عقد إداري – قوته الملزمة التعاقد مع وزارة المواصلات على فتح مجرى ملاحي مؤقت وآخر رئيسي بالمواصفات المحددة في العقد
قرار رقم 29/1/1399هـ
القضية رقم 98/ ق لعام 1397هـ
أ – عقد إداري – قوته الملزمة التعاقد مع وزارة المواصلات على فتح مجرى ملاحي مؤقت وآخر رئيسي بالمواصفات المحددة في العقد ثم حلول المؤسسة العامة الموانئ محل وزارة المواصلات في إدارتها للموانئ- الحلول لا يسمح للشركة المتعاقدة التحلل من العقد القائم والمتقدم بعرض جديد للحصول على تكلفة المشروع مرتين وأضعاف القيمة المتعاقدة عليها – بيان ذلك.
ب – عقد إداري – غش المتعاقد – محاولة الشركة المتعاقدة إبرام عقد جديد لمدة ذات موضوع العقد الذي سبق أن أبرمته وزارة المواصلات وبزيادة عدة أضعاف في التكاليف مستغلة في ذلك إعادة تنظيم الموانئ وفصلها عن المواصلات وعدم علم المؤسسة بالعقد المذكور- هذه المحاولة تنطوي على مخادعة المؤسسة العامة للموانئ – استخلاص المخالفة من أدلة وقرائن متعددة ثابتة في الأوراق – تفصيل ذلك.
______________________________ __________
الوقائع
تتحصل وقائع هذه القضية – حسبما تبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 21 من ربيع الثاني 1396هـ الموافق 20 من إبريل 1976م أبرمت وزارة المواصلات مع شركة ……. عقداً لحفر مجرى ملاحي في شعب أبو سعده وورد في مقدمة هذا العقد أن الوزارة تعاقدت مع إحدى المؤسسات لتفريغ البضائع في ميناء جدة بواسطة بواخر ال. اس. تي، ومن مقتضى ذلك أن تقوم الوزارة بعمل مجرى ملاحي يسمح بمرور هذه البواخر، وأنه قد رُئي من ظروف التعاقد المشار إليه أن يفتح مجرى ملاحي مؤقت حتى يتم إنجاز المجرى الملاحي الرئيسي المطلوب وأن شركة بترولا تقدمت بعرض مؤرخ 11 إبريل سنة 1976م لتنفيذ هذه الأعمال، ووافق سعادة مدير عام الميناء على أن يعهد إليها بذلك. ثم نص هذا العقد في البند الثاني منه على التزام الشركة بفتح مجرى ملاحي مؤقت بالمواصفات المبينة في هذا العقد، وكذلك بفتح مجرى ملاحي رئيسي بعمق ستة أمتار على الأقل تحت منسوب البحر وبطول 750 متراً على الأقل وبعرض يبلغ على الأقل 75 متراً عند سطح البحر و45 متراً عند القاع وحدد البند الثالث من العقد موعد إنجاز هذه الأعمال تنص على تسليم المجرى المؤقت في تاريخ أقصاه 14 مايو 1976م وأما المجرى فيسلم خلال فترة أقصاها خمسون يوماً من تاريخ صدور التصريح للشركة من سلاح المهندسين الأمريكي بسحب الحفارة ” بترولا 29 ” لحفر الممرات … ونص العقد في بنده الرابع على تحديد قيمة الأعمال المتعاقد عليها بمبلغ 7800000 ريال.
وبعد أن أنجزت الشركة المجرى المؤقت وقبل أن تبدأ في تنفيذ المجرى الرئيسي وجه ممثل الشركة …. خطاباً بتاريخ 20 نوفمبر 1976م إلى معالي رئيس المؤسسة العامة للموانئ وأشار فيه إلى تبادلها الآراء حول المواضيع الهامة وأنه أعطى اهتماماً كبيراً لرغبة رئيس المؤسسة في استمرار العمل بدون انقطاع وبصورة مرضية في عمليات شركة ال. اس. تي. وأضاف ممثل الشركة في هذا الخطاب أن الطريقة الوحيدة لضمان هذا الاستمرار هي فتح قناة بعمق ستة أمتار وعرض 120 متراً عند السطح و10 متراً عند القاع وأنه سوف يتم تعميق هذه القناة فيما بعد لتصل إلى 15/9 متراً لكي تستخدم كمنفذ للطوارئ بواسطة القوات البحرية للملكية السعودية وهذا ما يبرر التكاليف لفتح هذه القناة.
وفي اليوم التالي 21 نوفمبر 1976م وجه ممثل الشركة المذكور خطاباً آخر إلى معالي رئيس المؤسسة استهله بعبارة (استجابة لرغبتكم في تقديم اقتراحنا عن التكلفة الكلية لفتح قناة ال. اس. تي. أرجو أن أفيدكم أن التكلفة الكلية ستكون 26775000 ريال.
ولما اتضح للمؤسسة سبق التزام الشركة بموجب عقدها مع وزارة المواصلات بفتح المجرى الرئيسي سالف الذكر أخطرتها بوجوب تنفيذ هذا العقد فاستجابت الشركة ووعدت ببدء التنفيذ ومن ثم أخطرت المؤسسة معالي وزير المالية والاقتصاد الوطني بهذا الموضوع موضحة أن الشركة استغلت انفصال الموانئ عن المواصلات الواردة في عقدها فتقدمت بعرضها الجديد بفتح مجرى بذات المواصفات الواردة في عقدها من وزارة المواصلات وفي ذات المكان محاولة بذلك الحصول على التكلفة مرتين وبأضعاف القيمة المتعاقد عليها.
وقد رأى معالي وزير المالية والاقتصاد الوطني رفع الأمر إلى صاحب السمو الملكي ولي العهد لتأليف لجنة خاصة برئاسة رئيس ديوان المظالم للتحقيق في القضية وقد وافق سموه على ذلك بالأمرين الكريمين سالفي الذكر.
وقد قامت هذه اللجنة باستيفاء أوراق الموضوع واستيضاح وجهة نظر المؤسسة كما ناقشت مدير عام الشركة وكذلك قدمت الشركة مستنداتها ومذكرة بدفاعها في هذا الشأن.
وبتحصل دفاع الشركة فيما يأتي:
– أن الخطابين الموجهين منها إلى المؤسسة في 20 و21 نوفمبر 1976م لا يتعلقان بتنفيذ المجرى الملاحي الرئيسي الذي تعاقدت عليه مع وزارة المواصلات وإنما يتضمنان عرضاً لإنشاء مجرى بمواصفات أخرى تزيد كثيراً عن مواصفات المجرى المتعاقد عليه مما لا يعقل معه هندسياً أو مادياً تنفيذه بذات التكاليف.
– إن مواصفات المجرى السابق التعاقد عليه حددت بمعرفة وزارة المواصلات ومهندسيها الاستشاريين في ضوء الاعتبارات العاجلة المتعلقة بمواجهة مشكلة التكدس في ميناء جدة غير أنه بعد توقيع العقد استبان للشركة أنه كان من الأفضل شق هذا المجرى على نحو أعمق وأعرض ليتسنى استخدامه كمدخل للطوارئ للقاعدة البحرية المجاورة وكذلك لتمر فيه وحدتان من السفن في ذات الوقت في حين لا يصلح المجرى المتعاقد عليه إلا بمرور سفينة واحدة وقد أوضح مسؤولو الشركة هذا الرأي للمسؤولين في وزارة المواصلات ثم بعد إنشاء المؤسسة العامة للموانئ تم التحدث مع رئيس المؤسسة في هذا الاقتراح أثناء زيارته لبعض مواقع العمل فطلب أن تتقدم إليه الشركة كتاباً بمقترحاتها في هذا الصدد وبناءً على ذلك تم إرسال الخطابين المذكورين غير أنه لما تبين للشركة عدم الاستجابة لاقتراحها قامت بتنفيذ المجرى بمواصفاته المحددة بالعقد.
– إن المبلغ الذي حددته في خطابها المؤرخ 21 نوفمبر 1976م يشمل المبلغ المتفق عليه في العقد المبرم مع وزارة المواصلات إذ أنها تقدمت بعرضها هذا قبل البدء في تنفيذ المجرى الرئيسي وأنها لم تحاول في أي صورة من الصور أن تتقاضى أية مبالغ تزيد على مستحقاتها في العقد المذكور.
وأوضحت الشركة أنها قامت بأعمال متعددة ونفذتها بصورة مرضية مما كان محل شكر وتقدير من سلطات ميناء جدة.
وقد ردت المؤسسة على دفاع الشركة بمذكرة مؤرخة 26/7/1398هـ تضمنت ما يأتي:
– أنه باستعراض مواصفات المجرى المتعاقد عليه والمواصفات التي اقترحتها الشركة في خطابها المذكور يتضح أن المواصفات واحدة بالنسبة إلى عمق المجرى وهو ستة أمتار وكذلك بالنسبة إلى طوله إذا أن الشركة ذكرت في اقتراحها أن طول المجرى 1000 متراً إلا أن المنطقة الصخرية التي بها الممر لا يزيد طولها على 750 متراً وهو الطول المحدد بالعقد وينحصر اختلاف المواصفات في عرض المجرى إذ يبلغ في اقتراح الشركة 120 متراً عند سطح البحر بدلاً من 75.20 متراً عند القاع بدلاً من 45 وتقدر تكاليف هذا الفارق في عرض القناة بمبلغ 3196050 ريالاً ومن ذلك يتضح أن الشركة أرادت بهذا الفارق الطفيف الذي لا يساوي شيئاً يذكر في المواصفات إيهام المسؤولين في المؤسسة أنها تتحدث عن مشروع جديد وتعمدت عدم الإشارة إلى المشروع الذي سبق أن تعاقدت عليه.
– أن ادعاء الشركة بأن تكاليف المشروع المتعاقد عليه ومقداره7800000 ريال تدخل ضمن تكاليف المشروع بالتعديلات المقترحة ومقدارها 26775000 ريال هو ادعاء مردود بأن الشركة حين قدمت عرضها هذا تجاهلت تماماً عقدها السابق ولم تشر إليه في أي خطاب من خطاباتها وما كان للمؤسسة أن تناقش هذا المشروع لو كانت تعلم بالعقد الذي أبرمته وزارة المواصلات.
– إنه لا صحة إطلاقاً لما تدعيه الشركة من أن خطابها المؤرخ 21 نوفمبر 1976م كان بناءً على طلب المؤسسة وإنما الحقيقة أنه مبنى على خطاب الشركة في اليوم السابق مباشرة أي في 20 نوفمبر 1976م.
هذا ومن ناحية أخرى تضمنت الأوراق صورة مذكرة مقدمة من المهندس …. إلى معالي رئيس المؤسسة في 29 أكتوبر 1976م أشار فيها إلى أنه لا يوجد أي حل لضمان استمرار عملية تفريغ السفن إلا بعمق ممر جديد تمر فيه البواخر. وأوصى بتكليف شركة …….. بهذه العملية وأشار إلى أن التكاليف تبلغ سبعة عشر مليون ريال.
وقد طلب معالي رئيس المؤسسة من المهندس …… الإفادة عما إذا كان المهندس …….. على علم بعقد وزارة المواصلات مع شركة …. وأنه إذا كان على علم بهذا تشكل لجنة للتحقيق معه فوراً فإذا ادعى عدم العلم يستفسر من معالي وزير المواصلات عن ذلك وقد أفاد معالي وزير المواصلات عن سؤاله عن ذلك أن الوزارة ليس لديها معلومات عن العقد المبرم مع …….. ولا عن الكيفية التي تم بموجبها إبرامه وأن الذي يعلمه معاليه أن هذا العقد أبرم من قبل إدارة ميناء جدة رأساً وبعد موافقة شفهية من معالي وزير المواصلات وقتئذ. ولا يبدو من الأوراق أن إجراءً أو تحقيقاً قد أُجري في هذا الموضوع بعد ذلك.
______________________________ __________
الأسباب
الثابت من مساق الوقائع المتقدمة أن شركة ………… تعاقدت مع وزارة المواصلات على فتح مجرى ملاحي مؤقت وآخر رئيسي بالمواصفات المحددة في العقد وذلك مقابل مبلغ مقداره 7800000 ريال وتبلغ تكاليف المجرى الرئيسي وحده من هذه القيمة مبلغ 4290000 ريال وأنها قد أنجزت المجرى المؤقت ولكنها وقبل أن تبدأ في العمل في فتح المجرى الرئيسي تقدمت بعرضها الذي ضمنته خطابيها المؤرخين 20 ،21 من نوفمبر 1976م.
ومن حيث أن المؤسسة العامة للموانئ تري أن الشركة قد استغلت انفصال الموانئ عن وزارة المواصلات وتقدمت بعرضها الجديد محاولة بذلك الحصول على تكلفة المشروع مرتين وبأضعاف القيمة المتعاقد عليها في حين تدفع الشركة هذا الاتهام بأن خطابيها المذكورين كانا بناءً على مفاوضات سابقة مع معالي رئيس المؤسسة وأنها قصدت بهما تعديل مواصفات العقد السابق.
ومن حيث أن الواضح من خطاب الشركة المؤرخ 20 نوفمبر 1976م أنه كان هناك فعلاً تبادل آراء بين الشركة ومعالي رئيس المؤسسة حول بعض الموضوعات ومن بينهما رغبة المؤسسة في استمرار العمل بدون انقطاع وبصورة مرضية في تفريغ بواخر ال. اس. تي. وأنه بناءً على هذه المناقشات أرسلت الشركة خطابها المذكور الذي ضمنته اقتراحها بأن الطريقة الوحيدة لضمان هذا الاستمرار هي فتح قناة … إلخ، ثم اتبعت ذلك خطابها الآخر في اليوم التالي والذي ضمنته تكاليف المشروع.
والواضح دون ريب من صيغة خطاب 20 نوفمبر أن الشركة لا تتعرض فيه لتعديل مواصفات عقد سابق وإنما هي تقترح فتح قناة لا تعديل قناة متعاقد عليها والمؤكد أنها استبانت من مناقشات المسؤولين في المؤسسة أنهم لا يعملون بالعقد السابق إبرامه مع وزارة المواصلات فاستغلت هذه الفرصة للحصول على أضعاف القيمة المتعاقد عليها، ويؤدي إلى هذه النتيجة ما يأتي:
أولاً- أن اقتراح الشركة يتعلق بفتح قناة كما سبق ذكره ومفهوم ذلك أنها تعرض مشروعاً جديداً تراه هو الطريقة الوحيدة لضمان استمرار تفريغ البضائع من ميناء جدة وأنها لو قصدت مجرد تعديل مواصفات العقد لكان من البديهي أن تشير إليه وتعرض ما تراه من تعديل لهذه المواصفات ولكنها تعرضت لمشروع جديد وذهبت تعدد مزاياه مما يقطع بأن العقد السابق لم يكن محلاً لحديث مع المسؤولين في المؤسسة وأن الخطاب لا ينطوي على اقتراح بالتعديل فيه.
ثانياً- أن الفارق بين التكاليف التي حددتها الشركة في خطابها ومقداره 26775000 ريال وبين تكاليف المجرى الرئيسي المتعاقد عليه ومقدارها 4290000 ريال هو فارق جسيم لا يتناسب مع فارق المواصفات والذي يبلغ فقط 3196050 ريالاً… ولا شك أن الشركة لو كانت قد تفاهمت من قبل مع المؤسسة على تعديل مواصفات المجرى وأن خطابها كان خاصاً فقط بهذا التعديل – لو كان ذلك لما كان من المقصود أن تقفز تكاليف التعديل إلى هذا الحد بل لما جرأت على أن تعرض هذا المبلغ وهي تعلم أنه لابد من مقارنته بالعقد السابق خاصة إذا ما روعي أنه لم يكن قد مضى على إبرام هذا العقد سوى سبعة شهور مما لا يتصور معه تبرير لهذا الفرق الكبير ولكنها حاولت الإيهام بأن الأمر يتعلق بمشروع جديد ومن ثم حددت تكاليفه على النحو الذي راق لها مطمئنة إلى أنه لن تجرى مقارنة مع العقد الذي أغفلت ذكره.
ثالثاً- أن ما ذكرته الشركة من أنها سبق أن تفاوضت مع رئيس المؤسسة حول تعديل مواصفات العقد هو زعم مردود ففضلاً عن كونها لم تثبت ذلك وأن رئيس المؤسسة نفى حصوله فإن الواضح من مذكرة المؤسسة أنها لم تكن تعلم أصلاً بوجود العقد المذكور كما أن هذا الدفاع من الشركة يتعارض مع مضمون خطابيها سالفي الذكر.
رابعاً- أن الشركة بمجرد أن أخطرتها المؤسسة بالتزامها بفتح المجرى طبقاً لعقدها مع الوزارة سارعت إلى التنفيذ دون أن تناقش تعديل المواصفات ولو أن خطابيها كانا يتعلقان بذلك لكان من البديهي أن تتساءل عن موقف المؤسسة من اقتراح التعديل ولكنها قد هدفت بها إلى إبرام عقد جديد فقد بادرت إلى تنفيذ العقد السابق حالما تبين لها اكتشاف الموضوع.
ولذلك ترى هذه اللجنة أنه ثابت في حق الشركة أنها عمدت إلى مخادعة المؤسسة العامة للموانئ وحاولت إبرام عقد جديد بذات موضوع العقد الذي سبق أن أبرمته وزارة المواصلات وبزيادة عدة أضعاف في التكاليف مستغلة في ذلك إعادة تنظيم الموانئ وفصلها عن المواصلات، وعدم علم المؤسسة بالعقد المذكور.
______________________________ __________
لذلك انتهى الديوان إلى :
1- ثبوت الاتهام سالف الذكر في جانب شركة ……
2– أن تستكمل المؤسسة العامة للموانئ التحقيق في موقف المهندس ………
اترك تعليقاً