عقد إداري – تفسيره – وجوب الاعتداد بالإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعني الحرفي للألفاظ
قرار رقم /4/1397هـ
القضية رقم 86/1/ ق لعام 1393هـ
أ- عقد إداري – تفسيره – وجوب الاعتداد بالإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعني الحرفي للألفاظ مع الاستهداء بطبيعة التعامل وما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للصرف الجاري في المعاملات – بيان ذلك.
ب- عقد إداري- علاوة تحويل العملة – جواز الاتفاق على زيادة الثمن بما يوازي قيمة علاوة تحويل العملة – بيان ذلك.
– أن الأصل في تفسير العقود الإدارية أنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين أما إذا كانت غير واضحة فقد لزم تقصي الإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعني الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وما ينبغي أن يتوفر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري في المعاملات والمقصود بوضوح العبارة هو وضوح الإرادة فقد تكون العبارة في ذاتها واضحة لكن الظروف تدل على أن المتعاقدين أساءوا استعمال التعبير الواضح فقصدا معناً وعبرا عنه بلفظ لا يستقيم معه هذا المعني بل هو واضح في معني آخر ففي هذه الحالة لا يؤخذ بالمعنى الواضح للفظ بل يجب أن يعدل عنه إلى المعني الذي قصد إليه المتعاقدان دون أن يوصي ذلك بالمسخ والتشويه فالعبرة في تفسير العقود بالتعرف على الإرادة المشتركة للمتعاقدين عن طريق معايير موضوعية تمكن من الكشف عنها.
2– من المقرر أنه ليس ثمة خطر في مواد النظام على أن ينطوي الثمن في العقود الإدارية على فروق علاوة على زيادة الثمن بما يوازي قيمة هذه العلاوة وفي ضوء هذه المبادئ يجب أن ينظر إلى نص المادة الثامنة من الملاحظات الإيضاحية التي تعتبر جزءاً من العقد الأصلي وعبارتها في غاية الوضوح تكشف عن الإرادة المشتركة للشركة والوزارة فالشركة وضعتها كتحفظ في ملاحظاتها الإيضاحية وتهدف من وراء ذلك إلى حماية نفسها من تقلبات قيمة العملة الأجنبية فوضعت معادلة للصرف على أساس أن كل دولار يساوي 4.50 ريال سعودي فهذا هو المقابل الذي ترتضيه وهذه قيمته فيجب ألا تقل هذه القيمة عن هذا المستوى الذي كان سائداً وقت التعاقد أما إذا ارتفعت قيمه الريال بالنسبة للدولار أو انخفضت قيمة الدولار بالنسبة للريال فإن المستوى السابق بيانه لقيمة العطاء يجب أن يظل على حاله.
______________________________ __________
الوقائع
تقدمت شركة … … … … باستدعائها رقم م/1/أ/4/476 بتاريخ 3/5/1393هـ وذكرت أنه بتاريخ 8/6/1384هـ تعاقدت مع وزارة المواصلات ( البرق والبريد والهاتف حالياً) على تأسيس التليفون الآلي في المدن الرئيسية في المملكة وذلك نظير مبلغ معين من الدولارات الأمريكية.
وقد رغبت الوزارة فيما بعد في توسيع نطاق المشروع الأمر الذي أدى إلى قيام الطرفين بإبرام العقد الإلحاقي المؤرخ 2/5/1388هـ وأثناء تنفيذ العقد أفضت تقلبات أسعار العملات الدولية إلى تغيير في أسعار بعض تلك العملات ومن ضمنها الدولار الأمريكي الذي فقد جزءاً كبيراً من قيمته وقد ترتب على ذلك أنه لدى تصفية استحقاقات الشركة على أساس سعر الدولار الجديد بالنسبة للريال رأت الوزارة أن تتحمل الشركة الفرق بين سعر الدولار القديم وسعره الجديد وقد اعترضت الشركة على ذلك وأفادت وجهة نظرها على نص المادة (8) في الملاحظات الإيضاحية التي تعتبر جزءاً من العقد، والتي جرى نصها على ما يلي:
” أن جميع أسعار التركيب قد احتسبت على أساس سعر التحويل الرسمي للدولار والبالغ أربع ريالات ونصف ريال سعودي للدولار الواحد (4.50) وإذا تغيرت قيمة الريال بالارتفاع فإن أسعار التركيب ستعدل بنفس النسبة “.
وفي مذكرة لاحقة مؤرخة في 4/12/1392هـ مقدمة لسعادة وكيل وزارة المواصلات للشؤون السلكية واللاسلكية قالت الشركة أنها تستحق أن تحتسب أجور التركيب لها على أساس (4.50) ريال لكل دولار، وذلك لأن أجور التركيب يجب أن تظل بمنأى عن التأثير به للاختلال الذي طرأ على سعر التعادل بين العملات إذ أنه وأن قدمت أسعارها بالدولار إلا أنها أوضحت أن الدولار بالنسبة لها وفيما يتعلق بأجور التركيب بالذات يعني 4.50 ريال كما أنها لو كانت راغبة في أن تتم محاسبتها بالدولار وبصرف النظر عن أي علاقة بينه وبين الريال السعودي لما كانت في حاجة إلى وضع المادة المذكورة إذ العقد بالدولار ومن ثم فإن المحاسبة ستكون بالدولار، ولكن الصحيح هو أن الشركة أرادت أن تحمي نفسها من أي تقلب يحصل في قيمة الدولار بالنسبة للريال السعودي بمعنى أنها أرادت أن تثبت المعادلة الصرفية التي وضعت أسعارها على هديها وهي أن الدولار يساوي (4.50) ريال وترى أن أي قول بأن محاسبتها يجب أن تتم على أساس السعر الجديد للدولار أي 4.15 يعني إفراغ المادة الثامنة المشار إليها من أي مضمون وجعل وجودها عبثاً لا طائل من ورائه وهذا يخالف إرادة المتعاقدين إذ أن وجود تلك المادة وإن كان قد حمى الشركة حينما أخلت المعادلة بين سعر الدولار والريال بانخفاض سعر الدولار فإنه في الوقت ذاته يحمي الدولة فيما لو كان قد حصل العكس أي فيما لو انخفضت قيمة الريال السعودي بالنسبة للدولار.
واستطردت الشركة قائلة أن المادة المذكورة لم تتعرض إلا إلى علاقة الريال بالدولار فهي لم تتعرض لسعر الذهب أو أية عملة أخرى ومرد ذلك أن الشركة أرادت أن تحدد موقفها على ضوء الأسس التي اعتمدتها في إعداد عطائها أي أنها أرادت أن تقول وبوضوح أن كل دولار بالنسبة لها يساوي 4.50 ريال وأن أي اختلال في هذه المعادلة يجب أن لا تضار منه.
وأضافت الشركة أن نص المادة الثامنة في الملاحظات الإيضاحية السابق بيانه والذي يعتبر وثيقة من وثائق العقد الأصلي قد بقي حكمة قائماً أيضاً في ظل العقد الإلحاقي ودليل ذلك ما يلي:
– إن الوزارة حينما رغبت في توسيع مشروع الهاتف الآلي وطلبت إلى الشركة تقديم عرض جديد بالنسبة للتوسعة المطلوبة ونظراً لأن تلك الرغبة في التوسعة جاءت بعد مضي خمس سنوات من إبرام العقد الأصلي فإن الشركة ضمنت عرضها أسعاراً مختلفة عن الأولى بالنسبة للمواد والمعدات وذلك بسب ارتفاع أسعارها عالمياً، وقد دارت عدة مناقشات حول ذلك انتهت بإبرام العقد الإلحاقي المؤرخ في 2/5/1388هـ وقد نص البند العاشر من هذا العقد في فقراته “1، 2، 3، 4″ على الأسس والتواريخ التي تتم وفقاً لها زيادة أسعار المواد والمعدات المستوردة وفي فقرته الخامسة نص على أنه (وفيما عدا ما ذكر فإن أسعار العقد الأساسي لا تخضع لأي تعديل حتى إنجاز الطرف الثاني لجميع أعمال العقد الأساسي وهذا العقد).
كما أنه ورد في صدر البنك العاشر ما نصه ” يقوم الطرف الأول بمحاسبة الطرف الثاني عن قيمة المواد والأعمال المطلوبة بموجب هذا العقد وبموجب العقد الأساسي “.
ومن هذه النصوص يتضح أن التعديل الذي أتى به العقد الإلحاقي خاص بأسعار المواد والمعدات المستوردة إذ أن هذا العقد قضي بإدخال تعديلات على أسعار تلك المواد والمعدات، أما بالنسبة لأجور التركيب فإنه أحال إلى أحكام العقد الأساسي مؤكداً أن تلك الأسعار يجب أن تخضع لأي تعديل وهذا ما عنته بوضوح عبارة “وفيما ما عدا ذكره” ولذلك فإن نصوص العقد الأساسي هي التي يجب أن يعتد بها بكل ما يتعلق بأسعار أجور التركيب وأي قول يدعو إلى أن تتحمل الشركة نتائج تغيير سعر الصرف سيؤدي بدون شك إلى تعديل أسعار العقد الأساسي وهذا يتعارض تعارضاً واضحاً مع نص الفقرة الخامسة التي نصت على أسعار العقد الأساسي فيما عدا أسعار المواد والمعدات لا تخضع لأي تعديل.
كذلك فإن البند السادس عشر من البند الإلحاقي قد نص على أن (يعتبر هذا العقد أي العقد الإلحاقي مكملاً للعقد الأساسي ومعدلاً له وتعتبر نصوص هذا العقد في التعميم والتخصيص والإطلاق والتقييد).
ورأت الشركة أن هذا النص قاطع الدلالة على ما يلي:-
أ- أن أحكام العقد الإلحاقي تعتبر معدلة لأحكام العقد الأصلي وذلك بالنسبة للمسائل التي وردت لها أحكام مغايرة.
ب- أن أحكام العقد الإلحاقي تعتبر مكملاً لأحكام العقد الأساسي وذلك بالنسبة للمسائل التي لم يرد لها حكم خاص في العقد الأساسي ونظراً إلى أن نصوص العقد الإلحاقي اقتصرت على تحديد أسعار المواد والمعدات المستورة فإن أسعار أجور التركيب فيه محكومة بنصوص العقد الأساسي، ويؤيد ذلك نص الفقرة خامساً من البند العاشر في العقد الإلحاقي وهي التي نصت على ” فيما عدا ما ذكر في الفقرات أولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً فإن أسعار العقد الأساسي لا تخضع لأي تعديل”.
وخلصت الشركة في ذلك إلى أن نصوص العقد الأساسي هي التي ما برحت تنظم علاقة الطرفين فيما يتعلق بأجور التركيب وبما أن تلك النصوص قد تضمنت شرطاً خاصاً لسعر الصرف فإن الشركة تحتفظ لنفسها بموجبة أن تحاسبها الوزارة على أساس أن الدولار يساوي 4.50 ريال لأن استحقاقات الشركة يجب أن تظل بمنأى عن التأثير بنتائج تقلبات أسعار العملات الأجنبية.
رد الإدارة:
ولقد عقبت جهة الإدارة المدعى عليها على دعوى الشركة بمذكرة قالت فيها:
أولاً- أن طلب الشركة اعتماد الريال السعودي بدل الدولار الأمريكي بالنسبة لأسعار التركيب يخالف النصوص الصريحة والواضحة الواردة بشروط المناقصة وبالعقدين المتعلقين بالموضوع، وتقضي جميعها بأن الدفع يكون بالدولار الأمريكي دون ربطه بأي عملة أخرى وبررت الوزارة وجهة نظرها هذه بأن المادة “1/أ/د ” في شروط المناقصة الواردة تحت ” عنوان معلومات لمقدمي العطاءات ” نصت على أن الأسعار يجب أن تكون بالدولار وأن المادة (22) من العقد المبرم مع الشركة في 1384 في شأن مشروع تنفيذ الهاتف الآلي نصت على أن يدفع الطرف الأول للطرف الثاني بالدولارات الأمريكية مقابل جميع المواد الموردة والعمل المؤدى والتركيب والخدمات المقدمة من أجل إتمام السنترال أو الشبكة المشمولة في هذا العقد طبقاً لجدول ” ز” أدناه.
وقررت الإدارة في مذكرتها سالفة البيان أن كل نصوص وشروط عقدي 1384هـ 1388هـ المتعلقين بالمشروع صريحة في أن دفع قيمة أعمال التركيب تتم بالدولار دون أن تحدد له سعر للريال السعودي أو تربطه بأية عملة أخرى الأمر الذي يؤدي إلى رفض ادعاءات الشركة الرامية إلى المطالبة بقيمة التركيب بالريال السعودي.
ولا تفيد المادة (8) من الملاحظات التوضيحية المشار إليها في مذكرة الشركة لو افترض وجودها على إطلاقها في إعادة حساب الريال السعودي في قيمة التركيب ذلك أن المادة المذكورة أشارت فقط إلى أنه في حالة وجود ارتفاع جوهري في سعر الريال، في هذه الحالة وحدها تعدل أسعار التركيب تبعاً لذلك وبديهي أن تعديل الأسعار في حالة أحقيته سيكون بالدولار إعمالاً لنصوص العقد.
وخلصت الإدارة في هذه الفقرة في مذكرتها إلى أنه لا وجه لما تدعيه الشركة من اعتماد صرف قيمة أعمال التركيب بالريال السعودي.
ثانياً- أضافت جهة الإدارة قائلة أن المادة الثامنة من الملاحظات التوضيحية التي تستند عليها الشركة في طلبها صرف أسعار التركيب على أساس أن الدولار يساوي 4.50 ريال سعودي – هذه المادة قد عدلت بوثائق أخرى ملحقة بالعقد المبرم في سنة 1384هـ حتى يكون العطاء متفقاً مع شروط المناقصة وأية ذلك أن الشركة أرسلت عطائها ومرفقاته بما في ذلك الملاحظات التوضيحية المشار إليها في الخطاب المؤرخ 20/2/1964م أوردت به أنه (بالنسبة لأسعار تركيب الجزئين 2،1 بما في ذلك تأمين المواد الأولية وهي الخرسانة العادية والمسلحة فإن الأسعار ستبقى ثابتة طول السنتين الأوليين في العقد وبعد ذلك يمكن تعديل الأسعار في حالة حدوث ارتفاع ملموس في أجور العمال المحليين وكذلك في أسعار المواد المحلية على أن تتم هذه التعديلات بناءً على المستندات الرسمية الصادرة من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة التجارة)
وعندما وضح للوزارة أن ما جاء بالمادة (8) من الملاحظات التوضيحية لتعديل أسعار التركيب عند تغيير سعر الدولار وما تضمنه خطاب الشركة من تعديل تلك الأسعار عند ارتفاع أجور العمال المحليين وأسعار المواد المحلية دون تحديد حد أقصى لما تكون عليه زيادة الأسعار يخالف ما نصت عليه المادة “12” من شروط المناقصة التي تقضي بأن الوزارة تفضل التعاقد على أساس أسعار ثابتة ونهائية وأنه يمكن النظر في قاعدة تعديل الأسعار بشرط أن يذكر الحد الأقصى للتعديل وعندما وضح للوزارة ذلك بادرت إلى إخطار الشركة في 27/4/1964م برقم 12177 لتتقدم بأسعار ثابتة وتضع حداً أعلى لتغيير أسعار تكاليف التركيب التي يشملها العطاء إعمالاً للمادة 12 سالفة الذكر.
وخلصت جهة الإدارة في ذلك إلى أنه كان من الطبيعي أن تصحح الشركة عطاءها وفقاً لما تقضي به شروط المناقصة وإلا كان حرياً بالاستبعاد كما استبعد غيره لهذا السبب فأرسلت الشركة كتابها المؤرخ 5/5/1964م الذي أشارت فيه إلى أن أسعار التركيب هي التي سوف يتناولها التعديل في حالة حدوث زيادة كبيرة في تكاليف الأيدي العاملة المحلية وأن الجزء الرئيسي من أعمال التركيب سيظل ثابتاً طوال مدة العقد ومن بين ذلك تكاليف المهندسين والفنيين والعمال المهرة الأجانب الذي سيتم استقدامهم من الخارج وتكاليف نقل الموظفين والمواد والمصاريف الإدارية. وقصرت التعديل على أجور العمال المحليين وحددت التكاليف التي تخضع لتغيير الأسعار بما لا يزيد عن مليون ريال ورأت جهة الإدارة أن ما ورد في خطاب الشركة الأخيرة في قصر تعديل الأسعار على أجور العمال المحليين وتحديد التكاليف التي تخضع للزيادة بمليون دولار يعبر تعديلاً صريحاً لما جاء بالمادة (8) من الملاحظات التوضيحية وما جاء بخطاب تصدير العطاء على نحو يتفق وشروط المناقصة بحيث لا تجوز زيادة الأسعار إلا بالنسبة لأجور العمال المحليين وفي حدود الزيادة المذكورة فقط. وليس من شك في أن حالة ارتفاع سعر الريال بالنسبة للدولار هي حالة من حالات رفع الأسعار بصفة عامة وليس للشركة حق فيها دون أن تضع لذلك ضوابط محددة سلفاً وإلا تكون قد خالفت نص المادة (12) من شروط المناقصة.
ثالثاً- أضافت جهة الإدارة فضلاً عما تقدم أن المادة الثامنة من الملاحظات التوضيحية بتعديلاتها الأخيرة قد ألغيت بالعقد الإلحاقي الذي أبرم بين الوزارة والشركة في عام 1388هـ وقبل إعادة تقييم الريال بالنسبة للدولار حيث تضمن هذا العقد نظاماً متكاملاً لتعديل الأسعار انطوى على ضوابط ومعادلات تتناسب مع الظروف الجديدة وهي وحدها التي تسري بالنسبة لهذا العقد الإلحاقي الذي اعتبر العقد الأساسي جزءاً من وثائقه وعلى ذلك إذ تعارضت نصوص هذه الوثائق مع نص العقد الإلحاقي فيؤخذ بنص العقد الإلحاقي.
وقد أشار البند العاشر من العقد الجديد إلى النظام الجديد لتعديل الأسعار بالنسبة لكافة مشتملات العقد الأساسي والعقد الإلحاقي. وهذا النظام هو الواجب التطبيق ذلك لأنه بعد أن أشار الطرفان في البند المذكور إلى أسعار عطاء العقد الأساسي وضوابط تعديل الأسعار الواردة به استبعدا ضوابط الأسعار الواردة بعطاء 20/2/1964 في دائرة التطبيق مؤكدين أن يكون التعديل بالنسبة للعقد الأساسي والعقد الإلحاقي وفقاً لما جاء في البند العاشر في العقد الأخير. وعبارات البند العاشر واضحة في هذا الخصوص وصياغته تقطع باستبعاد الضوابط الواردة في العقد الأساسي في التطبيق، وبأن إدارة الطرفين اتجهت إلى إعمال معدلات جديدة لضبط الأسعار عند ارتفاعها بالنسبة لكافة مشتملات العقدين وعلى هذا فلا يجوز القول بأن ضوابط التعديل المبينة في المادة 8 في الملاحظات التوضيحية المقدمة مع العطاء لازالت سارية المفعول أو محققة لآثارها بالنسبة لأعمال التركيب ومن ثم يتعين التسليم بإلغائها في تاريخ تنفيذ العقد الإلحاقي المبرم في 1388هـ ولا يصبح تفسير سكوت البند العاشر عن وضع ضوابط بالنسبة لأجور العمال المحليين وأسعار المواد المحلية بانصراف نية الطرفين إلى إعمال الضوابط المقررة بعطاء العقد الأصلي بشأنها إذ لا محل لهذا التفسير طالما أن عبارات البند المذكور واضحة باستبعاد تلك الضوابط نهائياً وإحلال ضوابط جديدة محلها وخير شاهد على ذلك عبارة الفقرة الخامسة من البند العاشر التي تقضي بأنه فيما عدا ما ذكر فإن أسعار العقد الأساسي لا تخضع لأي تعديل حتى إنجاز الطرف الثاني لجميع أعمال العقد الأساسي وهذا العقد.
وانتهت جهة الإدارة في مذكرتها إلى أن الشركة غير محقة في طلبها وطلبت رفض دعواها.
______________________________ __________
الأسباب
من حيث أن الشركة المدعية تطلب أن يحتسب لها أجور التركيب على أساس 4.50 ريال لكل دولار استناداً إلى نص المادة الثامنة من الملاحظات الإيضاحية التي تعتبر جزءاً من العقد الأصلي المبرم بينهما وبين الوزراة في عام 1384هـ وذلك على التفصيل الوارد بالوقائع.
ومن حيث أن الوزارة المدعى عليها تنكر على الشركة هذا الحق قولاً منها بأن الشركة ترمي من وراء طلبها إلى اعتماد الريال السعودي في الدفع بدلاً من الدولار وهذا يخالف شروط المناقصة ونصوص العقدين المبرمين في هذا الشأن والتي تقضي جميعها بأن يكون الدفع بالدولار وأن هذا الطلب يكون رفعاً للأسعار دون ضوابط محدودة سلفاً وهذا يخالف نص المادة (12) من شروط المناقصة التي تقضي بأن الوزراة تفضل التعاقد على أساس أسعار ثابتة ونهائية.
وفضلاً عن ذلك فإن المادة الثانية من الملاحظات الإيضاحية التي تستند عليها الشركة قد ألغيت بمقتضى البند العاشر من العقد الإلحاقي.
ومن حيث أن التكييف الصحيح لطلب الشركة هو أنه طلب تنفيذ نص من نصوص العقد المبرم بينها وبين الوزارة ورد في وثيقة اعتبرت جزءاً منه. وليس إحلالاً للريال السعودي محل الدولار ولا رفعاً للأسعار ذلك لأن الشركة لا تطلب أكثر من أن كل دولار يحسب لها من أسعار التركيب يجب أن تحتوي قيمته على 4.50 ريالاً سعودي حتى يحتفظ عطاؤها بقيمته ومقداره عند التعاقد.
وفي ضوء هذا التكييف يصبح من نافلة القول الحديث عن رفع الأسعار أو زيادة قيمة العطاء لأن الشركة لا تطلب كمقابل للتركيب عدداً من الدولارات أكثر مما ارتبطت به مع الوزارة وإنما تطلب أن تكون قيمة هذه الدولارات ومحتواها هي ذات القيمة التي تعاقدت عليها حتى يحتفظ عطاؤها بمستواه.
ومن حيث أن المادة الثامنة من الملاحظات الإيضاحية التي تعتبر جزءاً من العقد الأصلي مع الشركة تنص على أن:
(جميع أسعار التركيب قد احتسبت على أساس سعر التحويل الرسمي للدولار والبالغ أربعة ريالات ونصف ريال سعودي للدولار الواحد (4.50) وإذا تغيرت قيمة الريال بالارتفاع فإن أسعار التركيب ستعدل بنفس النسبة).
ومن حيث أنه من المقرر في الفقه والقضاء والإداريين والشريعة الإسلامية السمحاء أنه من المتعين في تفسير العقود البحث عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ إذ يعتد بالإرادة الحقيقية على أن تكون الإرادة المشتركة للمتعاقدين لا الإرادة الفردية لكل منهما لأن هذه الإرادة المشتركة هي التي التقى عندها المتعاقدان وهي التي يؤخذ بها دون اعتداد بما لأي متعاقد منها من إرادة فردية، ومن العوامل التي يستهدي بها القضاء للكشف عن هذه الإرادة المشتركة ما يرجع إلى طبيعة التعامل حيث يختار القاضي المعنى الذي تقتضيه طبيعة العقد، ومن العوامل الخارجية في تفسير العقد حيث لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للنظام والعرف والعدالة.
كذلك من المقرر أن الأصل أن من يوجه الإيجاب في العقد الاداري إنما يوجهه على أساس الشروط العامة المعلن عنها والتي تستقل لإرادة دون أن يكون للطرف الآخر حق الاشتراك في ذلك، وليس لمن يريد التعاقد مع الإدارة إلا أن يقبل هذه الشروط فإن الأصل أن يستبعد هذا العطاء إلا أن يكون الخروج مقصوراً على بعض التحفظات التي تؤثر على هذه الشروط الجوهرية المعلقة ففي هذه الحالة أجيز للإدارة أن تتفاوض مع صاحب العطاء للنزول عن كل أو بعض تحفظاته.
ومن المقرر أيضاً أن الأصل في تفسير العقود الإدارية أنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين أما إذا كانت غير واضحة فقد لزم تقصي الإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري في المعاملات. والمقصود بوضوح العبارة هو وضوح الإرادة فقد تكون العبارة في ذاتها واضحة لكن الظروف تدل على أن المتعاقدين أساءوا استعمال التعبير الواضح فقصدا معناً وعبرا عنه بلفظ لا يستقيم معه هذا المعنى بل هو واضح في معنى آخر، ففي هذه الحالة لا يؤخذ بالمعنى الواضح للفظ بل يجب أن يعدل عنه إلى المعنى الذي قصدا إليه المتعاقدان دون أن يرمي ذلك بالمسخ والتشويه فالعبرة في تفسير العقود بالتعرف على الإرادة المشتركة للمتعاقدين عن طريق معايير موضوعية تمكن من الكشف عنها.
ومن المقرر أيضاً أنه ليس ثمة خطر من مواد النظام على أن ينطوي الثمن في العقود الإدارية على فروق علاوة تحويل العملة أو ما في حكمها فلا مخالفة والحالة هذه في اتفاق طرفي العقد على زيادة الثمن بما يوازي قيمة هذه العلاوة.
في ضوء هذه المبادئ المستقرة فقهاً وقضاءً يجب أن ينظر إلى نص المادة الثامنة من الملاحظات الإيضاحية التي تعتبر جزءاً من العقد الأصلي وعبارتها في غاية الوضوح تكشف عن الإرادة المشتركة للشركة والوزارة، فالشركة وضعتها كتحفظ في ملاحظاتها الإيضاحية وتهدف من وراء ذلك إلى حماية نفسها من تقلبات قيمة العملة الأجنبية فوضعت معادلة للصرف لتقول وهي الشركة الوطنية أنها وإن كانت قدمت عطائها لتتواءم مع الشروط الجوهرية للمناقصة إلا أنها حسبت أسعارها على أساس أن كل دولار يساوي 4.50 ريال سعودي أي أن هذا هو المقابل الذي ترتضيه وهذه قيمته فيجب ألا تقل هذه القيمة عن هذا المستوى الذي كان سائداً وقت التعاقد أما إذا ارتفعت قيمة الريال بالنسبة للدولار أو انخفضت قيمة الدولار بالنسبة للريال فإن المستوى السابق بيانه لقيمة العطاء يجب أن يظل على حالة.
والوزارة لأنها قبلت النص في المادة الثانية من العقد الأصلي على أن يكون من وثائق العقد ” … عروض الطرف الثاني وتتضمن الجداول والبيانات المقدمة منه والموافق عليها من الطرف الأول وتتكون مما يأتي:-
أ- العرض رقم أ و أ/1 المؤرخ 20/2/1964م مع كامل مرفقاته.
ب- خطاب الطرف الأول رقم 61371 المؤرخ 18/3/1964م.
جـ- خطاب الطرف الثاني رقم أ و. أ في 7/4/1964م مع كامل مرفقاته.
د- خطاب الطرف الأول رقم 12177 في 27/4/1964م.
هـ- خطاب الطرف الثاني المؤرخ 5/5/1964م.
وقد اشتمل العرض المنصوص عليه في الفقرة ” أ ” على بيانات قدمتها الشركة باسم ملاحظات إيضاحية ورد بها نص المادة الثامنة السابق إيراده والذي تعمد عليه الشركة في مطالبتها.
وقد قبلت الوزارة وجود هذه المادة بعد الانتهاء من مرحلة المفاوضات لحظة تحرير العقد وبعدها بدليل أن العقد الأصلي نص على أن تعتبر الملاحظات الإيضاحية المذكورة من وثائق العقد دون أن تطلب الوزارة حذف المادة الثامنة منها أو تعديلها ومعنى ذلك أن هذا النص باقٍ في ظل العقد الأصلي وترتب عليه حكمه.
فهل هذا النص باقٍ كذلك في ظل العقد الإلحاقي أم أنه أُلغي ؟
وحيث أنه جاء في البند العاشر من العقد الإلحاقي ما يلي:
– ” بما أن الطرف الأول قد جدد في عرضه المؤرخ 20/2/1864م أسعار الأعمال والمواد التي سيطلق عليها فيما بعد …. أسعار الأعمال والمواد الأساسية”.
– كما اورد في عرضه ضوابط لتعديل هذه الأسعار فقد اتفق بين الطرفين على تحديد أسعار المواد والأعمال المطلوبة بموجب هذا العقد وبموجب العقد الأساسي بالطريقة الآتية:-
وأوردت الفقرات أولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً مجموعة من الضوابط لزيادة الأسعار ليس بها إشارة واحدة ما يعادله الصرف المنصوص عليها في المادة الثامنة من الملاحظات الإيضاحية سالفة البيان.
وهذه الضوابط لا تعدو أن تكون في حقيقتها تطبيق لمعادلة رفع أسعار واردة في العقد الأصلي شملت المواد والمعدات دون أسعار التركيب وأية ذلك ما يلي:-
أولاً: المحضر المتخذ من قبل سمو وزير المالية والاقتصاد الوطني ومعالي وزير المواصلات المرفق بخطاب سمو وزير المالية رقم 460 في 23/3/1388هـ فقد وردت في هذا المحضر إشارة إلى قرار مجلس الوزارة رقم 234 في 2/3/1388هـ الذي قضى بتفويض سمو وزير المالية ومعالي وزير المواصلات في البت في طلب وزير المواصلات الموافقة على تكليف الشركة بالقيام بتنفيذ الزيادات المطلوبة لمشروع الهاتف الأتوماتيكي بنفس الأسعار والشروط والأسس والمواصفات السابق التعاقد عليها مع الشركة المذكورة بتاريخ 14/10/64م (8/5/84هـ) وقد اتفق الوزيران في هذا المحضر على أن يتضمن العقد الجديد مع الشركة التزامها بتنفيذ مشروع التوسعة بنفس الأسعار والشروط والأسس التي تم التعاقد بمقتضاها في العقد الأساسي مع مراعاة أنها وردت في العقد الأساسي معادلة متعلقة بزيادة أسعار المواد الخام وأجور العمال والشحن أثناء التنفيذ ونص على تطبيق هذه المعادلة بأن تضاف حصيلتها إلى الأسعار بحيث لا تتجاوز هذه الزيادة 15% من قيمة الأسعار المتفق عليها ويراعى أن ينص في العقد المتعلق بالتوسعة على تطبيق هذه المعادلة بحدها الأعلى 15% من قيمة الأسعار على معدات التوسعة التي يتم شحنها خلال مدة سريان العقد الأصلي أي حتى 14/10/69م، وبعد هذا التاريخ يتخذ السعر الذي وصلت إليه معدات التوسعة بعد إضافة المعادلة المذكورة بحدها الأعلى وهو 15% لأسعار ما تبقى من معدات التوسعة بعد 14/10/69 م بدون شحن يضاف إليه حصيلة المعادلة بحد جديد لا يتجاوز 10% من قيمة الأسعار الجديدة.
ثانياً- أن مندوب المواصلات – في اجتماعات اللجنة الإدارية – قد أشار إلى أنه من الواضح أن عبارات المحضر سالف الذكر قد ظهرت في عقد التوسعة في البند العاشر ومعنى ذلك أن أسعار العقد الأصلي بقيت على ما كانت عليه بدون أي تغيير لا بالنسبة للتوريدات ولا بالنسبة لأعمال التركيب وأن المعادلة الواردة في البند العاشر من العقد الجديد هي ذات المعادلة الواردة في وثائق العقد الأصلي. ومعني ذلك بوضوح أن أسعار التركيب بقيت على حالتها في العقدين يؤيد ذلك خطاب مدير الشؤون المالية بوزارة المواصلات رقم 8800ح في 20/5/1394هـ لمندوب تلك الوزارة الذي يذكر فيه أن أسعار وحدات أجور التركيب لعقد التوسعة حددت على أساس نفس أسعار وحدات التركيب للعقد الأساسي.
ثالثاً: بتاريخ 25/5/94هـ قام مندوبا ديوان المظالم – في اللجنة التي سبق لها بحث الموضوع – بعمل اطلاع في وزارة المواصلات للتأكد من وحده أسعار التركيب في العقدين ومن أن القيمة المحددة في البند ثانياً من الفقرة الثالثة من البند الحادي عشر من عقد التوسعة لا تمثل خروجاً على تلك القاعدة وقام خبير الشبكات الهاتفية بالوزارة بإطلاعها على جداول وحدات الأسعار المرفقة بالعقد الأساسي ومعه ضمنها أسعار التركيب والموقع عليها من المسؤولين بالوزارة والشركة، وجرى تطبيق هذه الأسعار على المستخلص المقدم من الشركة برقم م-1/س-1/1871 في 5/10/1386هـ عن إنشاء غرف التفتيش وإنشاء مجاري الكابلات الخرسانية من الدرجة الثالثة لشبكة الطائف والمعتمد من المهندس المشرف من قبل الوزارة بموجب الشهادات المؤرخة 6/9/86هـ وهذا المستخلص من أعمال العقد الأساسي، كما جرى تطبيق ذات الأسعار من واقع الجداول على مستخلصين من أعمال التركيب في عقد التوسعة هما المستخلص رقم م/1/ش – 1/4740 المؤرخ 17/8/1390هـ عن أعمال التركيب لشبكة جدة ورقم م/1/ش – 1/2602 المؤرخ 3/9/1392هـ عن شبكة جدة أيضاً وقد وجد مندوبا الديوان أن أسعار وحدات التركيب متفقة في جميع المستخلصات المذكورة مع جداول الأسعار الملحقة بالعقد الأساسي وأن أسعار التركيب في هذا العقد لم يصيبها أي تعديل.
رابعاً- أن نص الفقرة الخامسة صريحة في أنه فيما عدا ما ذكر في الفقرات أولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً فإن أسعار العقد الأصلي لا تخضع لأي تعديل ومعنى ذلك بصراحة أن أسعار التركيب ومعها نص المادة الثامنة لم تعدل بمقتضى العقد الإلحاقي وأنها باقية على حالها تحكمها نصوص العقد الأصلي. والقول بغير ذلك يعني أن العقد الإلحاقي قد أعد بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء رقم 234 في 2/3/1388هـ بتفويضه وزيري المالية والمواصلات بالاتفاق مع الشركة المتعاقدة على الأساس المشار إليها في العقد الأصلي وتلك نتيجة لم تتجه إليها إرادة وزارة المواصلات المتعاقدة.
ومن حيث أنه على هدى كل ما تقدم فإن نص المادة الثامنة من الملاحظات الإيضاحية باق في ظل العقد الإلحاقي كما هو باق في ظل العقد الأصلي ويترتب عليه حكمه هو أن تحاسب الشركة على أسعار ونفقات التركيب المتفق عليها على أساس 4.50 ريال لكل دولار.
ولا يغير من تلك النتيجة القول بأن قيمة الريال لم ترتفع وأن الدولار هو الذي انخفض وذلك لأن المادة الثامنة المشار إليها أشارت في وضوح إلى أن المعتبر وهو سعر التبادل الرسمي في ذلك الوقت بين الدولار والريال وأن هذا المعنى هو الذي قصده المتعاقدان حينما سلف بيانه.
______________________________ __________
لذلك انتهى الديوان إلى :
أحقية الشركة في أن تصفي حساباتها المتفق عليها من أعمال التركيب على أساس أن الدولار يعادل 4.5 ريالاً سعودياً وما يترتب على ذلك من آثار.
اترك تعليقاً