حكم تمييز (حاز وأحرز مادة مخدرة)
محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 5/ 4/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ محمود دياب – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ نجاح نصار وعبد الرحمن أبو سليمة ومجدي أبو العلا وعلي الصادق عثمان.
(2)
(الطعن رقم 329/ 2004 جزائي)
1 – إذن. تفتيش. تفتيش. إثبات “بوجه عام”. جريمة. دفع “الدفع ببطلان التفتيش”. ضبط قضائي.
– قيام الطبيب المختص بالبحث في ملابس الغائب عن الوعي فور نقله إلى المستشفى بهدف العثور على هويته والكشف عن شخصيته وحصر متعلقاته. إجراء مشروع. علة ذلك. لا يلزم لإجرائه توافر أدلة قوية على ارتكاب جريمة أو صفة الضبط القضائي أو صدور إذن سابق. مؤدى ذلك: صحة الدليل المستمد من هذا البحث. مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان التفتيش.
2 – إثبات “شهادة”. تمييز “أسباب الطعن: الجدل الموضوعي”. حكم “ما لا يعيبه”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير أقوال الشهود”.
– وزن أقوال الشهود وتقديرها والتعويل عليها. موضوعي. تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. شرطه.
– الجدل الموضوعي في تقدير الدليل ووزن عناصر الدعوى واستنباط المحكمة معتقدها. غير جائز أمام التمييز.
3 – حكم “تسبيب غير معيب”. دفع “الدفع بإنكار التهمة”. دفاع “الدفاع الموضوعي”. محكمة الموضوع “سلطتها في الرد على الدفاع الموضوعي”. تمييز “أسباب الطعن: سبب غير مقبول”.
– محكمة الموضوع ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها.
– إنكار التهمة. دفاع موضوعي لا يستأهل ردًا. استفادة الرد من أدلة الثبوت. النعي على ذلك. غير مقبول.
4 – إجراءات التحريز. بطلان. تحريز. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير صحة إجراءات التحريز”.
– إجراءات التحريز. الغرض منها. المحافظة على الدليل خشية توهينه. القانون لم يرتب البطلان على مخالفة تلك الإجراءات. الأمر متروك لاطمئنان محكمة الموضوع لسلامة الدليل.
5 – إثبات “الدليل الفني”. تمييز “أسباب الطعن: سبب غير صحيح”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير تقارير الخبراء”.
– تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات. لمحكمة الموضوع ما دامت اطمأنت لما جاء بها. النعي على ذلك. غير صحيح.
6 – إثبات “شهادة”. إجراءات المحاكمة. استئناف. تمييز “أسباب الطعن: سبب غير مقبول” و”سبب غير صحيح”. محكمة الاستئناف. دفاع “الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره”.
– سماع محكمة أول درجة أقوال شاهد الإثبات بناء على طلب الطاعن. نعيه بعدم إجابته لإعادة استدعاء الشاهد والتي سُمعت شهادته في غيبة المدافع عنه. نعي غير مقبول.
– طلب إعادة سماع أقوال شاهد الإثبات. لا يعد طلبًا جازمًا تلتزم محكمة الموضوع بإجابته ما دام المدافع عن الطاعن ختم مرافعته بطلب البراءة أصليًا واحتياطيًا استعمال الرأفة. علة ذلك: محكمة الاستئناف تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق ولا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزومًا لإجرائه. النعي بإخلال الحكم بحق الدفاع. غير صحيح.
7 – تفتيش. بطلان. قانون “تفسيره”. حكم “تسبيب غير معيب”.
– استعانة القائم بالتفتيش بمن تلزم له معونتهم أثناء تنفيذ التفتيش. جائز. شرطه: أن يكون في حضوره وتحت إشرافه ومسئوليته. أساس ذلك. القانون لم يرتب البطلان على مخالفة ذلك الشرط. اعتراض الحكم عن دفاع الطاعن في هذا الخصوص. لا عيب. علة ذلك.
1 – إذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل دفع الطاعن ببطلان التفتيش ورد عليه بقوله: “وحيث إنه عن دفع المتهم ببطلان التفتيش فإن الثابت من التحقيقات أن شاهد الواقعة والذي يعمل طبيبًا بالمستشفى الذي نقل إليه المتهم في حالة إغماء قد بحث في ملابس المتهم للبحث عن هويته لمعرفة شخصه والاتصال بأهله وقد أخذ عينة الدم والبول للوقوف على سبب الإغماء وعلاجه بناء على ما سيظهر من نتيجة ومن ثم فإن ذلك لا يحتاج إلى إذن من سلطة التحقيق وأنه إجراء طبي ضروري اقتضته حالة المتهم الصحية لإمكان تقديم العلاج اللازم له وللاتصال بأهله للتعرف عليه وهو بهذه المثابة إجراء مشروع واستلزمته ظروف الحال فإن أسفر عن العثور على ما يعد حيازته جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون تحققت حالة التلبس بالجريمة في حقه ويصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته لم يرتكب في سبيل الحصول عليه ثمة مخالفة لا سيما وأن هذا الإجراء حدث فور دخول المريض (المتهم) وليس أثناء إقامته بها…..
بما يتعين معه رفض هذا الدفع” وكان ما انتهى إليه الحكم في هذا الصدد يتفق وصحيح القانون، ذلك أن ما يقوم به الطبيب المختص من البحث في ملابس الشخص الغائب عن الوعي فور نقله إلى المستشفى بهدف العثور على هويته والكشف عن شخصيته وحصر متعلقاته هو إجراء مشروع لا مخالفة فيه للقانون تمليه عليه الضرورات العملية وليس من شأنه الاعتداء على حرية المصاب أو المريض، وهو لا يعد بالترتيب على ذلك تفتيشًا بالمعنى الذي قصده الشارع كإجراء من إجراءات التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ويستوجب للقيام به احترام الضمانات التي كفلها القانون واتباع الإجراءات التي نص عليها فلا يلزم لإجرائه توافر الأدلة القوية على ارتكاب جريمة أو صدور إذن سابق من سلطة التحقيق أو توافر صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه، فإذا أسفر البحث ذاك عرضا عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان التفتيش فإنه لا يكون قد خالف القانون ويضحى منعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
2 – من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعة إلى محكمة الموضوع بغير معقب، وأن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة التي اقتنعت بها من تلك الأقوال استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شاهد الإثبات وصدق تصويره للواقعة وحصل أقواله بلا تناقض، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل وسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.
3 – محكمة الموضوع ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك كما أن إنكار التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن نعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
4 – إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها البطلان بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان محكمة الموضوع إلى سلامة الدليل، وكان الحكم قد أطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن اطمئنانًا منه إلى عدم حدوث عبث بالمخدر المضبوط، فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون بدوره مقبولاً.
5 – من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء التي تقدم إليها والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء بها فإنه لا تجوز المجادلة في ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى تقارير الإدارة العامة للأدلة الجنائية بشأن تحليل العينات المختلفة كل بحسب نوعها والمعمل المختص بتحليلها، فإن نعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.
6 – إذا كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن محكمة أول درجة أجابت الطاعن إلى طلبه سماع أقوال شاهد الإثبات وسمعت أقواله بالفعل فإن ما ينعاه في هذا الصدد يكون في غير محله، هذا إلى أن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن المدافع عن الطاعن ترافع في الدعوى وختم مرافعته بطلب البراءة أصليًا واحتياطيًا استعمال الرأفة وقدم مذكرة مكتوبة معدة سلفًا، فإن طلبه إعادة سماع أقوال شاهد الإثبات لا يكون بالترتيب على ذلك طلبًا جازمًا تلتزم محكمة الموضوع بإجابته له ما دامت محكمة الاستئناف تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق ولا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزومًا لإجرائه وكانت محكمة الاستئناف لم تر من جانبها لزومًا لإعادة سماع أقوال الشاهد المذكور، فإن نعي الطاعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد.
7 – المادة 88 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية قد أجازت للقائم بالتفتيش سواء كان المحقق أو غيره أن يستعين بمن تلزم له معونتهم أثناء قيامه بتنفيذ التفتيش سواء كانوا من رجال الشرطة أو الصناع أو غيرهم من ذوي المهن والخبراء وهي وإن اشترطت أن يكون قيام هؤلاء بعملهم في حضور القائم بالتفتيش وتحت إشرافه ومسئوليته إلا أنها – وعلى ما جرى به قضاء محكمة التمييز – لم ترتب بطلانًا لا صراحة ولا دلالة على مخالفة هذا الإجراء فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يعرض لدفع الطاعن في هذا الخصوص بحسبانه دفاعًا قانونيًا ظاهر البطلان بما يكون معه منعي الطاعن في هذا الصدد غير قويم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن “…….” لأنه في يوم 13/ 9/ 2003 بدائرة مخفر شرطة المباحث الجنائية: 1 – حاز وأحرز مادة مخدرة “حشيش” وكان ذلك بقصد التعاطي دون أن يثبت أنه قد رخص له بذلك قانونًا. 2 – أحرز مؤثرًا عقليًا “بنزودايازابين” وكان ذلك بقصد التعاطي دون أن يثبت أنه قد رخص له بذلك قانونًا. 3 – قاد مركبة آلية تحت تأثيره المخدرات والمؤثرات العقلية. 4 – قاد مركبة آلية سيارة “برعونة وتفريط وإهمال وعدم انتباه مما يعرض حياته للخطر على النحو الموضح بالتحقيقات. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 33/ 1، 39/ 1 من القانون رقم 74 لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1995 والبند رقم 16 من الجدول الملحق بالقانون الأول والمواد 1/ 3، 2/ 1، 39/ 1 من المرسوم بقانون رقم 48 لسنة 1987 في شأن مكافحة المؤثرات العقلية وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والجدول رقم 4 الملحق بالقانون والمادتين 33/ 2، 38/ 1، 2 من المرسوم بقانون رقم 67 لسنة 1976 بشأن المرور المعدل بالقانون رقم 52 لسنة 2001. ومحكمة الجنايات قضت حضوريًا بتاريخ 10/ 4/ 2004 بحبس الطاعن خمس سنوات مع الشغل والنفاذ وبتغريمه خمسة آلاف دينار عما أسند إليه مع مصادرة المادة المضبوطة، استأنف كل من النيابة العامة والطاعن. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 30/ 5/ 2004 بقبول استئناف كل من النيابة العامة والطاعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة إلى التقرير بالامتناع عن النطق بعقاب الطاعن على أن يقدم تعهدًا مصحوبًا بكفالة مالية قدرها مائتي دينار يلتزم فيه بمراعاة حسن السلوك لمدة سنتين وبسحب رخصة قيادته لمدة سنة وتأييده فيما قضى به من مصادرة المخدر المضبوط، فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة وإحراز مادة مخدرة ومؤثر عقلي بقصد التعاطي وقيادة مركبة آلية تحت تأثير مخدر ومؤثر عقلي وبرعونة وتفريط وإهمال وعدم انتباه مما عرض حياته للخطر قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع وبطلان، ذلك بأنه رد بما لا يصلح ردًا على دفاعه ببطلان التفتيش إذ عده من قبيل التفتيش الإداري المشروع رغم أن تفتيش ملابسه بمعرفة الطبيب لم يجرى إلا بعد دخوله المستشفى وتوقيع الكشف الطبي عليه بمعرفة الطبيب الذي استقبله وهو ما لا يوفر حالة الضرورة أو حالة التلبس، وجاء تصوير الطبيب شاهد الإثبات لواقعة ضبط المخدر غير منطقي يتسم بعدم المعقولية وينبئ عن وجود صورة أخرى لها كما تناقضت أقواله في التحقيقات عنها أمام المحكمة،
وقد أثار الطاعن دفاعًا مؤداه أن المادة المخدرة المضبوطة لم تعرض عليه في أي مرحلة من مراحل الدعوى وأنه ينكر حيازتها وجرى إرسالها للإدارة العامة للأدلة الجنائية لتحليلها دون تحريزها واتباع ما توجبه المادة 91 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية من إجراءات وجاء رد الحكم عليه غير سائغ، ولم يعنى بالرد على دفاعه بتناقض تقارير تحليل عينات دمه إذ تضمن أحدها عدم العثور على أثر للكحول وتضمن ثان العثور على أحد مشتقات مادة البنزودايازبين وتضمن ثالث العثور على متحللات مادة الحشيش المخدرة وهو ما يشكك في قيمتها والثقة فيها، هذا إلى أن إجراءات أخذ العينات لم تجرى في حضور وكيل النيابة المحقق كما توجب المادة 88 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وأخيرًا فإن المحكمة لم تجبه إلى طلبه إعادة استدعاء شاهد الإثبات والتي سمعت المحكمة شهادته في غيبة المدافع عنه، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: “إنه أثناء قيادة المتهم لسيارته بالطريق العام اصطدم بحاجز الطريق فقد وعيه ونقل بسيارة الإسعاف إلى مستشفى الفروانية وأثناء البحث في ملابسه عن هويته للتعرف عليه ولمعرفة فصيلة دمه للوصول إلى علاجه عثر بملابسه على قطعة من مخدر الحشيش وبعينة بوله على متحللات الحشيش المخدرة وبعينة دمه على مادة البنزودايازبين المؤثر عقليًا”، وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة استمدها من شهادة الطبيب…….. ومما ثبت من تقارير الإدارة العامة للأدلة الجنائية بشأن تحليل عينات دم وبول الطاعن وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل دفع الطاعن ببطلان التفتيش ورد عليه بقوله: “وحيث إنه عن دفع المتهم ببطلان التفتيش فإن الثابت من التحقيقات أن شاهد الواقعة والذي يعمل طبيبًا بالمستشفى الذي نقل إليه المتهم في حالة إغماء قد بحث في ملابس المتهم للبحث عن هويته لمعرفة شخصه والاتصال بأهله وقد أخذ عينة الدم والبول للوقوف على سبب الإغماء وعلاجه بناء على ما سيظهر من نتيجة ومن ثم فإن ذلك لا يحتاج إلى إذن من سلطة التحقيق وأنه إجراء طبي ضروري اقتضته حالة المتهم الصحية لإمكان تقديم العلاج اللازم له وللاتصال بأهله للتعرف عليه وهو بهذه المثابة إجراء مشروع واستلزمته ظروف الحال فإن أسفر عن العثور على ما يعد حيازته جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون تحققت حالة التلبس بالجريمة في حقه ويصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته لم يرتكب في سبيل الحصول عليه ثمة مخالفة لا سيما وأن هذا الإجراء حدث فور دخول المريض (المتهم) وليس أثناء إقامته بها……. بما يتعين معه رفض هذا الدفع “وكان ما انتهى إليه الحكم في هذا الصدد يتفق وصحيح القانون، ذلك أن ما يقوم به الطبيب المخت
ص من البحث في ملابس الشخص الغائب عن الوعي فور نقله إلى المستشفى بهدف العثور على هويته والكشف عن شخصيته وحصر متعلقاته هو إجراء مشروع لا مخالفة فيه للقانون تمليه عليه الضرورات العملية وليس من شأنه الاعتداء على حرية المصاب أو المريض، وهو لا يعد بالترتيب على ذلك تفتيشًا بالمعنى الذي قصده الشارع كإجراء من إجراءات التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ويستوجب للقيام به احترام الضمانات التي كفلها القانون واتباع الإجراءات التي نص عليها فلا يلزم لإجرائه توافر الأدلة القوية على ارتكاب جريمة أو صدور إذن سابق من سلطة التحقيق أو توافر صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه، فإذا أسفر البحث ذاك عرضا عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان التفتيش فإنه لا يكون قد خالف القانون ويضحى منعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب، وأن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة التي اقتنعت بها من تلك الأقوال استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شاهد الإثبات وصدق تصويره للواقعة وحصل أقواله بلا تناقض، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في تقدير الدليل وسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك كما أن إنكار التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن نعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكانت إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها البطلان بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان محكمة الموضوع إلى سلامة الدليل، وكان الحكم قد أطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن اطمئنانًا منه إلى عدم حدوث عبث بالمخدر المضبوط، فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون بدوره مقبولاً.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء التي تقدم إليها والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء بها فإنه لا تجوز المجادلة في ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى تقارير الإدارة العامة للأدلة الجنائية بشأن تحليل العينات المختلفة كل بحسب نوعها والمعمل المختص بتحليلها، فإن نعي الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن محكمة أول درجة أجابت الطاعن إلى طلبه سماع أقوال شاهد الإثبات وسمعت أقواله بالفعل فإن ما ينعاه في هذا الصدد يكون في غير محله، هذا إلى أن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن المدافع عن الطاعن ترافع في الدعوى وختم مرافعته بطلب البراءة أصليًا واحتياطيًا استعمال الرأفة وقدم مذكرة مكتوبة معدة سلفًا، فإن طلبه إعادة سماع أقوال شاهد الإثبات لا يكون بالترتيب على ذلك طلبًا جازمًا تلتزم محكمة الموضوع بإجابته له ما دامت محكمة الاستئناف تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق ولا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزومًا لإجرائه وكانت محكمة الاستئناف لم تر من جانبها لزومًا لإعادة سماع أقوال الشاهد المذكور، فإن نعي الطاعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكانت المادة 88 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية قد أجازت للقائم بالتفتيش سواء كان المحقق أو غيره أن يستعين بمن تلزم له معونتهم أثناء قيامه بتنفيذ التفتيش سواء كانوا من رجال الشرطة أو الصناع أو غيرهم من ذوي المهن والخبراء وهي وإن اشترطت أن يكون قيام هؤلاء بعملهم في حضور القائم بالتفتيش وتحت إشرافه ومسئوليته إلا أنها – وعلى ما جرى به قضاء محكمة التمييز – لم ترتب بطلانًا لا صراحة ولا دلالة على مخالفة هذا الإجراء فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يعرض لدفع الطاعن في هذا الخصوص بحسبانه دفاعًا قانونيًا ظاهر البطلان بما يكون معه منعي الطاعن في هذا الصدد غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا مع مصادرة الكفالة.
اترك تعليقاً