مقال قانوني متميز عن الجريمة السيبرانية
القاضى فلاح حسن التميمي
لقد افرز التقدم العلمي والتكنلوجي في استخدام اجهزة وانظمة وشبكات الحاسوب عن ابتعاد المجرمين عن الاساليب التقليدية في ارتكاب الجرائم وظهور نماذج تنطوي على اساليب اجرامية اطلق عليها بالجرائم السيبرانية .
والسيبرانية من (سيبر) ويعني الفضاء الانترنتي كما تعني ترابط حواسيب مع انظمة اوتماتيكية .
ويعرف الفضاء السيبراني (بأنه المجال المجازي لأنظمة الحاسوب والشبكات الالكترونية حيث تخزن المعلومات الكترونيا وتتم الاتصالات المباشرة على الشبكة)
واذا ما وردت عبارة الجريمة الحاسوبية او جريمة الاتصالات والمعلوماتية فهي تعني الجريمة السيبرانية .
الجريمة السيبرانية ومبدأ التجريم والعقاب
لقد اسهمت التجارة الالكترونية في ازدياد حجم هذه الجريمة ولذلك وجدت المحاكم صعوبة في تكييف النصوص القانونية لتجريم الافعال التي قد يكون موضوعها ادوات معلوماتية وحاسوبية على اساس ان النص الجزائي يفسر على سبيل الحصر طبقا لأرادة المشرع ويحظر استخدام القياس لأفعال عملاً بمبدأ لا جريمة ولا عقوبة الا بنص او بناءاً عليه .
تشريع قوانين تكافح الجريمة السيبرانية
كان لا بد من اقرار تشريعات جديدة تجرم الافعال الواقعة على الانظمة والبيانات المعلوماتية لا سيما وقد عبرت هذه الجرائم نطاقها الوطني الى النطاق الدولي بفعل شبكة الانترنيت وظهرت عصابات تنقل نشاطها من دولة الى اخرى دون كشفها وتم انتحال الشخصيات سرقت منها عناصر التعريف وتم الاستيلاء على اموالها .
وزاد خطر هذه الجرائم واصبحت تحمل صفة جرائم منظمة بل اصبحت من اساليب الحرب الجديدة واحدى وسائل الهجوم الارهابي.
كل ذلك تطلب وضع تشريعات تلاحق مرتكبيها والعمل على تبني سياسة دولية مشتركة لمكافحتها والحرص على تحقيق تعاون دولي في الحيلولة دون افلات المجرمين من العقاب .
اتفاقية بودابست
لذلك وبناءاً على الوضع التشريعي القائم كان من اللازم ايجاد حلول للثغرات في التشريعات السيبرانية لملاحقة الجريمة السيبرانية المتخطية للحدود الوطنية .
ومن اهم التشريعات النموذجية اتفاقية بودابست المتعلقة بالجريمة الالكترونية في 23/11/2001 الصادرة عن مجلس وربا والتي تشكل نموذجا يمكن الاسترشاد به من التشريعات الوطنية .
التعاون الدولي لمكافحة الجريمة السيبرانية
عقدت الدورة الثانية لفريق الخبراء الحكومي الدولي في مقر الامم المتحدة في فينا للفترة من 25-28/2/2013 لأجراء دراسة وشاملة لمشكلة الجريمة السيبرانية والرد عليها من الدول الاعضاء والمجتمع الدولي والقطاع الخاص ومن اهم النتائج والتوصيات التي تمخض عنها الاجتماع :-
ضرورة الاهتمام بدراسة الجريمة السيبرانية واقتراح القواعد القانونية اللازمة لمكافحتها والحد منها .
العمل على تعزيز التعاون الدولي لمنع الجريمة السيبرانية .
العمل على بناء القدرات وبدئ المساعدة التقنية للدول المختلفة في مواجهة الجرائم السيبرانية .
تشريعات عالجت الجرائم السيبرانية
التشريعات الوطنية الاجنبية التي عالجت بنصوص عقابية الجرائم السيبرانية (امريكا،سويسرا،بريطانيا،فرنسا،كندا،استراليا،بلجيكا)
ومن التشريعات الوطنية العربية التي تناولت الجريمة السيبرانية (السعودية،الامارات،الاردن،السودان)
وهنالك بعض الدول العربية (سوريا وسلطنة عمان والكويت ولبنان ومصر واليمن وفلسطين ) جرمت بعض الافعال الغير مشروعة التي ترتكب اثناء القيام بالتجارة الاكترونية وفرضت العقوبات لها . الا انها غير شاملة لجميع جرائم المعلوماتية .
انواع جريمة الفضاء السيبراني
تنقسم الى نوعين :-
الاول – هو الذي يكون فيه الحاسوب اداة تنفذ بواسطتها الجرائم مثل الاختلاس والسرقة والاحتيال وانتحال الصفة والتهديد بالوسائل الاكترونية .
الثاني – هو الذي يكون في جهاز الحاسوب وشبكات الحواسيب وبرامجياتها موضوعا للجريمة مثل
اختراق نظام امني معين .
استخدام فايروسات خبيثة .
التعدي على موقع الكتروني .
التعدي على البيانات المعلوماتية او محوها او تعديلها .
القانون الاسترشادي المقترح
حاولت جهات دولية الاسترشاد باتفاقية بودابست المتعلقة بالجريمة الالكترونية في 23/11/2013 والقانون الفرنسي رقم 575 في 21/6/2004 وبقوانين وطنية وبالاعمال الفقهية في اعداد نصوص ارشاد موجه الى الدول العربية حول جرائم المعلوماتية والفضاء السيبراني سمي بالقانون الاسترشادي المقترح وقد احتوى على الابواب التالية :-
الباب الاول – التعدي على البيانات المعلوماتية (تعديل او الغاء او محو او افساد او تدمير البيانات) .
الباب الثاني – التعدي على الانظمة المعلوماتية (الولوج غير المشروع الى نظام معلوماتي او المكوث فيه للحصول على معلومات او محوها او الغائها او افسادها) .
الباب الثالث – اساءة استعمال الاجهزة والبرامج المعلوماتية (كل من قدم او انتج او وزع او استورد او صدر او روج او حاز لغرض الاستخدام جهازاً او برنامجاً او بيانات او كلمات سر أو تراميز دخول لغرض ارتكاب جريمة سيبرانية) .
الباب الرابع – جرائم الاموال (التعدي على الاموال والمعاملات) منها جريمة الاحتيال او الغش او التزوير المعلوماتي او الاختلاس او سرقة اموال وجرم التسويق والترويج غير المرغوب فيه او جرم الاستيلاء على ادوات تعريف الغير وهويته او جرم الاطلاع على معلومات سرية او افشائها .
الباب الخامس – جرائم الاستغلال الجنسي للقاصرين (بث وعرض وتوزرع وحيازة ونقل وتزويد مواد اباحية جنسية لقاصرين وتحرض القاصرين على انشطة جنسية والتحرش بهم بوسائل معلوماتية)هذا النص يشمل البالغين في الدول العربية
الباب السادس – جرائم التعدي على الملكية الفكرية (وضع اسم مختلس على عمل ادبي او تقليد اسم مؤلف وختمه او بيع او عرض عمل مقلد وعرضه للتداول او الاعتداء على حق مؤلف) .
الباب السابع – جرائم البطاقات المصرفية والنقود الالكترونية (تقليد بطاقة مصرفية واستعمالها او قبول الايفاء بها وجرم تزوير النقود الالكترونية) .
الباب الثامن – الجرائم التي تمس المعلومات الشخصية (معالجة وافشاء معلومات شخصية) .
الباب التاسع – جرائم العنصرية والجرائم ضد الانسانية بوسائل معلوماتية (نشر وتوزيع معلومات تثير النعرات الطائفية او تهديد الاشخاص بسبب العرق او المذهب او اللون او انكار او تشويه او تبرير اعمال ابادة جماعية او ضد الانسانية او التحريض على ارتكابها) .
الباب العاشر – جرائم المقامرة وترويج المواد المخدرة بوسائل معلوماتية (تملك وادارة مشروع مقامرة وترويج الكحول للقاصرين وترويج المخدرات) .
الباب الحادي عشر – جرائم المعلوماتية ضد الدولة والسلامة العامة (تعطيل الاعمال الحكومية والحصول على معلوماتها السرية وبث بيانات تهدد الامن وارتكاب الاعمال الارهابية والتحريض على القتل) .
الباب الثاني عشر – جرائم تشفير المعلومات (توزيع او تسويق او تصدير او استيراد او بيع او تأجير وسائل تشفير بدون ترخيص)
الباب الثالث عشر / العقوبات وتتضمن عقوبة الحبس والغرامة او احدهما مع ذكر حالات التشديد والتخفيف ومصادرة الاجهزة ويترك للتشريعات الوطنية معالجة ذلك .
اترك تعليقاً