القصور التشريعي فى قانون الطفل عن إساءة استعمال سلطة تأديب الطفل
قد يحدث فى كثير من الأحيان أن يسئ من له ولاية سلطة تأديب الطفل بأن يترتب على ضربه له حدوث إيلام ببدنه، فما الحكم فى مثل هذه الحالات؟
يجيب على هذا التساؤل المستشار الدكتور محمد عبدا لوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة فيقول: ينبغي أن يلتزم من له حق ولاية التأديب الحدود الموضوعية لحق التأديب طبقاً للعرف العام المألوف ، وبشرط ألا يتجاوز حدود الضرب البسيط الخفيف باليدين أو الخفيف بعصا رفيعة بحيث لا يؤدى ذلك إلى جرح الطفل أو عجزه عن مواصلة دراسته أو تعذيبه أو منعه من الحركة أو ربطه فى عضديه بما يؤدى إلى إيلام بدن الطفل، كما أنه يتعين ذلك أن تكون غاية من له ولاية التأديب والتهذيب وليس بقصد الانتقام أو التعذيب أو المهانة أو الإذلال أو الهوان.
وأن الجدير بالذكر أن المشرع المصري فى قانون الطفل لم يجرم إساءة استعمال حق من له ولاية التأديب فى تأديب الطفل ولم يتناولها بالتنظيم، وبالتالي فإنه إيذاء قصور التشريع المصري من حماية الطفل من ظلم من له ولاية وإساءة استخدام حق ولاية التأديب بجريمة خاصة منظمة، يكون تجاوز حق التأديب خاضعاً للقواعد العامة العقابية الواردة فى قانون العقوبات المصري بشأن العدوان على سلامة بدن الغير بوجه عام، مثل جرائم الضرب أو الجرح والضرب أو الجرح المفضي إلى الموت، وهو قصور فى قانون الطفل المصري الذي ينبغي عليه أن يقرر عقاباً خاصاً بجريمة إساءة استعمال حق التأديب للأطفال فى إطار الأساليب التربوية للطفل، خاصة أن كثيراً ممن لهم ولاية التأديب يضربون الأطفال ضرباً مبرحاً بأساليب غير تربوية مما يلزم مواجهة هذه الحالات، رعاية وحماية الطفل المصري من جانب من له ولاية تأديبية وتهذيبية بحيث تجعله قادراً على العطاء والحب، ورغم أن الشريعة الإسلامية الغراء قد عالجت حق تأديب من له ولاية التأديب على الطفل ونظمته بقواعد متكاملة محكمة، إلا أن المشرع المصري فى قانون الطفل ما زال يتخلف عن متابعة ما استقرت عليه الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل المصري وترك المسألة للقواعد العامة للعدوان على سلامة بدن الغير.
ففي ظل التشريع الفرنسي فإنه بمقتضى المادة 312 من قانون العقوبات الفرنسي فإن كل من تعمد إحداث جروح أو ضربات بصغير يقل عمره عن خمسة عشر سنة كاملة أو تعمد حرمانه من الغذاء أو العناية إلى حد تعريض صحته للخطر يعاقب بالحبس وبالغرامة، ويعاقب بذات العقوبة إذا كان الجناة هم الأم والأب الشرعيين أو الطبيعيين أو بالتبني – ويلاحظ أن قانون الطفل المصري حظر من التبني – أو أصول آخرين شرعيين أو أشخاص آخرين لهم على الصغير سلطة أو معهود بحرا ستة إليهم، وذلك ما لم ينشأ من الجروح والضربات أو الحرمان من الغذاء أو العناية مرض أو عجز العمل لمدة تزيد على عشرين يوماً أو كان هناك سبق إصرار أو وترصد، إذ تصبح العقوبة حينئذ السجن.
أما إذا ترتب على الجروح والضربات أو الحرمان من الغذاء أو العناية انفصال أو بتر وحرمان من استخدام عضو أو زوال الرؤية أو فقدان عين أو أية عاهة أخرى مستديمة أو حدوث الموت دون نية إحداثة تصبح عقوبتهم السجن المؤبد، فإذا أحدثت الجروح والضربات أو حدث الحرمان من الغذاء أو العناية بقصد إحداث الموت فإنهم يعاقبون بعقوبة القتل العمد المشدد أو المشرع فيه.
أما أحداث الجروح والضربات أو الحرمان من الغذاء بصفة اعتيادية إذا نشأ عنها الموت ولو بغير نية إحداث فيعاقبون عليه بالإعدام. خلاصة ما تقدم أنه يتعين على المشرع المصري فى قانون الطفل تنظيم جريمة إساءة استخدام ولاية الشخص فى تأديب الطفل وغاية التهذيب، خاصة إذا تعمد حرمانه من الغذاء أو العناية بصحته منعاً لتعرضه للخطر، أو ضربه بطريقة غير تربوية تولد فى نفسه حقداً أو غلاً يحدث فى التوازن النفسي للطفل، بدلاً من الخضوع للأحكام العامة الواردة بقانون العقوبات المصري بشأن العدوان على سلامة الغير .
اترك تعليقاً