النظرية الشخصية و النظرية الموضوعية بين التكامل و صعوبة التمييز
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على خير الورى محمد بن عبد الله
تعد كل من النظرية الشخصية و النظرية الموضوعية نظامين يتسارعان منذ أمد بعيد على تنظيم و تأطير القانون التجاري تحديد نطاقه
و الغالب أن غالبية المهتمين والباحثين و الطلبة في الشأن القانوني سيعتبرون أن الحديث عن هاتان النظريتين مستهلك ومعلوم لذا الجمي
غير أني أرى أن صغائر الأمور هي أعقدها في الواقع، و قد وجدت صعوبة في إستيعاب الفرق بين النظريتين و لما وقفت عليه وجدت صعوبة في تبليغه لغيري و جعله يستوعبه، ولتوضيح هذا التشابك بين النظريتين نطرح الأفكار التالية ؛
أولا : النظرية الموضوعية أو نظرية الأعمال التجارية هي نظرية تعتبر أن القانون التجاري هو قانون الأعمال التجارية أي أنه يطبق على الأعمال التجارية بغض النظر عن الشخص القائم بها
ثانيا : النظرية الشخصية أو نظرية الأنشطة التجارية هي نظرية تعتبر أن القانون التجاري هو قانون يطبق على فئة من الأشخاص هم التجار بغض النظر عن الأعمال التي يقومون بها أهي تجارية أم لا، و هذا مفهوم النظرية بمعناها الطائفي و لها مفهوم آخر حديث و دلالات آخرى بمفهومها الإقتصادي (سنراه كإضافة في آخر المقال) و التنموي
ثالثا : نرجع للأعمال التجارية؛ هي أعمال تعد تجارية بغض النظر عن القائم بها، لكن هذه الأعمال لا تعمل وحدها و لا وجود لها بدون فاعل و إذا كان الأمر كذلك فما محل القائم بتلك الأعمال من الإعراب، تجيبنا النظرية بأن القائم بهذه الأعمال على وجه الإحتراف يكتسب الصفة التجارية لإخضاعه لإلتزامات معينة ليس إلا
رابعا : نرجع للأنشطة التجارية؛ و هي التي تعتبر أن التاجر هو الذي يطبق عليه القانون التجاري، لكن هذا الشخص لماذا نسميه تاجر هل ولد بهذا الإسم ؟ لا طبعا و إنما يكتسب الصفة التجارية إذا مارس أعمالا تجارية ( أذكر أني أتحدث عن هذه النظرية في مفهومها الطائفي أو التقليدي) و بالتالي إكتسابه لتلك الصفة مرتبط بممارسة أعمال معينة
خامسا : وهنا يحصل الإرتباك و الغموض لأنه في الأخير نصل إلى كون هاتين النظريتين مرتبطتين بكل من الشخص و العمل أي بالفاعل و الفعل
سادسا : قبل أن أقول الفرق الذي وقفت عليه و الذي ليس فيه لبس، أحدثكم بإيجاز عن النظرية الشخصية في مفهومها الحديث هذه النظرية لا تقوم على أساس طائفي و إنما على أساس إقتصادي و إجتماعي و تنموي أي تعتبر أن التاجر هو الذي يمارس نشاطا تجاريا على سبيل الإحتراف أو الإعتياد( مع ما يؤاخذه الفقه على هذ المعيار) و معنى ذلك أن الشخص يعد تاجرا إذا مارس نشاط تجاري على شكل مقاولة أي خطة إقتصادية و نشاط منظم و مبرمج قائم على عناصر مادية و قانونية و بشرية و هذا المفهوم الذي تأخذ به مدونة التجارة لسنة 1996، ( و سأقدم لاحقا مقالا حول هذه النظرية و تأثيرها على مدونة التجارة المغربية) و بخصوص الفرق فإنه يتمثل في كون النظرية الموضوعية تجعل من العمل يكتسب الصفة التجارية ذاتيا و تلقائيا و بمعنى آخر من الولادة، و لهذا ظهرت الأعمال التجارية العارضة و المطلقة وهي النظرية التي أخذت بها مدونة التجارة المنسوخة لسنة 1913، أما النظرية الشخصية فإنها تحكم على النشاط بكونه لن يكتسب الصفة التجارية إلا إذا مارسه الشخص إحترافا أو إعتيادا
بقلم الطالب الباحث : كريم أكدي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً