أهــم الإلتـزامــات التـي فــرضـهــا قانون العمل الجديد لحماية العـامـل أثـنـاء أداء عملـه….
كتبه: محمود سالم
لقد تغيرت نظرة القانون إلى العمل.. وتحول من مجرد سلعة إلى قيمة سامية يُوفر لها المناخ الإنساني الكريم
على صاحب العمل توفير وسائل السلامة لحماية العامل ولا يجوز تحميله اي نفقات مقابل حمايته
على صاحب العمل أن يبين للعامل قبل مزاولة العمل المخاطر التي قد يتعرض لها ووسائل الوقاية التي يجب إتخاذها
يصدر الوزير قرارا بتحديد انواع الأنشطة التي تحتاج للسلامة والصحة المهنية… مع تعيين مراقبين يتابعون توافر إشتراطات السلامة والصحة المهنية للمنشأة
يلتزم صاحب العمل بالتأمين على عماله لدى شركات التأمين ضد إصابات العمل وأمراض المهنة.
على صاحب العمل توفير وسائل الانتقال للأماكن النائية، وتوفير المسكن في الأماكن البعيدة عن العمران …
لقد ذكرنا في المقالات السابقة كيف ان القطاع الخاص قد بدء يفتح ذراعية لاستقبال العمالة الوطنية الواعدة وبعد ان تكدست وزارات الدولة بالموظفين والذين أصبحوا عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة وباعتبار انهم يمثلون نوعا من انواع البطالة المقنعة، ولهذا فقد أرادت الدولة ان ترسم لشبابنا الطريق الصحيح لحياة سعيدة من خلال القطاع الخاص، وقامت من اجل ذلك باصدار التشريعات اللازمة في هذا الخصوص حيث تم اصدار قانون العمالة الوطنية الذي اشتمل على مزايا عديدة، بالاضافة الى الطفرة الكبيرة والمتمثلة في صدور قانون العمل الجديد 6 لسنة 2010 الذي كان فاتحة خير على كافة العمال في القطاع الأهلي، وجاء القانون الجديد متماشيا مع أمال وطموحات الشباب الكويتي الذي كان يندفع إلى العمل الحكومي لما فيه من مزايا ومكاسب كبيرة لم تكن موجودة في القانون السابق 38 لسنة 64، ورأى المشرع انه لا بد من وضع القواعد والإحكام العادلة والتي ترغب هؤلاء الشباب في دخول هذا القطاع وبعد ان وضع المواد التي تتماشى مع الاتفاقيات الدولية المعمول بها ولذلك فقد احتوى القانون الجديد بالقطاع الاهلي على العديد من المكاسب التي كانت طاقة امل لهؤلاء الشباب.
ولما كنا قد شرحنا في الاعداد السابقة تلك المزايا والمكاسب بشكل مكثف واوضحنا بما لا يقبل الشك ان ذلك القانون يعد قفزة نوعية ويحسب ذلك لاصحاب القرار وممثلي الأمة الأمر الذي أصبح فيه القانون الجديد نصرا يحسب لهم جميعا، فاننا سوف نقوم في المقالة بشرح بعض الامور التي تتعلق بالالتزامات التي فرضها القانون الجديد على صاحب العمل وذلك لبسط حمايته على العامل وهو يعتبر الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، وكنا لم نتطرق لهذا الموضوع من قبل لذا فقد كان من اللازم ان نوضحها حتى نستكمل ما كنا قد بدءناه من قبل في سلسلة المقالات المتعلقة بشرح قانون العمل الجديد 6 لسنة 2010.
ونود في البداية ان ننبه الى ان عقد العمل ينشئ الالتزامات في ذمة العامل كما ينشئ الالتزامات على صاحب العمل، والعامل ملتزم بأداء عمله المتفق عليه وان يقوم بهذا العمل بنفسه وان يمتثل في أدائه لعمله بأوامر صاحب العمل وقد تضاعفت أهمية العمل في العصور الحديثة بعد ان تغيرت نظرة القانون الى العمل بعد ان تحول من مجرد سلعة الى قيمة إنسانية سامية ينبغي ان يوفر لها المناخ الإنساني الكريم، وقد كان من شأن ذلك ان عمد القانون الى توفير الظروف المناسبة التي تتيح للعامل ان يؤدي التزامه وهو آمن على نفسه محاطا بالرعاية اللازمة صحيا واجتماعيا وتنظيميا.
وقانون العمل الكويتي الجديد شأنه في ذلك شأن غيره من قوانين العمل في الدول المتحضرة الاخرى يفرض على صاحب العمل الكثير من الالتزامات التي توفر له الظروف المناسبة لاداء عمله، وسوف نتناولها فيما يلي:
أولا: توفير وسائل الوقاية من اصابات العمل وامراض المهنة:
يلزم صاحب العمل بأن يتخذ الاجراءات المناسبة التي من شأنها ان توفر للعامل اكبر قدر ممكن من سبل الوقاية من الاصابات التي يمكن ان يتعرض لها اثناء آدائه عمله وفي ذلك تنص المواد 83، 84، 85، 86، 87، 88، من الفصل الرابع من القانون.
– مادة (83) : على صاحب العمل اتخاذ كافة احتياطات السلامة اللازمة لحماية العمال والآلات والمواد المتداولة في المنشأة والمترددين عليها من مخاطر العمل مع توفير وسائل السلامة الصحة المهنية اللازمة لذلك، ولا يجوز تحميل العامل اي نفقات او اقتطاع مبالغ من أجره مقابل توفير وسائل الحماية له.
– مادة (84) : يجب على صاحب العمل ان يبين للعامل قبل مزاولة العمل المخاطر التي قد يتعرض لها ووسائل الوقاية التي يجب عليه اتخاذها… الخ المادة.
– مادة (85) : يصدر الوزير بعد اخذ رأي الجهات المعنية قرارا بتحديد انواع الأنشطة التي تلتزم لتوفير المعدات والوسائل اللازمة للسلامة والصحة المهنية للعاملين في المنشآت مع تعيين فنيين ومتخصصين في الرقابة على مدى توافر اشتراطات السلامة والصحة المهنية للمنشأة ويحدد القرار مؤهلات وواجبات هؤلاء الفنيين والمتخصصين وبرامج تدريبهم.
– مادة (86) : يجب على صاحب العمل اتخاذ الاحتياطات الكفيلة لحماية العمال من الاضرار الصحية وامراض المهنة التي تنشأ من مزاولة العمل وان يوفر وسائل الاسعافات الأولية والخدمات الطبية.
– مادة (87) : يجب على صاحب العمل ان يستعمل وسائل الوقاية ويتعهد باستعمال ما بحوزته منها بعناية وان ينفذ التعليمات الموضوعة لسلامته وصحته ووقايته من الاصابات والامراض المهنية.
– مادة (88) مع مراعاة احكام قانون التأمينات الاجتماعية يلتزم صاحب العمل بالتأمين على عماله لدى شركات التأمين ضد اصابات العمل وامراض المهنة.
ثانيا: توفير وسائل الانتقال للاماكن النائية، وتوفير المسكن في الاماكن البعيدة عن العمران:
على صاحب العمل ان يوفر لعماله الذين يشتغلون في مناطق في مناطق لا تصل اليها وسائل المواصلات العادية سبل الانتقال اللائقة، وكذلك اذا كان مقر العمل في مكان بعيد عن العمران بحيث لا يكون مناسبا انتقال العمال اليه يوميا من المناطق التي يقيمون فيها وجب على صاحب العمل ان يوفر لهم المسكن الملائم فضلا عما تقتضيه الحياة الانسانية الكريمة من امور اخرى. وقد وردت تلك القواعد والاحكام في المادة (34) من قانون العمل بالقطاع الأهلي الجديد حيث نصت المادة على انه (يلزم صاحب العمل المتعاقد لتنفيذ مشروع حكومي او يقوم باستخدام عماله في المناطق البعيدة عن العمران لتوفير السكن المناسب للعمال وكذلك وسائل الانتقال للمناطق البعيدة عن العمران دون مقابل وفي حالة عدم توفير مسكن يمنح لهم بدل سكن مناسب وتحدد بقرار من الوزير المناطق البعيدة عن العمران وشروط المسكن المناسب وبدل السكن، وفي جميع الأحوال الأخرى التي يلتزم بها صاحب العمل بتوفير سكن لعماله تسري عليه احكام القرار المنصوص عليه في الفقرة السابقة في شأن شروط السكن المناسب وتحديد بدل السكن).
ويجدر الإشارة الى ان القانون الجديد قد نص في المادة (135) انه (يكون للموظفين المختصين بالتفتيش في حالة مخالفة صاحب العمل احكام المواد (83، 84، 85) من هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له على نحو يهدد تلوث البيئة والصحة العامة او بصحة العمال او سلامتهم ان يحرروا محضرا بالمخالفة ورفعه الى الوزير المختص الذي له بالتنسيق مع الجهات المختصة ان يصدر قرار بغلق المحل كليا او جزئيا او وقف استعمال آلة او آلات معينة لحين تلافي المخالفة).
وفيما تقدم اوضحنا الالتزامات المفروضة على صاحب العمل لتوفير الظروف المناسبة لاداء العمل وفي حالة اذا لم يوفر تلك الظروف او بعضها يكون مخلا بالتزاماته المفروضة عليه ويعرض نفسه للعقوبة التي وردت بالقانون الجديد، كما ان ذلك الاخلال من شأنه ان يرخص للعامل ان يمتنع عن أداء عمله الى ان يتوافر هذه الظروف دون ان يفقد حقه في الاجر وكذلك التعويض ان كان له محل، كما نود ان ننوه الى ان هناك التزامات كثيرة اخرى فرضها القانون الجديد على صاحب العمل سنتناولها في المقالات القادمة بمشيئة الله.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً