التفسير القضائي روح التعبير العقدي :
يعتبر التفسير القضائي جوهر العمل القضائي، وأصلة وعليه تدور الأحكام المتميزة حكما وتسبيبا، وقد اختلف الشراح في معنى التفسير؛ فذهبوا مذهبين في ذلك، مذهبًا أعطى التفسير معنًى ضيقًا، وآخرَ أعطاه معنًى واسعًا. فعرف بأنه: «إزالة الغموض وتوضيح معاني النصوص»، وعرف أيضا بأنه: «رفع اللبس وإزالة الغموض عن النص القانوني، من خلال التعرف على قصد المشرع من ألفاظ النص، أو عباراته، أو فحواه», وعرف كذلك بأنه: «إزالة الغموض، وما قد يوجد من لبس في حكم القاعدة القانونية».
وأما على مذهب الموسعين، فعرفوه بأنه: «توضيح ما أبهم من ألفاظه، وتكميل ما اقتضب من أحكامه، والتوفيق بين أجزائه المتناقضة», وعُرف كذلك بأنه: «السعي إلى كشف ما غمض من ألفاظه؛ للاستدلال على ما يتضمنه من حكم، والتوفيق بين نصوصه المتعارضة، وإكمال ما نقص من أحكامه ويظهر أن الاجتهاد للوصول للنية المشتركة للمتعاقدين ، وتوضيح غموض العقد وإكمال نقصه ،والاستعانة بالوسائل الداخلية والخارجية هو التفسير القضائي الصحيح للعقد.
ويوجد للتفسير القضائي أوجه متعددة وهي :
أولاً: التفسير القضائي العقدي اللغوي:
ويقصد به ذلك التفسير الذي يعتمد في تحديد معاني الألفاظ على العرف اللغوي، وقواعد النحو والصرف دون التقيد بالفكرة الحقيقية المختفية خلف التعبير، فمحمل التفسير المادة ذاتها أي اللفظ منظورًا إليه في ذاته مستقلاً عن مفهوم المتعاقدين ونيتهما الحقيقية بشأنه.
ثانياً: التفسير المنطقي:
ويقصد به البحث عن المعنى الحقيقي للنص أيا كان سواء أكان واضحًا أم غامضًا طالما أنه لا يعبر عن الإرادة الحقيقية. ويتميز هذا التفسير بأنه لا حدود له؛ إذ هدفه الكشف عن الإرادة الحقيقية بشتى الوسائل، سواء أكان ذلك بمد النص أم بحصر نطاقه ليتطابق مع النية الحقيقية، ففي هذا النوع ينفذ المفسر إلى روح المعبر ليقف على إرادته الحقيقية.
ثالثاً: التفسير الواسع:
ويقصد به ذلك التفسير الذي يهدف إلى تدارك عدم الكفاية اللفظية، بسد النقص في العقد، باستظهار تلك النيات التي لم يعبر عنها صراحة.
رابعاً: التفسير الضيق:
يقصد بالتفسير الضيق ذلك التفسير الذي يهدف إلى إجراء تصحيح لتعبيرات المتعاقدين، بتخصيصها والحذف منها لتأتي متطابقة مع الأفكار الحقيقية التي أراد الطرفان التعبير عنها، وينقسم إلى قسمين:
أ- التفسير بتخصيص العام، أو تقييد المطلق.
ب- التفسير بطريق الحذف (الحذف دون استبدال – الحذف مع الاستبدال).
خامساً: التفسير القضائي التكميلي:
سادساً: التفسير القضائي الكاشف أو المقرر:
ويقصد به تكملة الأفكار المعلنة بإضافة شرط أو أكثر إلى شروط العقد متى كان مضمونها مفهوما على نحو ضمني من طرفي التعاقد، فالشروط التي تستمد من العرف يكمل بها العقد ولو لم ينص عليها في العقد، إلا أنه لا يجوز أن يضاف إلى العقد أي شروط لا تتفق مع الإرادة الحقيقية للطرفين؛ إذ يعد ذلك تحريفًا للعقد.
هو الذي يعطي للألفاظ دلالتها المتفقة مع النية المشتركة للطرفين دون توسعة أو تضييق، وهذا النوع هو الأصل والذي يتعين على القاضي التزامه، فالتوسعة أو التضييق إنما ترجع إلى الشك في مجال الشرط ونطاقه، بسبب التقتير في الألفاظ، أو الإفراط فيها.
وبناء على ماسبق فإن التفسير سواء كان للقانون، أو للعقد من أهم الأعمال التي يجب أن يحيط بها القضاة، والمحامين، والمستشارين، والمنظمين، والمهتمين، والله الموفق.
المحامي د. عبدالكريم بن إبراهيم العريني
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً