دعا إلى تطبيق النظام السعودي الخليجي لمكافحة الإغراق…
شالح الظفيري:
استبعد خبير قانوني الاحتكام إلى منظمة التجارة العالمية في حال فرضت بكين أي إجراء تجاه الصادرات السعودية لمكافحة الإغراق في الصين بحسب الإجراءات الأخيرة. وقال الدكتور محمد الشمري الخبير في قانون التجارة الدولية في حوار مع (الجزيرة) إن الصين مستثناة من آليات منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بقضايا الإغراق حتى عام 2016م وفقاً لما تعهدت به في بروتوكول انضمامها إلى المنظمة كشرط فرض عليها من قبل بعض الدول الأعضاء لقبول انضمامها إلى المنظمة.
ودعا الشمري إلى دعم اللجنة الخليجية الموحدة والمشكلة للتصدي لقضايا الإغراق التي تقام ضد الشركات الخليجية بفريق عمل متخصص ليتولى المسائل الفنية والتحضير لاتخاذ التدابير القانونية اللازمة للدفاع عن مصالح الشركات وفق آلية أحكام اتفاق مكافحة الإغراق…. إلى نص الحوار:
* هل لكم أن توضحوا لنا حدود المسؤولية في متابعة قضايا الإغراق التي ترفع تباعاً على الشركات السعودية في الخارج؟
– المملكة تطبق الآن نظام مكافحة الإغراق الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي بموجب المرسوم الملكي رقم (م – 30) وتاريخ 17 – 5 – 1427هـ. وقد نص النظام على تشكيل لجنة دائمة من ممثلي حكومات دول المجلس بألا تقل درجة الممثل عن وكيل وزارة، وهذه اللجنة هي التي يفترض أن تتصدى لقضايا الإغراق التي تقام ضد شركات أي دولة عضو وفقاً لنظامها الداخلي وآليات عملها.
* لكن السؤال هل اللجنة الدائمة في وضع الآن يسمح لها بممارسة عملها والتصدي لقضايا الإغراق التي تواجهها الشركات السعودية؟
– نحن نعتقد أنه من الضروري دعم اللجنة بفريق عمل سعودي متخصص ليتولى المسائل الفنية والتحضير لاتخاذ التدابير القانونية اللازمة للدفاع عن مصالح الشركات السعودية وفق آلية أحكام اتفاق مكافحة الإغراق متناهية الدقة والتعقيد، ولا بأس أن تعمل في ظل اللجنة الموحدة الخليجية.
* قضايا الإغراق والأنظمة الحمائية المجازة من منظمة التجارة العالمية؛ كيف يمكن التعاطي القانوني معها؟ وكيف يفترض أن تتعامل الشركات السعودية مع مثل هذه القضايا؟
– اتفاق مكافحة الإغراق هو واحد من اتفاقات حماية المنتج المحلي الثلاثة المقرة من قبل منظمة التجارة العالمية, واتفاق مكافحة الإغراق هو إجراء قانوني متى التزمت الدولة بأحكام الاتفاق التي تتكون من 18 مادة وملحقين, وإذا خالفت الدولة تطبيق أحكام الاتفاق وهي تتخذ تدابير حماية لصناعتها المحلية، فمن حق الدولة المتضررة اللجوء إلى آلية تسوية المنازعات في منظمة التجارة العاليمة وأولى خطواتها طلب الدخول في مشاورات مع الدولة التي فرضت رسوم الإغراق لإيجاد تسوية قانونية مرضية للطرفين ومتوافقة مع أحكام اتفاق مكافحة الإغراق.
* ألا تلاحظ أن ما ينشر عن قضايا الإغراق يكشف عن ضعف في الثقافة القانونية للتجارة العالمية لدى الغالبية, ترى مَن المسؤول عن ضعف هذه الثقافة، ومَن المسؤول عن تنميتها والوصول بها إلى مستوى التحديات؟
– بمناسبة الحديث عن الصين يجب إيضاح الوضع القانوني للصين كدولة عضو في منظمة التجارة العالمية وهي أنها مستثناة من آليات منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بقضايا الإغراق حتى عام 2016م وفقاً لما تعهدت به في بروتوكول انضمامها إلى المنظمة كشرط فرض عليها من قبل بعض الدول الأعضاء لقبول انضمامها إلى المنظمة, وهذه الحقيقة غير معروفة للكثير؛ وبالتالي لا يمكن الحديث عن آليات منظمة التجارة العالمية عند التعامل مع الصين وإنما الحديث فقط عن قوانين البلدين السارية بخصوص مكافحة الإغراق حتى عام 2016م.
* السوق السعودية مليئة بالبضائع الصينية التي أثيرت حولها اتهامات عالمية بأنها مسرطنة ومقلدة ومن الملام في هذه الحالة: الأنظمة، الرقابة، أم التجار أم الجانب الصيني؟
– فيما يتعلق بتدفق السلع الصينية الرخيصة الثمن والمقلدة للسوق السعودي وما تشكله من ضرر للصناعة المحلية قد تصل إلى درجة الإغراق ومن المسؤول عن حماية الصناعة السعودية، فنعتقد أن المسؤولية بالدرجة الأولى يتحملها ممثل المملكة في اللجنة الدائمة الخليجية لمكافحة الإغراق, وبالدرجة الثانية الشركات السعودية المتضررة من الواردات الصينية المماثلة؛ فيجب على الجميع فهم النظام السعودي الخليجي لمكافحة الإغراق والمطالبة بتطبيقه على أي واردات تتوافر فيها شروط الإغراق مثلما تفعل الدول الأخرى.
* لماذا لا تكون هناك هيئة مستقلة مسؤولة عن قضايا الإغراق والتجارة العالمية؟ وهل انتهى دور فريق العمل المكلف بملف انضمام المملكة إلى (منظمة التجارة العالمية) بانضمامها الرسمي؟ ألا يفترض أن تكون هناك مرحلة تالية لحماية المصالح السعودية ولبناء ثقافة التجارة العالمية في القطاعات الاقتصادية؟
– الهيئة المستقلة موجودة الآن وهي اللجنة الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي, ولكن نعتقد أنها بحاجة إلى مزيد من التفعيل من قبل فريق سعودي متخصص من القانونيين والاقتصاديين والمحاسبين لتفعيل دور اللجنة ودعمها لتؤدي دورها المطلوب منها, ويمكن تشكيل اللجنة المساندة في إطار مجلس الغرف التجارية السعودية.
وبخصوص انضمام المملكة إلى (منظمة التجارة العالمية) لم ينته دور الفريق المكلف بانضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية وهو يعمل الآن من خلال ممثل المملكة الدائم لدى المنظمة في جنيف, ولكن ينقصه الكوادر الفنية التي تتقن التعامل مع مسائل المنظمة الفنية, فكل موضوع من موضوعات التجارة العالمية يحتاج إلى متخصصين يتقنون التعامل مع المسائل المعقدة التي يتضمنها والتي تجيد بعض الدول فن تسخيرها لمصالحها إذا لم يوجد في المقابل من يقارعها من الطرف الآخر؛ فعلى سبيل المثال الهند من أفضل الدول التي تجيد التعامل المزدوج لاتفاق مكافحة الإغراق.
* أين تكمن المعركة الحقيقية لقضايا الإغراق، في الداخل أم الخارج، وفي أروقة السياسة والدبلوماسية أم المحاكم التجارية؟
– فن إجادة المعركة الحقيقية للإغراق تكمن أولاً بالداخل عن طريق فهم النظام الداخلي لمكافحة الإغراق وهذا بدوره يؤدي لفهم اتفاق مكافحة الإغراق في منظمة التجارة العالمية؛ لأن النظام الخليجي مشتق منه تقريباً, وعن طريق إتقان الشركات السعودية المتضررة لآليات مكافحة إغراق الواردات الأجنبية التي تضر بمنتجاتها وأن تتعامل معها وفقاً لنظام مكافحة الإغراق, وثانياً إجادة المعركة في الخارج للدفاع عن الصادرات السعودية من قضايا الإغراق غير القانونية وهذا العمل يفترض فيه تكامل الدور السياسي والقانوني. أما المحاكم فليس لها دور في هذه المسألة بين الدول الأعضاء في المنظمة؛ لأن المسألة ستحسم أمام جهاز تسوية المنازعات في إطارها وهي الآلية الوحيدة المقرة بهذا الخصوص ما لم تتفق الدولتان على استبعادها.
* على من تقع مسؤولية فرض ضرائب حمائية على منتجات البتروكيماويات السعودية؟ وكيف يمكن مواجهتها؟
– كما ذكرنا سابقاً فرض رسوم الإغراق هو إجراء في الأصل قانوني من حق أي دولة اللجوء إليه لحماية صناعتها المحلية ولكن يجب أن يكون وفق أحكام نظام مكافحة الإغراق المقر من قبل منظمة التجارة العالمية في الدول الأعضاء في المنظمة, ودورنا في هذه الحالة يجب أن يتمثل في المبادرة في نفي توفر حالة الإغراق في الصادرات السعودية، والطلب من الدول التي تفرض رسوم مكافحة الإغراق إثبات ذلك، وإثبات الضرر والعلاقة السببية بين حدوث الضرر والواردات السعودية من البتروكيماويات, ويجب استغلال آليات المنظمة للدفاع عن المصالح السعودية، ومنها طلب الدخول في مشاورات مع أي دولة عضو في المنظمة تفرض رسوماً حمائية غير قانونية على الواردات السعودية.
* كيف نؤسس لمعايير داخلية دقيقة كفيلة بإبعاد الصادرات السعودية عن قضايا الإغراق؟
– الإغراق ببساطة يعني إثبات أن الواردات من أي منتج معين توقع ضرراً مادياً بصناعة محلية قائمة فيه، أو تأخيراً مادياً في إقامة مثل هذه الصناعة أو أنه يهدد بإيقاع ذلك الضرر أو هذا التأخير. والمسؤولية عن إبعاد الصادرات السعودية لأي دول عن فرض رسم مكافحة إغراق مشتركة بين جهات ثلاث (الشركات السعودية المنتجة – الجهة الحكومية المختصة وهي الآن اللجنة الموحدة الخليجية – والدعم السياسي)، والدور يجب أن يتركز على نفي حالة الإغراق في الصادرات السعودية وعلى الطرف الآخر أن يثبت ذلك، وطلب حل أي خلاف عن طريق الدخول في مشاورات مباشرة كمرحلة أولى.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً