ميراث النساء في الشريعة الإسلامية
عبدالله الشملاوي
محامٍ بحريني
خامساً: أحوال ميراث النساء:1- ميراث النساء عند الأئمة الأربعة:
أولاً – أحوال الأم: قال الله تعالى:»وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ، فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ» (النساء:11).
وقد استنبط الفقهاء من هذه الآية أن للام ثلاثة أحوال هي – أولاً: السدس إذا لم يكن معها فرع وارث، ذكرًا أو أنثى.
ثانيا: السدس إذا كان معها اثنان فأكثر من الإخوة والأخوات من أية جهة، كلاهما مذكر، أو كلاهما مؤنث، أو إحداهما مذكر والآخر مؤنث.
ثالثا: ثلث التركة وذلك عند عدم الفرع وعدم وجود اثنين فأكثر من الإخوة والأخوات. واختلف فيها الفقهاء إذا ما وجد مع أحد الزوجين، فالبعض قال إن الأم تأخذ ثلث كل التركة. وهو قول ابن عباس والظاهر من نص الآية السابقة. إلا أن الجمهور قالوا إن الأم لا تأخذ ثلث كل التركة وإنما تأخذ الثلث الباقي بعد فرض الزوج أو الزوجة، وقد لجأ الجمهور إلى هذا القول لئلا تأخذ الأم ضعف الأب، فالقاعدة في مسائل الإرث أن كل ذكر وأنثى في درجة واحدة يأخذ الذكر ضعف الأنثى، إلا ما استثني من هذا الأصل بنص. وعللوا أخذهم بهذا الرأي بالقول بأن ظاهر الكتاب يدل على نصيب الأم الثلث إذا انحصر الميراث فيها وفي الأب، بدليل قوله تعالى «وورثه أبواه»، أما إذا كان معهما وارث آخر – وهو أحد الزوجين – فالكتاب لم يتعرض لحكم هذه الحالة، فحتى تأخذ الأم الثلث اشترطت الآية شرطين، الأول عدم الولد، والثاني انحصار الميراث في أبويه. فلو لم يكن تفردهما شرطا لم يكن في قوله وورثه أبواه. والأم لا يحجبها أحد حجب حرمان أصلاً، ولكنها تحجب حجب نقصان من الثلث إلى السدس، وقد يدركها العول، عند من قال به من الفقهاء، وقد يُردُّ عليها. وهي تحجب جميع الجدات بالإجماع، سواء كن من جهتها أم من جهة الأب.
ثانياً – أحوال البنت: وهي بنت المتوفى أو المتوفاة مباشرة، ولها بالنسبة إلى الميراث حالتان، «الأولى» الإرث بالفرض وبه حالتان:
أ) النصف للواحدة إذا انفردت، ولمن كان معها ابن يعصبهما.
ب) الثلثان للاثنتين فأكثر إذا لم يكن معها ابن يعصبهما.
«الثانية» الإرث بالتعصيب بالغير، وهو الابن. وفي هذه الحالة تقسم التركة على الأبناء والبنات للذكر مثل حظ الاثنيين سواء تعددت البنات مع ابن واحد أو أكثر، وقد أخذ الفقهاء الأحوال السابقة من صريح سورة النساء قوله تعالى «يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ» (النساء: 11) وكذلك من الحديث النبوي الشريف، حيث روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن جابر قال جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى الرسول (ص) فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في احد شهيداً، وان عمهما اخذ مالهما، فلم يدع لهم مالاً، ولا تنكحان إلا ولهما مال، فقال يقضي الله في ذلك، فنزلت أية الميراث، «يوصيكم الله في أولادكم …»، فأرسل رسول الله (ص) إلى عمهما فقال اعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك» (18 د. عبد الودود الشربيني – المرجع السابق – ص 357).
وروى البخاري واحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه عن هديل ابن شرحيل قال: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال للابنة النصف وللأخت النصف، وأتى إبن مسعود، فسئل ابن مسعود، وأُخبر بقول أبي موسى، فقال لقد ضللتُ إذًا وما أنا من المهتدين. أقضي فيها بما قضى به النبي (ص)، للبنت النصف ولابنة الابن السدس تكملة للثلثين، وما بقي فللأخت. والبنت الصلبية لا يحجبها أحد عن الميراث أصلاً، بل قد يُردُّ عليها في حالة إرثها بالفرض، انفردت أو تعددت عند من قال بالرد، وقد يدركها العول فهي تحجب الإخوة والأخوات لأم، وتسقط فرض الأخت لأبوين وإذا تعددت البنت حجب بنت الابن عن فرضها دون ارثها بالتعصيب بغيرها.
ثالثاً – أحوال بنت الابن: وهي تشمل كل بنت ابن سواء أقربت درجة أبيها من المتوفى أم بعدت. ولها في الميراث حالتان أيضا. حالة فرض وحالة تعصيب.
فترث بالفرض في ثلاثة أحوال:
أ) النصف إذا أنفرت ولم يكن معها من يعصبها أو يحجبها ودليلها من الآية السابقة في شأن البنت.
ب) الثلثان للاثنتين فأكثر عند عدم العاصب والحاجب، مع عدم بنات الصلب ودليلها كذلك من الآية السابقة في الشأن ذاته.
ج) السدس للوحدة فأكثر مع بنت صلبية واحدة فقط، تكملة للثلثين، بشرط ألا يكون في المسألة عاصب ولا حاجب، ودليلها من حديث هديل إبن شرحبيل سالف الذكر.
وترث بالتعصب في حالة واحدة، وهي ما إذا كان معها من يعصبها مع عدم الحاجب. والذي يعصبها هو ابن ابن في درجتها مطلقا، أو كان أنزل منها في الدرجة وقد احتاجت إليه. ومعنى احتياجها إليه أن يستوفي من فوقها في الدرجة من جنس البنات سواء أكن بنات صليبات، أم بنات أبناء أم خليط منهن الثلثين كبنتين مع بنت ابن، وكبنتي ابن مع بنت ابن ابن، وكبنت وبنت ابن مع بنت ابن ابن.
وبنت الابن يحجبها كل ابن ابن هو أعلى منها في الدرجة. وتحجبها عن الفرض بنتان فأكثر وكذلك كل بنتي ابن فأكثر يحجبن من تحتهن من بنات الابن عن الفرض فقط. وتحجب بنت الابن مهما نزلت درجة أبيها من الإخوة والأخوات لأم، وتصير الأخت لأبوين عصبة معها، وكذا الأخت لأب عند عدم الأخت لأبوين. شأنها في كل ذلك شأن البنت الصلبية عند عدمها، وقد يدرك بنت الابن العول وقد يرد عليها.
رابعاً – الأخت الشقيقة: قال الله تعالى: «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ» (النساء: 176).
وقد اتفقت كلمة الأمة على أن المراد بالأخ والأخت في هذه الآية الأخت والأم لأبوين أو لأب ويؤكد ذلك ما رواه النسائي من طريق أبي الزبير عن جابر الأنصاري (رض): قال اشتكيت فدخلت على رسول الله (ص) فقلت يا رسول الله، أوصي لإخوتي بالثلث قال أحسن، قلت أوصي بالشطر قال أحسن ثم خرج ثم دخل علي وقال لا أراك تموت في وجعك هذا، إن الله انزل– أو بين- مـال أخواتك وهـو الثلثان: فكان جابر يقـول: نزلت هـذه الآيـة في «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ» (النساء: 176) والسائل هو جابر بن عبدالله الأنصاري (رض)، وكان له أخوات ولم يكن له ولد وقد حددت هذه الآية ما تستحقه الأخت الشقيقة من الميراث، فقال الفقهاء إنها ترث بالفرض، وبالتعصيب بالغير وبالتعصيب مع الغير ( المرجع السابق – مغنية ص 515).
أ) فلها النصف فرضا إن كانت واحدة عند عدم الحاجب والعاصب.
ب) وللاثنتين فأكثر الثلثان فرضاً.
ج) وترث بالتعصيب بالغير إذا كان معها أخ لأبوين، للذكر ضعف الأنثى، وترث بالتعصيب مع الغير إذا كان للمتوفى فرع وارث مؤنث كبنت أو ابن، في هذه الحالة تأخذ الأخت لأبوين الباقي، أن بقي شيء، وإذا كان معها أخ لأبوين اقتسما ذلك الباقي للذكر ضعف الأنثى وكذا الحكم لو تعدد كلاهما أو حدهما كما في الحديث السابق المروي عن هديل وقد أخذ به على إطلاقها الائمة الأربعة. ويؤخذ منه أن الأخت عصبة مع البنت.
وعند تعدد الأخت الشقيقة فإنها تحجب الأخت لأب – ولو تعددت – عن الفرض، فإن كان مع الأخت لأب أخ لأب ورثت بالتعصيب به، للذكر ضعف الأنثى. ومتى صارت الأخت الشقيقة عصبة مع الغير كانت في قوة الأخ لأبوين فتحجب الأخ لأب كما يحجب كل منها بالأخ الشقيق.
خامساً – الأخت لأب: ترث بالفرض وبالتعصيب .
أ) فلها النصف فرضا إن كانت واحدة عند عدم الحاجب والعاصب وعدم الأخت لأبوين.
ب) وللاثنتين فأكثر الثلثان فرضاً.
ج) ولها السدس تكملة للثلثين عند وجود أخت لأبوين واحدة لا فرق في ذلك بين أخت لأب واحدة أو أكثر، عند عدم العاصب والحاجب.
د) وترث بالتعصيب بالغير إذا كان معها أخ لأب، للذكر ضعف الأنثى في جميع الأحوال.
هـ) وترث بالتعصيب مع الغير إذا كان المتوفى فرع وارث مؤنث، وذلك عند عدم الأخت لأبوين وعدم الحاجب. وإذا كان معها أخ لأب اقتسما ذلك، للذكر ضعف الأنثى. ودليل ذلك الآية السابق ذكرها في الأخت الشقيقة.
والأخت لأب لا تحجب أحداً من أصحاب الفروض مطلقًا، ولا من العصبات إلا إذا صارت عصبة مع الغير حيث تكون في قوة الأخ لأب، فتحجب كل من يحجبه الأخ لأب، ويحجب الأخت لأب الأخ لأبوين وكل من يحجب الأخ لأبوين، وكذا الأختان فأكثر. وقد يدركها العول وقد يرد عليها.
سادساً: أحوال الأخت لأم: للأخت لأم في الميراث حالتان:
«الأولى» السدس للواحدة إذا انفردت وذلك مستفاد من قول الله تعالى «وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ» (النساء: 12) وقد أجمعت الأمة المسلمة على أنها نزلت في الأخت لأم. ومعناها انه إذا مات رجل أو امرأة وكان ذلك الميت له وقت موته كلالة، أي لا ولد له ولا والد، وكانت له أخت أو أخ من أم فلتلك الأخت أو الأخ السدس عند الانفراد.
«الثانية» ويستفاد من قوله تعالى: «فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ» (النساء: 12) فالآية واضحة الدلالة على توريث الإخوة والأخوات لأم، اثنان منهم أو أكثر الثلث من التركة يكونوا شركاء فيه على السواء لا فرق بين ذكورهم وإناثهم في ذلك؛ لأنهم يرثون بقرابة الرحم لا بالتعصيب، وكون حظ الذكر مثل حظ الأُنثيين إنما هو في التعصيب لا بالرحم – كما يؤخذ من آيات المواريث وتدل كلمة «شركاء» في الآية على أنهم متساوون لا فرق بين ذكر وأنثى (الشيخ محمد أبو زهرة – الميراث عند الجعفرية – ص 175).
سابعاً: ميراث الجدة: الجدة صاحبة الفرض هي الجدة التي ليس بينها وبين المتوفى جد غير صحيح، والجد الصحيح هو الذي لا يوجد بينه وبين المتوفى في سلسلة النسب أنثى.
وللجدة حالة واحدة في الميراث، ففرضها السدس سواء كانت واحدة أم تعددن كأم أم مع أم أب. فقد روى أصحاب السنن- إلا النسائي- أن الجدة جاءت إلى أبي بكر (رض) فسألته ميراثها. فقال: ما لك في كتاب الله شيء فارجعي حتى أسال، فسأل الناس، فقال: المغيرة بن شعبة حضرت رسول الله (ص) أعطاها السدس، فقال أهل معك غيرك، فقام محمد بن مسلمة الأنصاري، فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذه لها أبو بكر. ثم جاءت الجدة الأخرى إلى الخليفة عمر فسألته ميراثها، فقال مالك في كتاب الله شيء. ولكن هو ذاك السدس، فإن اجتمعتما فهو بينكما، وأيكما خلت به فهو لها. وروى عبدالله بن أحمد ابن حنبل في المسند أن النبي (ص) قضى للجدتين من الميراث بالسدس بينهما، وروى أبو داود في سننه أن النبي (ص) أعطى ثلاث جدات السدس، اثنتان من قبل الأب وواحدة من قبل الأم. وقال مالك في الموطأ: جاءت الجدتان إلى أبى بكر الصديق (رض) فأراد أن يجعل السدس للتي من قبل الأم، فقال له رجل من الأنصار إما انك تترك التي لو ماتت وهو حي لورثها، وإذا كانت جدة ذات قرابة واحدة كأم أم أب ومعها جدة أخرى ذات قرابتين «أو أكثر» كأم أم هي أيضا أم أب فان السدس يقسم بينهما على السواء، فلا تفصل ذات القرابتين أو الأكثر على ذات القرابة الواحدة، إلا أن هناك من يقول إن الجدة ذات القرابتين ترث ضعف الجدة ذات القرابة الواحدة.
والجدات يحجبن جميعا عن الإرث بالأم سواء كن من جهة الأم أم كن من جهة الأب. والأب يحجب الجدات من جهته هو فقط. وكل جدة تحجب من بعدها في الدرجة من أية جهة. وقد يدرك الجدة العول وقد يرد عليها ( عبد الودود الشربيني – المرجع السابق – ص 336) .
ثامناً – توريث ذوي الأرحام: وهم أقرباء المتوفى الذين ليسو عصبة له ولا من أصحاب الفروض وتوريثهم كالآتي:
1 – إذا لم يوجد أحد من عصبات المتوفى النسبية ولا من ذوي الفروض مطلقا، كانت تركته كلها لذوي رحمه. فإن كان الموجود مع ذي الرحم أحد الزوجين فقط كان لذي الرحم الباقي من التركة بعد فرض من معه من الزوجين.
2 – إذا وجد واحد فقط من ذوي الأرحام كان له الميراث كله أو الباقي من التركة.
3 – وإن كان الموجود منهم اثنان أو أكثر فإما أن يكونوا من صنف واحد أو من أصناف متعددة، فإن كانوا أو كن أصنافا متعددة قدم من كان من الصنف الأول كابن البنت على من كان الصنف الثاني كالأب لأم، وعلى من بعد الصنف الثاني جميعًا. وقدم من كان من الصنف الثاني على من كان من الصنف الثالث والرابع فيقدم أبو الأم على ابن الأخت والخال. ويقدم من كان من الثالث على من كان من الربع كبنت الأخت لأم تقدم على العمة لأب، وهكذا فالترجيح بين الأصناف هنا على غرار الترجيح بين الجهات في العصبات النسبية.
وإن كان الموجود من ذوي الأرحام من صنف واحد كلهم كان الترجيح بينهم كآلاتي:
أ) الأقرب منهم درجة أولى بالميراث ممن بعده في الدرجة فابن البنت مقدم على ابن بنت الابن، وأب الأم مقدم على أب أم الأب وبنت الأخت لأم مقدمة على ابن ابن الأخت لأبوين، والخال لأم مقدم على ابن العمة لأبوين وهكذا.
ب) فإن اتحدت الدرجة وكان بعضهم يُدلي بوارث وبعضهم ليس كذلك قُدم الأول على غيره. وعلى هذا يقدم ابن بنت الابن على ابن ابن البنت، وأبو أم الأم على أبي أبي الأم، وبنت ابن الأخ لأب على ابن ابن الأخت لأبوين. وبنت العم لأب على ابن العمة الشقيقة وهكذا.
ج) فإن اتحد الصنف والدرجة وكانوا كلهم يدلون بوارث. أو كلهم لا يدلون بوارث قدم من هؤلاء من هو أقوى قرابة على غيره. وعلى هذا تقدم بنت ابن الأخ لأبوين على بنت ابن الأخ لأب وبنت العمة لأبوين على ابن العمة لأب.
د) فإن اتحد الصنف والدرجة والإدلاء بوارث أو عدم الإدلاء به وكانت قوة القرابة واحدة، اشترك الموجودون في الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين. وعلى هذا يشترك في الإرث ابن أخت لأب مع بنت أخت لأب أخرى، وابن خالة لأبوين مع بنت خال لأبوين وهكذا.
تاسعاً – أحوال الزوجة: قال الله تعالى: «وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ» (النساء: 12).
وقد بينت الآية الكريمة أن ميراث الزوجة من زوجها الربُع حيث لا ولد له وقت موته، لا من زوجته هذه ولا من غيرها، فإن كان له ولد فلزوجته الثمن من مال التركة. وفي حالة تعدد الزوجات فان نصيبهن نصيب الزوجة الواحدة بالإجماع، فيقتسمنه بينهن على السواء، ففرض الزوجة الوارد في الآية الكريمة يراد به من يصدق عليها اسم الزوجة سواء أكانت واحدة أم تعددن، ويوضحه أننا لو أعطينا كل زوجة فرضها الأعلى كاملاً وكن أربعا لاستغرقن التركة ولم يبق لغيرهن شيء منها. وكذلك لو أعطينا كل واحدة منهم الثمن مع وجود الولد لكانت الزوجة أكبر حظًّا من الزوج في الميراث، مع أن نصيبهن نصف نصيب الزوج دائما.
وقد اتفقت كلمة الفقهاء على أن الميراث لا يكون بين الزوجين إلا في نكاح صحيح بين الزوجين هو المراد عند الإطلاق؛ ولأن غيره لا يعتد به شرعا، فلا توريث في النكاح الفاسد.
ولم يفرق الفقهاء في استحقاق الميراث بين أن يكون موت الزوج بعد الدخول أو قبل الدخول. ولا ينقطع بالطلاق الرجعي حق الزوجة في الميراث إذا مات الزوج وهي في العدة، أما في الطلاق البائن أو إذا كانت بين الزوجين فرقة لسبب آخر غير الطلاق، كأن يُفسخ العقد أو ينفسخ بتلك الفرقة بحيث لا يكون للزوج أن يراجع زوجته، فلا ميراث للزوجة إلا في حالة الفرار وهو قيام الزوج بتطليق زوجته وهو في مرض الموت. وقد اختلف فيها الفقهاء فمنهم من وقف عن القاعدة الأصلية، وهي أن البائنة لا ميراث لها؛ لأن الانقطاع حقيقي في الحال. وإن كانت العدة باقية لمعنى آخر. ومنهم من نظر إلى قصد الزوج السيئ وقال بميراث الزوجة. إلا أنهم اختلفوا في المدة التي ترث فيها، فمنهم من جعلها ترث إذا مات الزوج وهي في العدة، ومنهم من أطال المدة وجعلها بعد خروج العدة واشترط عدم زواج الزوجة ردا لسوء قصده عليه. ومنهم من بالغ في ذلك وقال بميراث الزوجة حتى مع تزوجها من زواج آخر، هذا إذا كان الطلاق بغير رضاء الزوجة، أما إذا كانت الإبانة برضاها فلا ترث لانتفاء تهمة الفرار. أما طلاق المكره – عند من يقول به – ففيه رأيان، رأي يقول بميراث الزوجة من الزوج إلا إن كانت هي التي أكرهته على طلاقها فإنها لا ترث. والآخر يقول بعدم ميراثها لأن الزوج لا يعتبر فارا في هذه الحالة.
والزوجة لا تحجب غيرها، أصلاً، حجب حرمان ولا حجب نقصان ولا يحجبها غيرها حجب حرمان، ولكنها قد تحجب نقصان من الربع إلى الثمن، على ما تقدم. وقد يدركها النقص في فرضها بسبب العول عند من قال به، ولكن لا يُردُّ عليها.
2 – ميراث النساء عند الإمامية: المستحقون للإرث في مذهب الإمامية مرتّبون في طبقات تحجب كل طبقة مَنْ بعدها، ولو كان الموجود من أهل الطبقة الحاجبة وارثاً واحداً فقط، ذكراً كان أو أنثى مهما بعدت درجته، أما في الطبقة الواحدة فالأبعد لا يرث مع وجود من هو أقرب منه وفقاً للقاعدة المقررة بالآية الكريمة: «وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ» (الأحزاب 6).
الطبقة الأولى – طبقة الآباء والأبناء: وتشمل من النساء الأم والبنت وبنات الابن وبنات البنت وإن نزلن (عبد الودود الشربيني – الوصايا والأوقاف والميراث في الشريعة الإسلامية – ص 348) .
أولا – الأم:
أ) وترث التركة كلها إذا لم يكن للميت سواها، إذ ترث الثلث بالفرض والباقي بالرد بالقربى.
ب) الثلث مع عدم وجود الفرع الوارث وعدم وجود إخوة للميت.
ج) السدس وذلك في صورتين.
ـ أن يكون معها فرع وارث ذكراً كان أو أنثى.
ـ أن يكون معها إخوة للميت حاجبين لها عما زاد عن السدس.
ثانيا – البنت:
أ) ترث التركة كلها إذا انفردت، النصف بالفرض والباقي بالرد بالقربى أو بالأولوية كما يقال أحيانا.
ب) الاثنتان ترثان التركة كلها، ثلثاها بالفرض والباقي بالرد بالقربى وتقسم بينهما بالتساوي.
ج) وللأكثر من الاثنتين التركة كلها وتقسم بينهن بالتساوي.
هـ) تأخذ الباقي بعد أخذ كل من الأبوين والزوج سهامهم المفروضة ويكون ذلك إذا لم يكن معها ابن وكان معها أبوان فقط أو أم فقط وزوج.
ثالثا – بنات الأولاد
وهن يقمن مقام الأولاد عند عدمهم، في كل شئونهم من مقاسمة الأبوين والزوجين، وحجبهم من أعلى السهمين إلى أدناهما، ومنع من عداهم من الأقارب. وبنات الأولاد لا يرثن إذا كان للميت ولد للصلب ولو كان أنثى، والأقرب من بنات الأولاد يمنعن الأبعد منهن. وترث بنات الأولاد نصيب من يتقربن به، فلو كان للميت بنت بنت وبنت ابن، كان لبنت الابن ثلثا التركة ولبنت البنت ثلثها – تماماً- كما لو كانت البنت والابن موجودين.
الطبقة الثانية – الإخوة والأخوات: وتضم هذه الطبقة من النساء الأخوات والجدات وبنات الإخوة والأخوات وإن نزلن. وهذه الطبقة لا ترث إلا إذا لم يكن للميت ولد وإن نزل ولا أحد من الأبوين المتصلين. وبعبارة أخرى إذا لم يكن للميت أحد من الطبقة السابقة.
أولا – الأخت:
أ) ترث التركة كلها. النصف بالفرض والباقي بالرد أو الأقربية، سواء كانت الأخت لأبوين أو لأب وذلك في حالة إذا لم يكن للميت سواها.
ب) الأختان لأبوين أو لأب ترثان التركة كلها، ثلثاها بالفرض والباقي ردا بالقرابة إذا لم يكن معهن ذكر.
ج) إذا كان مع الأخت والأخوات ذكر فان التركة تقسم بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين.
د) الأخت لأم المنفردة ترث التركة كلها، سدسها بالفرض والباقي بالرد بالقرابة، وذلك إذا لم يكن للميت سواها، أما إذا كانت مع أخريات أو مع ذكر، كان المال كله لهن، يرثن ثلثاه فرضاً والباقي ردا بالقرابة، ويقسمونه بينهم السوية لا فرق بين ذكر وأنثى.
هـ) لا ترث الأخت لأب مع وجود الأخ أو الأخت للأبوين.
و) إذا اجتمع الإخوة، بعضهم من الأبوين وبعضهم من الأم، فإن كان الذي من الأم واحداً، كان له السدس ذكرا كان أو أنثى، والباقي لمن كان من الأبوين.
وإن كان الذي من الأم متعدداً، كان لهم ثلث التركة يقسم بينهم بالسوية، ذكورا كانوا أو إناثاً. والباقي من التركة لمن كان من الأبوين، واحدا كان أم متعددا، فان كان المتعدد منهم ذكوراً فقط، أو إناثاً فقط اقتسموا الباقي بالسوية بينهم. وإن كانوا مختلفين في الذكورة والأنوثة قسم بالتفاوت، أي الذكر مثل حظ الأنثيين.
أما إذا اجتمع الأخ الواحد أو الأخت الواحدة، من الأم مع الأختين أو الأخوات من الأبوين، كان للمقترب بالأم السدس فرضا، والباقي للأخوات ثلثا التركة فرض وسدسها الباقي ردًا بالقربى.
وإذا كان مكان الأختين فأكثر أخت واحدة للأبوين فترث الباقي بعد إخراج السدس للأخ من الأم. النصف من التركة فرضا، والباقي ردا بالقربى.
وإذا اجتمعت أخت للأبوين مع إخوة للأم، كان للإخوة من الأم الثلث فرضاً، ونصف التركة للأخت فرضاً والباقي ردًّا عليها دون الإخوة من الأم.
ولو اجتمع إخوة للأبوين، وإخوة للأم، وإخوة للأب فقط، كان الميراث للإخوة لأبوين والإخوة للأم، ولا ميراث للإخوة من الأب، لأنهم محجوبون بالإخوة لأبوين.
فإذا كان للمتوفى إخوة بعضهم لأبيه وبعضهم لأمه، دون الإخوة لأبويه، فميراثه على نحو ما سبق في صورة اجتماع الإخوة للأبوين والإخوة للأم من دون فرق؛ إذ يحل الإخوة لأب محل الإخوة لأبوين فيأخذون نصيبهم عند عدمهم.
إذا كان مع الإخوة زوج أو زوجة، أخذ كل منهما نصيبه الأعلى والباقي للإخوة يقتسمونه حسب التوزيع السابق.
ثانيا – الجدة:
تعتبر الجدة كالأخت؛ ولذلك تطبق عليها الأحكام السابقة للأخت، فالجدات من قبل الابن كالأخوات من قبل الأبوين أو من الأب، والجدات من قبل الأم كالأخوات من قبل الأم. وعند اجتماع الجدات والإخوة، فمع الاتحاد بينهما في جهة النسب تكون الجدة كالأخت.
ثالثا – بنات الإخوة والأخوات: وهن يقمن مقام آبائهن مع فقدهم وكل منهن ترث نصيب من تتقرب به، ولا يرثن مع وجود الإخوة أو الأخوات شيئاً، ويستثنى من ذلك إذا لم يزاحم ابن الأخ من الأم الأخ للأب في ميراثه، كما لو كان للميت جد أو جدة لأم، وأخ للأب كان ثلث التركة بالسوية بين الجد أو الجدة للأم وبين الأخ للأم والباقي وهو للأخ من الأبوين أو لأب.
الطبقة الثالثة – الأعمام والأخوال: وتشمل هذه الطبقة من النساء العمة والخالة وبناتهما وبنات الأعمام والأخوال.
أولاً – العمة:
أ) إذا كان للميت عمة واحدة، وليس معها أحد الزوجين، ولا واحد من الأخوال أو الخالات أخذت المال بكامله، سواء كانت لأبوين أو لأب، الأم.
ب) للعمتين فأكثر التركة كلها ويقتسمانها بالتساوي.
ج) إذا اجتمع الذكور والإناث من العمومة وكانوا متحدين في جهة القرب، فكانوا جميعاً للأب أو للأبوين قسمت التركة بينهم بالتفاوت، للذكر مثل حظ الأنثيين. وإن كانوا جميعًا لأم كانوا إخوة لأب الميت فتنقسم التركة بينهم بالتساوي، اتحدوا في الذكورة والأنوثه أم اختلفوا.
أما إذا كانوا مختلفين في جهة قربهم من الميت. بأن كان بعضهم يتقرب إليه بالأم، وبعضهم بالأبوين أو بالأب، كان للمتقرب بالأم السدس إن كان واحداً، والثلث إن كان أكثر من واحد، فيوزع عليهم بالسوية حتى مع اختلافهم بالذكورة والأنوثة، والباقي لمن تقرب بالأبوين، ولا شيء للمتقرب بالأب ولا إرث مع وجود المتقرب للأبوين، وبفقد المتقرب بالأبوين يكون الباقي للمتقرب للأب، بعد إخراج السدس أو الثلث من التركة، فرض المتقرب بالأم.
ثانياً – الخالة: حكمها حكم العمة فتسرى عليها الأحكام السابقة (المغني ج 6 ص211 – 206 و البداية والنهاية ج 2 ص 3).
ثالثا – اجتماع الأعمام والأخوال: لو اجتمع الأعمام والأخوال، كان للأخوال الثلث وإن كان واحدا ذكرا أو أنثى، والباقي وهو الثلثان للأعمام، وان كان واحداً ذكرا أو أنثى.
وإذا تعدد الأخوال حال اجتماعهم مع الأعمال اقتسموا الثلث بالسوية، واقتسم الأعمال المتعددون الثلثين بالسوية أيضًا، إن اتحدوا في جهة القرابة وفي الذكورة والأنوثة.
أما لو اختلفوا في جهة القرابة بأن كان بعض الأعمام لأم وبعضهم لأبوين أو للأب للمتقرب منهم بالأم سدس الثلثين إذا كان واحداً، وثلثاهما إن كان أكثر بالسوية بين الذكر والأنثى.
وكان المقترب من الأعمام بالأب أو بالأبوين الباقي من الثلثين بعد إخراج سدسها أو ثلثها، ويقسم بينهم بالتفاوت للذكر مثل حظ الأنثيين، كما لو كان الأعمام وحدهم وهم مختلفون في جهة القرابة حال اجتماعهم مع الأعمام، كما لو كان بعضهم للأم، وبعضهم للأب أو الأبوين، كان للمتقرب بالأم سدس الثلث الذي هو للأخوال إن كان واحداً، وثلث الثلث إن كانوا أكثر، يقسم بينهم بالسوية، والباقي من الثلث للأخوال المتقربين بالأب أو الأبوين، يقسم بينهم جميعًا بالسوية دون فرق بين الذكر والأنثى ويسقط المتقرب بالأب من الأخوال مع وجود المتقرب منهم بالأبوين، كما هل الحال – تمامًا – في الأعمام كما مر.ما لم يكن معه متقرب بالأبوين من الأخوال، فيقوم مقامه، ويعطى جميع أحكامه، سواء اجتمع مع الأعمام أو انفرد.
رابعاً – أولاد الأعمام والعمات وأولاد الأخوال والخالات:
وهم يقومون مقام آبائهم عند عدمهم، ولا يرثون بوجود العم أو العمة أو الخال أو الخالة، ويستثنى من ذلك ما لو اجتمع ابن العم للأبوين مع العم للأب فقط، فإن العم لإرث مع ابن العم شيئاً، فهو محجوب به، أما لو كان معهما خال أو خالة، أو كان العم للأب متعددا أو كان ابن العم متعددا أو كان مكان ابن العم ابن عمة للأبوين، فيكون الميراث للعم والخال أو الخالة في هذه الصورة، وللعم في الصورة، وللعم في الصورة الباقية.
أ) يرث كل واحد من أولاد العمومة وأولاد الخؤولة نصيب من يتقرب به فإذا اجتمع ولد عمة وولد خال كان لولد العمة، وإن كان واحدا ذكرا أو أنثى، الثلثان فإن كان متعددا ومتحدا في الذكورة والأنوثة قسم المال بينهم بالسوية.
أما إذا اختلفوا في الذكورة والأنوثة فيقسم بينهم بالتفاوت للذكر مثل حظ الأنثيين، ولولد الخال إن كان واحداً ذكراً أو أنثى الثلث بكامله، وإن تعدد قسم بينهم بالسوية دون فرق بين الذكر والإناث.
ب) لا يرث الأبعد مع وجود الأقرب من هذه الطبقة، فلا يرث ابن ابن عم مع وجود ابن عم ولا مع وجود ابن خال، ولا يرث ابن ابن خال مع وجود ابن خال ولا مع وجود ابن عم.
ج) المتقرب بالميت من أولاد العم أو الخال بأبيه يحجبه المتقرب منهم بأبويه كما هي الحال تماما في آبائهم كما سبق.
د) أولاد العم والعمة، وأولاد الخال والخالة، وإن نزلوا، مقدمون على عم أبي الميت وعمة أبيه، وعلى خال أبي الميت وخالته، فلا يرث من بعد من الأعمام والأخوال المباشرين وأولادهم وإن نزلوا.
هـ) لو كان مع الأعمال والأخوال أو مع أولادهم، زوج أو زوجة، كان لكل منهما نصيبه الأعلى وهو النصف للزوج، والربع للزوجة، والباقي للأعمام والأخوال أو أولادهم، يقسم بينهم على نحو ما سبق، كما إذا لم يكن معهم زوج أو زوجة.
و) لو اجتمع للوارث سببان للإرث، من نسب أو سبب، ولم يمنع أحدهما الآخر، ورث بالسببين معًا، كما لو كان الوارث جد الميت لأبيه وهو أيضا جده لأمه، أو كان عمه وهو أيضاً خاله، أو كان زوج المتوفاة، وهو أيضا ابن عمها. أما لو كان أحد بالسببين ممنوعاً بالسبب الآخر، ورث بالسبب المانع دون السبب الممنوع، كما لو كان الوارث أخا الميت لأمه وهو أيضا ابن عمه، فإنه يرث بالسبب الأقرب وهو الإخوة دون السبب الأبعد وهو العمومة.
ميراث الزوجة:
أ) الزوجة تُشارك الورثة في جميع مراتبهم، ولها الربع إن لم يكن للزوج ولد منها أو من غيرها، والثمن إذا كان له ولد منها أو من غيرها. وإذا تعددت الزوجات فهن شركاء في الربع، أو الثمن يقتسمنه بالسوية، ويشترط لميراث الزوجة أن تكون في عصمة الزوج حين موته – سواء دخل بها أو لم يدخل – إلا أن الزوجة ترث إذا طلقها زوجها طلاقا رجعيا، وذلك قبل انتهاء العدة، أما إذا كان بائنا أو طلقت قبل الدخول، أو كانت يائسا ففي جميع الأحوال لا ترث الزوجة شيئا من تركة زوجها. ويستثنى من ذلك ما لو طلق الزوجة المريض زوجته في مرضه، ومات في ذلك المرض، فإنها ترثه حتى لو انقضت عدتها وكان موته قبل انتهاء السنة من تاريخ وقوع الطلاق، سواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا لعدم الدخول، أو لكون الطلاق ثلاثا، ولكن ذلك بشرط:
• أن يكون موت المطلق في المرض نفسه الذي طلق فيه.
• ألا يكون قد برئ من المرض الذي طلق فيه.
• ألا تتزوج المطلقة في أثناء السنة.
• ألا يكون الطلاق بطلبها.
• ألا يكون الطلاق خلعيا.
ولا يشترط في المرض الذي طلق فيه واستمر حتى مات المطلق، أن يكون هو السبب الذي استند إليه الموت، فلو مات بمرض جديد نشأ معه، أو بقتل أو بحادث، فترثه زوجته المطلقة – تماما- كما لو مات بسبب المرض الذي طلق فيه.
ب) لا ترث الزوجة من زوجها إذا كان طلاقها خلعيا على بذل أو لكراهية منها كما لا ترث المعتدة من وطء الشبهة أو من نكاح فاسد.
ج) إذا عقد المريض زواجه على امرأة ومات في ذلك المرض، فان كان قد دخل بها ورثته. أما لو مات قبل دخوله بها بطل الزواج بينهما، ولا ترثه. أما إذا كانت الزوجة هي المريضة عند العقد فإنها ترث زوجها إذا مات قبل الدخول أو بعده. كما ترثه إذا مات في مرض آخر بعد شفائه من المرض الأول الذي عقد فيه زواجه.
د) ويذهب اغلب الأمامية إلى أن الزوجة لا ترث من الأرض مستندين في ذلك إلى أن لفظة – ما – الواردة في قوله تعالى:»وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم» (النساء: 12). ويقولون إن الملاحظ على آيات الإرث الواردة في الكتاب المجيد أنها عبرت بلفظ (ما) فقال تعالى:»وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ» (النساء: 33). وقـال تعالى: «فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ» (النساء: 12). «فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ» (النساء:11). وتساءل المانعون للزوجة من الإرث في الأرض عن لفظة (ما) في هذه الآيات، وخاصة آيات توريث الزوجات هل هي اسمٌ موصولٌ بمعنى الذي، حتى تكون الأحاديث، على فرض وجودها وورودها وصحتها، مخصصة لعموم القرآن، أم هي نكرة محضة، بمعنى شي، فتكون الأحاديث الواردة مفسرة ومبينة. فان كانت (ما) اسماً موصولا ثم لم تحصل أحاديث أو آية أخرى تخصصها فإنه يستفاد منها العموم والإطلاق، وأما إذا كانت نكرة محضة بمعنى شي؛ فإنه في حالة عدم وجود مبين ومفسر لها في السنة تبقى مجملة لا يمكن العمل بها، وتحتاج من أجل معرفة حكم المورد إلى دليل آخر. وذهب غالبية الإمامية إلى إن (ما) نكرة محضة بمعنى شيء، وقالوا لو أردنا أن نجعل العائد محذوفا في حالة كون الاسم الموصول مجرورا فيشترط فيه ثلاثة شروط هي :
الأول: أن يكون العائد مجرورا.
والثاني: أن يكون حرف الجر الداخل على العائد هو نفس حرف الجر الداخل على الاسم الموصول.
والثالث: أن يكون متعلق حرف الجر في الاسم الموصول والعائد واحداً وذلك مثل قول الشاعر:
نصلي للذي صلت قريش
ونعبده وإن جحد العموم
فإن العائد محذوف، والذي جوز الحذف هو أن العائد إذا قدر أن يكون مجرورا باللام فيكون نصلي للذي صلت له قريش؛ ولذلك قيل في مثل قولهم مررت بما معجب بك. إن (ما) ليست اسما موصولا وإنما هي نكرة محضة لعدم إمكان تقدير العائد مجرورا.
وانتهوا إلى أن الآيتين الكريمتين من قبيل النكرة المحضة لا من قبيل الاسم الموصول، ويردفون، بأننا لو أردنا أن نقدر عائدا لكان ضمير نصب متصلاً ومن هنا يظهر أن (ما) ليست أسما موصولا، وإلا لأمكن أن يقدر لها عائد مجرور. فتكون (ما) نكرة محضة بمعنى شيء. ولاشك أن النكرة المحضة لا تفيد العموم إلا إذا جاءت في سياق النفي.
أما إذا جاءت في سياق الإيجاب فإنها تفيد الجزئية وتكون في هذه الحالة مجملة؛ لأن معنى الآية الأولى يكون ولهن الربع من شيء تركتموه إن لم يكن لكم ولد. وبمعنى الآية الثانية ولهن الثمن من شيء تركتموه إن كان لكم ولد.
فنحتاج – كما يقولون – لكي نتمكن من العمل بهاتين الآيتين إلى دليل يزيل الإبهام والإجمال عن هذا الشيء الذي ترث فيه الزوجة. ويقول المانعون من توريث الزوجة من العقار أي الأرض بأنه قد وردت عن طريق أهل البيت (ع) أحاديث كثيرة لم يتمكن الفقهاء الإمامية الذين خالفوا الغالبية في المسألة أن ينفوا صدورها عن الأئمة (ع)، وإنما حاولوا دفعها تارة بأنها أخبار آحاد وأصولهم لا تقتضي العمل بخبر الواحد، وتارة بأنها مخالفة لظواهر القرآن فتطرح عند التعارض. وقد سبق القول بأن ظاهر القرأن ليس العموم حتى تكون الأحاديث مخالفة له وإنما هو الخصوص المبهم المجمل، على فرض كون (ما) اسما موصولا، ولو سلمنا بذلك تنازلا، فإن هذه الأحاديث تكون مخصصة للعموم القرآني، ولم يقل أحد من المسلمين بعدم جواز تخصيص العموم القرآني بالحديث، وإنما تطرح الأخبار إذا عارضت القرآن على وجه يتعذر معها الجمع بينهما، وأما القائلون بعدم العمل بالخبر الواحد وعدم جواز العمل به ما لم يكن محفوفًا بالقرائن، وهو ما يعرف في مصطلح علم الحديث بالشاذ أو النادر، فلا خلاف معهم في ذلك، ولكن الحديث يعتبر نادرًا إذا كان مناقضا لسنة ثابتة بالتواتر أو مناقضا لنص قرآني لا يحتمل الوجوه، أو كان مناقضا لعقيدة أساسية من عقائد الدين؛ لا في هذا المقام، إضافة إلى الأحاديث الواردة في هذا المقام ليست شاذة ولا نادرة بل هي مستفيضة ومتكثرة والقرائن على تأييدها متوافرة، وأعظم قرينة تؤيدها كون الآيتين مجملتين لا يمكن العمل بهما إلا بعد التفسير، وهناك روايتان تفيدان العموم هما في الحقيقة مخصصتان بغيرهما من الأحاديث والروايات المفصلة ومحمولتان عليها (18 د. عبد الودود الشربيني – المرجع السابق – ص 357).
ولقد اخرج مسلم في صحيحه في الباب الرابع من كتاب الفرائض ثلاثة أحاديث:
الأول: عن طريق الأعرج عن أبى هريرة عن رسول الله (ص) قال والذي نفس محمد بيده إن على الأرض من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به، فأيكم ما ترك دينا أو ضاعا فأنا مولاه وأيكم ترك مالا فإلي العصبة من كان».
والثاني: عن طريق همام عن أبى هريرة عن رسول الله (ص) أنا « أولى الناس بالمؤمنين في كتاب الله عز وجل فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني فاني وليه وأيكم ما ترك مالاً فيؤثر بماله عصبته من كان».
والثالث: عن كريق أبي حازم عن أبى هريرة عن رسول الله (ص) «من ترك مالا فإلى الورثة ومن ترك ضياعا فإلينا».
ويستفاد من هذه الراويات التي لم يعارضها من الجمهور معارض:
1 – أن الأراضي والضياع لم يعارضها من الجمهور معارض: فإطلاق الأئمة الأربعة إرث الزوجة أو الزوجات على الثمن أو الربع ليس لأنهم يحملون الآيات المتعلقة بإرث الزوجات على العموم أو الإطلاق باعتبار الاسم الموصول وإنما أطلقوا الفتوى لان الفرائض عندهم لا تجرى في الضياع والأرض وتجرى في غيرها بإجماع الأمة في كل ما يسمى مالا، عملا بالأحاديث سالفة الذكر.
2 – أن لفظ المال إذا ورد في كلمات فقهاء المذاهب الأربعة ينبغي حمله على غير الأرض بدلالة هذه الأحاديث؛ لأن حجية ما رواه أبو هريرة عندهم ثابتة، ومع عدم المعارض الراجح يجب العمل طبق الرواية وهذا الحمل يجب إمضاؤه حتى لو أحيطت القضية بألفاظ العموم للتفرقة بين المال والضيعة في هذه الأحاديث.
3 – أن يكون الميت إذا كانت له ضياع وأطفاله صغار تكون على الحاكم كما تكون الضياع التي يتركها للحاكم كذلك عملا بما تقدم من أحاديث نبوية ولا خلاف بين الإمامية مع أئمة المذاهب الأربعة في أن الزوجة والزوجات يرثن الثمن أو الربع بحسب الموارد من كل ما ترك الميت من الأموال عدا الأراضي والضياع.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً