ش ).
كما أنه لا يصح التوكيل علي الزواج إلا إذا تضمن صراحة رأي الموكل في مسألة الاشتراك من عدمه إذ أن التوكيل يعتبر عمل قانوني يعطي بموجبه شخص معين إلى شخص آخرسلطة فعل شيء نيابة عنه بمقابل أو بدونه.
وباعتبار نظام الإشتراك في الأملاك بين الزوجين إختياري وإذا كان الإختيار في حد ذاته هو إمكانية الأخذ أو الترك أي إعطاء أفضلية لأمر معين على آخر يقع استبعاده وإذا كانت الزوجة قاصر ولاتجيد الإختيار فإن إختيارها يتوقف علي موافقة الولي والأم، وإذا امتنع الولي والأم عن الموافقة وتمسك القاصر برغبته لزم رفع الأمر للقاضي وإذا كان القاضي لازما لإبرام عقد الزواج، فإن إختيار نظام الاشتراك في الأملاك يتوقف بدوره على إذنه إن امتنع الولي والأم عن الموافقة على هذا الإختيار.
ويعتبر الزواج المبرم دون تنصيص على رأي الزوجين في نظام الأملاك الزوجية بمثابة الاختيار لنظام التفرقة في الأملاك ومتى كان الاتفاق على الاشتراك في الأملاك لاحقا لإبرام عقد الزواج فإنه يتعين أن يكون بحجة رسمية.
ويشمل الإشتراك في الأملاك العقارات المكتسبة بعد الزواج أو بعد إبرام عقد الاشتراك ما لم تؤول ملكيتها على أحدهما بوجه الإرث أو الهبة أو الوصية، بشرط أن تكون مخصصة لاستعمال العائلة أو لمصلحتها التي هي العقارات المكتسبة بعد الزواج والتي تكتسي صبغة سكنية سواء كان الاستعمال مستمرا أو موسميا أو عرضيا.
إذا استعمل أحد الزوجين مداخيل أو أموال مشتركة لتحسين عقار خاص به أو للزيادة فيه، فإن ذلك العقار يصبح مشتركا بحكم القانون إذا فاقت قيمة الزيادات والتحسينات القيمة الأصلية لذلك العقار عند قيام نظام الاشتراك.
يستوجب إشهار نظام الإشتراك في الأملاك في دفاتر الحالة المدنية من طرف ظابط الحالة المدنية وينص حافظ الملكية العقارية بدفاتره وبالشهائد التي يسلمها على كون المعني بالأمر اختار نظام الاشتراك في الأملاك أو لم يختره.
ينتهي الاشتراك بوفاة أحد الزوجين بالطلاق بفقدان أحدهما أو بتفريق أملاكهما قضائيا، وتظل حالة الاشتراك قائمة حتى تتم تصفية الأملاك المشتركة ويجوز للزوجين أن يتفقا علي تغيير نظام أملاكهما بعد مرور عامين علي الأقل من تاريخ إقامته، ويجب أن تحرر في ذلك حجة رسمية.
وقد يطرح هذا النظام بعض الإشكاليات على مستوى التطبيق إذ تعد تونس أول بلد عربي يصدر نصا قانونيا يهم وضعية النظام المالي بين الزوجين والأصل أن غالبية التشريعات المستمدة من الشريعة الإسلامية تنص على مبدأ إستقلال الذمة المالية للزوجين إلا أن التحولات التي شهدتها وضعية المرأة والأسر والمجتمعات بعد خروج المرأة للعمل وتحولها من شخص معال إلى شخص عائل جعل موضوع الأملاك المكتسبة بين الزوجين من ضمن اّلإشكاليات المطروحة أمام المحاكم وخاصة عند انحلال العلاقة الزوجية بالطلاق ولذلك جعل المشرع التونسي من التفرقة في الأملاك بين الزوجين هو المبدأ.
وإن نطاق هذا القانون يشمل فقط العقارات دون المنقولات نظرا لأهميتها الإقتصادية ويتمتع بالصبغة الإختيارية فللزوجين الأخذ به أو تركهوهو متوقف على الرغبة المشتركة للزوجين سواء ساعة إبرام عقد الزواج أو بصفة لاحقة بموجب عقد مستقل ومن مميزات هذا القانون المرونة والتفصيل إذ أن المشرع أفرد تشريعا خاصا ومستقلا لتنظيم الإشكاليات التي يطرحها نظام الإشتراك في الأموال.
كما أن التطبيق العملي لهذا القانون يثير الكثير من الإشكاليات ولا سيما عند انهاء حالة الشياع بين الزوجين وفي هذا اّلإطار جاء الفصل 18 من القانون المذكور ليحدد الحالات التي ينتهي بها هذا النظام ومنها الطلاق الذي يستوجب عند وقوعه تصفية ثم قسمة الأموال المشتركة ودخولها في الذمة المالية المستقلة لكل واحد منهما إذ ينتج عن حل الزواج بالطلاق انتهاء حالة الإشتراك في الملكية بين الزوجين ولكنه لا يؤدي بالضرورة إلى إلى انتهاء حالة الشيوع لأن حالة الإشتراك تظل قائمة حتى تتم تصفية الأملاك المشتركة وهو ما يعني أنه يمكن للطليقين الإبقاء على حالة الشيوع بينهما، أما في صورة رغبة أحد الزوجين في قسمة الأموال المشتركة فلا بد من تحديد تاريخ طلب القسمة وكيفية قسمة المشترك عند الطلاق.
من الواضح أن المشرع وإن رتب عن الطلاق انتهاء الإشتراك في الأملاك إلا إنه لم يفرض على الزوجين أن يقوما بقسمة المشترك وتصفيته في ّإطار نفس القضية أو في إطار قضية مستقلة ومع ذلك فإن الأفضل جعل قضية القيام بقسمة المشترك وتصفيته لاحقة لقضية الطلاق لأن قسمته لا تتم إلا بعد آداء الديون وإعداد مشروع قسمة فيها خاصة وأن لقضية الطلاق طابعها العائلي وليست ذات طابع مدني ومالي لذا استقر العمل القضائي بالمحاكم التونسية على افراد كل قضية بالنظر على حدة على أن لا يتم طلب القسمة إلا بعد صدور حكم الطلاق.
وقد حدد الفصل 25 من القانون المذكور نصيب كل من الزوجين في النصف سواء كانت القسمة رضائية أو قضائية، وان كانت القسمة الرضائية لا تثير إشكالا باعتبارها تقوم على التراضي فإن القسمة القضائية تطرح إشكالا بخصوص إثبات الملكية المشتركة موضوع طلب القسمة.
وفي الختام فقد كان الهدف من هذه القراءة للقانون عدد 91 لسنة 1998 المؤرخ في 9 نوفمبر 1998 تسليط الضوء على أهم ما جاء به نظام الإشتراك في الأملاك وخاصة الإشكاليات العملية المطروحة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً