ظاهرة الطلاق الأسباب والنتائج / للقاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
جعل الله عز وجل العلاقة الزوجية من أعظم العلاقات الاجتماعية واعتبر عقد الزواج من أهم العقود وجعل الزواج ميثاقا غليظا فالعلاقة الزوجية أساسها المودة والرحمة والاحترام وهي رابطة مقدسة فبالزواج تتكون الأسر ويتكون المجتمع وهي أساس استمرار حياة الإنسان و تعتبر ظاهرة الطلاق ظاهرة خطيرة في المجتمع تؤدي إلى خراب البيوت وتمزق الأسر فافتراق الزوجين بالطلاق كثيرا مايؤدي إلى إحداث التوتر والتمزق وخلق العداوات بين أسرتي الزوجين و أقاربهما والطلاق ظاهرة معروفة لدى الأمم القديمة في حضارة وادي الرافدين في قوانين حمو رابي و ارو نمو و في قانون لبت عشتار و قانون اشنونا كما عرفت ظاهرة الطلاق في حضارة وادي النيل وفي حضارات الشرق الأقصى في الهند والصين كما نظمت الشريعة الإسلامية إحكام الطلاق والذي اعتبرته ابغض الحلال عند الله
و يهتز له عرش الرحمن و الإسلام اقر هذا النظام باعتباره يحقق مصلحة الأسرة و الأمة بشكل يكون بعيدا عن التعسف فهو لم يسمح للرجل إن يعتبر المرأة سلعة تباع وتشترى بل اقر للمرأة مكانتها و حقوقها الطبيعية ووضع للطلاق أركانا و شروطا وحدد له حدودا و فرض على إرادة الزوج قيودا بحيث لن يتمكن من إن يعتبره عملا كيفيا يقدم علية متى شاء ولأي سبب أراد وحرصا على استمرار الحياة الزوجية وتشجيعا على عدم الانصياع لبوادر الشقاق والكراهية بين الزوجين فقد تدرجت الشريعة الإسلامية في مراحل وقوع الطلاق بالموعظة والهجر في المضاجع والصلح والتحكيم وان المشرع العراقي في قانون الأحوال الشخصية رقم 118 لسنة 1959قد حدد حالات الطلاق ومنها الطلاق الرجعي و الطلاق الخلعي و التفريق القضائي لأسباب منها التفريق للضرر وهي إذا اضر احد الزوجين بالأخر ضررا يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية كا دمان الزوج على تناول المسكرات و المخدرات ولعب القمار و التفريق بسبب استحكام الخلافات الزوجية والمشاكل المستعصية التي لا تنفع معها إن تستمر الرابطة الزوجية ومنها اعتداء الزوج على زوجته بالضرب المبرح الذي يسبب لها إضرارا جسيمة مختلفة تخرج عن حق الزوج في تأديب زوجته المقرر شرعا وقانونا و يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية كما يعتبر اتهام الزوج لزوجته بأمور مخلة بالشرف يعتبر ضررا جسيما تتعذر معه إن تستمر الحياة الزوجية و التفريق للخيانة الزوجية و عدم الإنفاق أو الامتناع عن أداء النفقة المتراكمة وهجر الزوج لزوجته و إصابة الزوج بمرض لا يستطيع معه القيام بواجباته الزوجية كالإصابة بالعنة كما قد يقع التفريق بسبب الإصابة بالعقم أو مرض من الإمراض المعدية كالجذام و البرص و السل
و إن ما يقف وراء الطلاق العديد من الأسباب منها الأسباب الاجتماعية و الاقتصادية و العائلية فالزواج يجب إن يكون أساسة متينا لكي تدوم فكلما كان الأساس قويا كان بناء الأسرة متينا إما إن تكون العلاقة سطحية مبنية على فقدان الثقة بين الزوجين و الشك و سوء النية فان الأساس يكون هشا سريع الانهيار و الانحلال لان الإقدام على الزواج يجب إن يكون بتفكير و حسن اختيار الشريك ومن الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق منها الزواج في سن مبكر واعتماد الزوج على والدة في تحمل تكاليف الزواج وعدم تحمل المسؤولية وهو في سن لاتفهم معنى تكوين الأسرة وتحمل مسؤولية الإنفاق على الزوجة و سرعة اختبار الزوجة دون معرفة عادات وتقاليد وسلوك الزوج الأخر وسوء الاختيار و تدخل إفراد من عائلة الزوجين في الحياة الزوجية وخلقهم المشاكل بين الزوجين فكثيرا من الأحيان لا توجد أي مشكلة أو خلاف بينهما ولكن تدخل أهل الزوج أو أهل الزوجية يساهم في تدمير الرابطة الزوجية خاصة إذا كان الزوجين يسكنان مع أهل الزوج أو الزوجة و لا يستقلون في سكن مستقل
بالإضافة إلى التقنية الحديثة التي دخلت في جميع البيوت و منها استعمال الهاتف النقال ( الموبايل) الذي يولد الشك بين الزوجين في استعماله في علاقات مشبوهة لا تستقيم مع الحياة الزوجية خاصة إذا كانت الثقة منعدمة بين الزوجين والابتعاد عن المصارحة بين الزوجين و ازالة الشك و استخدام الانترنت و دخول الثقافات الغريبة عن المجتمع و منها ما تعرضه بعض القنوات الفضائية من مسلسلات مدبلجة و برامج لا تتلاءم مع الواقع الاجتماعي و ثقافة التقليد الخاطئ و من الأسباب التي تودي إلى الطلاق زواج الزوج من زوجة أخرى والذي جعلها القانون العراقي سببا من أسباب التفريق حيث تجد الكثير من الزوجات بعدم حق الزوج بالزواج من زوجة ثانية تتسع الخلافات و لا يستطيع الزوج التوفيق بين الزوجتين
حيث إن ذلك مما يودي إلى انحلال الرابطة الزوجية و تقف الأسباب الاقتصادية سببا لوقوع الطلاق ومنها البطالة فالزوج مكلف شرعا و قانونا بالإنفاق على الزوجة وعدم الإنفاق يترتب علية إن تنهار العلاقة الزوجية فقد لا يجد الزوج فرصة العمل لتوفير النفقة للزوجة و الأطفال وفي بعض الحالات يجد الزوج في ارتفاع موارده المعيشية كارتفاع الرواتب و الحالة المالية في إن تحصل المشاكل بين الزوجين وتودي إلى وقوع الطلاق فالكثير من الموظفين يعمد إلى الزواج بزوجة أخرى عند زيادة الراتب مما تحدث معه المشاكل مع الزوجة الأولى تودي إلى الطلاق في حين يجد البعض من الرجال إن الزواج من موظفة يوفر له مورد خاصة إذا كان الزواج يعاني من البطالة وعدم العمل فالعلاقة بين الزوجين لاتعدو إن تكون علاقة مبنية على الطمع والاستغلال المالي فقط وقد يجد بعض البنات من إن الزواج برجل ثري و يقف الفارق في المستوى الاجتماعي والثقافي والوظيفي سببا في وقوع الطلاق لان الزوج قد لا يتكيف مع الزوجة بسبب الفارق في المستوى الثقافي كان يكون احد الزوجين متخرجا في حين يجهل الزوج الأخر القراءة والكتابة وكذلك الفارق الوظيفي كما تساهم المشاكل الأسرية بين الأسر المتزوجة من الاقا رب خصوصا تزوج الأشقاء من الشقيقات وحدوث المشاكل بينهم في حدوث المشاكل والطلاق اضطررا لأسباب اجتماعية ويترتب على وقوع الطلاق نتائج لا يقتصر أثرها على الزوجين بل يعم أثرها على المجتمع لان اثأر انهيار الرابطة الزوجية تتجاوز الزوجين إلى الأولاد بالدرجة الأولى و إلا قارب بالدرجة الثانية والمجتمع بالدرجة الثالثة فالاولاد يفقدون حنان إلام و رعاية الأب فيصبحون هم و الايتام على قدم السواء في التشرد والحرمان من التوجيه والعطف و الرعاية و التربية
و النتائج السلبية على المجتمع في مجال انتشار الجهل والفقر و تفشي الجرائم إن المحافظة على الحياة الزوجية تتطلب تحمل من قبل الزوجين لا علاقة طارئة سرعان ما تنتهي لأبسط الأسباب التي لا ترتقي لوقوع الطلاق لذلك فان القضاء لا يتسرع في الحكم في التفريق القضائي بين الزوجين لاصلاح ذات البين بينهم و إحالتهما إلى البحث الاجتماعي ومحاولة تقريب وجهات النظر و الإصلاح و تجاوز الخلافات عن طريق التفاهم و التعاون بين الزوجين وان المحافظة على كيان الأسرة من الطلاق يساهم في تقوية الأواصر و تماسك المجتمع .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً