نظام الإيجارات
المحامي زامل شبيب الركاض
تعتبر الثروة العقارية إحدى الانجازات الحيوية في الاقتصاد الوطني، وأكثر الفرص الاستثمارية الآمنة والمربحة لرجال الأعمال عالميا، وحيث انه يعد من دلائل تطور المجتمعات تطور أنظمتها وقوانينها التي تنظم كافة شؤونها باعتبار أن القاعدة القانونية تلبي الحاجة القائمة، وبالرغم من ذلك فإن قطاع الاستثمار في أنشطة العقارات يعاني من العديد من الثغرات القانونية منها قضايا تأجير العقارات ابتداء من غياب التنظيم وعدم وجود صيغة موحدة وموثقة للعقود تحفظ حقوق مالك العقار والمستأجر وتكون ملزمة للطرفين وفق إجراءات واضحة ومحددة للتنفيذ بيسر وسهولة بدلا من طول إجراءات التقاضي والتنفيذ بين أقسام الحقوق المدنية في الشرطة والمحاكم المختصة التي أصبح هنالك نوعا من التداخل بينهما.
وكما أسلفنا فإن تنظيم قضايا الإيجارات والعقارات بشكل عام سينعكس ايجابيا على الوضع الأمني والاجتماعي وليس الاقتصادي فحسب، وسيحل جزءاً من مشكلة السكن من خلال تشجيع المستثمرين العقاريين في ضخ المزيد من الاستثمارات في مجال العقارات مما يجعل العرض أكبر من الطلب ويقلل من تضخم أسعار الإيجارات ويضمن في الوقت نفسه حقوق الملاك والمستأجرين وينظم العلاقة بينهما، ويعالج قضايا تعثر سداد المستأجرين ويخفف من معاناة المستأجر من زيادة الأجرة، ويبقى التنظيم وحده غير كاف لحل المشكلة ما لم تعالج ظاهرة تكدس قضايا الإيجارات واختصار مدة إجراءات التقاضي من خلال زيادة أعداد القضاة عموما والتنفيذ تحديدا.
ونعتقد أن أسباب المشكلة رغم تعقيداتها تتلخص في شكوى الملاك من ضياع حقوقهم بسبب عدم دفع المستأجرين قيمة الأجرة، وما يتبعها من قضايا الإخلاء، والصيانة، والتعويض عن الضرر، وطول فترة إجراءات التقاضي، والمستأجر أيضا يشتكي من سيطرة وجشع أصحاب العقارات من حيث قيمة الأجرة والتحكم في حق الانتفاع أو عدم صيانة المنافع المشتركة للعين المؤجرة وهكذا، ونؤكد أن المستأجرين هم عملاء ملاك العقار، ولذلك تحرص الشركات العقارية الناجحة على المحافظة على عملائها الجيدين، لأنها تدرك أن ظاهرة ارتفاع إيجار المساكن والمحلات التجارية ليست دائما في مصلحتها حيث تعتبر طاردة للمستأجر الطيب، وأحد أسباب الكساد الاقتصادي عالمياً، وفي هذا الصدد اهتمت بعض الأنظمة العالمية بقضية تنظيم زيادة أسعار الإيجارات بحيث لا تزيد عن نسبة معينة، حتى لا تترك مسألة زيادة قيمة الإيجارات سيفاً مسلطاً على رقاب المستأجرين.
ونخلص إلى أن تنمية الاستثمارات العقارية كواحدة من روافد الاقتصاد الوطني، يتطلب أولا: ضرورة أصدرا نظام متكامل لإيجارات العقارات السكنية والتجارية يحفظ حقوق الملاك والمستأجرين ويتضمن أهم مسائل التنظيمات العقارية في العالم مثل الأجرة والإخلاء والصيانة وغيرها، ثانيا: إيجاد عقود موحدة وموثقة وملزمة مع آلية محددة للتنفيذ عن طريق قضاة التنفيذ العاجل، وثالثا: إيجاد قاعدة بيانات للمستأجرين المماطلين والممتنعين عن السداد، وبالجملة نحتاج إلى تنظيم للعقارات يحقق النمو والاستقرار الاقتصادي ويحفظ الحقوق الخاصة ويخدم المصالح العامة المتجددة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً