إجراءات دعوى الإلغاء والحكم فيها
إن دعوى الإلغاء التي يتم رفعها بالنسبة للقرارات الإدارية تمر بعدة مراحل من الاجراءات التي يلزم القيام بها من جانب رافع الدعوى أو المحكمة المختصة وتكون البداية بإيداع عريضة حكم كتاب المحكمة وتنتهي بصدور الحكم في تلك الدعوى سواء من حيث إلغاء القرار المطعون فيه او رفض الدعوى.
وان الأصل في أحكام القضاء الإداري أنها تحوز على حجية الشئ المحكوم به كما أن القاعدة العامة في ذلك أنها نسبية الحجية بمعنى إقتصار الاحتجاج بها على اطرافها فقط، وذلك لان الحجية المقررة للحكم الصادر بالإلغاء تختلف عن بقية الاحكام الأخرى إلا انه أحيانا ما تخرج الحجية المترتبة على حكم الإلغاء من نطاق النسبية الى نظام الحجية المطلقة والتي يحتج بها في مواجهة الكافة.
ونبدأ هنا في العرض أولا لإجراءات دعوى الإلغاء، وهذه الاجراءات تبدأ بمرحلة أولا:
– تقديم عريضة الدعوى والتي تشمل بيانات الدعوى وإعلانها إلى الجهة الادارية وإلى ذوي الشأن حيث أن رفع الدعوى تبدأ من خلال تقديم طلب الى قلم كتاب المحكمة الادارية المختصة، ولقد حرى القضاء الاداري في مصر على ضرورة تقديم دعوى الالغاء من خلال توقيع احد المحامين المقيدين بجدول المحامين باعتبار ان ذلك من الاجراءات الجوهرية في رفع الدعوى، وفي الصدد فان العريضة يجب ان تشمل البيانات العامة التالية «اسم الطالب من يوجه إليهم الطلب وصفاتهم ومحل إقامتهم موضوع الطلب، تاريخ التظلم من القرار ونتيجته، المستندات المؤيدة للطلب، صورة او ملخص عن القرار الإداري المطعون فيه، مذكرة يوضح فيها أسانيد الطلب كما انه يجب علاوة على ذلك أن يودع اصول العريضة إضافة الى عددا كافيا من الصور والمذكرة وحافظة المستندات ومما يجب التنويه إليه هنا الى ان القاعدة الاصلية توجب ان يتم تقديم طلب مستقل بكل قرار اداري بعريضة دعوي مستقلة إلا أن مجلس الدولة الفرنسي في هذا السياق قد جرى على سبيل الإستثناء بقبول الطلب بإلغاء عدة قرارات ادارية اذا ما وجدت بينهم صلة وثيقة تجمع بينهم وما عدا ذلك فان الدعوى تعتبر مرفوعة ضد اول القرارات الادارية المذكورة في الدعوى.
وينطبق نفس الحال فيما يتعلق بطلب الالغاء الجماعية والتي يتم رفعها من اكثر من شخص ضد قرار اداري معين وذلك في حالة وجود الطاعنين في نفس المركز القانوني ازاء القرار المطعون فيه مثل القرارات التنظيمية المعيبة.
وبالنسبة للجمع بين دعوى الالغاء ودعوى التعويض في عريضة واحدة، فلقد ذهب مجلس الدولة الفرنسي كقاعدة عامة باستقلال كل دعوى بعريضة مستقلة، بينما جنح القضاء الاداري في مصر الى مخالفة مجلس الدولة الفرنسي في ذلك حيث اجاز الجمع بين كل من دعوى الالغاء ودعوى التعويض في عريضة واحدة.
ويتم اعلان عريضة الدعوى ومرفقاتها الى الجهة الادارية المختصة والى ذوي الشأن بعد تقديمها الى قلم كتاب المحكمة المختصة. ولقد حددت المادة 10 من المرسوم رقم 20 لسنة 1981 بإنشاء دائرة إدارية بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية المدة اللازمة لإعلان الخصوم حيث نصت على التالي: «عند إيداع الصحيفة تسلم ادارة الكتاب الى المودع ايصالا يثبت فيه تاريخ الايداع وساعته ويجب على ادارة الكتاب خلال الثلاثة ايام التالية اعلان الخصوم بصحيفة الطعن على ان يكون اعلان الجهات الحكومية والمؤسسات العامة بمقر ادارة الفتوى والتشريع ويكون لكل من الخصوم الحق في الرد على ما جاء فيها بمذكرة تودع ادارة كتاب المحكمة مع المستندات وبمجرد انتهاء هذه المهل تقوم ادارة كتاب المحكمة بتحديد جلسة لنظر الموضع خلال شهرين على الاكثر وبإبلاغ جميع اطراف النزاع بتاريخ تلك الجلسة قبل موعد عقدها بأسبوع على الاقل وذلك بموجب خطابات موصى عليها بعلم الوصول.
ويجوز تقديم مستندات او مذكرات جديدة اثناء المرافعة اذا اقرت المحكمة بذلك وفي خلال المواعيد التي تتولى المحكمة تحديدها.
ويبين من هذا النص انه على قلم كتاب المحكمة اعلان اطراف النزاع بصحيفة الدعوى في خلال ثلاثة ايام من تاريخ ايداعها لدى المحكمة.
ومما يجب ذكره هنا الى انه اذا شاب البطلان اعلان عريضة الدعوى فان هذا البطلان لا ينال من رفع الدعوى ذاتها وهذا طبقا لما ذهب له القضاء المصري وكذلك الكويتي طالما ان الدعوى قد اقيمت في خلال المواعيد الصحيحة. وعلى هذا وبمجرد انتهاء المهلة فان ادارة كتاب المحكمة تقوم بتحديد جلسة لنظر الموضوع خلال شهرين على الاكثر وبإبلاغ جميع الاطراف بتاريخ الجلسة المحددة قبل انعقادها بأسبوع على الاقل.
وننتقل بعد ذلك الى مرحلة الفصل في الدعوى وهي تشمل نظر الدعوى والفصل فيها والتدخل في الدعوى والطلبات العارضة وأخيرا ترك وانتهاء الخصومة.
ونظر الدعوى يكون بعد اعلان ذوي الشأن حيث يقوم رئيس المحكمة بتحديد الجلسة التي تنظر فيها الدعوى كما انه له ان يطلب من ذوي الشأن ما يراه لازما من ايضاحات ويجوز اثناء نظر الدعوى التدخل او تقديم الطلبات العارضة والتدخل ينقسم الى نوعين:
– تدخل اختياري.
– تدخل اجباري او اختصام الغير.
والتدخل الاختياري قد يكون انضمامي ويهدف المتدخل من ورائه الى المحافظة على حقوقه عن طريق الانضمام الى احد اطراف الخصومة لتقوية مركزه ودفاعه عن مصلحته.
بينما يهدف المتدخل خصاميا الى ادعاء حق ذاتي له شخصيا مطالبا الحكم له به ، وهذا التدخل بالنسبة لدعاوي الالغاء قد يكون غير متصور.
وأما فيما يتعلق بالتدخل الاجباري او اختصام الغير فهو يعد من الطلبات العارضة التي يترتب عليها ادخال شخص خارج الخصومة من اجل الحكم عليه بطلبات معينة او الزامه بتقديم ما قد يكون بحوزته من اوراق تكون ذات قيمة ومؤثرة في الدعوى الاصلية ويكون ذلك الادخال من خلال المحكمة او عن طريق احد الخصوم الاصليين في الدعوى.
وكاصل عام فانه يجب ان تتوافر في المتدخل المصلحة المشروعة التي تبرر تدخله وبالتالي فانه لا يقبل التدخل من شخص غير ذي صفة لان التدخل يعد وسيلة للدفاع عن الحق او المصلحة اما من فيما يخص الطلبات العارضة بالنسبة لدعوى الالغاء فانه يتم الحصول على اذن المحكمة بداية للتحقق من الارتباط بين ذلك الطلب العارض والدعوى الاصلية .
وفيما يتعلق بترك الخصومة وانتهائها فانه يحق للمدعي التنازل وذلك عن طريق التنازل عن عريضة الدعوى التي تقدم بها طالبا فيها الغاء القرار الاداري وهو ما يعرف بترك الخصومة في المنازعة الادارية.
وليس معنى ذلك التنازل ان يمتد الى التنازل عن حق التقاضي بدعوى الالغاء فان مثل هذا التنازل يعد باطلا لكونه يقع على حق يتعلق بالنظام العام.
وانه من الطبيعي ان تنتهي ايضا الخصومة اذا سمحت الادارة بطلبات المدعي اثناء نظر الدعوى حيث ان الخصومة في هذه الحالة تصبح غير ذات موضوع ويتعين الحكم باعتبارها منتهية.
الا انه ومما يجب ذكره هنا الى انه يجوز للمحكمة ان تعود لنظر الخصومة من جديد او اذا عادت جهة الادارة وقامت بالمنازعة في احقية المدعي في طلباته وعليها في هذه الحالة ان تطرح محضر الصلح الذي كان قد تم لتسوية النزاع بين الطرفين.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً