عقد إداري – عيوبه – إكراه – تعريفه
قرار رقم 3/30/1398هـ
القضية رقم 2601/ ق لعام 1398هـ
عقد إداري – عيوبه – إكراه – تعريفه – أن الإكراه الذي يبطل العقد هو بصفة عامة رهبة تقع في نفس الشخص نتيجة وسائل ضغط معينة فتتأثر بذلك إرادته ويندفع إلى التعاقد – دعوة الإدارة المتعاقد إلى التفاوض حول فسخ العقد مع تنازل كل منها عن حقوقه قبل الآخر هذه الدعوى لا تنطوي على إكراه يبطل الإرادة – أساس ذلك – أن حقوق الإدارة في هذا الشأن وما تملكه من إجراءات مسائل يحكمها النظام ويبن بوضوح حقوق كل من المتعاقدين فيها.
إن الإكراه الذي يعد سبباً لإبطال العقد هو بصفة عامة رهبة تقع في نفس الشخص نتيجة وسائل ضغط معينة فتتأثر بذلك إرادته ويندفع إلى التعاقد فلابد لتحقيق الإكراه من توافر عنصرين أحدهما: استعمال وسائل تهدد بخطر جسيم محدق وثانيهما: رهبة في النفس تبعثها هذه الوسائل فتحمل على التعاقد، وفي تقدير هذه الرهبة من ناحية قيامها وآثارها يعتد بمعيار ذاتي حيث يختلف الإكراه باختلاف أحوال الأشخاص وسنهم وصنعتهم وغير ذلك من الظروف التي من شأنها أن تؤثر في جسامة الإكراه ودعوة جهة الإدارة إلى التفاوض حول فسخ العقد مع تنازل كل منهما عما قد يكون له قبل الآخر من حقوق هي دعوة إلى صلح ينتهي به التعاقد القائم بينهما وتصفى آثاره على النحو الذي يتم الاتفاق عليه فليس ثمة خطر جسيم كان يتهدد المتظلم ويرهبه ويؤثر على إرادته، وإنه ولئن كان قد خشي مغبة أن تتمسك الإدارة بالعقد أن هو رفض الاتفاق وتطالب بتنفيذه مع استمرار حجز ضمانه فإن ذلك قد ينطوي على خطر محدق وهو الخطر الوشيك الوقوع الذي يقتضي المسارعة إلى توقيعه وإنما حقوق الإدارة في هذا الشأن وما يتم من إجراءات مسائل يحكمها النظام ويبين بوضوح حقوق كل من المتعاقدين فيها فليس من الأمر خطر جسيم ولا هو منطوٍ على خطر حال أو وشيك الوقوع كان يتهدده وليس فيما كان يحتمل أن تلجأ إليه الرئاسة من إجراءات أي ضغط على الإرادة طالما أن هذه الإجراءات مردها النظام ويوسع المتظلم أن يقاضي الإدارة في شأنها ولا يعدو الأمر والحال هذه أن المتظلم قد وازن بين مصالحه وما اختاره ما رآه أجدى في هذا المجال.
______________________________ __________
الوقائع
تتحصل وقائع الموضوع – حسبما يتبين من عريضة الاستدعاء والمستندات المرافقة لها في أن المقاول المتظلم رست عليه عملية إنشاء مدرسة ابتدائية بالمذنب وأبلغته الرئاسة العمة لتعليم البنات بهذه الترسية في 10/10/1394هـ ووقع العقد بين الطرفين في 27/11/94هـ متضمناً تحديد قيمة العملية بمبلغ 3531369.42 ريالاً ومدة تنفيذها بأربعة عشر شهراً من تاريخ تسليم الموقع ولم يتسن للرئاسة تسليم الموقع إلى المقاول حتى 30/3/1396هـ حيث أخطرته بالخطاب رقم 5800/7/1 بأن الموقع أصبح جاهزاً للاستلام وقد رد المقاول على هذا الإخطار بخطابه رقم 1833 بتاريخ 4/4/1396هـ بما يفيد تعميده مندوباً عنه لتسليم الموقع مع احتفاظه بحقه في التعويض عما أصابه من أضرار بسبب هذا التأخير تتمثل في زيادة الأسعار وعدم وجود بعض المواد في الأسواق وقدر ما سوف يطالب به بنسبة 60% من قيمة العقد ونتيجة لذلك طلب سماحة الرئيس العام لتعليم البنات من وزارة المالية والاقتصاد الوطني بالخطاب رقم 16/7/17/1 في 21/4/1396هـ الموافقة على إعطاء المقاول سعر المثل استناداً إلى أن التأخير في إنفاذ المشروع راجع إلى أسباب خارجة عن إرادة المقاول وتتعلق بإجراءات شراء الأرض المخصصة لهذا المشروع ثم حددت الرئاسة موعد تسليم الموقع إلى المقاول بتاريخ 10/5/1396هـ غير أنه أخطرها بخطابة رقم 1004 بتاريخ 9/5/1396 بأن الموقع المزمع تسليمه ليس هو الموقع الذي قدم عطاءه على أساسه وأنه يحق له رفض تسلم أي موقع بديل وبتاريخ 10/7/96هـ أخطرته الرئاسة بأن وزارة المالية طلبت التفاوض معه على أساس فسخ بالتقابل مع تنازل كل من الطرفين عن جميع التعويضات أو الادعاءات المتقابلة ثم يفرج بعدئذٍ عن الضمانات وقد رد المقاول على ذلك بخطابه رقم 1902 في 15/7/1396هـ بأنه يوافق على فسخ العقد مع تحفظه بمطالبة وزارة المالية بالتعويض وتطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 818 لسنة 1396هـ وطلب إلغاء العقد والإفراج عن الضمان ثم إحالة القضية إلى ديوان المظالم ثم طلب بخطاب مؤرخ 18/7/1397هـ الإفراج عن خطاب الضمان.
وبتاريخ 19/7/1397هـ حرر اتفاق بين سماحة الرئيس العام لتعليم البنات والمقاول المذكور أشار في ديباجته إلى طلب المقاول فسخ العقد وفقاً لرأي وزارة المالية سالف الذكر تضمن النص على فسخ العقد مقابل تنازل المقاول عن مطالبة الرئاسة أو وزارة المالية بأي تعويض عن عدم استلام موقع المشروع أو حجز الضمانات أو الادعاء عليها بأي تعويضات أو مطالبات أخرى أي كان نوعها أو سببها وأنه يتنازل تنازلاً تاماً عن المطالبة بأي تعويض وبناءً على هذا الاتفاق تم الإفراج عن خطاب الضمان في 20/7/1397هـ.
وقد ذكر المقاول في استدعائه المشار إليه أن الرئاسة قصرت في تنفيذ العقد المبرم بينهما تقصيراً ألحق به أضراراً مادية على التفصيل الذي أوضحه واستطرد إلى القول أن الرئاسة ووزارة المالية أكرهتاه على قبول التنازل عن كافة حقوقه أو مطالباته المتعلقة بالمشروع فضلاً عن حجز ثلث مليون ريال قيمة الضمان البنكي مدة ثلاثة سنوات قد تطول إلى سنوات أخرى فيما لو رفض هذا التنازل ولذلك فإن توقيعه بالموافقة على التنازل المذكور لم يكن نابعاً من إرادته أو رضائه ولكن كان مكرهاً ومسلوب الإرادة وكان في حالة مادية صعبة حيث يرى إمكانياته معطلة وضمانه محجوزاً يدفع عنه عمولة للبنك ولا يستفيد منه كما لا يستطيع التحلل من رابطة العقد رغم كل الخسائر إلا بموافقة جهة الإدارة.
وخلص المتظلم مما تقدم إلى طلب الحكم له بما يأتي:
أولاً- إبطال شرط التنازل في وثيقة فسخ العقد بينه وبين الرئاسة.
ثانياً- الحكم له بالتعويض عن خسائره.
______________________________ __________
الأسباب
من حيث أن حاصل طلبات المتظلم إبطال شرط التنازل الذي تضمنه الاتفاق على فسخ العقد توطئة لتعويضه عما لحقه من أضرار بسبب عدم تنفيذ جهة الإدارة لهذا العقد وهو يستند في طلب الإبطال على أساس أنه وقع هذا التنازل تحت إكراه شاب رضاءه.
وحيث أن الإكراه الذي يعد سبباً لإبطال العقد هو بصفة عامة رهبة تقع في نفس الشخص نتيجة وسائل ضغط معينة فتتأثر بذلك إرادته ويندفع إلى التعاقد فلابد لتحقيق الإكراه من توافر عنصرين أحدهما استعمال وسائل تهدد بخطر جسيم وثانيهما: رهبة في النفس تبعثها هذه الوسائل فتحمل على التعاقد وفي تقدير هذه الرهبة من ناحية قيامها وآثارها يعتد بمعيار ذاتي حيث يختلف الإكراه باختلاف أحوال الأشخاص وسنهم وصنعتهم وغير ذلك من الظروف التي من شأنها أن تؤثر في جسامة الإكراه.
ومن حيث أنه لاستبانة ما إذا كان المتظلم قد وافق على التنازل عما قد يكون له من حقوق مكرهاً أو مختاراً فإن الواضح مما أورده في استدعائه ومن واقع مستنداته أن جهة الإدارة قد دعته إلى التفاوض حول فسخ العقد مع تنازل كل منها عما قد يكون له قبل الآخر من حقوق وهي دعوة إلى صلح ينتهي بها التعاقد القائم بينهما وتصفى آثاره على النحو الذي يتم الاتفاق عليه فليس ثمة خطر جسيم كان يتهدد المتظلم ويرهبه ويؤثر على إرادته وأنه وإن كان قد خشي مغبة أن تتمسك الإدارة بالعقد أم هو رفض الاتفاق وتطالب بتنفيذه مع استمرار حجز ضمانه فإن ذلك كله لا ينطوي على خطر محدق وهو الخطر الوشيك الوقوع الذي يقتضي المسارعة إلى توقيه وإنما حقوق الإدارة في هذا الشأن وما تملكه من إجراءات مسائل يحكمها النظام وتبين بوضوح حقوق كل من المتعاقدين فيها والمتظلم مقاول يتعامل مع جهات الإدارة ويعلم أن ثمة جهة مختصة يستطيع أن يلجأ إليها لطلب فسخ العقد أن كان لذلك وجه وليطالب بالتعويض عما قد يكون لحقه من أضرار وبصفة عامة ليرد عنه ما قد يحيف على حقوقه من إجراءات الإدارة وهو من أدرى الناس بذلك بحكم عمله بل بحكم ماله من قضايا قائمة في هذا الديوان وضد الرئاسة العامة لتعليم البنات بالذات فليس في الأمر خطر جسيم ولا هو منطوٍ على خطر حال أو وشيك الوقوع كان يتهدده وليس فيما كان يحتمل أن تلجأ إليه الرئاسة من إجراءات أي ضغط على الإرادة طالما أن هذه الإجراءات مردها النظام وبوسع المتظلم أن يقاضي الإدارة في شأنها ولا يعدو الأمر والحالة هذه أن المتظلم قد وازن بين مصالحه واختار ما رآه أجدى في هذا المجال.
ومن حيث أن المتظلم وقد أرفق مستنداته بالاستدعاء المقدم منه وقد تبين على ما سبق أنها لا تفيد وقوع إكراه مفسد للرضا فمن ثم يكون تنازله صحيحاً ومعتبراً شرعاً ومنتجاً لآثاره ومانعاً بالتالي من المطالبة بأي تعويض ومن ثم يكون ما طلبه في هذا الاستدعاء غير قائم على أساس سليم مما يجدر معه حفظه.
______________________________ __________
لذلك انتهى الديوان إلى :
اترك تعليقاً