20 بندا حول اللائحة التنفيذية لرسوم الأراضي
كان إستبشار الناس بقرار مجلس الشورى لدعم قرار رسوم الأراضي مبرراً ومنطقياً ، فرحة أكثر الناس قائمة على فرضية أن الرسوم ستخفض أسعار الأراضي لتكون في متناول المواطنين من الباحثين عن سكن مناسب لهم في وطنهم . وهذا هو المتوقع ، وإن لم يكن الإنخفاض فعلى الأقل كبح جماح الإرتفاع ، وهذا كله سيعتمد حول إعتماد قرار الرسوم من مجلس الوزراء ، وتحديد آليات التنفيذ ، وتوصيف الأراضي البيضاء ، وقيمة الرسوم المفروضة ، والبرنامج الزمني للتطبيق ، وإمكانية تحقق ذلك كله في ظروف طبيعية وصحية للسوق . يعتبر إغلاق هذا الملف من أولويات الحل ، حيث يعلق عليه المجتمع والكثير من المسئولين تقاعسهم في ايجاد الحلول ، فإذا ما تم إقرار الرسوم سنجد أنفسنا أمام واقع نتعايش معه للبحث عن الحلول الطبيعية والمنطقية الأخرى لحل مشكلة الاسكان والتي يعتبر سعر الأرض أحدها فقط .

معضلة ملف الإسكان كما يراها الكثير ، هي الأراضي البيضاء داخل المدن ، خاصة تلك الأراضي بعشرات الآلاف من الأمتار ومئاتها وملايينها ، ولكن هل تأخر البناء على هذه الأراضي سببه الملاك فقط؟ أم جهات أخرى تنظيمية تُعقد إجراءات التخطيط والتطوير مثل وزارة البلديات والأمانات التابعة لها والهيئات العليا لتطوير المدن؟ لا يمكن أن نغفل عن الخلل الحقيقي لوجود هذه الأراضي البيضاء ، وهو تلك المنح غير المشروعة لهذه الأراضي ، فيما يزيد عن ما هو مناسب للسكن!! والأصل أن يتم إعادتها إلى أملاك الدولة لتتولى التصرف فيها بوجهها الصحيح .

وعلى أضعف الأحوال لو طبقت عليها أحكام إحياء الأرض لوجدنا أن الأرض المحياة بالزراعة يسقط حق التملك عليها إذا لم تزرع ، والأراضي السكنية أولى بالتطبيق ، فإن كانت الأرض ممنوحة ولم يتم تخطيطها وتطويرها والبناء عليها خلال مدة محددة فيجب أن تسحب من الممنوحة لهم ، وفي رأيي أن هذا سيحدث نقلة كبرى في ضخ الأراضي الصالحة للسكن في وسط المدن أو ضواحيها أو خارجها ، وسيعيد الكثير من أراضي المنح لأملاك الدولة لتعيد التصرف فيه وفق المصلحة العامة .

من المهم أن نتحدث عن مقومات تطبيق مثل هذا القرار ليشكل إضافة حقيقية حول حل أحجية الإسكان هذا القرار الذي جاء في سياق الحلول الإسكانية للمواطنين ، واللائحة التنفيذية المتوقعة لتنظيم تطبيق الرسوم هي لب ما يجب الترتيب له ، وفي رأيي أن من أبرز ما يجب أخذه في الإعتبار في اللائحة ما يلي:

1. تحديد الجهات ذات الإختصاص بالتطبيق ، وهذا هو أحد النقاط الرئيسية للتطبيق ، والتى آرى أنه لن يخرج عن أربع جهات وهي وزارة الشوؤن البلدية والقروية ، وزارة الإسكان ، وزارة التجارة ، مصلحة الزكاة والدخل ، وقد تكون الأخيرة هي الأقرب بحكم قدرتها على التعامل مع التحصيل والإعتراضات والتشابه بين الرسوم والضرائب .

2. التفرقة بين الأراضي التجارية والأخرى السكنية وأراضي المرافق ، فإقتصاديات وقرارات البناء للتجاري والمرافق مختلفة تماماً عن السكني .

3. قبل البدء في التطبيق يجب إنهاء التسجيل العيني للعقار وخاصة في المدن الكبرى .

4. التدرج في التطبيق من حيث المدن حسب الحاجة والندرة ؛ فيبدأ بالمدن الكبرى والأكثر حاجة للسكن ، ثم الأصغر وهكذا.

5. التدرج في التطبيق من حيث المساحة بحيث يتم البدء بالأراضي الخام ، ثم بالمساحات الأكبر فالأصغر .

6. تحديد الحد الأدنى للمساحة المطبق عليها الرسوم ، وفي رأيي أن الرسوم يجب أن لا تطبق على أي أرض مساحتها أقل من 1500 متر ، على أن يتم التطبيق على مجموع المساحات التي يملكها الشخص في المدينة الواحدة ، والتي أرى أن لا تطبق على مجموع المساحات الا إذا زادت عن 3 آلاف متر في المدينة الواحدة.

7. وضع حلول للتعامل مع الأراضي ذوات الطبيعة الخاصة ، مثل أراضي الأيتام والقصر ، الأراضي غير المعروف ملاكها ، أراضي الأوقاف ، الأراضي المرهونة لدى البنوك مقابل تمويلات عقارية ، أراضي المساهمات العقارية المعطلة ، الأراضي المتنازع عليها أو المعطلة بقرارات من المحاكم .

8. وضع آليات متفق عليها مع المحاكم ، للنظر في دعاوى المتضررين ، حتى لا نفاجأ لاحقاً بقضايا تعطل التطبيق .

9. وضع آليات للأراضي التي تعطل البناء عليها بسبب إجراءات البلديات ، أو إيقاف التخطيط ، أو النزاع مع الجهات الرسمية ذات العلاقة .

10. تحديد الآليات عند وجود مشكلة في إيصال البنية والخدمات الأساسية لهذه الأراضي وأهمها الكهرباء . 11. تحديد آليات تقييم الأراضي ، ومحدداتها .

12. تحديد المخالفات الخاصة بالنظام ، والعقوبات عليها ، والأهم أن تكون المخالفات وعقوباتها منطقية ومعقولة وقابلة للتطبيق .

13. تحديد فترة السماح ما بين شراء الأرض (أو بدء تطبيق النظام) ، وبداية تطبيق الرسوم .

14. تحديد حدود القطع التي تعتبر منهية لوضع الإرض الفضاء ، مثل أن يكون الحصول على التصريح ، التسوير ، بدء البناء ، تعيين المقاول .. الخ .

15. معالجة إشكالية الأراضي البيضاء المؤجرة ، ومتى ينطبق عليها الرسوم .

16. تحديد مساحة المباني التي يتم الإعتبار بها لتكون الأرض غير بيضاء ، وبالتالي لا تنطبق عليها الرسوم ، وأعتقد أن الأرض تكون سوداء إذا بلغت مساحة البناء 30% أو أكثر .

17. تحديد العلاقة بين الرسوم والزكاة ، وهل يعفى دافعي الرسوم من الزكاة شرعاً (وهذه تحتاج إلى فتوى من الجهة الشرعية المختصة) .

18. تحديد واضح لتاريخ سنوي لسداد الرسوم ، وربطه بموعد محدد ، أو بمدة معينة من تاريخ الشراء ، أو تاريخ التطبيق ، وفي رأيي إن هذه يجب أن لا تقل عن 3 سنوات على الأراضي البيضاء وقت التطبيق .

19. تحديد إستخدامات هذه الرسوم ، بحيث تساهم في حل مشاكل البنية التحتية ، وإيصال الخدمات للأراضي البيضاء ، أو تحول إلى مساهمة في بنك الإسكان ، أو يعطى بها قروض مجانية للإسكان .. الخ . وبالتالي فمحصلة الرسوم تصب في قنطرة القضاء على مشكلة الإسكان .

20. المرونة في التطبيق بحيث تعطي الوزير المسئول صلاحيات واسعة في التنظيم ، حتى يمكن التجاوب مع إحتياجات السوق ، والأخذ في الإعتبار الإختلافات المنطقية بين المدن والعرض والطلب والزمان والمكان . من المهم الأخذ في الإعتبار أن تحويل الأراضي البيضاء ، إلى أراضي مستخدمة يحتاج العديد من السياسات والإجراءات والرخص والأنظمة الفرعية ، التي يشتكي منها الكثير بدء من المواطنين ملاك الأراضي الصغيرة ، إلى الهوامير الكبار أصحاب المنح المجانية ، مروراً بالمطورين والمستثمرين والإستشاريين والمقاولين .. الخ ، فإذا لم نجد حلول ديناميكية لهذه المنظومة ككل ، فإن نتائج الرسوم على الأراضي ستكون حبراً على ورق ، بدون نتيجة ملموسة على أرض الواقع .

ختاماً .. لا أخفي قلقي من رسوم الأراضي ؛ هو أنها قد تكون مقدمة وبداية لتطبيق سلسلة تبدأ ولا تنتهي من الضرائب على المواطن ، وسنجد آنذاك من يدافع وينافح عن أسباب ومبررات هذه الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة بحجة المصلحة العامة التي لا يراها إلا هُم .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت