التعديلات الواردة على اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية والخاصة بالمحكمة التجارية
بقلم: حـازم المدني
المحامي و المؤسس
بتاريخ 9/6/1439 هـ الموافق 25/2/2018 م، صدر قرار من وزير العدل، رئيس المجلس الأعلى للقضاء القاضي بتعديل بعض المواد الخاصة باللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية، فقد كانت أغلب تلك التعديلات صبت في مصلحة القضاء التجارية إيماناً بأهميته، والذي إستقل مؤخراً من مظلة ديوان المظالم وأصبح تحت مظلة وزارة العدل.
وجاءت تلك التعديلات والتي كان القضاء التجاري بأمس الحاجة لها، مراعية في ذلك أهمية عامل الوقت بالنسبة للتجار ودعم العمل التجاري بالمملكة، دون الإخلال بجودة الأحكام وعدالتها.
فجاءت بعض تلك التعديلات على شكل مدد ألزمت المحاكم التجارية بتحديد موعد الجلسة الأولى بما لا يتجاوز العشرين يوماً من تاريخ قيد لدى إدارة المحكمة. مما ساعد على أعمال هذا الشرط في التقنية، فالتعديلات السابقة الوارد على طرق التبليغ المدعي علي إلكترونياً جعل هذا الشرط منطقي الوجود وقابلاً للتطبيق بسهولة. الأمر الذي راعى تماماً أهمية الوقت بالنسبة للتجار، حيث كان سابقاً قد إستغرق الأمر أكثر من شهرين من قيد الدعوى لدى إدارة المحكمة حتى موعد الجلسة الأولى تاركاً المجال للمدعي بأن يقوم بتبليغ المدعى عليه بحسب الطرق المعمول بها سابقاً بموجب النظام.
وجاء أيضاً إنهاء تام وحسم للجدل والنقاض فيها يتعلق بقبول القاضي نظر الدعوى والبت في أمر الإختصاص بأنواعه، فقد كان في السابق الأمر متروك لقضاة الدائرة من نظر الأمر الإختصاص مهما كان نوعه في أي مرحلة من مراحل الدعوى. فكان من الوارد جداً أن يحكم القاضي برد الدعوى لعدم إختصاص محكمته بنظرها في أي وقت، الأمر الذي أضر بالمتقاضين بشكل كبير، فجاء نص المادة (56/3) من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية حاسماً وملزماً للقاضي بأن يتحقق من المسائل الأولية المتعلقة بالإختصاص وشروط قبول الطعوى في الجلسة الأولى وأن يُبت فيها، الأمر الذي سيحفظ الكثير من الوقت والجهد على المتقاضين. كما تجدر الإشارة بأن هذا النص لم يكن حصراً على القضاء التجاري بشكل خاص، وإنما شمل كافة أنواع القضايا الأخرى والمحاكم كذلك ومنها على سبيل المثال المحكمة العامة والتي تتبع نظام المرافعات الشرعية إجرائياً لها.
ومن باب التسهيل على المتقاضين في القضاء التجاري ونظراً لأهميته الوقت لدى التجار، ولغايات سرعة البت في الدعاوى التجارية، فقد أذنت اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية للمحكمة من أن تمكن الأطراف من تبادل المذكرات والمستندات من خلال إدارة المحكمة خلال مدة لا تتجاوز 90 يوماً، على أن يتضمن قرار القاضي السماح لعملية التبادل تحديداً عدد المذكرات المتبادلة، وموعد إيداع كل منها، وموعد الجلسة التالية، وأن لا يتجاوز عدد الجلسات أكثر من 3 جلسات للمرافعة بعد تبليغ المدعى عليه. حيث كان في السابق إنعقاد العديد من جلسات لتبادل المذكرات والمرافعة والردود دون ان يكون هناك تحديد للعدد، مما سمح للخصم المماطل الفرصة بالمماطلة من خلال تكرار نفس الردود في العديد من المذكرات دون مبرر، مرهقاً المدعي والقضاء دون أي مبرر.
ومن باب المحافظة على الوقت في القضاء التجاري، فقد ألزمت اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية الخبير المعين من القاضي بالمحكمة التجارية بأن يودع تقرير الخبرة لدى إدارة المحكمة خلال مدة أقصاها 60 يوماً من تاريخ تكليفه، وفي حال عدم تمكنه من ذلك، فللمحكمة أن تمدد تلك المدة بما لا يتجاوز 30 يوماً إضافية.
ولضمان العدالة وجودة الأحكام القضائية في القضاء التجاري بشكل خاص فقد أذنت اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية مناقشة الأطرف الشاهد لشهادته مباشرة وذلك تحت إشراف القاضي التجاري، كما سمحت تلك التعديلات أن يطلب طرف من أطراف الدعوى “سواء أكان المدعي أو المدعى عليه” مالدى الطرف الأخر من مستندات إذا كان لها علاقة بالدعوى أو تؤدي على إظهار الحقيقة وللمحكمة أن تأمر بتقديمها أو الإطلاع عليها بحسب مقتضى الحال، ومن تلك المستندات الدفاتر المحاسبة “على سبيل المثال لا الحصر” التي أوجدت أنظمة أخرى على التاجر مسكها.
إن في هذه التعديلات للائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية إسهام عظيم في رفع جودة القضاء التجاري من حيث الوقت والعدالة على حد سواء ونطمح أن تتم هذه التعديلات أيضاً على أنظمة إجرائية أخرى مستقبلاً.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً