قضت محكمة النقض بأن الضرب و الجرح المفضي إلى موت المورث دون نية إحداثه مانع من الإرث
محكمة النقض.
القرار رقم 479.
الصادر بتاريخ 15/11/2016.
في الملف عدد4457/1/1/2015.
الضرب و الجرح المفضي إلى موت المورث دون نية إحداثه مانع من الإرث ــ نعم.
إن المعتبر في القتل المانع من الإرث، نية الاعتداء لدى القاتل، و لو لم يكن يقصد إزهاق روح الموروث، لما سار عليه المالكية من أن من تعمد الفعل المؤذي الذي يفضي الى موت الضحية يعد قاتلا ولو كانت الآلة التي استعملها لا تقتل عادة ولكنها قتلت لضعف في المضرور، إذ العبرة عندهم بتحقق النتيجة والعدوان في الأمر الذي أدى اليه. ولما نصت عليه المادة 333 من مدونة الاسرة من أن “من قتل موروثه عمدا وإن أتى بشبهة لم يرث من ماله”.
و بعد المداولة طبقا للقانون :
حيث يستفاد من مستندات الملف أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية بقرية با محمد بتاريخ 06/04/1990 تحت عدد 486/37 ، طلب ه م بن أحمد ومن معه تحفيظ الملك المسمى “الحارة” الكائن بإقليم تاونات، دائرة قرية با محمد ، جماعة بني سنوس، والمحددة مساحته في 54 هكتارا و24 آرا و15 سنتيارا بصفتهم مالكين حسب 22 رسما عدليا مؤرخين على التوالي في 27/04/1965، 22/03/1960، 6 ربيع الأول 1377، 19 صفر 1377، 15 محرم 1375، 15 شعبان 1367، 23/12/1970، 19/11/1956، 6 صفر 1376، 29/12/1970، 17 ربيع الأول 1369، 11 ربيع الثاني 1377، 09/04/1974، 18 شوال 1360، 19 ربيع الثاني 1361، 18 ذو القعدة 1355، 12 شوال 1343، 23/09/1965، 16 جمادى الأولى 1383، 13 ذو الحجة 1365، و16/01/1990. فسجلت على المطلب المذكور ثلاثة تعرضات أحدها التعرض المضمن بتاريخ 15/02/1991 (كناش 2 عدد379) والصادر عن ه ع بن أحمد مطالبا بحقوق مشاعة في الملك المذكور قدرها 7 أجزاء من اصل 16 جزءا انجرت له إرثا حسب الإراثة المؤرخة في 27/03/1990 والرسم العدلي المؤرخ في 24/12/1990.
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية بفاس، أصدرت حكمها رقم 51 بتاريخ 09/02/2006 في الملف عدد 134/2004 بعدم صحة التعرض المذكور. فاستأنفه المتعرض المذكور وأيدته محكمة الاستئناف بفاس بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض من الطاعن أعلاه بوسيلتين اثنتين.
حيث يعيب الطاعن القرار في الوسيلة الأولى بعدم الارتكاز على أساس قانوني ذلك أنه أسس قضاءه على كون قتله لوالده ثابت بموجب القرار الجنائي القاضي عليه بعشر سنوات سجنا نافذا من أجل الضرب والجرح المفضيين إلى الموت، والحال أن القرار الجنائي قضى في منطوقه بمؤاخذته من أجل جناية الضرب والجرح العمديين المفضيين إلى الموت دون نية قتله بمعنى أن عنصر العمد والذي يعتبر شرطا للمنع من الإرث عملا بالفصل 333 من مدونة الأسرة ولما سار عليه فقهاء المالكية غير متوفر في قتله لوالده إذ لم تكن له نية إحداثه، وأن القرار بذلك لم يكن معللا تعليلا قانونيا.
ويعيبه في الوسيلة الثانية بخرق القانون ذلك أنه استند فيما قضى به على مقتضيات الفصل 333 من مدونة الأسرة والحال أن الفصل المذكور نص صراحة على أن “من قتل موروثه عمدا وإن أتى بشبهة لم يرث من ماله ولا يحجب وارثا من قتل موروثه خطأ ورث من المال دون الدية وحجب”، وأنه أوضح للمحكمة بأنه لم يقتل والده عمدا مستشهدا بالقرار الجنائي الذي أدانه من أجل الضرب والجرح المفضيين إلى الموت دون نية إحداثه
لكن، ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما، فإن المعتبر في القتل المانع من الإرث، نية الاعتداء لدى القاتل، ولو لم يكن يقصد إزهاق روح الموروث، وذلك لما سار عليه المالكية إلى أن من تعمد الفعل المؤذي الذي يفضي الى موت الضحية يعد قاتلا ولو كانت الآلة التي استعملها لا تقتل عادة ولكنها قتلت لضعف في المضرور، إذ العبرة عندهم بتحقق النتيجة والعدوان في الامر الذي أدى اليه، فقد جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ”ولا يرث قاتل لموروثه عمدا عدوانا وإن أتى بشبهة تدرأ عنه القصاص كرمي الوالد ولده بحجر فمات منه، فالضمير في أتى للقاتل لا بقيد العدوان، إذ لا عدوان مع الشبهة وقد يقال جعله عدوانا من حيث التعمد”،
وهو ما اكدته المادة 333 من مدونة الاسرة حين نصت بأن “من قتل موروثه عمدا وإن أتى بشبهة لم يرث من ماله”، وأنه يكفي المحكمة بما لها من سلطة تقديرية، أن تعتمد القرار الجنائي القاضي بإدانة الطاعن من أجل جناية الضرب والجرح العمديين لتتحقق لها نية الاعتداء لدى الطاعن الذي نتجت عنه وفاة موروثه المانعة من الإرث، ولذلك فإنها حين عللت قضاءها بأن “قتل المستأنف لوالده ثابت بموجب القرار الجنائي الصادر عن غرفة الجنايات رقم 351 بتاريخ 14/10/1982 في الملف الجنائي رقم 19/82 والقاضي عليه بعشر سنوات سجنا نافذا من أجل الضرب والجرح العمديين المفضيين إلى موت والده، وعليه فإن فعله هذا يدخل ضمن القتل العمد، ومن ثم فإن المستأنف لا يرث في والده أي شيء من متخلفه وإن أتى بشبهة حسب المنصوص عليه في المادة 333 من مدونة الأسرة ”. فإنه نتيجة لما ذكر كله كان القرار مرتكزا على أساس قانوني وغير خارق للمقتضيات المحتج بها، والوسيلتان معا بالتالي غير جديرتين بالاعتبار.
لهـذه الأسبـاب :
قضت المحكمة برفض الطلب و تحميل صاحبه الصائر.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: محمد بلعياشي ـ رئيسا. والمستشارين: محمد ناجي شعيب ـ مقررا. ومحمد طاهري جوطي، ومحمد بوزيان، ومحمد شافي ـ أعضاء. وبمحضر المحامي العام السيد محمد فاكر. وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة بشرى راجي.
اترك تعليقاً