المصادقة على التولية : هي اقرار المتولي بعدم استحقاقه للتولية وان غيره يستحقها وتصديق هذا الغير بذلك ، او اقراره بان التولية له ولغيره الذي يوافقه على ذلك (1). وعلى الرغم من اتفاق الفقهاء بان اقرار المتولي بعدم احقيته للتولية حجة عليه وينعزل عن التولية بناء على اقراره الا انهم اختلفوا في حجية مصادقة المقر له على اقراره . فذهب جمهور الفقهاء –عدا الحنفية- بعدم حجية مصادقة المقر له على اقرار المقر ، لان الاقرار اخبار بحق الغير على نفسه ، في حين أن اقرار المتولي اخبار بحق الغير بالتولية على الغير –الوقف- فهو كالشهادة يحتمل الصدق والكذب (2)، فضلاً عن انه قد يكون المتولي متهماً باقراره باستلام مال مقابل ذلك او للأضرار بالمستحقين او للتخلص من عزله (3) ، وينبني على ذلك ان التولية لا تكون للمقر له وانما لمن يلي المتولي المقر بموجب شرط الواقف فان لم يوجد فللقاضي .وخالفهم المشهور من الحنفية (4). بحجية مصادقة المقر له على اقرار المتولي المقر ، وينبني على هذه الموافقة ان له حق التولية بالانفراد او الاشتراك حسب نوع الاقرار والمصادقة ، وهذه المصادقة صحيحة سواء في صحة المتولي ام في مرض موته وفي مجلس القضاء ام خارجه ، ويلتزم المتولي باقراره باعتبار ان الواقف جعل التولية للمقر له ولم يذكر ذلك في شروط الوقفية اكتفاءً بعلم المتولي به ، وفي حالة عدم المصادقة فان التولية تنتقل الى المشروط له التولية والا الى القاضي .
وتجدر الاشارة الى ان الاقرار بالتولية حجة قاصرة على المتولي المقر ولا يتعدى الى غيره ، فلو اقر احد الشركاء المتولين على الوقف بالتولية لغيره معه فان هذا الغير يكون شريكه بالتولية فقط ولا ينفذ اقراره على المتولين الآخرين معه ، واذا مات المقر بطل اقراره ويولي القاضي المشروط له التولية من بعده ، واذا مات المقر له لا تعود التولية للمقر لانه نفاها عن نفسه الا اذا ولاه القاضي بتولية جديدة ، واذا كان يحق للمتولي الاقرار فلا يحق له الاسقاط ، لان اقراره اخبار بحق الغير عليه فهو كاشف للحق الذي يمكن حمله على ان الواقف هو الذي ملكه هذا الحق ، في حين ان الاسقاط انشاء لحق الغير بالتولية الذي لا يملكه المتولي المتنازل عن توليته من الواقف (5). ونعتقد ان رأي جمهور الفقهاء جدير بالتأييد ، لان اقرار المتولي بعدم استحقاقه للتولية يعني انتفاء توليته على الوقف ، ومن ثم لا عبرة لمن يقر له بالتولية ، لانه اصبح صادراً من غير ذي صفة . اما في القانون المقارن ، فقد جعل المشرع المصري اقرار المتولي لغيره بالتولية على الوقف منفرداً او مشتركاً باطلاً (6). ويفهم من نصوص القانون العراقي انه لم يأخذ بالمصادقة على التولية الا اذا ثبتت احقية المقر له بالتولية بموجب شرط الواقف (7) .
_______________________
[1]- حسين الاعظمي ، المصدر السابق ، ص 159.
2- د. محمد عبيد الكبيسي ، احكام الوقف في الشريعة الإسلامية ، جـ2 ، المصدر السابق ، ص160.
3- المذكرة التفسيرية لمشروع قانون احكام الوقف المصري رقم 48 لسنة 1946 ، مشار اليها في المجموعة المدنية واهم النصوص المكملة لها ، دار النشر للجامعات المصرية – القاهرة ، 1949 ، ص 138.
4- يراجع : ابن عابدين ، رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الابصار،ج6 ، المصدر السابق ، ص 661-662.
5- أبن عابدين، رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الابصار، ج6،المصدر السابق، 661-662.
6- المادة – 44- من قانون الوقف المصري.
7- المواد – 1و2و3 – من نظام المتولين ؛ ولم ينظم المشرع الاردني هذه المسألة.
حق المتولي في التوكيل :
لمتولي الوقف حق توكيل غيره باقامته مقامه في كل او بعض التصرفات الجائزة المعلومة، التي يملكها على الوقف(1). وله ان يباشر أي امر من امور الوقف لان وكالته لاتسلب حقه في التصرف وان الوكيل يستمد حقه منه، وتسري احكام الوكالة على توكيله من حيث التزامات وحقوق المتولي الموكل والوكيل والغير وانتهاء الوكالة وغيرها(2). وقد اتفق فقهاء المسلمين على حق المتولي في توكيل غيره(3). وأجاز المشرع العراقي(4). في المادة (11) من نظام المتولين لمتولي الوقف ان ينيب عنه وكيلاً او اكثر لإدارة الوقف بموافقة ديوان الأوقاف ويتحمل اجرته ويكون مسؤولاً عن تصرفاته. ونعتقد ان قيام متولي الوقف بتوكيل غيره بعقد وكالة لايكفي، لان الوكيل قد يتصرف باسمه ولحساب الموكل ثم ينقل تصرفاته الى الموكل، لذا فانه يحتاج الى صفة الانابة التي يسبغها الموكل المتولي له ليمكنه من القيام بأعمال التولية باسم المتولي ولحساب الوقف وفي الحدود المرسومة بموجب القانون وتترتب اثار تصرفاته مباشرةً على الوقف(5)، ولذلك أحسن المشرع العراقي صنعاً عندما جمع بين الوكالة باتفاق الموكل المتولي والوكيل والنيابة بشكليه معينة وهي موافقة ديوان الأوقاف، وبذلك يكون قد اخذ بالوكالة النيابية(6).
__________________
[1]- المادة –927-من القانون المدني العراقي .
2- لمزيد من التفصيل حول احكام الوكالة ، تراجع : المواد (699-717) من القانون المدني المصري ؛ تقابلها المواد (833-867) من القانون المدني الاردني والمواد (927-949) من القانون المدني العراقي.
3- يراجع : ابن الهمام ، شرح فتح القدير على الهداية ، جـ5 ، المصدر السابق ، ص 69 ؛ محمد العباسي ، الفتاوى المهدية ، جـ2 ، المصدر السابق ، ص 730 ؛ محمد تقي المدرسي ، تعليقه على كتاب مهذب الاحكام ، منشور على شبكة ادخال المعلومات العالمية وعلى الموقع :
http://www.AlModarresi.org/fekh-islami/taalekat/indox(18).
4- لم ينظم كل من المشرع المصري والاردني توكيل المتولي لغيره ولا يوجد نص يمنع ذلك
5- لمزيد من التفصيل في معرفة التفرقة بين الوكالة والانابة ، يراجع : د. عبد الرزاق احمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، جـ7 ، المجلد الأول ، المصدر السابق ، ص 576 وما بعدها ؛ محمد رضا العاني ، المصدر السابق ، ص 55-56 ؛ د. جمال مرسي بدر ، المصدر السابق ، ص 148 وما بعدها .
6- وفي الواقع العملي ، فان الانابة لا تكون نافذة الا بموافقة مجلس الأوقاف الاعلى او رئيسه ، تراجع على سبيل المثال الفقرة (3) من قرار مجلس الأوقاف الاعلى بجلسته السابعة في 5/6/1996 ، غير منشور .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً