قواعد المرافعات في الدعوى الدستورية قراءة في كتاب شرح قانون المرافعات المدنية تأليف القاضي مدحت المحمود رئيس المحكمة الاتحادية العليا
القاضي سالم روضان الموسوي
تلقيت باعتزاز كبير هدية القاضي مدحت المحمود رئيس المحكمة الاتحادية العليا كتابه الموسوم (شرح قانون المرافعات المدنية في طبعته الرابع المنقحة الصادرة عن دار الرافدين طبعة بيروت لعام 2019 ) والمتوج بعبارات تبعث في النفس الفخر سطرها معالي الرئيس بيراعه المعلى فشكرا للإهداء وشكرا جزيلاً لعبارات الإهداء وعند تصفحي للكتاب والغور في مكنوناته، وجدته مرجعاً مهما في فقه قانون المرافعات لا يستغني عنه كل من يعمل في المجال القانوني والحقوقي لأنه تناول شرح قانون المرافعات بطريقة عملية اعتمدت على التطبيق في القضاء بكل أصنافه ودرجاته مما يسهل على من يرجع إليه في معرفة غاية النص وكيفية التعامل معه لأنه معزز بكم كبير من الأحكام القضائية من المحاكم سواء كانت محكمة التمييز الاتحادية أو محاكم الاستئناف في جميع مناطق العراق الاستئنافية، والجديد في هذه الطبعة والمختلفة عن سابقاتها إنها تضمنت وللمرة الأولى تطبيقات القضاء الدستوري في العراق فيما يتعلق بقانون المرافعات وقواعد المرافعات التي اعتمدتها المحكمة الاتحادية العليا عند نظر الدعوى الدستورية ولابد من الوقوف على هذه الأمر بقليل من التأمل لعدة أسباب منها ان المحكمة الاتحادية العليا قد اجتهدت في تطويع النصوص القانونية للمرافعات الواردة في قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل مع انه صمم وشرع أصلاً لتكون أحكامه تنظم إجراءات الترافع في دعاوى القضاء الاعتيادي وهذا ما جاء في مقدمة الأسباب الموجبة لإصداره وعلى وفق الآتي (إن الغاية الأساسية للقضاء هي ضمان الحماية القانونية للناس كافة على سواء بينهم في ذلك وإذا كان قانون المرافعات هو الذي ينظم طرق التقاضي فانه يجب ان تكون الإجراءات التي رسمها قاصدة إلى تلك الغاية غير متعثرة) والسبب الآخر الفراغ التشريعي بعدم وجود قواعد قانونية خاصة في مرافعات الدعوى الدستورية باستثناء ما ورد في النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لسنة 2004 وارى ان هذه القواعد لا تكفي لسد ذلك النقص التشريعي وقد جاء في كتاب شرح قانون المرافعات الملمع عنه بعض الأحكام التي أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا والمتعلقة بأهم القواعد الإجرائية في فقه المرافعات ومنها المصلحة والخصومة فضلاً عن سائر القواعد القانونية الأخرى ، ولمست مدى الجهد المبذول من المحكمة الاتحادية العليا في تكييف الوقائع مع النصوص النافذة وتطويع تلك الأحكام من اجل السير في الدعوى الدستورية، وهذا ما يميز هذه الطبعة والتي أرى فيها أولى المحاولات في المكتبة القانونية العراقية في تناول قواعد المرافعات في الدعوى الدستورية ويسجل لها السبق الأول في هذا المجال لذلك أتقدم بالاتي:
1. أرى ان يكون هذا الكتاب من ضمن مقتنيات كل مكتبة قانونية لمن يعمل في المجال القانوني والحقوقي لأنه يتضمن أهم الإجراءات القانونية والتطبيقات القضائية التي نتعامل معها يوميا في كل دعوى تقام أمام القضاء وفي الكتاب أجوبة على العديد من الأسئلة التي تثار حول كيفية التعامل مع بعض الإجراءات أثناء نظر الدعوى أو عند تقديمها إلى المحكمة المختصة فضلاً عن قواعد وأحكام الطعون والمتعلقة بالأحكام التي تصدر فيها مع الإشارة إلى بعض الآليات المتعلقة بتنفيذ تلك الأحكام.
2. إن قواعد فقه المرافعات في القضاء الدستور ما زالت اغلبها قواعد عرفية لم تنظمها أحكام قانونية وهذه تخضع في نشوئها إلى الاجتهاد والمداومة والاستمرار على العمل بها فضلاً عن قابليتها للتغير عند تطبيقها أثناء نظر الدعوى وهذه تعد من أهم مزايا قانون المرافعات في العراق وفي غيره لان كثير من الإجراءات التي تعمل بها المحاكم فيما يتعلق بنظر الدعوى وكل ما يحيط بها هي قواعد عرفية استقر عليها التعامل من خلال تطبيقات محكمة التمييز الاتحادية او محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية مما يبرز أهمية هذا الكتاب الذي رصد لنا تلك التطبيقات منذ صدور القانون في عام 1969 ولغاية صدور هذا الكتاب بطبعته الرابعة في عام 2019
3. وجود شرح معزز بتطبيقات قضائية حول التعديلات التي حصلت على قانون المرافعات النافذ وآخرها التعديل الحاصل بموجب القانون رقم 10 لسنة 2016 وهذا الأمر يتيح للقارئ فرصة الاطلاع على كيفية تعامل القضاء مع هذه التعديلات وتوفر له المعلومة والإثراء المعرفي.
4. أرى أن يكون هذا الكتاب من مقتنيات الزملاء القضاة في الادعاء العام لان قواعد المرافعات المدنية يعنى بها جهاز الادعاء العام بشكل كبير ومباشر نظراً للدور الذي يلعبه في مجال القضاء الاعتيادي المدني سواء في البداءة او في الأحوال الشخصية أو عند نظر الدعوى في مرحلة الاستئناف، فضلاً عن وجود الحق في الطعن لمصلحة القانون وما يعزز هذا الرأي المهام الكبيرة الملقاة على عاتق هذا الجهاز المهم والمشار إليها في طيات قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 النافذ وعلى وجه الخصوص ما جاء في الفقرات (خامساً وسادساً) من المادة (5) من ذلك القانون، إذ جعلت من مهام جهاز الادعاء العام الحضور في الدعاوى المتعلقة بقضاء الموظفين والقضاء الإداري التي تطبق قواعد المرافعات المدنية في عملها اليومي وحضور جهاز الادعاء العام ممثلاً بأعضائه في الدعاوى المدنية ودعاوى الأحوال الشخصية وهذه الدعاوى تنظر الإجراءات في ضوء قانون المرافعات المدنية النافذ لذلك فان عضو الادعاء العام لابد وان يتحصن بالمعلومات القانونية في مجال فقه المرافعات المدنية وفي الطبعة الرابعة من كتاب (شرح قانون المرافعات المدنية) محل العرض فيها ما يغني القارئ عن سواه من المصادر لأنه جمع بين النظرية والتطبيق العملي.
5. إن من المهام الحديثة الملقاة على عاتق جهاز الادعاء العام في العراق ما جاء في الفقرة (الحادية عشر) من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 حيث أتاح القانون المذكور للادعاء العام مهمة الطعن بعدم دستورية القوانين النافذة أو التي ستصدر عن السلطة التشريعية لاحقاً بعد صيرورتها نافذة وعلى وفق النص الآتي (الطعن بعدم دستورية القوانين والأنظمة أمام المحكمة الاتحادية العليا) وكما أشرت سلفاً بان قواعد المرافعات التي تعمل في ظلها المحكمة الاتحادية العليا هي قواعد المرافعات الواردة في قانون المرافعات المدنية النافذ فان الاطلاع على تطبيقات القضاء الدستوري واتجاهات المحكمة الاتحادية العليا في هذا الباب من الأمور المهمة ليكون الأمر على وفق أصوله القانونية.
6. لابد من التنويه إلى ضرورة أن يتضمن قانون المحكمة الاتحادية العليا المزمع تشريعه قواعد مرافعات خاصة بالدعاوى التي تنظرها المحكمة الاتحادية العليا بوصفها القضاء الدستوري في العراق وفي التجارب العربية ما يماثل هذا المطلب ومنها ما جاء في قانون المحكمة الدستورية العليا في مصر رقم 48 لسنة 1979 المعدل
وفي الختام أود أن أعرب عن جزيل الشكر والامتنان لمعالي رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي مدحت المحمود على الجهد الذي بذله في إخراج هذه الطبعة مع حجم انشغالاته القانونية والقضائية والعامة وأتمنى لمعاليه وللجميع دوام التوفيق والنجاح
نائب المدعي العام
القاضي / سالم روضان الموسوي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً