قصة أقدم القوانين المدونة عبر التاريخ .
على مر تاريخها، عرفت حضارات بلاد ما بين الرافدين ظهور العديد من الابتكارات التي غيّرت مجرى التاريخ وساهمت في تحسين جودة الحياة بالمجتمعات البشرية.
وعلى حسب ما نقله الخبير الأميركي في التاريخ السومري وعلم الآشوريات صموئيل كريمر (Samuel Kramer)، ابتكر السومريون المحراث والكتابة المسمارية ووضعوا العديد من أسس الرياضيات وعلم الفلك. وتنسب إليهم العديد من الاختراعات الأخرى كالعجلة والعربة.
أولى نصوص القانون
أيضا، عرفت حضارات بلاد الرافدين ظهور أولى نصوص القانون التي عرفها التاريخ. فقبل شريعة حمورابي (Hammurabi) الشهيرة التي ظهرت بالقرن 18 قبل الميلاد خلال فترة حكم حمورابي سادس ملوك السلالة الأولى لبابل، شهدت المنطقة ظهور العديد من النصوص القانونية الأخرى التي جاءت لتضبط قواعد الحياة بالمجتمع ولعل أهمها قانون أوروكاجينا (Urukagina) حوالي القرن 24 قبل الميلاد وقانون ليبيت عشتار (Lipit-Ishtar) بالقرن 19 قبل الميلاد.
في الأثناء، يصنّف قانون أورنمو الذي يعود للقرن الـ 21 قبل الميلاد، كأقدم قانون مدوّن موجود حاليا حيث ظهر هذا التشريع القانوني في عهد الملك أورنمو (Ur-Nammu)، مؤسس سلالة أور الثالثة، الذي نقل الحكم نحو مدينة أور (Ur) الموجودة آثارها عند تل المقير قرب ذي قار بجنوب العراق حاليا.
وعلى حسب العديد من المصادر، حكم أورنمو على امتداد 17 سنة ما بين 2112 و2095 قبل الميلاد، فشيّد العديد من الزقورات (Ziggurat) بمختلف المدن وأمر ببناء زقورة أور بعاصمته على شرف إله القمر نانا (Nanna) المعروف أيضا بسين (Sīn)، واتجه لفرض الأمن عقب النزاعات والفوضى التي أحدثتها الحروب والخلافات مع الكوتيين (Gutian).
“قوانين أورنمو”
ولتنظيم الحياة داخل المجتمع، وضع أورنمو منذ نحو أربعة آلاف عام مجموعة من القوانين التي نسبت إليه، فحملت اسم “قوانين أورنمو” وقيل إنها تضمنت 57 قانونا كتبت على ألواح الطين.
وقد بقيت ألواح الطين التي دوّنت عليها قوانين أورنمو مطمورة تحت الرمال لحين اكتشاف أجزاء منها خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
فسنة 1952، عثر على بعضها قرب مدينة نيبور (Nippur) التاريخية بمنطقة الفرات الأوسط بمحافظة القادسية بالعراق، وتكفّل الخبير بالتاريخ السومري صموئيل كريمر بترجمة 5 قوانين فقط منها بسبب حالتها السيئة.
وبحلول العام 1965، عثر على مزيد من الألواح التي احتوت على قوانين أورنمو قرب منطقة أور الأثرية وهو ما مكّن من إعادة صياغة وترجمة نحو 30 قانونا منها.
إقامة العدل والقضاء على الفساد
وقد تضمنت مقدمة قانون أورنمو مدحا للملك وحصوله على تفويض إلهي للحكم وشيّدت بإنجازاته في إقامة العدل والقضاء على الفساد الاقتصادي المتمثل في تعرض الحقول والأغنام والمواشي للسرقة، وحددت نفقات المعبد الشهرية لتجنب التحيّل والتبذير والسرقة. كما أكدت على المساواة بين الجميع وحفظ حقوق الضعفاء.
في الأثناء عالجت القوانين جملة من المسائل الاجتماعية كالطلاق ووضعت عقوبات لعدد من المسائل الجنائية كالقتل والسرقة والزنا والاغتصاب.
ومن بعض ما جاء بقانون أورنمو:
1- لو ارتكب رجل ما جريمة قتل فيجب أن يعاقب بالموت (الإعدام).
2- لو ارتكب رجل ما سرقة فيجب أن يعاقب بالموت (الإعدام).
3- لو ارتكب رجل ما عملية خطف فسيتم سجنه و سيجبر على دفع 15 شيكل من الفضة.
4- لو تزوج أحد العبيد امرأة من العبيد ونالت الأخيرة حريتها، فإن زوجها لا ينال حريته.
5- لو أقدم شخص ما على اغتصاب زوجة رجل آخر فيجب أن يعاقب بالموت (الإعدام).
6- لو أقدمت امرأة ما على خيانة زوجها مع رجل آخر، فسيتم ذبح هذه الزوجة الخائنة بينما لن يتم المساس بعشيقها.
7- لو أقدم رجل ما على اغتصاب إحدى العبيد المملوكة لرجل آخر، فعليه أن يدفع له تعويضا بـ 5 شيكل من الفضة.
8- لو طلق رجل ما زوجته الأولى فعليه أن يدفع لها 1 منا من الفضة (1 منا = 60 شيكل).
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً