هيئة المحامين .. دعوة لتصحيح المسار
د . عبد المحسن بن محمد المحرج
محامي ومستشار قانوني
استبشر المحامون في يوم 8/7/1436 بصدور قرار مجلس الوزراء القاضي بالموافقة على تنظيم هيئة المحامين ، والذي طال انتظاره ، وبدأت الجهود الحثيثة من معالي وزير العدل ومجلس الإدارة ؛ لإنجاح هذا الكيان ، ليقين الجميع بأهمية قطاع المحاماة في رفع مستوى الجاذبية والتنافسية في بيئة الأعمال .
تشكّل المجلسُ وفق نصوص التنظيم برئاسة معالي الوزير وتمثيلٍ من جهات رسمية مختلفة ، ومجموعة مميزة من الزملاء المحامين الذين عُرفوا بجهودهم في خدمة المهنة ، وقد نصت المادة (11) من تنظيم الهيئة على أن (تكون مدة المجلس ثلاث سنوات) ، أي أننا وصلنا إلى هذا الأجل ، مما يعني أننا في حاجة ملحّة لتقييم الجهود وترتيب الأوراق قبل مَقدم مجلس جديد .
انطلقت الهيئة مستحثة الخطى بفعاليات وأعمال لابد من شكرها عليها ، وقد لمس المهتمون أثرها ، وليست الهيئة في حاجة إلى المديح ، فكوادرها تقوم بعملها بكل إخلاصٍ وإرادة للنفع العام وليس لتحقيق مصالح شخصية ،ومع إيماني بأن مرحلة التأسيس مرهقة ومعقدة ، إلا أن الزملاء العاملين في الهيئة نهضوا بها وأسسوا قواعدها الأولى ، وقد جاء هذا المقال من باب طرح بعض الآراء التي قد لا تُعرف إلا من خلال تنوع القنوات .
تتشكل نقابات وهيئات المحامين في الدول التي يعلو فيها تطبيق النظام ، وفق أسس ومنطلقات مهمة ، من أبرزها :
1- تمكين المحامين من أداء أعمالهم دون مضايقة .
2- إثبات أهمية دورهم في تحقيق ضمانات العدالة ، أمام جميع الجهات التي لأعمالهم صلة بها .
3- الدفاع عن حقوقهم ومعرفة واجباتهم .
وغيرها مما هو ذائع ومعروف في منشورات تلكم الهيئات والنقابات .
إذن . هيئة المحامين هي المظلة التي يستظل بها المحامون ، وتُسمع أصواتهم ومطالباتهم من خلالها ، وهي التي تجمع الشمل وتقرّب وجهات النظر بين منسوبيها ، وحيث وجدتُ دقة في عرض الهيئة لأعمالها بالأرقام وحرصاً في توثيق الفعاليات والجهود ، ثارت لدي جملة من الأسئلة التي أرى أهميتها ، ويمكن أن نستوحي من الإجابة عليها فوائد ترشدنا في المرحلة الجديدة ، وتساعد المجلس الجديد لمعرفة الواقع :
1- كم عدد المنتسبين في الهيئة من المحامين المرخصين ؟! .
2- هل سعت الهيئة لاحتواء المحامين ممن لهم وجهات نظر على بعض اجتهاداتها ؟
3- هل كان حساب الهيئة في برنامج ( تويتر ) يعكس احترافية في التعامل مع الإعلام ؟
4- لماذا خرجت بعض التغريدات بشكل أثار حفيظة جملة من الممارسين ، ثم استُدرك الأمر بحذفها ؟
5– ماذا قدمت الهيئة للمحامين الذين التزموا بسداد الرسوم لكل الأعوام ؟ وهي رسوم تفوق الرسوم القديمة ؟
6- هل لمس المحامون أثراً لجهد الهيئة في احترام عملهم أمام المحاكم والنيابة ومراكز الشرط ؟
7– لماذا سارعت الهيئة بنشر لوائح كثيرة ومؤثرة دون أن تطلب من الممارسين المشاركة في تأسيسها وتكوين أفكارها منذ البدء ؟
8– هل استنساخ تجارب من بيئات مختلفة وتقديمها في لوائح كاملة أسلوب مناسب لهيئة حديثة ؟
9- ماذا قدمت الهيئة للمتدربين والمتدربات في مكاتب المحاماة ؟ وهل كان لها رأي في إضافة المائة ساعة تدريبية عليهم ؟
10- ماذا قدمت الهيئة في مواجهة منتحلي صفة المحامين ؟
هذه الأسئلة وغيرها مما لا يتسع لها المقام ، جديرة بالبحث ، ولعلها تكون بذرة لإعادة رسم المسار ، والعمل بواقعية ، كما أنه لن يتمكن من وضع اليد على الجرح ومعالجته إلا من مارس في الميدان وأدرك الصعوبات ، فالتنظير أو الاستنساخ المجرد لبعض التجارب ، يخرج لنا منتجاً خليطاً لا يصلح لأي من البيئتين .
وفيما يلي سأعلق تعليقاً مختصراً على بعض الأسئلة ، فمثلاً :
1- أرى أن ما قامت به الهيئة الموقرة من طرح للوائح (بهذا الكم) هو تكلّف تشريعي لا يتناسب مع عمرها ، وطريقة تقديم اللائحة جاهزة دون عقد ورش سابقة يشترك فيها ” الممارسون” هو خلل يجب مراعاته مستقبلاً ، وتكمن الخطورة في احتمالية الموافقة على بعضها بجمعية ثانية تنعقد بمن حضر، مما يتطلب التحوط الشديد عند صياغتها ابتداءاً .
2- كتبتُ مقالاً سابقاً في هذه الصحيفة عن المتدربين والمتدربات ، وأكدت فيه على ضرورة الاهتمام بحقوقهم والمسارعة في تذييل الصعاب أمامهم ، وقبل أيام انطلقت دعوة لملتقيات من أجل سماع متطلباتهم ، وهذا أمر محمود ، لكنه في نظري متأخر جداً ، وأرجو أن لا يكون لقرب الانتخابات علاقة .
3- تمنيت أن يكون للهيئة دور مركز في حل الإشكالات التي يواجهها أصحاب المكاتب من المحامين ، لا أن تنصبّ جلّ الجهود على الفعاليات الإعلامية .
وختاماً :
فإن الاهتمام بأهل الهيئة الأساسيين ومعرفة سبب عزوف الكثير منهم هو المنطلق لـ :
1- إصلاح الإشكالات داخل المكاتب ، وبالتالي تكون متهيأة للنجاح والتوسع والمشاركة الفاعلة في السوق .
2- الاطلاع الدقيق على العقبات الحقيقية في الميدان ، المبنية على التجارب الواقعية، لاطرح الافتراضات التنظيرية ، التي تشعرنا بالمثالية المفتقرة للحلول ، والنتيجة إطالة زمن المشكلة .
3- إدراك الأولويات التي يحتاجها السوق ، فلا يمكن في مدة قليلة ، أن نفعل كل شيء ، ومن حرص على كل شيء دون مراعاة لعامل الوقت أضاع كل شيء .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً