قضايا الشفعة و الاولوية في القانون المدني الاردني
بقلم المحامي جمال الخطاطبه
عرف القانون المدني الأردني الشفعة في المادة (1150) (( الشفعة هي تملك العقار المبيع أو بعضه ولو جبرا على المشتري بما قام عليه من الثمن والنفقات)) هذا التعريف يقتضي وجود شفيعاً وهو الذي يأخذ الشفعة ، ومشفوعاً منه وهو المشتري ، وبائعاً لهذا المشتري ، وعقار مشفوعاً به وهو العقار المملوك للشفيع وقد شفع به فالشفعة سبب من أسباب كسب ملكية العقار ولا تجوز إلا في العقار ومتى ثبت الحق في تملك العقار المبيع ، ولو جبرا على المشتري وبموجب حكم القضاء يعتبر عقداً حقيقياً .
والحكمة من إقرار حق الشفعة هي منع الضرر الذي من المحتمل إن يلحق بالشفيع إما بسبب سوء الجوار أو الشركة لشخص قد يكون غليظ الطبع و رديء الخلق سيء المعاشرة و يكفي أن يتحقق سبب الشفعة حتى يكون للشفيع إقامة دعوى
وتتميز الشفعة بأنها حق استثنائي لان فيه تقييد لحرية التعاقد والتصرف بالملكية لان الشفعة تؤدي إلى تمليك الشفيع العقار جبرا على المشتري ، كذلك فان الشفعة حق غير قابل للتجزئة فليس للشفيع أن يطلب بعض العقار المشفوع ويترك بعضه إلا إذا تعدد المشترون واتحد البائع ففي هذه الحالة يحق للشفيع أن يأخذ نصيب بعضهم ويترك الباقي .
والشفعة حق قابل للإسقاط من قبل صاحب حق الشفعة صراحة أو دلالة فهو من الحقوق الضعيفة وأيضا هو حق قابل للإرث ففي حال ثبوته فانه لا يسقط بوفاة البائع أو المشتري أو الشفيع .
أما بالنسبة للأشخاص الذين يحق لهم الأخذ بحق الشفعة فقد حصر القانون هذا الحق بالشريك في نفس المبيع بعدما كان متاح للخليط في العقار المبيع وللجار الملاصق وهذا ما نصت عليه المادة الثانية فقرة أ من القانون المعدل لقانون الأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة لسنة 2002 والتي نصت على ما يلي : على الرغم مما ورد في المواد (41) و (44) و (45) من قانون الأراضي العثماني والمادة (1660) من مجلة الأحكام العدلية والفقرتين (2) و (3) من المادة (1151) والمادة (1152) والفقرة (2) من المادة (1153) والمادة ( 1162) والفقرتين (2) و (3) من المادة (1168) من القانون المدني:
أ . لا يمارس حق الأولوية أو الشفعة بمقتضى أي من المواد المذكورة في مطلع الفقرة (1) من هذه المادة إلا من قبل الشريك في المال غير المنقول .
وقد جاء نص المادة 1168من القانون المدني الاردني ليعالج ما يسمى بحق الأولوية بالنص التالي : حق الأولوية في الأراضي الأميرية التي جرى فراغها يكون ببدل المثل عند الطلب .
اما المادة 1170 من نفس القانون فقد نصت ( تسري على حق الأولوية الأحكام الواردة في باب الشفعة من هذا القانون حيثما كان ذلك ممكنا).
إن أهم ما يميز حق الشفعة عن حق الأولوية أن حق الشفعة يثبت في الأراضي الملك أما حق الأولوية فيثبت في الأراضي الأميرية ، وحق الشفعة يكون بما قام على المشتري من الثمن والنفقات والمقصود بالثمن هنا الثمن المسمى في عقد البيع ما لم يطعن بصوريته أما في الأولوية فيكون ببدل المثل عند الطلب أي بما يساوي ثمنها ، وارغب في هذا المقال أن أركز على مسالة نوع الأرض التي ترد في سند تسجيل الأموال غير المنقولة واختلاف التطبيق القضائي فيما يتعلق بهذه المسالة .
من المعروف إن أهم البينات الواجب تقديمها في دعوى الشفعة والأولوية هي سند التسجيل ومخطط الأراضي والمساحة ومخطط الموقع والترسيم وصورة مصدقة عن عقد البيع الذي جرى بموجبه فراغ الحصص المشفوع فيها ووصول مقبوضات تشعر بإيداع الثمن المسمى في صندوق المحكمة أو تقديم كفالة أو شيك مصدق بقيمة الحصص المذكورة في عقد البيع أو إيداع المبلغ المقدر من رئيس المحكمة وقد يُطلب الكشف والخبرة في حال دعوى الأولوية لتقدير ثمن المثل وغيرها من البينات اللازمة حسب ظروف الدعوى .
فسند التسجيل يثبت الملكية والشراكة ومقدار الحصص التي يملكها مدعي الشفعة ومخطط الأراضي يبين موقع الأرض وطبيعتها ومخطط الموقع والترسيم يبين الصفة التنظيمية للقطعة وأحكام الارتدادات حسب التنظيم الذي تتمتع به قطعة الأرض والقرارات التنظيمية المتعلقة بها والشوارع التنظيمية التي تخدمها أو تقتطع جزء منها وعقد البيع يثبت اسم البائع والمشتري ومقدار الحصص المباعة وثمنها المتفق عليه وتاريخ هذا البيع .
فما هو الحال عندما تكون قطعة الأرض داخل التنظيم وما زالت على سند التسجيل مقيدة على أنها من نوع ميري .
في التطبيقات القضائية وجد هناك خلاف بين رأيان
الرأي الأول : يعتبر أن سند التسجيل هو العبرة في تحديد نوع الأرض إن كانت ميري أو ملك لغايات التكيف القانوني للدعوى فيما إذا كانت دعوى شفعة أو دعوى أولوية .
الرأي الثاني : يعتبر أن العبرة في تحديد نوع الأرض لغايات التكييف القانوني السليم لوقائع الدعوى فيما إذا كانت دعوى شفعة أو دعوى أولوية هو مشروحات الجهة التنظيمية التي تبين نوع الأرض فيما إذا كانت ميري أو أنها أدخلت إلى التنظيم .
ورغم إن الخلاف ما زال موجودا لغاية الآن إلا انه في الواقع قد تم حسمه في الخمسينيات من القرن الماضي وبصورة لا تدع مجالا للاجتهاد فيه فلا اجتهاد في مورد النص.
لقد حُسم الخلاف بموجب قانون تحويل الأراضي من نوع الميري إلى ملك رقم (41) لسنة 1953
المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم 1134 تاريخ 16/2/1953
فقد ورد في المادة الثالثة منه على : اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون :
1- تحول الأراضي الأميرية الواقعة ضمن المناطق البلدية من ميري إلى ملك.
2- إذا وسعت حدود أية بلدية تحول الأراضي الأميرية التي أدخلت ضمن حدود المنطقة البلدية من جراء التوسيع المذكور من ميري إلى ملك اعتباراً من تاريخ التوسيع المذكور.
3- إذا أحدثت بلدية ما تحول الأراضي الأميرية الواقعة داخل منطقة البلدية من ميري إلى ملك اعتباراً من تاريخ إحداث البلدية المذكورة.
وفقا لهذه المادة القانونية فان الأراضي الواقعة ضمن منطقة بلدية وكانت ميري قبل صدور هذا القانون تحول إلى ملك بالنص القانوني ومن تاريخ العمل بهذا القانون والأراضي التي تدخل ضمن حدود البلدية بسبب توسيع حدودها تعتبر ملكا من تاريخ التوسيع المذكور و إن القول بان القيود لم تعدل طبقا لأي قرار صادر بتحويل الأرض إلى ملك إلا بتاريخ متأخر من تاريخ صدور القرار بالتوسيع فان ذلك لا يغير من الأمر شيئا لان العبرة لما ورد بالنص القانوني وان الأرض تصبح ملك من تاريخ صدور قرار إدخالها إلى حدود البلدية وان تأخر تنفيذ هذه القيود من قبل دائرة الأراضي والمساحة أو أي دائرة مختصة بتنفيذ قرار التوسيع والتحويل من ميري إلى ملك .
كذلك فان دائرة الأراضي والمساحة هي جهة تنفيذية و ليست ذات اختصاص في تنظيم الأراضي أو تحديد نوعها وإنما صاحبة الاختصاص هي الجهة التنظيمية المتمثلة بالبلديات ومجلس التنظيم الأعلى فالعبرة بنوع الأرض وتنظيمها وليس بما هو مدون على سند التسجيل لان سند التسجيل ما هو إلا سند لإثبات الملكية وليس لإثبات التنظيم وإلا ما الداعي لاستخراج مخططات موقع تنظيمية إذا كان سند التسجيل يثبت نوع الأرض وتنظيمها ، إذا العبرة لمعرفة نوع الأرض وتنظيمها هو لمشروحات الجهة التنظيمية وليس لما هو مدون بسند التسجيل .
إن اجتهادات محكمة التمييز الأردنية اتجهت إلى تطبيق النص القانوني الوارد في المادة الثالثة من قانون تحويل الأراضي من نوع ميري إلى ملك لعام 1953 م وأكدت أن تاريخ توسيع حدود البلدية هو التاريخ المعتبر قانون لتحديد نوع الأرض بأنها ارض ملك وليس من تاريخ تحويل قيود دائرة الأراضي لان العبرة لما ورد بالنص القانوني وليس للإجراءات الإدارية لتنفيذ مضمون قرار التحويل ، فهناك الكثير من الأراضي التي أدخلت التنظيم وما زال نوع الأرض المدون على سند التسجيل نوع ميري ومن قرارات محكمة التمييز الموقرة التي أكدت على هذه المبدأ القرار رقم 2779/1999 و 1613/1999 و 305/1983 وقرار ديوان تفسير القوانين رقم 22 المنشور بعدد الجريدة الرسمية رقم 1241 تاريخ 1/10/1955 .
اترك تعليقاً