مصادر القاعدة الدستورية والقانونية للاختصاص القضائي للمحكمة الاتحادية العليا في العراق
القاضي سالم روضان الموسوي
إن جميع القرارات التي أصدرتها المحكمة الاتحادية لغاية يوم 15/11/2018 والتي ناهزت (1000) ألف قرار منذ تشكيلها عام 2005 عدا قراراتها التفسيرية او التي كانت تنظرها بصفتها محكمة تمييز في قرارات القضاء الإداري وتم نشرتها عبر موقعها الالكتروني كانت قد أشارت فيها إلى سندها الدستوري والغاية من ذلك هو بيان المرجعية الدستورية لعمل المحكمة الاتحادية بوصفها القضاء الدستوري في العراق ودلالة الإشارة إلى تلك المواد هو بيان السند الدستوري أو القانوني الذي تأسست عليه عقيدة المحكمة من جهة الاختصاص او من جهة الموضوع محل النزاع لذلك فان هذه القواعد تكون دستورية منصوص عليها في الدستور النافذ لعام 2005 ونصوص قانونية صادرة بموجب قوانين نافذة وسأقصر الأمر على القواعد الدستورية والقانونية لاختصاص المحكمة الدستورية في نظر المنازعات الدستورية أو التفسير الدستوري وكذلك الاختصاصات الأخرى التي تختص بها المحكمة الاتحادية العليا وسأعرض لها على وفق الآتي :
أولاً : القواعد الدستورية: ان القواعد الدستورية التي حددت اختصاص المحكمة الاتحادية العليا وردت في عدة مواد من الدستور وعلى وفق الأتي:
1. المادة (52) من الدستور التي جاء فيها الاتي ( أولاً : يبت مجلس النواب في صحة عضوية أعضائه ، خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسجيل الاعتراض ، بأغلبية ثلثي أعضائه . ثانياً: يجوزالطعن في قرارالمجلس أمام المحكمة الاتحادية العليا ، خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره ) وهذا الاختصاص يتعلق في المنازعات المتعلقة بالطعن في صحة العضوية في مجلس النواب
2. الفقرة (سادساً) المادة (61) من الدستور التي جاء فيها الاتي (أ – مساءلة رئيس الجمهورية بناءًعلى طلبٍ مسبب ، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب . ب- إعفاء رئيس الجمهورية ، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب ، بعد إدانته من المحكمةالاتحادية العليا ، في إحدى الحالات الآتية :١-الحنث في اليمين الدستورية . ٢-انتهاكالدستور. ٣-الخيانةالعظمى). وفيها منح الاختصاص القضائي للمحكمة الاتحادية العليا بمحاكمة رئيس الجمهورية وادانته عند ثبوت ارتكابه إحدى الجرائم الواردة في المادة أعلاه .
3. المادة (93) من الدستور وهي المادة الرئيسية والشاملة لمعظم الاختصاص للمحكمة الاتحادية العليا وجاء فيها الأتي: تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي : أولا : الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة . ثانيا : – تفسير نصوص الدستور ثالثا : – الفصل في القضايا التي تنشا عن تطبيق القوانين الاتحادية ، والقرارات والانظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء وذوي الشان من الأفراد وغيرهم حق الطعن المباشر لدى المحكمة . رابعا : – الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية، وحكومات الاقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية . خامسا : – الفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات الاقاليم او المحافظات. سادسا : – الفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وينظم ذلك بقانون . سابعا : – المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب . ثامنا : – آ- الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي، والهيئات القضائية للاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم . ب- الفصل في تنازع الاختصاص فيما بين الهيئات القضائية للاقاليم، او المحافظات غير المنتظمة في إقليم.
4. المادة (94) من الدستور التي منحت الأحكام الصادرة عن المحكمة الاتحادية قوتها الملزمة للسلطات كافة وعلى وفق النص الآتي ( قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة) وارى بان كاتب الدستور ثبت عبارة (كافة) ولم يذكر كلمة (جميع) لتأكيد شمولية فعل الإلزام على الكل دون استثناء حيث نجد إن معنى كلمة (كافة) عند أهل اللغة وفي لسان العرب كانت بمعنى (الجماعة، وقيل: الجماعة من الناس. يقال: لَقِيتهم كافَّةً أَي كلَّهم.
وقال أبو إسحق في قوله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا ادْخلُوا في السلم كافَّةً، قال: كافة بمعنى الإحاطة، فيجوز أَن يكون معناه ادخلوا في السِّلْمِ كلِّه أَي في جميع شرائعه، ومعنى كافةً في اشتقاق اللغة: ما يكفّ الشيء في آخره، من ذلك كُفَّة القميص وهي حاشيته) أما كلمة الجميع فإنها بمعانٍ شتى منها جمع الشيء وعلى وفق ما ورد في لسان العرب والفرق واضح لاستخدام كلمة كافة لتشمل السلطات القائمة ولا تدل إلا على الكل بينما كلمة جميع تعبر أحيانا عن المفرد في أسلوب التعظيم مثل قوله تعالى في الآية الكريمة (105) من سورة النساء (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً) ومن ذلك فان الدستور شمل كل السلطات القائمة في تاريخ كتابة الدستور أو التي ستقوم أو تتكون لاحقاً.
ثانياً : القواعد القانونية : وهي القواعد التي وردت في القوانين النافذة وبموجبها منحت المحكمة الاتحادية صلاحية النظر في المنازعات والطعون الناشئة عن تطبيق تلك القوانين ومنها الاتي:
1. قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم (21) لسنة 2008 المعدل كان قد اعطى للمحكمة الاتحادية صلاحية البت في النزاع الناشئ بين المحافظ ومجلس المحافظة حول اعتراضه على القرارات التي يتخذها مجدلس المحافظة والمشار اليها في الفقرة (11) من المادة (31) من قانون المحافظات وعلى وفق ما جاء في البند (3) من الفقرة (11) من المادة (31) من قانون المحافظات التي جاء فيها الآتي (إذا أصر المجلس المعني على قراره أو إذا عدل فيه دون إزالة المخالفة التي بينها المحافظ، فعليه إحالته إلى المحكمة الاتحادية العليا للبت في الأمر)
2. قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 الذي منح محكمة الاتحادية العليا صلاحية النظر في الطعون المقدم تجاه قرارات الهيئة القضائية المشكلة في محكمة الاتحادية العليا والتي تتعلق برفض طلبات تأسيس الأحزاب وعلى وفق ما جاء في المادة (14) التي جاء فيها الآتي (أولا : يكون قرار الدائرة بقبول او رفض طلب تأسيس الحزب خاضعاً للطعن فيه من كل ذي مصلحة أمام محكمة الموضوع و خلال (15) خمسة عشر يوما من تاريخ نشره . ثانيا : تبت محكمة الموضوع بالطعن خلال (15) خمسة عشرا يوما من تاريخ تسلمها الطعن . ثالثا : في حالة نقض محكمة الموضوع قرار دائرة الأحزاب يعاد الطلب للنظر فيه مرة ثانية .
رابعا : القرارات التي تصدرها محكمة الموضوع قابله للطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا خلال (30) ثلاثين يوما ابتداء من اليوم التالي للتبليغ بالقرار وفقا لأحكام قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969.)
ومن خلال ما تقدم فان الاختصاص القضائي الدستوري للمحكمة الاتحادية واسع ويغطي معظم مفاصل الدولة العراقية ويسري على عموم الأرض العراقية بما فيها إقليم كردستان وبذلك يختلف عن الاختصاص الممنوح للقضاء الاعتيادي الاتحادي الذي يشمل المحافظات العراقية عدا إقليم كردستان وكذلك عن قضاء إقليم كردستان الذي يقتصر على حدود إقليم كردستان الجغرافية والمحكمة الاتحادية لها الولاية على كليهما عند حصول تنازع في الاختصاص بين محكمتين من المحاكم التابع لكليهما وكذلك ويختلف أيضا عن قضاء مجلس الدولة العراقي الذي حل محل مجلس شورى الدولة لان اختصاصه لا يسري على إقليم كردستان.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً