ملخص عن اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية (لسنة 1883)
بقلم عبد الحليم عمار
تطبق اتفاقية باريس على الملكية الصناعية بأوسع مفاهيمها، بما في ذلك البراءات والعلامات والرسوم والنماذج الصناعية ونماذج المنفعة (وهي نوع من “براءات الاختراع الصغيرة” المنصوص عليها في تشريعات بعض البلدان) وعلامات الخدمة والأسماء التجارية (وهي تسميات تشير إلى نشاط صناعي أو تجاري يمارس بناء عليها) والبيانات الجغرافية (أي بيانات المصدر وتسميات المنشأ) وقمع المنافسة غير المشروعة.
وتنقسم الأحكام الأساسية للاتفاقية إلى ثلاث فئات رئيسية هي المعاملة الوطنية وحق الأولوية والقواعد العامة.
(1) بناء على الأحكام الخاصة بالمعاملة الوطنية، تنص الاتفاقية على أنه يجب على كل دولة متعاقدة أن تمنح مواطني الدول المتعاقدة الأخرى الحماية نفسها التي تمنحها لرعاياها في مجال الملكية الصناعية. كما تقضي بأن يتمتع مواطنو الدول غير المتعاقدة بحقوق المعاملة الوطنية إذا كانوا يقيمون في دولة متعاقدة أو يملكون فيها مؤسسة صناعية أو تجارية حقيقية وفعلية.
(2) وتنص الاتفاقية على حق الأولوية فيما يخص براءات الاختراع (ونماذج المنفعة عند الاقتضاء) والعلامات والرسوم والنماذج الصناعية. وبناء على ذلك، يجوز لمودع الطلب الذي يودع أول طلب قانوني في إحدى الدول المتعاقدة أن يتمتع بمهلة معينة (12 شهرا للبراءات ونماذج المنفعة و6 أشهر للرسوم والنماذج الصناعية والعلامات) ليلتمس الحماية في أية دولة متعاقدة أخرى. وعندئذ تعتبر الطلبات اللاحقة كما لو أنها قدمت في تاريخ إيداع الطلب الأول نفسه. وبعبارة أخرى، تحظى الطلبات اللاحقة بالأولوية (ومن هنا تعبير “حق الأولوية”) بالنسبة إلى الطلبات التي يودعها أشخاص آخرون بشأن الاختراع ذاته أو نموذج المنفعة ذاته أو العلامة ذاتها أو الرسم الصناعي ذاته أو النموذج الصناعي ذاته خلال المهلة المذكورة. وعلاوة على ذلك، لا تتأثر الطلبات اللاحقة بأي حدث يقع في هذه الأثناء، كنشر الاختراع أو بيع السلع التي تحمل العلامة أو تجسد الرسم أو النموذج الصناعي نظرا إلى استنادها إلى الطلب الأول. ومن أهم المزايا العملية لهذا الحكم أن مودع الطلب الذي يلتمس الحماية في عدة بلدان لا يضطر إلى تقديم كل طلباته في آن واحد، بل يمنح مهلة زمنية تتراوح بين 6 أشهر و12 شهرا لاختيار البلدان التي يرغب في الحصول على الحماية فيها واتخاذ التدابير اللازمة لضمان الحماية بكل عناية.
(3) وتنص الاتفاقية على بعض القواعد العامة التي يجب أن تتبعها الدول المتعاقدة بأجمعها، ومن أهمها ما يلي:
(أ) براءات الاختراع: لا ترتبط البراءات الممنوحة في مختلف الدول المتعاقدة للاختراع ذاته فيما بينها؛ فمنح براءة اختراع في إحدى الدول المتعاقدة لا يلزم سائر الدول المتعاقدة بمنح البراءة، ولا يجوز رفض براءة اختراع أو إلغاؤها أو إنهاؤها في أية دولة متعاقدة لأنها رفضت أو ألغيت أو أنهيت في أية دولة متعاقدة أخرى.
وللمخترع الحق في أن يُسمَّى في البراءة بوصفه صاحب الاختراع.
ولا يجوز رفض منح براءة اختراع. كما لا يجوز إبطال البراءة استنادا إلى أن بيع السلعة المشمولة بالبراءة أو السلعة المنتجة وفقا لطريقة صنع مشمولة بالبراءة يخضع لقيود أو تقييدات يفرضها القانون المحلي.
ولا يجوز لكل دولة متعاقدة تتخذ التدابير التشريعية التي تقضي بمنح تراخيص إجبارية لمنع الممارسات التعسفية التي قد تنجم عن الحقوق الاستئثارية الناشئة عن براءة الاختراع أن تفعل ذلك إلا في شروط معينة. وعليه، لا يجوز منح ترخيص إجباري (وهو ترخيص لا يمنحه صاحب البراءة وإنما تمنحه سلطة عامة في الدولة المعنية) في حال عدم استغلال الاختراع المشمول بالبراءة أو استغلاله بصورة غير كافية إلا بناء على طلب يودع بعد مرور ثلاث سنوات على تاريخ منح البراءة أو بعد مرور أربع سنوات على تاريخ إيداع طلب البراءة. ويجب رفض منح الترخيص الإجباري إذا قدم صاحب البراءة أسبابا مشروعة تبرر امتناعه عن استغلال الاختراع. وبالإضافة إلى ذلك، لا يجوز إبطال براءة اختراع إلا في الحالات التي لا يكون فيها منح الترخيص الإجباري كافيا لمنع الممارسات التعسفية. وفي هذه الحالة الأخيرة، لا يجوز رفع دعوى إبطال البراءة إلا بعد انقضاء سنتين على منح الترخيص الإجباري الأول.
(ب) العلامات: لا تنظم اتفاقية باريس شروط إيداع العلامات وتسجيلها، حيث يحدد القانون المحلي في كل دولة متعاقدة تلك الشروط. ونتيجة لذلك، لا يجوز رفض أي طلب يودعه مواطن من مواطني إحدى الدول المتعاقدة لتسجيل علامة ما أو إبطال تسجيلها بسبب عدم إيداع تلك العلامة أو تسجيلها أو تجديدها في بلد المنشأ. ولا يرتبط تسجيل علامة ما في إحدى الدول المتعاقدة بإمكانية تسجيلها في أي بلد آخر بما في ذلك بلد المنشأ. وبالتالي، لا يؤثر إبطال تسجيل العلامة في إحدى الدول المتعاقدة أو إلغاؤه في صلاحية تسجيلها في سائر الدول المتعاقدة.
وإذا سجلت علامة ما على نحو صحيح في بلد المنشأ يجب قبول طلب إيداعها وحمايتها في شكلها الأصلي في الدول المتعاقدة الأخرى. على أنه يجوز رفض التسجيل في حالات محددة، لا سيما إذا مست العلامة حقوق الغير المكتسبة أو افتقرت إلى سمة مميزة أو كانت مخالفة للمبادئ الأخلاقية أو النظام العام أو كان من شأنها تضليل الجمهور.
وإذا كان الانتفاع بعلامة مسجلة إجباريا في أية دولة متعاقدة، لا يجوز إلغاء التسجيل لعدم الانتفاع بالعلامة إلا بعد مرور فترة زمنية معقولة، وشريطة أن يتعذر على صاحب العلامة تبرير عدم الانتفاع بها.
ويتعين على كل دولة متعاقدة أن ترفض تسجيل العلامة وتمنع الانتفاع بها إذا كان من شأنها أن تثير اللبس لكونها استنساخا أو تقليدا أو ترجمة لعلامة أخرى مستخدمة في سلع مطابقة ومماثلة تعتبرها السلطات المختصة في تلك الدولة معروفة فيها وتخص شخصا يحق له الاستفادة من مزايا الاتفاقية.
كما يتعين على كل دولة متعاقدة أن ترفض تسجيل العلامات التي تتألف من شعارات الدول المتعاقدة ورموزها وإشاراتها الرسمية أو تتضمنها دون تصريح بذلك، وأن تحول دون الانتفاع بها، شريطة أن يكون المكتب الدولي للويبو قد أخطر بها. وتسري الأحكام نفسها على شعارات بعض المنظمات الدولية الحكومية وراياتها وغيرها من الإشارات والمختصرات والتسميات الخاصة بها.
ويجب حماية العلامات الجماعية.
(ج) الرسوم والنماذج الصناعية: يجب حماية الرسوم والنماذج الصناعية في كل دولة متعاقدة. ولا يجوز رفع الحماية لأن السلع التي تتضمن الرسم أو النموذج الصناعي ليست مصنعة في تلك الدول.
(د) الأسماء التجارية: يجب حماية الأسماء التجارية في كل دولة متعاقدة دون وجود التزام بإيداعها أو تسجيلها.
(ﻫ) بيانات المصدر: يجب أن تتخذ كل دولة متعاقدة التدابير اللازمة للتصدي للانتفاع المباشر أو غير المباشر بالبيانات الزائفة عن مصدر السلع أو هوية المنتج أو المصنع أو التاجر.
(و) المنافسة غير المشروعة: يجب أن تضمن كل دولة متعاقدة الحماية الفعلية من المنافسة غير المشروعة.
ولاتحاد باريس الذي أنشئ بناء على الاتفاقية جمعية ولجنة تنفيذية. وكل دولة عضو في الاتحاد وملتزمة على الأقل بالأحكام الإدارية والختامية من وثيقة استوكهولم (لسنة 1967) هي عضو في الجمعية. ويُنتخَب أعضاء اللجنة التنفيذية من بين أعضاء الاتحاد ما عدا سويسرا التي تعد عضوا بحكم وضعها.
وتتولى جمعية اتحاد باريس وضع برنامج أمانة الويبو وميزانيتها – فيما يتعلق بالاتحاد – لفترة سنتين.
وقد أبرمت اتفاقية باريس سنة 1883 وتم تنقيحها في بروكسل سنة 1900، وفي واشنطن سنة 1911، وفي لاهاي سنة 1925، وفي لندن سنة 1934، وفي لشبونة سنة 1958، وفي استوكهولم سنة 1967، وعدلت سنة 1979.
والاتفاقية متاحة لكل الدول. ويجب إيداع وثائق التصديق أو الانضمام لدى المدير العام للويبو.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً