قرار المحكمة الدستورية رقم 2/ 2013
عدم دستورية المادة (51) من قانون التحكيم رقم (31) لسنة 2001
يستفاد من المادة (51) من قانون التحكيم أنها حرمت المحكوم عليه من الطعن في قرار محكمة الاستئناف الصادر بتأييد قرار التحكيم واعتبر قرارها في هذه الحالة قطعيا، في حين أن المادة ذاتها منحت المحكوم له حق الطعن في القرار الصادر عن محكمة الاستئناف في حال صدور قرارها ببطلان حكم التحكيم. ويستفاد من المادة (128/1) من الدستور أنه أقام سياجاً فرض الحماية للحقوق والحريات على اختلافها لمنع الالتفاف عليها، وأن الصلاحية المعطاة للمشرع بتنظيم استعمال هذه الحقوق بموجب القوانين يمكن اعتباره تفويضاً للمشرع بتنظيم استعمال الحقوق بشكل لا ينال من جوهر هذه الحقوق أو المساس بها. إذ أن إجراءات تنظيم ممارسة هذه الحقوق لا يجوز أن تنال من الضوابط التي نص عليها الدستور أو تنال من الحقوق المنصوص عليها في المادة (128/1) منه سواء بنقضها أو انتقاصها. بمعنى أن سلطة المشرع هذه لا يجوز لها أن تتجاوز التنظيم إلى إهدار الحق أو مصادرته بأي شكل من الأشكال ، فإذا حصل التجاوز كان ذلك خروجاً على أحكام الدستور. وإن حق التقاضي مبدأ دستوري أصيل ، حيث ترك للمشرع العادي أمر تنظيم هذا الحق شريطة مراعاة الوسيلة التي تكفل حمايته والتمتع به وعدم الانتقاص منه ، بل تمكين المواطنين من ممارسة حرياتهم وحقوقهم بما في ذلك حق التقاضي على درجتين (إذا كان موضوع النزاع المطروح يقتضي ذلك) ، وإلا كان متجاوزاً لحدود التفويض ومخالفاً لروح الدستور الذي يضمن تمكين المواطن من استنفاذ كافة الطرق والوسائل التي تضمن له حقوقه بشكل كامل ومنها حق التقاضي على درجتين. وحيث أن الجهة المدعية تنعى على النص الطعين أنه إذ يمنح (المحكوم له) حق الطعن تمييزاً في الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف إذ قضت المحكمة ببطلان حكم التحكيم في حين حرم النص المحكوم عليه من الطعن تمييزاً في قرار محكمة الاستئناف إذا قررت تأييد حكم التحكيم وأمرت بتنفيذه. وحيث أنه وإن كان الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها ، فإن السلطة التشريعية إذ يعهد إليها بتنظيم موضوع معين فإن القواعد القانونية التي تصدر عنها في هذا النطاق لا يجوز أن تنال من الحقوق التي كفل الدستور أصلها سواء بنقضها أو انتقاصها من أطرافها ، وإلا كان ذلك عدوانا وإهداراً لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص. ذلك أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه في المادة (6/1) من الدستور يعتبر الركيزة الأساسية للحقوق والحريات وأساساً للعدل والسلم الاجتماعي وأن غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة التمييز ووسيلة لتقرير الحماية المتكافئة التي لا يجوز التحيز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة للمتقاضين. وحيث أنه من المقرر في القضاء الدستوري أن الناس لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم ، ولا في نطاق القواعد الإجرائية والموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية عينها، ولا في ضمانة الدفاع التي يكفلها الدستور أو المشرع للحقوق التي يدعونها، ولا في اقتضائها ولا في طرق الطعن التي تنظمها بل يجب أن يكون للحقوق عينها قواعد موحدة سواء في مجال التداعي بشأنها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تتعلق بها أو التظلم في القرارات الصادر فيها. كما أنه من المقررة كذلك أن طرق الطعن في الأحكام أو التظلم منها أو القرارات الصادرة في الخصومة، لا تعتبر مجرد وسائل إجرائية ينشئها المشرع ليوفر من خلالها سبل تقويم اعوجاجها، بل هي في واقعها أوثق اتصالا في الحقوق التي تتناولها سواءً في مجال إثباتها أو نفيها، ليكون مصيرها عائداً أصلاً إلى انغلاق هذه الطرق أو انفتاحها ، وكذلك إلى التمييز بين المواطنين الذين تتماثل مركزاهم القانونية في مجال النفاذ إلى فرصها. وبناءً على كل ما سبق فإن المحكمة تجد أن الطعن على عدم دستورية الفقرة المتضمنة حرمان المحكوم عليه من الطعن في قرار محكمة الاستئناف الصادر بتأييد حكم المحكمين واقع في محله الأمر الذي يترتب عليه اعتبار هذه الفقرة من المادة (51) من قانون التحكيم رقم (31) لسنة 2001 مخالفة لأحكام المادة (6/1) والمادة (128/1) من الدستور ، وعليه تقرر المحكمة عدم دستورية هذه الفقرة من هذه المادة.
تمت إعادة النشر بواسطة محاماه نت.
اترك تعليقاً