الوصية – الوصية بالثلث الخيري – الوقف الخيري – وفاة الموصى له في حياة الموصي – أثره: في الوصية و في الوقف الخيري
من المقرر شرعاً وقانوناً أن الوصية هي تصرف (في تركة) مُضاف إلى ما بعد الموت (طبقاً لنص المادة 213 من قانون الأحوال الشخصية رقم 51 لسنة 1984 “الكويتي”).
والوصية تكون نافذة ومُلزمة إذا مات الموصي مُصراً عليها (أي لم يرجع فيها حال حياته)، طالما كانت الوصية مُعتبرة شرعاً وقانوناً، وهي تكون كذلك إذا كانت وصية بغير معصية، وكان الباعث عليها غير منافٍ لمقاصد الشارع (طبقاً لنص مادة 215 من قانون الأحوال الشخصية).
وطالما كان الموصي أهلاً للتبرع قانوناً، بأن يكون بالغاً راشداً عاقلاً غير محجور عليه لسفه أو غفلة (طبقاً لنص مادة 217 من قانون الأحوال الشخصية).
[الوصية لوارث]: المشرع الكويتي أجاز الوصية لوارث، ولكنه اشترط لذلك “إجازة” باقي الورثة لتلك الوصية “ولو لم تزد على ثلث التركة” (طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 247 من قانون الأحوال الشخصية).
[الوصية الواجبة]: وإذا لم يوصِ الميت لفرع ولده الذي مات في حياته أو مات معه – ولو حكماً – بمقدار حصته مما كان يرثه أصله في تركته لو كان حيا عند موته، وجبت للفرع في التركة وصية مقدار هذه الحصة في حدود الثلث، بشرط أن يكون غير وارث، وألا يكون الميت قد أعطاه بغير عوض عن طريق تصرف آخر قدر ما يجب له، وإن كان ما أعطاه أقل منه، وجبت له وصية بقدر ما يكمله (طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 287 “مكرراً” من قانون الأحوال الشخصية).
[ تنفيذ الوصية ]: ويتولى تنفيذ الوصية من يكون قد عينه الموصي في وصيته، فإن لم يوجد، كان لمن تعينه المحكمة (طبقاً لنص المادة 240 من قانون الأحوال الشخصية).
[ بطلان الوصية ] ولكن الوصية تبطل وتلغى وتعتبر كأن لم تكن، في حال وفاة “الموصى له” في حياة “الموصي”؛ طبقاً لنص المادة 226 من قانون الأحوال الشخصية، التي تنص على أنه: “تبطل الوصية: أ) بموت الموصى له، قبل موت الموصي. – ب) بهلاك الموصى به المعين، قبل قبول الموصى له”.
وإذا بطلت الوصية عاد “الموصى به” إلى تركة الموصي (طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 244 من قانون الأحوال الشخصية)، ليوزع على ورثته الموجودين في وقت وفاة الموصي.
هذه هي القواعد العامة في “الوصية”، وهي تختلف عن أحكام “الوقف الخيري” الذي يأخذ شكل الوصية، فرغم أن كلاهما تصرف “بالإرادة المنفردة” للموصي أو الواقف، وكلاهما تصرف “مُضاف إلى ما بعد الموت” – في الإيصاء بالوقف –، إلا أن “الوقف الخيري” يختلف في أحكامه عن أحكام “الوصية”؛ فالوقف الخيري: يُعد مجموع من الأموال بمثابة شخص اعتباري خاص (في ذات المعنى: الطعن بالتمييز رقم 268 لسنة 1988 تجاري – جلسة 11/2/1990م) ويمثله – أمام القضاء وفي علاقته بالغير – “ناظر الوقف” (والذي يطلق عليه لفظ “الموصى له” في وقف الثلث الخيري في تركة الواقف “الموصي”).
حيث تنص المادة الثالثة من الأمر السامي بتطبيق أحكام شرعية خاصة بالأوقاف على أنه: “إذا كان الوقف على الخيرات، ولكن جعله الواقف على شخص أو على يد شخص أو نحو ذلك، فيعتبر خيرياً وتكون كلمة (على) دالة على أن ما بعدها ناظراً لا موقوف عليه”.
وعلى ذلك، فتكون الوثيقة المحررة من السيد/ ………. (عليه رحمة الله)، والمعنونة بـ: “وصية”، هي في حقيقتها “حجة وقف”، أوقف بموجبها الواقف المذكور ثلث تركته (من جميع مخلفاته من عقار ومال) – بعد وفاته – (على) يد ابنه/ …………………. ، فيكون ذلك الأخير هو “ناظر الوقف” الذي يتولى إدارته لتنفيذ شرط الواقفة، ولكنه ليس “موصى له”.
وعليه فوفاة ناظر الوقف في حياة الواقف لا أثر له على بقاء واستمرار ونفاذ الوقف الخيري، حيث يجوز أن يعين الواقف حال حياته ناظراً آخر بدلاً منه، فإذا هو لم يفعل وتوفي قبل أن يفعل ذلك، تولت وزارة الأوقاف النظارة على هذا الوقف، حيث تنص المادة السادسة من الأمر السامي بتطبيق أحكام شرعية خاصة بالأوقاف على أن: “الأوقاف الخيرية أو الأوقاف التي للخيرات فيها نصيب – إذا لم يشترط الواقف النظارة عليها لشخص أو جهة معينة – تكون النظارة عليها لدائرة الأوقاف العامة”.
علماً بأن الواقف قد أذن للموصى له (ناظر الوقف) أن يوصي من بعده على الثلث (الخيري) من يثق في ديانته وأمانته، فإذا هو لم يفعل وتوفي قبل أن يفعل ذلك، تولت وزارة الأوقاف النظارة على هذا الوقف (على نحو ما سلف بيانه).
ووظيفة ناظر الوقف هي إدارته والصرف من ريعه على وجوه البر العام الذي حددها الواقف. حيث إن الوقف الخيري إنما يكون للإنفاق من ريعه على وجوه الخيرات والمبرات وعمل الإحسان وقضاء حاجة الفقراء والمحتاجين من المسلمين وكل فعل خيري يعود نفعه على الواقف بعد موته.
وإذا كانت الواقف قد شرط الإنفاق من ريع وقفه على قضاء حاجة المحتاج من المسلمين على أن تكون الأولوية للمحتاج من الأقارب … وإذا احتاج الموصى له أو أحد من أبنائي ذكوراً كانوا أو إناثاً إلى شيء من مال هذا الثلث (الخيري) فله أن يأكل منه بالمعروف من غير سرف ولا تقطير. فهذا يُعد تطبيقاً لنص المادة الخامسة من الأمر السامي بتطبيق أحكام شرعية خاصة بالأوقاف على أنه: “تقدم قرابة الواقف المحتاجين ــ في الوقف على الخيرات ــ فإن لم تسع غلته جميعهم يبدأ بولد الصلب ثم بولد الولد ثم الأقرب فالأقرب من الأقارب”، حيث أن ثواب النفقة في هذه الحالة مُضاعف، لكونها “صدقة” و “صلة رحم”، ويظل هذا الوقف – حتى في تلك الحالات – وقفاً “خيرياً” وليس وقفاً ذرياً أو أهلياً.
وخلاصة القول أن: التصرف المثبت في وثيقة السيد/ …………………. (عليه رحمه الله)، هو “حجة وقف خيري”، وليس “وصية”، وإن وفاة ناظر الوقف (على يد ابن الواقف) لا أثر له على بقاء الوقف الخيري واستمراره ونفاذه وسريانه، وفي حال عدم تعيين ناظر آخر على ذلك الوقف، سواء من الواقف حال حياته، أو من ناظر الوقف حال حياته (طبقاً لشروط حجة الوقف)، حيث تتولى وزارة الأوقاف بدولة الكويت تلك النظارة وإدارة أعيان الوقف للصرف من ريعها على وجه البر والإحسان وكل فعل خيري يعود نفعه على الواقف بعد وفاته.
هذا، والله أعلى وأعلم،،،
الأستاذ/ أشرف رشوان المحامي بالنقض
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً