نظام المنافسات ومسئولي المشتريات
عبدالله بن إبراهيم النغيمش
صدر نظام المنافسات والمشتريات الحكومية المحدث وهو بلا شك جهد يشكر عليه جميع من قام بإعداده وعلى ما احتواه من دعم للمنشآت الصغيرة وتعزيز للمحتوى المحلي. الا أن النظام بحد ذاته قد لا يلبى جميع أهدافه بدون تفعيل بعض الإجراءات المكملة والتي من أهمها تطوير مسئولي المشتريات بالمستوى الذي يجعل من مخرجات هذه الأنظمة فاعلة.
بنظره تاريخية، تعتبر أساليب المشتريات من العلوم الحديثة نسبياً حيث بدأت في السابق بقيادة شركة (GM) الامريكية في عام 1985 م متمثلة ببرنامج (المورد العالمي). ومع انتعاش الأسواق مدفوعة بتنظيمات التجارة العالمية وتوفر المواد الخام ورخص الأيدي العاملة في بعض الدول كانت استفادت الشركات والمنظمات ملحوظة في تقليل التكاليف وزيادة المنافسة بين الموردين.
في الواقع ما يحدث من تقليل للتكاليف له جوانب سلبية أيضاً! نظراً لسطوة الشركات وحاجة الموردين فقد تسبب هذه الأساليب بدفعهم الى زوايا ضيقة وبالتالي التأثير بشكل مباشر على الجودة أو بيئة العمل ولعل أقرب مثال على ذلك شركة (بوينق) وحوادث طائرات (737 Max) حيث أشار تقرير لبلومبيرق نشر بتاريخ (28/6/2019) أن من الأسباب الرئيسية للمشكلة هو استمرار ضغط الشركة على الموردين لخفض التكاليف مما نتج عنه إجراءات غير صحية من قبل الموردين في محاولة للحصول على رضا الشركة وبالتالي الإخفاق على مستوى جودة المخرجات.
أن توفر وسائل تحليل الأسواق والأسعار واعتماد الخطوط المرجعية (Benchmarking) وغيرها من الإجراءات التي لا تتطلب من مسئولي المشتريات سوى الجلوس خلف شاشة الكمبيوتر لإجراء عمليات التقييم والشراء أو ما يعرف (Desktop Procurement)، إضافة الى عدم امتلاك البعض من مسئولي المشتريات المعرفة الكاملة بالمنتجات التي يقومون بتوريدها ومتطلبات واحتياج المستفيد النهائي بشكل واضح ينعكس بالتركيز على السعر في المقام الأول في إجراءات التفاوض مع الموردين وهو غالباً ما ينتج عنه علاقة غير صحية لا تؤسس لتعاملات طويلة المدى مبنية على المصالح المتبادلة للطرفين.
يقول سوزوكو (في عقلية المبتدئين هناك العديد من الخيارات أما الخبراء فهناك أقل) وحيث يمثل مسئولي المشتريات حجر الزاوية في فاعلية عمليات الشراء، من المهم أن يكون دائماً نصب أعينهم الإجابة بكل بساطة عن كيفية خلق المورد قيمة للمنظمة وكذلك كيفية خلق المنظمة قيمة للمورد بهذه الطريقة تتضح الأهداف والأولويات الرئيسة للشراء.
كذلك من المفيد أن يترك مسئولي المشتريات مكاتبهم لتخصيص المزيد من الوقت للاختلاط مع المستفيد النهائي داخل المنظمة لمعرفة احتياجهم وفهم تفاصيل طلباتهم بعكس ما قد يتم في بعض المنظمات من تشكيل لجان فنية ومالية متنافرة الأهداف! أن فهم مسئولي المشتريات بطبيعة المنتجات الموردة واحتياج المستفيد النهائي للمنتج من شأنها استبعاد العديد من المواصفات غير الضرورية مما يساهم في تخفيف الضغط على المورد وبالتي تخفيض التكلفة وزيادة الجودة.
أيضاً من المهم زيارة الموردين والاطلاع على اجراءاتهم وأساليب وعمليات التصنيع لديهم، على سبيل المثال تحرص شركة أبل الأمريكية على زيارة الموردين للاطلاع على اجراءاتهم وتقديم النصح حول آليه تحسين أو تطوير أو حتى استبعاد بعض العمليات الغير ضرورية (بناء على خبرتهم واحتياجهم) خلال مراحل تصنيع المنتجات وفي ذلك قيمة كبيرة تنقل من قبل المنظمات الكبيرة الى شركائها من الموردين بشكل يضمن تنمية إمكانيات وخبرة المورد المحلي وقدرته على الاستمرار والمنافسة، مما يحقق أحد أهداف تحديث نظام المشتريات وهو تعزيز المحتوى المحلي.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً