إشكالات إثبات نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي على ضوء قانون الأسرة الجزائري
الدكتورة مجدوب نوال، أستاذة بكلية الحقوق والعلوم السياسية
Abstract:
It may be God’s will to deprive some fathers and mothers of parental and maternal infertility because of infertility, which is either original (by birth) or accidental (temporary), either acquired (emergency), either because of the delayed age of marriage and what May lead to difficulty in pregnancy and childbirth.
And because scientific progress has not been left far away from, and is not impossible, but not possible, the most effective solution that came by the science of enrichment is what is known as artificial insemination technology, which is either internally or externally, with the aim of bringing pregnancy in the uterus of women.
Since leaving the issue of artificial insemination without a legal framework would transform the newly created technology into a means by which public order and morals would be removed and the parameters of Islamic law would be obscured, the Algerian legislator in the family would find himself compelled to enact legal rules and provisions that would frame the process, By means of legal provisions defining the conditions for the adoption of artificial insemination technology, and prohibiting both human cloning and alternative motherhood, not to mention the phenomenon of renting a womb.
There is no doubt that all this in order to achieve the technique of artificial insemination aimed at building in accordance with legitimate legal and legislative frameworks, away from any violation of public order and morals, would introduce the subject judge in mazes when artificial insemination is outside the conditions specified in the Family Code , And that the vaccination between the wife and a foreign man or between a foreign authority and the husband to be granted by the newborn after birth.
key words : Artificial insemination – pedigree – birth – family law – alternative motherhood – problems.
ملخص:
قد تكون مشيئة الله أن يحرم بعض الآباء و الأمهات من غريزتي الأبوة و الأمومة، بسبب مرض العقم الذي إما يكون أصليا ( بالولادة) أو يكون عرضيا (مؤقتا) ، و إما يكون مكتسبا (طارئا) ، و إما بسبب عامل تأخر سن الزواج و ما قد ينجر عنه من صعوبة الحمل و الولادة .
و لأن التقدم العلمي لم يترك بعيدا إلا و قربه، و لا مستحيلا إلا و أمكن منه ، فإن الحل الأنجع الذي جاء به علم التخصيب هو ما يعرف بتقنية التلقيح الاصطناعي، و الذي إما يكون داخليا أو خارجيا ، بهدف إحداث الحمل في رحم المرأة .
وبما أن ترك مسألة التلقيح الاصطناعي دون تأطير قانوني من شأنه تحويل التقنية المستحدثة إلى وسيلة يتم بموجبها الخروج عن النظام العام و الآداب العامة، و طمس معالم الشريعة الإسلامية السمحاء، فإن المشرع الجزائري في مادة الأسرة وجد نفسه مضطرا لسن قواعد قانونية و أحكام تؤطر العملية، عن طريق نصوص قانونية تحدد شروط تبني تقنية التلقيح الاصطناعي، و تمنع كل من الاستنساخ البشري، و الأمومة البديلة ناهيك عن ظاهرة تأجير الأرحام .
و لا شك أن كل هذا من أجل أن تحقق تقنية التلقيح الاصطناعي هدفها البناء وفق أطر شرعية و تشريعية صحيحة، بعيدا عن أي خرق للنظام العام و الآداب العامة، من شأنه إدخال قاضي الموضوع في متاهات عندما يتم التلقيح الاصطناعي خارج عن الشروط المحددة في قانون الأسرة ، و من ذلك أن يتم التلقيح بين الزوجة و رجل أجنبي أو بين إمرة أجنبية و الزوج على أن تمنحهما المولود بعد الولادة …
الكلمات المفتاحية :
التلقيح الاصطناعي – نسب – المولود – قانون الأسرة – الأمومة البديلة – إشكالات.
مقدمة :
تعد العلاقات الزوجية من أقدس و أنبل الروابط الشرعية التي أحاطتها الشريعة الإسلامية بأحكام و جعلت من الزواج الوسيلة الوحيدة لتكوين أسرة ملأها المودة و الاحترام[1] ، و لأن النسب[2] حقيقة في هذا الوجود فإن البشر ينقسمون إلى ذوي قرابة [3]و ذوي مصاهرة. [4]
و قد جبل الله عز وجل الإنسان على حب الولد و الرغبة في الإنجاب لحكم عديدة وصل الإنسان إلى بعضها دون البعض الآخر ، فعاطفة الأبوة و الأمومة إذن ما هي إلا رغبة قوية تنادي على الإنسان ، و تلح في النداء رغبة في إشباع تلك الغريزة ، و لو أن هناك من العباد من كتب الله عنده في الأزل أن لا يولد له ولد و ذاك هو العقيم[5].
فالعقم قد يكون عقما دائما وقد يكون عقما مؤقتا كما قد يكون أصليا بالولادة و قد يكون طارئا ، و بغض النظر عن نوع و مصدر العقم يبقى هذا الأخير مرض يستوجب شفاءه ،و العلاج منه شريطة أن لا يخرج هذا العلاج عن نطاق المشروعية .
و يعد التلقيح الاصطناعي[6] من أحدث الوسائل التي ظهرت لعلاج مرض العقم و إشباع رغبة المحرومين من الأزواج ، غير أن التلقيح الاصطناعي كتقنية مستحدثة لا يجب أن تخرج في ممارستها عن الحدود المرسومة شرعا و قانونا .
و تتجلى مصوبات اختيار موضوع إثبات نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي و الإشكالات المطروحة لما يعتري التقنية من صعوبات في ما يتعلق بإثبات النسب، و التي نذكر أهمها كالتالي :
– تصنيف قضايا النسب من قبيل القضايا المعقدة في مادة الأسرة على مستوى المحاكم، و تليها مسائل الميراث ، لما قد يتبع النسب من اختلاط للأنساب ، و انتهاك حرمة ديننا الحنيف.
– عدم وجود اتصال جنسي طبيعي بين الزوجين، و وجود مولود بسبل اصطناعية بحاجة لتثبيت نسبه .
– خروج عملية الحمل عن المألوف الذي يكمن في تلك العلاقة الحميمية التي تعرف نوعا من الخصوصية و القدسية ،و صار التخصيب رهينة أنابيب، و صار الحديث عن فريق طبي ، و أنابيب ، و تلقيح اصطناعي ، و بويضات فائضة ، و مولود بالتلقيح الاصطناعي مجهول النسب بعد نفي الأب لأبوته ، و صار الحديث عن تأجير الأرحام ، و اختلاط الأنساب و تعدد الأمهات و احتدام الخلافات حول البحث عن الأم الحقيقية بين أحقية الأم البيولوجية صاحبة البويضة الملقحة ، و الأم الولود التي جعلت رحمها مستودع للقيحة غير مفهمومة إلى حين موعد ولادة المولود، و لا شك أن كل هذه الظواهر التي رافقت التقنية حملت في طياتها العديد من المضار و المخاطر ، و الإشكالات القانونية .
و على هذا الأساس فإن الإشكال الذي يطرح في هذا السياق يدور حول :ما المقصود بالتلقيح الاصطناعي و ما هي الشروط القانونية لتبني هذه التقنية ؟.
و إن فرغنا من ذلك نتساءل حول: كيف يثبت نسب المولود من التلقيح الاصطناعي و الأمومة البديلة ؟ و ما هي الإشكالات القانونية التي تثيرها مسألة إثبات النسب ؟.
و تأصيلا عن ذلك سنحاول الإجابة عن الإشكاليتين من خلال المبحثين التاليين سنعالج من خلال المبحث الأول مفهوم التلقيح الاصطناعي و شروط تبني التقنية ، على أن نعالج من خلال المبحث الثاني تحديات إثبات نسب المولود من التلقيح الاصطناعي و الأمومة البديلة .
المبحث الأول : مفهوم التلقيح الاصطناعي و شروط تبني التقنية
لما كان التقدم و التطور هما سمة هذا العصر ، فقد أصبح ما من يوم يمر إلا و نسمع نداءات تدوي في الأفق بنبأ اكتشاف علم جديد في نوع جديد من أنواع العلوم المختلفة ، و من أهم المجالات التي ظهر فيها هذا التطور واضحا جليا مجال الأمور الطبية [7]، و من ذلك ظهور تقنية الليزر ، و تقنية التلقيح الاصطناعي موضوع دراستنا .
مما يتطلب تحديد مفهوم التلقيح الاصطناعي (المطلب الأول) و الشروط المتطلبة لتبني التقنية (المطلب الثاني) .
المطلب الأول : مفهوم التلقيح الاصطناعي
يعتبر التلقيح الاصطناعي [8]نتاج التطور العلمي الهائل خاصة في مجال علم الأجنة و المورثات ، و سمي بالتلقيح الاصطناعي لأنه لا يتم بالطرق الطبيعية المعروفة بل عن طريق استعمال طرق تقنية و مخبرية من صنع الإنسان[9] .
و بالتالي إذا كانت الطريقة العادية للتلقيح في الجنس البشري هي دخول الحيوانات المنوية للرجل إلى رحم المرأة عن طريق الاتصال الجنسي المباشر ، إلا أنه عن طريق التلقيح الاصطناعي يتم إدخال سائل الرجل المنوي في المجاري التناسلية عند المرأة ،و لكن ليس عن طريق الاتصال الجنسي المباشر بل عن طريق حقنة بطريقة اصطناعية بهدف إحداث الحمل .
و بخصوص موقف المشرع الجزائري من تقنية التلقيح، فقد كان له موقفان يتجلى أولهما في مرحلة ما قبل تعديل قانون الأسرة الجزائري بموجب الأمر05/02 [10] أين كان المشرع يشترط الاتصال و الزواج الشرعي ، غير انه يلاحظ على المشرع الجزائري أنه ترك مصطلح الاتصال دون تفسير و لم يشترط الاتصال الطبيعي،و من ثم يمكن أن يكون الاتصال اصطناعي، ومن هنا تطرح فرضيتين نلخصهما كالتالي :
– أخذ المشرع الجزائري في الحسبان أن للاتصال بين الزوجان صورتين إحداهما طبيعية و هي الأصل ، و الأخرى اصطناعية و هي الاستثناء .
– تجاوز المشرع الجزائري سهوا أو عمدا لفكرة التلقيح الاصطناعي ، و كان بعيدا عن إجازة مجمع الفقه الإسلامي للتلقيح الاصطناعي بشروط منذ أمد بعيد ، مع ترجيحنا للفرضية الثانية و دليلنا في ذلك موقفه الثاني في مرحلة ما بهد تعديل قانون الأسرة بموجب الأمر 05/02 أين برز جليا تأثره بالتقنية بالنص صراحة على جوازية اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي ، مع تحديد شروط اللجوء إلى التقنية [11].
و يتم التلقيح الاصطناعي إما بواسطة مني الزوج و هو الأصل و إما بواسطة مني زوج آخر ، و يتم اللجوء إلى الحالة الثانية عند فقدان الأمل نهائيا من قدرة الرجل على الإخصاب و هذا النوع من التلقيح منع في ظل التشريع الجزائري و هو ما يستشف من خلال المادة 45 مكرر من قانون الأسرة .
و بناءا على ما سبق فالتلقيح الاصطناعي نوعان أحدهما داخلي ( أولا) و ثانيهما خارجي (ثانيا).
أولا :التلقيح الاصطناعي الداخلي و يحصل التلقيح الاصطناعي الداخلي داخل الجسم عن طريق عملية نقل الحيوان المنوي للرجل ، بعد تركيزه و إزالة الشوائب عنه ووضعه في الموقع المناسب داخل مهبل المرأة أو رحمها حتى تلتقي النطفة التقاء طبيعيي بالبويضة [12].
و هي وسيلة للتغلب على عوامل عنق الرحم و المناعة المسببة للعقم بما في ذلك ندرة الحيوانات المنوية و نسبة النجاح تبلغ 30 %[13].
ثانيا : التلقيح الاصطناعي الخارجي : أو ما يسمى بطفل الأنابيب[14] و تتجلى هذه الطريقة في إجراء عملية التلقيح خارج العضو التناسلي للمرأة عن طريق التقاء الحيوانات المنوية للرجل مع بويضات المرأة خارج جسمها عن طريق أنبوب اختبار ، حيث تقدم اللقيحة من الطبيب المخبري إلى أخصائي أمراض النساء و التوليد، ثم تعاد اللقائح بعدها إلى رحم المرأة [15].
و يتم اللجوء إليه في حالة انسداد الأنابيب الكلي ، و في حالة العقم غير معروف السبب ، أو في حالات العقم المناعية مجهولة السبب ، أو في حالة العقم الذكري [16].
و قد حدد مجمع الفقه الإسلامي الدولي في قراره الرابع الصادر في الثالث من شهر جويلية 1986 سبعة طرق للتلقيح الاصطناعي ، و بين القرار الطرق الممنوعة شرعا و الطرق المباحة ، و ترتكز الطرق المحرمة على دخول طرف أجنبي في عملية التلقيح [17]، لما لهذه الطرق من اختلاط في الأنساب و الأرحام ، و يمكن تلخيصها في الأساليب الستة التالية ، و يبقى الأسلوب السابع مجرد تكرار للأسلوب الثاني الذي سيتم توضيحه في التالي:
– الأسلوب الأول، أين تؤخذ نطفة الزوج و بويضة من مبيض الزوجة مع وضعها في أنبوب اختبار طبي ، مع مراعاة الشروط الفيزيائية الملائمة بهدف تلقيح نطفة الزوج و بويضة الزوجة بوعاء الاختبار ، و بعد ذلك تبدأ اللقيحة بالانقسام و التكاثر ، ليتم نقلها في الوقت المناسب لرحم الزوجة صاحبة البويضة نفسها لتعلق في جدار الرحم لتنموا و تتحول إلى جنين ، و تتم الولادة بصورة طبيعية [18].
– الأسلوب الثاني : و يجرى التلقيح في هذا النمط في أنبوب اختبار بين نطفة مأخوذة من زوج و بويضة من مبيض امرأة أخرى غير الزوجة ( المتبرعة) ، ثم تزرع بعدها اللقيحة في رحم الزوجة[19] .
و رغم أن هذا الأسلوب مستبعد في القانون الجزائري من منطلق أن المشرع الجزائري اشترط أن يتم التلقيح بمني الزوج و بويضة الزوجة ، لما في ذلك من اختلاط للأنساب ، إلا أنه قد يتم خرق الشروط المتطلبة قانونا و الخروج عن الأطر الشرعية و التشريعية و اعتماد هذا الأسلوب ، مما يتولد معه إشكالات أكثر عمقا و تضادا، أين لا يمكن تصنيف هذا الأسلوب من قبيل تأجير الأرحام مادام أن البويضة الملقحة زرعت في رحم المرأة أي الزوجة،و لا يمكن تصنيفه من قبيل التلقيح الاصطناعي العادي من منطلق أنه لم يتم بين الزوجين ، بل دخلت العملية امرأة أجنبية أي صاحبة البويضة المتبرع بها محل التخصيب ، و لعل هذه الصورة من أخطر الصور من حيث إثبات النسب، فهل يعتد برابطة الرحم و من ثم تكون الزوجة هي الأم للمولود بالتلقيح الاصطناعي؟ ، أم يعتد برابطة البويضة و من ثم تكون المرأة الأجنبية هي أم المولود بالتلقيح الاصطناعي [20]؟.
– الأسلوب الثالث : أين يتم تلقيح بويضة امرأة غير متزوجة مع رجل غير متزوج كمتبرعين ، و بعدها تزرع اللقيحة في رحم امرأة متزوجة عقيما ، أو تعاني من تعطل في مبيضها في الوقت الذي يعاني زوجها هو الآخر من عقم .
و هذا الأسلوب أيضا منعه المشرع الجزائري، غير أن الخروج عن الأخلاق و الأخلاقية الذي قد يقع فيه الطبيب القائم بالتلقيح من شأنه الدخول في إشكالات من جراء اعتماد هذا الأسلوب.
– الأسلوب الرابع : و في هذا الأسلوب يتم التلقيح في وعاء اختبار بين الزوجين ، غير أن اللقيحة لا تزرع في رحم الزوجة بل في رحم امرأة أخرى قد تكون أجنبية ، و قد تكون زوجة ثانية للزوج ، و قد تكون بهدف المجاملة أو بمقابل مادي[21] .
– الأسلوب الخامس :الإستدخال أو التلقيح الداخلي ، أين يتم نقلل الحيوانات المنوية من الزوج و وضعها في رحم الزوجة ليلتقي بعدها بالبويضة ، و من ثم تتابع رحلتها عبر مختلف مراحل النمو التي تمر بها ، كما هو الأمر في حالة الاتصال الجنسي الطبيعي .
– الأسلوب السادس : الاستخراج أو أطفال الأنابيب أين يتم التلقيح بالاعتماد على الأنابيب المخبرية كما سبقت الإشارة ،إذ بعد تلقيح البويضة و متابعة انقساماتها المتتالية ، تعاد إلى الرحم من أجل استكمال نموها الطبيعي ، و تعد هذه الطريقة صورة مشابهة للأسلوب الأول ، و الاختلاف فقط في التسمية أين يصطلح هذا الأسلوب بالاستخراج .
و بتحديد مفهوم التلقيح الاصطناعي ، يكون من الضروري الوقوف على الشروط و المتطلبات القانونية الواجب مراعاتها عند تبني تقنية التلقيح الاصطناعي كتقنية مستحدثة فرضت نفسها و بإصرار على الواقع العملي .
المطلب الثاني : شروط التلقيح الاصطناعي في ظل قانون الأسرة الجزائري تحت مجهر النقد و التحليل:
أجاز المشرع الجزائري اللجوء إلى تقنية التلقيح الاصطناعي ، على خلاف بعض التشريعات و التي نذكر منها التشريع الليبي [22]أين جرم المشرع الليبي عملية التلقيح و أقر عقوبة للقائم بها بغض النظر عن كونه طبيب ، قابلة ، صيدلي متعاون مع الفريق الطبي ،كما أقر عقوبة للمرأة محل التلقيح و يستوي أن تكون متزوجة أو عذراء أو قاصرة ، بالإضافة إلى الزوج أو الخليل[23].
و بالرجوع إلى القانون الجزائري فإنه حتى لا تخرج عملية التلقيح الاصطناعي عن الضوابط القانونية و الشرعية أورد المشرع الجزائري بموجب المادة 45 مكرر من قانون الأسرة شروط التلقيح الاصطناعي[24] أين نصت على أنه :
” يجوز للزوجين اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي ، يخضع التلقيح الاصطناعي للشروط الآتية :
– أن يكون الزواج شرعيا .
– أن يكون التلقيح برضا الزوجين و أثناء حياتهما .
– أن يتم بمني الزوج و بويضة رحم الزوجة دون غيرهما .
– لا يجوز اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي باستعمال الأم البديلة [25]“.
أولا : أن يكون الزواج شرعيا
و مفاد هذا الشرط أن يجمع بين الزوجين محل التلقيح رابطة شرعية تتجلى في عقد الزواج الشرعي[26]، و يعد هذا الشرط المعيار الحاسم لإضفاء الصورة القانونية على هذه التقنية .
و ما تجدر الإشارة إليه هو أن المشرع الجزائري لم يحدد المقصود بالزواج الشرعي و بذلك تطرح فرضيتين تقومان كالتالي :
– الزواج الشرعي هو ذلك الزواج الذي قوامه رسمي محض و الذي يتم أمام الموثق أو موظف مؤهل لذلك قانونا .
– الزواج الشرعي هو ذلك الزواج العرفي استنادا على نص المادة 22 المعدلة من قانون الأسرة الجزائري و التي بموجبها اعترف المشرع صراحة بعقود الزواج العرفية [27]باستعماله عبارة :
” …..و في حالة عدم تسجيله يثبت بحكم قضائي ” .
و بالتالي هل يمكن للزوجين بموجب عقد الزواج العرفي اللجوء لتقنية التلقيح الاصطناعي ؟
و ما هو سندهم لإثبات الشرعية ؟
و هو فراغ تشريعي يتوجب على المشرع تداركه حتى لا يقع قضاة الموضوع لمادة الأسرة في حيرة .
ثانيا : أن يكون التلقيح برضا الزوجين و أثناء حياتهما
لاشك أن رضا الزوجة لإجراء التلقيح الاصطناعي يعد شرطا جوهريا ، و لعل حكمة المشرع في ذلك استبعاد طرق التلقيح الخارجة عن نطاق الشرع و التشريع .
و يغيب رضا الزوجين في عملية التلقيح الاصطناعي متى أكرهت الزوجة مثلا على إجراءه خارج الأطر القانونية ، و من ذلك إكراه الزوجة على حمل بويضة لامرأة جميلة ، بهدف تبني تلك الصفات وراثيا على الطفل المولود بالتلقيح الاصطناعي ، أين تتحول المرأة إلى أم بديلة أو متصرفة في الرحم .
و تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى الاستنساخ [28]بنوعيه [29]و الذي مفاده أخذ الصفات الوراثية لشخص ما و حقنها داخل البويضة و الملاحظ أن الشخص المستنسخ هو صورة طبق الأصل لذات الشخص الذي أخذت منه الخلية التي تم حقنها في البويضة ، مع الإشارة أن الاستنساخ رغم أن التشريع لم يتضمنه بالتنظيم إلا أن كل الأديان السماوية حرمته[30] .
و يؤخذ على المشرع الجزائري أنه رغم إجازته للتلقيح بشروط محددة أهمها الرضا ، يحضرنا التساؤل عن الحكم في حالة اتفاق الفريق الطبي و الزوجين على إكراه امرأة أجنية و دفعها للتبرع الإلزامي بالبويضات من أجل التلقيح كأن تكون خادمة مثلا ، فهل يكيف الاعتداء من قبيل الاغتصاب ، أو من قبيل الاعتداء الجسدي؟[31].
فالمشرع الجزائري رغم تحديده لشروط التلقيح إلا أنه لم يقر جزاءا يطبق على الجاني في حالة خرق الشروط ، إذ يمكن قبول طلب التطليق كحل تلجأ له الزوجة المكرهة على إجراء التلقيح ،و الطلاق كحل يلجا له الزوج الذي رفضت زوجته الخضوع للتلقيح، و يستوي أن يكون السبب في العقم أو تكون هي السبب ، لكن بإلزام طرف ثالث على التبرع بالبويضات خرقا للشروط المحددة قانونا ، يطرح إشكال غياب الجزاء الموقع على كل مساهم في إلزام المرأة الأجنبية على التبرع بالبويضات قصد تلقيحها ، و لا شك أنها ثغرة تشريعية تحسب على المشرع الجزائري .
أما عن اشتراط المشرع الجزائري من خلال نص المادة 45 مكرر من قانون الأسرة أن يتم التلقيح أثناء حياة الزوجين ، فلعله شرط سابق لأوانه في الجزائر ، و حسنا فعل المشرع الجزائري باتخاذ الحيطة لاسيما أنه بعد هذا الشرط هناك خلفية ما يصطلح عليه بـــــــــــ:
” بنوك المني” و الموجودة على مستوى البلدان المتقدمة ، و التي تسمح بتلقيح الزوجة بمني زوجها بعد وفاته ، و هو أمر يثير عدة إشكالات عملية من حيث إثبات النسب و الميراث ، لأنه يشترط تحقق حياة الوارث وقت وفاة الموروث .
و لو أنه عندما يتعلق الأمر بالبويضات المجمدة يطرح الإشكال عند نجاح التلقيح في المرة الأولى و بقاء البويضات المجمدة في البنك و بيعها لاحقا ،و الحل الأنجع الذي جاء به مجمع الفقه الدولي الإسلامي هو إتلاف تلك البويضات دون اعتبار ذلك تجهيض لأن المضار تتجلى في اختلاط الأنساب و لا وجود لجنين في رحم الأم ، كما أوصى المجمع بضرورة ترك البويضات الفائضة بعد نجاح التلقيح الأول دون رعاية صحية حتى تنتهي حياة البويضات الفائضة بالوجه الطبيعي[32].
و لو أن المشرع الجزائري اشترط لاستحقاق الميراث أن يكون الوارث حيا أو حملا وقت افتتاح التركة مع ثبوت سبب الإرث و عدم وجود مانع من موانع الميراث [33].
و من جهة أخرى اشترط المشرع حتى يرث الحمل أن يولد حيا و يعتبر حيا إذا استهل صارخا أو بدت عليه علامة ظاهرة بالحياة [34].
و من ثم يفهم من اشتراط المشرع أن يتم التلقيح الاصطناعي في حياة الزوجين تفادي الوقوع في تعقيدات قد تكبل قضاة الموضوع من حيث مسألة استحقاق الميراث ، لاسيما و أن أساس و منبع قانون الأسرة الجزائري مستنبط من أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء ، لأنه حتى في حالة بعد الجزائر عن مسألة بنوك المني [35]، فإنه قد يخرج الزوجان حدود الدولة الجزائرية لإجراء التلقيح الاصطناعي ، و قد تنتقل الزوجة إلى الخارج بعد وفاة زوجها من أجل إجراء عملية التلقيح الاصطناعي .
و بالتالي فهي إشكاليات أصاب المشرع بتجنبها من خلال اشتراط أن يتم التلقيح الاصطناعي في حياة الزوجين.
ثالثا : أن يتم التلقيح بمني الزوج و بويضة رحم الزوجة دون غيرها
يكون التلقيح الاصطناعي هو الحل الأنسب عندما يكون الزوج و الزوجة قادران على الإنجاب ، أي بوجود بويضات و حيوانات منوية ، إلا أنه نظرا لاحتمال وجود عيب خلقي في الزوج أو الزوجة فإنه لا يحدث التلاقي و الإخصاب عن طريق الاتصال الجنسي مما يتطلب مساعدة طبية.
و يفهم من خلال وجهة المشرع الجزائري من اشتراط أن يكون التلقيح بمني الزوج و بويضة رحم الزوجة[36] هو أن التلقيح الاصطناعي يتم عن طريق أخذ مني الزوج و حقنه مباشرة في الموضع المناسب من رحم الزوجة .
و باعتبار أن المسائل المرتبطة بكيان الأسرة تعد من قبيل النظام العام فإن كل اتفاق بين الزوجين من أجل خرق أحكام التلقيح الاصطناعي يعد باطلا .
و بالتالي إذا كان المشرع الجزائري من خلال نص المادة 45 مكرر من قانون الأسرة تبنى فكرة التلقيح الاصطناعي محددا لشروطه و رغم كل النقائص و الثغرات التشريعية التي تشوب مفهوم التلقيح الاصطناعي في حد ذاته ،إلا أن الأصعب من كل ما سبق هو مسألة إثبات النسب عندما يتعلق الأمر بالمولود عن طريق التلقيح الاصطناعي ، أو المولود عن طريق الأمومة البديلة التي رغم وجود المنع التشريعي لهذه التقنية ، إلا أن الواقع و تحدياته قد يفرز مثل هذه الإشكالات .
و بتبيان مفهوم و شروط تبني تقنية التلقيح الاصطناعي ، سيتم الخوض في نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي و الأمومة البديلة ، مع الوقوف على أهم الإشكالات القانونية التي تعتري إثبات النسب، و ذلك من خلال المبحث الثاني من هذه الدراسة .
المبحث الثاني : تحديات إثبات نسب المولود من التلقيح الاصطناعي و الأمومة البديلة
نشير بداية إلى أن المشرع الفرنسي و إدراكا منه لأهمية شؤون الأسرة باعتبار أن الأسر في مجموعها تشكل شعب الدولة الفرنسية فقد نظم شؤون الأسرة بموجب المنظومة المدنية أي القانون المدني ، و الأهم من ذلك بموجب الدستور الفرنسي ، إذ يساهم المؤسس الدستوري إلى جانب المشرع في مادة الأسرة تنظيم كل ما يتعلق بالأسرة[37] ، على خلاف المؤسس الدستوري الجزائري الذي يصب اهتمامه على توزيع السلطات و اختصاصات و وظائف كل سلطة ، ناهيك عن سرد الحقوق و الحريات ، مع خلوه من أي نص يكفل تنظيم الأسرة .
و بالتالي فإن إثبات النسب يثبت بالزواج سواء كان رسميا أو عرفيا، باعتبار أن الزواج العرفي يخضع لذات قواعد الزواج الرسمي عند الإثبات [38].
إلا أن إثبات النسب عندما يتعلق الأمر بالمولود بالتلقيح الاصطناعي يشوبه غموضا صارخا يتوجب تبيانه (المطلب الأول) ، زيادة عن غموض فكرة الأمومة البديلة عندما يتعلق الأمر بمولود لا ذنب له ولد رغم وجود هذا المنع ( المطلب الثاني).
المطلب الأول : إثبات نسب المولود من التلقيح الاصطناعي و الصعوبات المطروحة
إن إثبات النسب في التلقيح يلقى عدة صعوبات و إشكالات ، باعتبار أن مسألة التلقيح الاصطناعي مسألة تطغى عليها التقنية أكثر منها المادية ، لأنه إذا كان من السهل إثبات أو نفي النسب في حالة الحمل الطبيعي ، من خلال إثبات عدم المعاشرة مع الزوجة بسبب مرض عضوي مثبت طبيا ، أو نظرا لهجرة الزوجة لمدة تفوق مدة الحمل ، أو إثبات عدم الدخول أو عدم الولادة أصلا ،إلا أن مثل هذه الأدلة غير قابلة للاستناد عليها في حالة التلقيح الاصطناعي ، باعتبار أنه لا يوجد اتصال جنسي طبيعي .
فإذا تم إجراء التلقيح الاصطناعي مراعاة للشروط التي أوردها المشرع على سبيل الحصر من خلال نص المادة 45 مكرر من قانون الأسرة ، فإنه لا يثار الإشكال بالنسبة للنسب، بحيث يتم اللجوء إلى الوسائل العملية المستحدثة و المقررة لإثبات النسب من منطلق أن المشرع الجزائري أجاز اللجوء إليها من خلال نص المادة 40 من قانون الأسرة المعدلة [39]، و التي نصت على أنه ” يجوز اللجوء إلى الوسائل العلمية لإثبات النسب” .
و الإشكال المطروح إذا كان المشرع الجزائري تبنى الطرق العلمية الحديثة لإثبات النسب هل يمكن الاستناد على الطرق العلمية لنفي النسب ؟.
و إذا اعتبرنا أن إثبات النسب يكون بموجب الطرق العلمية و نفيه يكون بموجب دعوى اللعان، فإنه من المعلوم أنه بعد اللعان تلقائيا ينفي الأب نسب المولود و من ثم فإن الأخذ بالطرق العلمية كدليل إثبات ودليل نفي هو الحل الأنجع ، لأنه بتوفير ضمانات لإثبات النسب ، و ترك النفي للعان فإنه سيكون هناك تعسفا ، ومن ثم يحرم المولود بالتلقيح الاصطناعي من النسب دون دليل علمي بل فقط عن طريق اللعان .
و بالوقوف على المعنى الحرفي لنص المادة 40 مكرر من قانون الأسرة المعدلة فإنه تسجل بعض الملاحظات التي تلخص كالتالي :
– ما المقصود بالطرق العلمية التي قصدها المشرع الجزائري ؟، و باعتبار أن هناك طرق علمية تعطي نتائج حتمية و أخرى تعطي نتائج احتمالية فأيهما يأخذ ؟.
و إذا افترضنا أن الطرق العلمية المشار إليها في نص المادة 40 مكرر تنصب على فحص DNA
لاسيما فحص الحمض النووي هل يمكن اعتبار حجيتها مطلقة أو نسبية ؟.
و لا يتوقف الإشكال عند طرق إثبات نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي بين الطرق العلمية و دعوى اللعان ، بل إن المسالة أعمق من ذلك ، لأنه إذا كان من السهل إثبات نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي في حالة قيام الرابطة الزوجية ( أولا) ، فإن الإشكال يطرح في حالة انتهاء الرابطة الزوجية بالطريقة الطبيعية أي عن طريق الوفاة ( ثانيا) ، أو عن طريق الطلاق ( ثالثا) .
أولا :نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي في حالة قيام الرابطة الزوجية
يثبت نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي أثناء حياة الزوجين و وقت قيام الرابطة الزوجية إلى الأب و الأم ، بغض النظر عن كون التلقيح تم عن طريق الإستدخال ( داخلي) ، أو عن طريق الاستخراج (الخارجي) ، و من ثم فإن إثبات النسب في هذه الحالة لا يثير أي إشكال قانوني يطرح .
إذ لا يمكن للزوج في هذه الحالة نفي النسب متى تبين من خلال الملف الطبي أنه وافق صراحة على إجراء التلقيح الاصطناعي ، و بالتالي فالبيانات الواردة في الملف الطبي قرينة قاطعة على أبوته للمولود بالتلقيح الاصطناعي ، و على العكس من ذلك يدق باب الإشكال في حالة الوفاة .
ثانيا : نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي في حالة انتهاء الرابطة الزوجية بالوفاة
قد يحدث و تنتهي الرابطة الزوجية بصورة طبيعية عن طريق الوفاة ، و من ثم فإن الإشكالات المرتبطة بإثبات نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي في حالة الوفاة ذات بعد مزدوج ، يتعلق الأول بإثبات النسب في حالة وفاة صاحب السائل النووي و بعد التلقيح مباشرة، و إنكار الورثة للمولود بالتلقيح الاصطناعي و من ثم حرمانه من تركة أبيه، في حين يتجلى الإشكال الثاني في تلقيح الزوجة بمني زوجها المجمد في بنوك المني بعد وفاة زوجها إحياء لذكراه أو لأي سبب آخر ، و إذا كانت الفرضية الأولى جد متوقعة في المجتمع الجزائري ، فإن الفرضية الثانية تستبعد من واقع الأسر الجزائرية من منطلق أن بنوك المني لا تعرف انتشار واسعا في الجزائر ، و لو أن مراكز التلقيح في الجزائر تترك بويضات فائضة بهدف إعادة زرعها في حالة عدم نجاح التلقيح أو في حالة إجهاض الحمل بعد زرع اللقيحة .
و طرح أول إشكال يتعلق بالتلقيح بعد الوفاة في فرنسا ، أين قام رجل بالتبرع بكمية من حيواناته المنوية إلى بنك المني ، و بعد وفاته تقدمت زوجته إلى البنك و طلبت تلقيحها بسائل زوجها المتوقي ، و بعد رفض البنك لم تجد سبيلا غير طرق باب العدالة ، أين قضى القضاء الفرنسي بأحقيتها في تسلم السائل المنوي لزوجها المتوفي[40].
و يطرح الإشكال في حالة الوفاة من منطلق أن الرابطة الزوجية تنقضي بالوفاة ، و لا مجال لإحياء الرابطة بعد انقضاءها بسبب طبيعي لا إرادي ، و لو أن جانب من الفقه أجاز التلقيح في فترة العدة شريطة أن يوصي الزوج بذلك [41].
غير انه و باعتبار أن الفرضية الأولى قد ترد في المجتمع الجزائري فإنه تثور التساؤلات التالية :
– بتطويع نص المادة 40 مكرر ليشمل إثبات و نفي النسب تأسيسا على فكرة كونه نص غير جنائي، هل يكفي أن ينفي ورثة الزوج أن زوجة مورثهم قد أنجبت مولودها خارج المدة القانونية المقررة لإسناد النسب بعد وفاة الزوج ؟ أم أنهم مضطرين لإثبات أن عملية التلقيح الاصطناعي تمت بعد وفاة مورثهم أي في غيابه بما يخالف الفقرة الثانية من نص المادة 45 مكرر من قانون الأسرة الجزائري؟ .
و عموما و حتى في ظل غياب المعيار الذي بموجبه يبني الورثة إقراراهم أو نفيهم للمولود بالتلقيح الاصطناعي و نفي نسبه لمورثهم ، فإنه بإقرارهم بنسب المولود فإنه ينسب إلى مورثهم و يكون له الحصة الشرعية في تركة أبيه ، إلا أنه متى نفى الورثة المولود بالتلقيح الاصطناعي فإنه يكون في حكم مجهول النسب أو ابن زنا ، و لو أن جانب من الفقه اعتبر أن مرور السنة التي تحتسب من تاريخ وفاة المورث ، تفتح واسع السلطة و التقدير للورثة بين نفي أو إقرار نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي الذي يفترض أنه ثمرة التلقيح الاصطناعي الذي تم بين زوجة مورثهم و مورثهم[42] .
و هي كلها إشكالات قانونية تستدعي إعادة النظر في المنظومة القانونية و عصرنتها حتى تواكب مثل هذه التحديات المطروحة ، كما يطرح ذات الإشكال في حالة انتهاء الرابطة الزوجية بالطلاق .
ثالثا : نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي أثناء فترة الطلاق
نشير بداية أن تقنية التلقيح الاصطناعي فرضت نفسها على الواقع للحد الذي معه صار الحديث عن مدى إمكانية اعتبار رفض الزوج الخضوع لتقنية التلقيح الاصطناعي سببا مبررا لطلب التطليق من جهة ، و من جهة أخرى صار الحديث عن الطلاق غير التعسفي كحق للزوج الذي ثبت له أن زوجته هي مصدر العقم ، مع رفضها إجراء عملية التلقيح الاصطناعي كون ذلك يتنافى و الغرض من الزواج .
كما أصبح الفقه في يومنا هذا يبحث عن إجابة للإشكال المتعلق برفض الزوج إجراء التلقيح الاصطناعي ، و تمسكه بالفكر التقليدي القائل بأن الولادة لا تكون إلا بمحض الطبيعة ، رغم أن مصدر العقم هو الزوجة ، هذه الأخيرة التي لا يمكنها طلب التطليق لأنه لم يطلها ضررا بالقدر الذي يطال الزوج كونها المتسببة في العقم ، و في ذات الوقت تمسك الزوج بموقفه دون اختياره للطلاق كبديل عن اللجوء للتلقيح غير الطبيعي ، فهي إشكالات تثبت و تبين أن تقنية التلقيح الاصطناعي تغلغلت داخل المجتمعات عموما ، و الأسر الجزائرية خصوصا.
و يثور الإشكال عند البحث عن نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي في حالة الطلاق في حالة ميلاد الطفل بعد مرور سنة من فك الرابطة الزوجية، و الأصل أنه بميلاد المولود بعد مرور أكثر من ستة أشهر تحتسب من تاريخ الطلاق فإن إقرار أو نفي النسب مرهون على إرادة و إقرار الزوج السابق أي الأب المفترض ، فإذا اقر الأب المفترض أو الزوج السابق النسب و ألحق المولود بالتلقيح الاصطناعي إليه ، فإنه ينسب إليه في هذه الحالة و يعد إقرار الأب في حكم الإقرار بالولد مجهول النسب ، غير أن هذا الإقرار مرهون على عدم زواج المطلقة بزوج ثاني بعد طلاقها .
غير أنه بنفي الزوج المطلق لنسب المولود فإنه لا يثبت للمولود بالتلقيح الاصطناعي أي نسب يذكر، و لا يعتد في هذه الحالة بالملف الطبي الذي تضمن الموافقة القبلية للزوج ( المطلق) على إجراء التلقيح ، إذ أن البعد الزمني أخذ مجراه و أصبح كفيلا بإسقاط كل القرائن [43].
و في ذات السياق ذهب العديد من الفقهاء إلى ربط جريمة الزنا[44] بالتلقيح الاصطناعي الخارج عن الأطر و الشروط القانونية ، و لو أنه من غير المنطقي أن تربط جريمة الزنا بالتلقيح غير المشروع ، لأن جريمة الزنا تترجم علاقة غير مشروعة بين رجل و امرأة متزوجين بموجبها يقوم كلاهما بخيانة الأمانة الزوجية ، في حين أن التلقيح الاصطناعي الذي قد يكون بين زوجين و امرأة أجنية صاحبة الرحم ، و يبقى من قبيل التلقيح الممنوع و المخالف للنظام العام ، لكن لا مجال للحديث عن ربط جريمة الزنا بخرق أحكام التلقيح ، لأنه في التلقيح الخارج عن الأطر الشرعية و التشريعية يكون هناك تراضي بين كل الأطراف من زوجين و امرأة أجنبية من غير الضروري أن تكون متزوجة فقد تكون عذراء و قاصر بحاجة إلى أموال ، و وجدت في تأجير رحمها بمقابل حلا أنسب من الحصول على مقابل من جراء إقامة علاقات غير شرعية مع مشتر الشهوة ، أو بيع عضو من أعضائها من جراء تردي وضعها المادي .
و تبقى الحالات التي قد ترتبط فيها جريمة الزنا بالتلقيح الخارج عن الأطر القانونية في ما يلي :
– تلقيح الزوجة بمني زوجها أثناء عدة الطلاق ، مع عدم اعتراف الزوج بنسب المولود ، و أداءه للعان من أجل نفي نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي ، مما يجعل ذلك المولود مجهول النسب و يأخذ حكم ابن الزنا ، إذ لا يعد التلقيح في هذه الحالة من قبيل جريمة الزنا ، بل المركز القانوني للمولود بالتلقيح الاصطناعي من قبيل مجهول النسب أو من قبيل ابن الزنا .
– اكتشاف الزوج بعد التلقيح أن هناك تآمر بين مخبر التخصيب و الزوجة ،و رجل أجنبي لها علاقة غير شرعية به من أجل تلقحيها بسائل الرجل الأجنبي ، بعد أن تم أخذ سائل الزوج فقط لتنويه الحقيقة و إيهامه أن التلقيح كان بسائله المنوي ، و من ثم فإنه في هذه الحالة بمجرد نفي الزوج لأبوته للمولود فإنه يصبح مجهول النسب و يتحول إلى ابن زنا .
و غير بعيد عن فكرة التلقيح الاصطناعي هناك تقنية الأمومة البديلة التي رغم منعها صراحة بموجب أحكام تشريع الأسرة الجزائري إلا أنه قد يكشف الواقع عن وجود نساء تأجر أرحماهما بمقابل أو تهدي أرحامها بدون مقابل ، أو تحمل بويضة لمجاملة امرأة أخرى نظرا لوجود قرابة ، صداقة ،باعتبار أنه شاع مؤخرا خروج الأطباء الأخصائيين في أمراض النساء و التوليد عن أخلاقيات مهنة الطب بقيامهم بعمليات إعادة العذرية للمرأة و غيرها من العمليات …..
المطلب الثاني : إثبات نسب المولود عن طريق الأمومة البديلة و الإشكالات المطروحة
نظرا للتطورات الحديثة في شتى المجالات العلمية ، صار علم فسيولوجيا التخصيب الصناعي يكشف في كل يوم عن وجه جديد مختلف عن سابقه ، و كانت نقطة البداية في مجال الإنجاب الصناعي بظهور فرع جديد من فروع التخصيب الصناعي يسمى بالرحم المستأجر أو الرحم المستعار [45] و الأم الحمالة[46]، أو الأمومة البديلة[47] كما اصطلح عليها المشرع الجزائري .
فصارت المرأة تبيع و تشتري في رحمها بمقابل و بدون مقابل و انتشرت ظاهرة تأجير الأرحام، و التي بموجبها تقوم المرأة بحمل بويضة مخصبة لزوجين، إما لكسب مقابل مادي، أو لإشباع رغبة في الأمومة حرمت منها ، و تسليم المولود لصاحبي البويضة بعد عملية الإنجاب .
فالحديث عن تأجير الأرحام هو حديث يحذوا بنا إلى طرق الإنجاب الشائعة في عصر الجاهلية ، أين كان شائعا أن تلد المرأة إما عن طريق نكاح الرهط [48]،أو نكاح القيافة[49] ، أو نكاح الإستبياض[50].
و تعود الأسباب الصحية التي قد تدفع بصاحبة البويضة للبحث عن رحم تستأجره أو تستعيره إلى ما يلي :
– استئصال رحم صاحبة البويضة في سن مبكرة ، بسبب أمراض مسرطنة أو أي تجهيض أو إجهاض خطير و متكرر أو نزيف حاد أي سبب آخر .
– أورام الرحم أو إصابته بتشوهات.
– الإجهاض المتكرر و ولادة أجنة متوفية لأكثر من مرتين .
– تلف الرحم بعد تعرضه لعديد المحاولات من أجل التخصيب المخبري دون نجاحها [51].
فإذن تقنية الأمومة البديلة و تأجير الأرحام عرفت نوعا من الاحتدام التشريعي إذ أجازتها تشريعات بعض الدول بدون أي شرط أو قيد [52]، في حين أجازته تشريعات أخرى لكن بشروط[53]، في الوقت الذي منعته تشريعات أخرى منعا جامعا دون أية شروط لإجازته[54] .
و من خلال الجدول المبين أدناه سيتم توضيح أطراف حلقة الأمومة البديلة كالتالي:
الأمومة البديلة
الأم الأصلية
الأب الأصلي
المرأة الأجنبية
و بالتالي تتكون حلقة الأمومة البديلة من ثلاث أطراف ، الأم الأصلية [55]و الأب الأصلي[56]، و المرأة الأجنبية [57]، ونظرا لكون مثل هذه التقنيات تعد انتهاكا صارخا لحرمة ديننا الحنيف كونها تعد تجارة بالجسم الإنساني، تغييرا لحكمة الله العزيز من جهة فقد منع المشرع الجزائري اللجوء إليها، من منطلق أن عملية تأجير الأرحام تهد سببا في اختلاط الأنساب متى أنكرت المرأة صاحبة الرحم عملية الاستئجار و سجلت المولود باسمها .
و لتفادي كل هذه الإشكالات و الموانع التي تطرحها تقنية الأمومة البديلة، حسنا فعل المشرع الجزائري بمنع اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي باستعمال الأمومة البديلة.
إلا أن الإشكال الذي يطرح في هذا السياق هو كالتالي:
ما هو مصير الطفل المولود باستخدام تقنية التلقيح الاصطناعي باستعمال الأمومة البديلة ؟.
و متى خرج الطبيب المختص في عملية التلقيح عن نطاق الشرع و التشريع بزرع البويضة المخصبة في رحم امرأة غير الزوجة من منطلق أن هذه الأخيرة تعاني من مشاكل صحية بالرحم، فكيف يتم إثبات نسب الطفل في هذه الحالة ؟.
و لا شك أن مثل هذه الإشكالات قد تطرح على أرض الواقع، فهي فرضية توقعها المشرع الجزائري بموجب نص المادة 45 مكرر من قانون الأسرة بدليل استعماله لعبارة ” لا يجوز اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي باستعمال الأم البديلة “.
و أول ملاحظة يمكننا إثارتها ،هو أنه يؤخذ على المشرع الجزائري أنه رغم أن ظاهرة تأجير الأرحام لها آثار سلبية و هي منبع اختلاط الأرحام ، إلا أنه جعل القاعدة التي تمنع اللجوء لتقنية الأمومة البديلة أو تأجير الأرحام قاعدة مكملة يجوز الاتفاق على مخالفتها عن طريق استعمال عبارة لا يجوز ، و من ثم جدير بالمشرع الجزائري استبدال عبارة لا يجوز بعبارة لا يجب ، حتى يتضح للكافة أن القاعدة التي تمنع تأجير الأرحام هي قاعدة أمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ، و إلا ستكون عبارة ” لا يجوز” مقدمة الإشكالات المرتبطة بإثبات نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي، و أمام هذا الإشكال القانوني نكون بصدد ثلاث فرضيات فقهية في حالة خرق المنع و ذلك كالآتي :
1- يثبت النسب للأم الطبيعية أي الأم الحامل أو صاحبة الرحم و الولود باعتبار أن حملها للبويضة هو إقرار ضمني بأمومتها، مما يلحق النسب بها عن طريق الولادة، و دليلهم في ذلك قول العزيز الحكيم في كتابه ، “….و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة و على المولود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها و لا مولود له بولده …..”[58]
2- يثبت النسب للأم البيولوجية أي صاحبة البويضة باعتبار أن المولود يأخذ جميع الصفات الوراثية منها ، و لا تعدو الأم البديلة كونها حاضنة تأخذ حكم الأم من الرضاع [59]، و يركز أنصار هذه الوجهة على إلحاق النسب بصاحب النطفة مصداقا لقوله تعالى ” …ثم خلقتنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأنه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين …..”[60]
3- يثبت النسب لكلاهما أي للأم البيولوجية و الطبيعية [61]باعتبار أن الأم البيولوجية منحت البويضة والأم الطبيعية رضيت زرعها في رحمها ،إلى حين تحول اللقيحة إلى جنين طبيعي يولد بصورة طبيعية . و لو أننا نحبذ استبعاد الفرضية الأخيرة من منطلق انه لكل شخص اسم واحد و لقب واحد و نسب واحد.
و عموما فإن ظاهرة تأجير الأرحام لا تزال من الطابوهات التي يحظر تداولها لدى الرأي العام الجزائري، رغم أنه يمكن توقع اعتمادها في ظل انعدام الوازع الديني لدى الفريق الطبي، و من ثم فقبول المرأة الأجنبية حمل اللقيحة بدلا عن صاحبة البويضة التي تعاني من مشاكل صحية في الرحم رغم كون الظاهرة محظورة شرعا و تشريعا هو سبب كافي لتجريدها من الأمومة و من ثم عدم إلحاق نسب المولود بها .
و عموما نخلص بالقول أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال لقاضي شؤون الأسرة الفصل في مسألة إثبات النسب بالطرق العلمية إلا باللجوء إلى استشارة آراء الخبراء و العلماء المتخصصين في مجال البيولوجيا للتوصل إلى نتائج علمية دقيقة باعتبارها من المسائل التقنية التي لا يمكن للقاضي الفصل فيها إلا بالاستعانة بهم و الاسترشاد بآرائهم [62].
الخاتمـــــــــــــــــــــــــة :
إن أفضل ما أفرز علم التخصيب هو ما يسمى بتقنية ” التلقيح الاصطناعي”، باعتبارها الوسيلة الأنجع التي وجد فيها المحرومين من الأبوة أو الأمومة البديل لإشباع هذه الغريزة التي تختلج النفس البشرية التي ولدت لتعمر الأرض.
و إذا كان العقم هو قدر محتم على بعض الأزواج ، فإن الخروج و الهروب من هذا القدر لا يجب أن يخرق ما قرره الشرع و التشريع ، و من ذلك عدم الخروج عن الشروط القانونية التي تطلبها المشرع الجزائري بموجب نص المادة 45 مكرر من قانون الأسرة الجزائري .
و لو أنه رغم سعي المشرع الجزائري الدؤوب لخلق بيئة قانونية تنظم و تؤطر عملية التلقيح الاصطناعي، إلا أنه رغم ذلك تطرح عدة إشكالات قانونية ، سواء عندما يتعلق الأمر بالشروط القانونية المتطلبة لتبني تقنية التلقيح الاصطناعي من جهة ، أو عندما يتعلق الأمر بمسألة إثبات النسب، زيادة عن مسألة تأجير الأرحام أو الأمومة البديلة كما اصطلح عليها المشرع الجزائري ،و ما تعتريها من صعوبات عند عملية إثبات النسب متى تم خرق المنع بتبني تقنية الأمومة البديلة .
و عموما يمكن تلخيص الإشكالات التي تشوب إثبات نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي على ضوء القانون الجزائري في مايلي :
أ- الإشكالات المرتبطة بشروط اللجوء للتلقيح الاصطناعي :
01- اشترط المشرع الجزائري أن يجمع بين الرجل و المرأة الخاضعان لعملية التلقيح الاصطناعي بصورتيه ( الإستدخال و الاستخراج) زواجا شرعيا ، لكنه لم يحدد المقصود بالزواج الشرعي هل هو ذلك الزواج المبني على أسس تشريعية أي أنه ذلك الزواج المسجل و المثبت بعقد مدني أمام موظف مؤهل قانونا لذلك ، أم أنه ذلك الزواج المبني على أسس شرعية و المبني على الفاتحة ؟.
و إذا اعتبرنا أن كل من الزواج الشرعي (بالفاتحة) ، و الزواج المدني يندرجان في مفهوم الزواج الشرعي ، فإنه يدق باب التساؤل عندما يتعلق الأمر بنسب المولود ، فإذا كان نسب المولود بالصورة الطبيعية تعتريه صعوبات كثيرة عندما يتعلق الأمر بالزواج العرفي ، من جراء المدة الزمنية التي يستغرقها إجراء تثبيت الزواج العرفي وما يصاحب العملية من تحقيق، من منطلق أن المسألة خطيرة و قد يصاحبها اختلاط في الأنساب ، مما يستوجب معه التحري من لدن السلطات المختصة، هذه المدة التي قد تصل إلى سنوات يكون المولود في تلك المدة في حكم ابن الزنا و يسجل باسم الأم ، و من ثم فإن نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي لزوجين متزوجين بعقد زواج عرفي ستعتريه ذات العوائق ، و لو أنه يفترض أن يطلب مركز التلقيح أو التخصيب عقد الزواج الرسمي ، لكن لا يمكن استبعاد فرضية إجراء المركز لعملية التلقيح الاصطناعي بموجب عقد زواج عرفي ، أو بدون طلب أية وثيقة في حالة غياب الضمير المهني و أخلاقية المهنة .
02- اشترط المشرع الجزائري أن يتم التلقيح برضا الزوجين و أثناء حياتهما ، إلا أن ما يعاب على المشرع أنه لم يحدد الجزاء الواجب التطبيق في حالة خرق هذا الشرط ، و ممن أمثلته إرغام الزوج زوجته على إجراء التلقيح الاصطناعي كونه يعاني من مرض العقم ، خرقا لفكرة الرضائية في عملية التلقيح ، إذ يجوز للزوجة رفض إجراء التلقيح ، و لها طلب التطليق إذا لم يرضى زوجها الخضوع للتلقيح الاصطناعي ، و له أن يطلقها دون اعتباره طلاق تعسفي .
كذلك يأخذ على المشرع الجزائري أنه لم يحدد الجزاء الواجب التطبيق على الزوجة التي تلقح بمني زوجها بعد وفاته ، بعد أن تم تجميد هذا الأخير ببنوك المني بالخارج ،كأن تكون الزوجة فرنسية الجنسية و الزوج المتوفي جزائري الجنسية و له ممتلكات بالجزائر ، ليتفاجئ الورثة و بعد مرور السنة مثلا بوجود وريث شرعي لمورثهم عند افتتاح التركة .
03- اشترط المشرع الجزائري بموجب نص المادة 45 مكرر من قانون الأسرة الجزائري أن يتم التلقيح بمني الزوج و بويضة رحم الزوجة دون غيرهما ، و لا يجوز اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي باستعمال الأم البديلة ، و إذا كانت الإشارة إلى الأمومة البديلة خطوة جريئة تحسب للمشرع الجزائري ، إلا أن ما يعاب عليه هو أنه جعل من القاعدة التي تمنع اللجوء إلى الأمومة البديلة قاعدة مكملة ، لا قاعدة آمرة ، إذ و بالنظر إلى مضار الأمومة البديلة التي تشكل اعتداءا صارخا على أحكام الشريعة الإسلامية ، يستحسن أن
يستعمل المشرع عبارة ” لا يجب اللجوء إلى التلقيح الاصطناعي باستعمال الأمومة البديلة ..”
ب- الإشكالات المرتبطة بتنفيذ عملية التلقيح الاصطناعي
تتجلى جملة الإشكالات التي تعيق إثبات نسب المولود بالتلقيح الاصطناعي و المرتبطة أساسا بمرحلة التلقيح في مايلي :
01- عدم تحديد المشرع للجزاءات الواجب تطبيقها على مراكز التخصيب في تلك الحالة التي يكون فيها تواطؤ بين المركز و الزوجة من أجل تلقيحها بغير مني الزوج .
02- غياب جزاءات جنائية تطبق في حالة اتجار مراكز التخصيب في اللقيحات المتبقية بعد إجراء عملية التلقيح ، و عدم التخلص منها ،و بيعها و ما قد ينجر عن ذلك من اختلاط في الأنساب .
03- عدم تحديد المشرع الجزائري للعقوبة الواجبة التطبيق على المرأة التي تأجر رحمها أو تهدي رحمها .
04- نص المشرع الجزائري على اعتماد فحص DNA من أجل إثبات نسب المولود بغض النظر عن كونه ناجم عن اتصال طبيعي أو اصطناعي ، إلا أنه نص على فحص الحمض النووي لإثبات الأبوة، و لم يجعل الفحص دليل إثبات من أجل نفي نسب المولود ، مع حصر سبل نفي النسب في دعوى اللعان ، لكن دعوى اللعان ذات طابع شخصي يغلب فيها ضمير مؤدي اللعان أو الرامي لنفي النسب ، فإذا اكتفى الأب باللعان كدليل لقطع التبعية بينه و بين المولود بالتلقيح الاصطناعي فقط لأنه يشك بأن الحيوان المنوي الذي تم بموجبه التلقيح يعود لرجل أجنبي نتيجة وجود تؤامر بين الزوجة و المركز الطبي ، فإنه متى أصاب فإن ذلك كاف من أجل نفي النسب ، و يكون مرد المولود بالتلقيح الاصطناعي حكم ابن الزنا أو مجهول النسب ، لكن ماذا لو اعتمد الأب على اللعان من أجل نفي النسب بالاعتماد على شكوك واهية و دخل بذلك المولود في دائرة مجهولون الهوية و أبناء الزنا ؟.
فإذن لا تكفي دعوى اللعان لوحدها كدليل بموجبه يتم نفي النسب ، بل من الضروري اعتماد الطرق العلمية الحديثة كما هو الحال بالنسبة لإثبات النسب ، حتى لا يكون مصير المولود بالتلقيح الاصطناعي طمس الهوية و النسب ، و الاندراج تحت لواء أبناء الزنا .
فهي إذن إشكالات قد و يفرزها الواقع ، لكن من المعلوم أن سياسة التجريم و العقاب مبنية على أساس الشرعية ، و من ثم فإن كل مساهم في عملية التلقيح الاصطناعي الخارج عن الأطر الشرعية و القانونية سيفلت من المسؤولية الجنائية ، من منطلق أن الفعل المولد لاختلاط الأنساب ممنوع في مادة الأسرة إلا أنه غير مجرم بعقوبات واضحة كما فعل المشرع الليبي في قانون العقوبات الليبي،مما يتطلب معه عصرنة و تحديث المنظومة القانونية حتى يمكنها مواكبة التحديات التي تطرحها فكرة التلقيح الإصطناعي .
و إنطاقا من النتائج السابقة ، فإنه يمكن طرح الـتوصيات و الاقتراحات التي خرجت بها الدراسة الحالة والتي قد تكون محركا لدفع المشرع الجزائري من أجل إيجاد حلولا لكل الثغرات القانونية و الإشكالات والتحديات التي تطرحها مسألة إثبات نسب المولود بالتلقيح الإصطناعي على النحو التالي :
– على المشرع الجزائري أن يحدد المقصود بالزواج الشرعي ، و يمنع اللجوء للأمومة البديلة بقواعد آمرة وذلك من خلال استبدال عبارة ” لا يجوز ” بعبارة “لا يجب” ….
– على المشرع الجزائري سن جزاءات جنائية صريحة تطبق على كل شخص سولت له نفسه خرق شروط التلقيح الاصطناعي، و قام بتجميد البويضات الفائضة ، أو عمل على زرع اللقيحة في غير رحم الزوجة ، أو لقح بويضات تعود لغير الزوجة .
– على المشرع الجزائري أن يجعل الطرق العلمية هي الدليل المرتكز عليه من أجل نفي النسب، لا فقط حصرها في إثبات النسب ، من منطلق أن دعوى اللعان قد تستغل لنفي النسب و بذلك يتحول المولود بالتلقيح الإصطناعي إلى مجهول النسب أو ابن زنا .
– على المشرع الجزائري توضيح طرق إثبات أو نفي النسب للمولود بالتلقيح الاصطناعي بعد وفاة الأب أو المورث ، و توضيح المعيار الحاسم الذي يمكن للورثة بموجبه نفي نسب المولود أو إقراره ، و الذي يدور بين معيار المدة الزمنية ،أي عن طريق تحديد المدة القانونية التي يتوجب أن يولد فيها المولود بالتلقيح الاصطناعي حتى يمكن الإقرار بأحقيته في التركة ،أو المعيار الطبي عن طريق فحص DNA .
– على المشرع الجزائري توضيح المدة القانونية التي بموجبها يمكن نقي أو إقرار نسب المولود بالتلقيح الإصطناعي بعد انتهاء الرابطة الزوجية عن طريق الطلاق أو حتى التطبيق .
– على المشرع الجزائري إبراز مدى اعتبار رفض الزوج العقيم للتلقيح الاصطناعي كسبب من أسباب التطليق من منطلق أن المشرع الجزائري جعل من الضرر سبب لطلب التطليق بموجب المادة 53 من قانون الأسرة الجزائري .
و في الختام يمكن القول أنه رغم كل هذه الصعوبات و التحديات التي تطرحها تقنية التلقيح الاصطناعي ، إلا أنه لا يمكن إنكار مزايا و إيجابيات هذه التقنية في إشباع غريزة المحرومين من الإنجاب ، و يبقى الرضا بقضاء الله و قدره مطلب حتمي و ملح .
قائمة المراجع و المصادر :
أولا : المراجع :
01- المؤلفات باللغة العربية :
– أمير فرج ، أحكام المسؤولية عن الجرائم الطبية ، المكتب العربي الحديث ، الإسكندرية ، 2005.
– أحمد محمد لطفي أحمد ، التلقيح الاصطناعي ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2006 .
– أحمد محمد لطفي أحمد ، التلقيح الاصطناعي بين أقوال الأطباء و الفقهاء ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2006.
– أمير فرج يوسف ، أطفال الأنابيب طبقا للحقائق العلمية و الأحكام الشرعية و القانونية ، الطبعة .01 ، مكتبة الوفاء القانونية ، الإسكندرية ، 2013 .
– بأحمد أرفيس، مراحل الحمل و الممارسات الطبية في الجنين بين الشريعة الإسلامية والطب المعاصر ، الطبعة .02 ، الجزائر ،2005.
– حسونة الدمشقي و عرفان بن سليم العشا ، التلقيح الصناعي أو أطفال الأنابيب و عرس الأعضاء البشرية بين الطب و الدين ، الطبعة الأولى ، بيروت ، 2006 .
– شوقي زكرياء صالحي ، التلقيح الصناعي بين الشريعة الإسلامية و القوانين الوضعية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ،2001.
– هيام إسماعيل السحماوي ، إيجار الرحم – دراسة مقارنة – ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2013.
– محمد علي البار ، مشكلة الإجهاض ، الدار السعودية للنشر ، الطبعة الثانية ، جدة ، 1986 .
– محمود توفيق إسكندر ، الخبرة القضائية ، دار هومة ، طبعة 2002 .
02- المقالات العلمية :
– المجلة الجامعة ، محمد جمعة بشير ، موقف المشرع الليبي من التلقيح الاصطناعي ، كلية القانون ، جامعة السابع من أبريل ، العدد .05 ، لسنة 2005.
– مجلة رسالة الحقوق ، جندر حسين كاظم الشمري ، إشكاليات النسب – دراسة مقارنة في القانون و الشريعة الإسلامية ، كلية القانون ، جامعة كربلاء ، العدد .02 ، 2010.
– مجلة كلية الدعوة الإسلامية، جمعة بشير، نسب المولود الناتج عن التلقيح الاصطناعي ، العدد .20 ، 2003 .
– مجلة الحقوق ، خالد جمال أحمد ، الحماية القانونية للجنين ، الصادرة عن جامعة البحرين ، العدد .04 ، يناير 2007.
03- الرسائل الجامعية :
– بغدادلي جيلالي ، الوسائل العلمية الحديثة المساعدة على الإنجاب في القانون الجزائري ، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص ، كلية الحقوق ، جامعة الجزائر 01، 2013/2014.
04- المقالات الإلكترونية :
– يونس الحكيم ، نسب المولود الناشئ عن الاستنساخ البشري ، تاريخ الإطلاع 24 مايو 2017 ، al-7aml.com/category/surrogate-motherhood منشور على الموقع التالي :..
– جمال أبو سرور ، قضية الرحم البديلة تثير جدل الأطباء و الفقهاء ، تاريخ الإطلاع .23 يونيو2017 www.cyprusivfhospital.com/arabic.asp?page=reasons-for. مقال منشور على الرابط :
-le respect du corps humain pendant la vie et après la mort, publié dans le site suivant: https://www.leh.fr/…/le-respect-du-corps-humain-pendant-la-vie-et-après-la-mort-978, consulté le 24 mai 2017.
05- المؤلفات الأجنبية :
01- François Chénedé, Pascale Deumier , L’œuvre du parlement, la part du conseil constitutionnel en droit des personnes et de la famille , les nouveaux cahier du conseil constitutionnel ,numéro .39, éd .Dalloz , 2013 , p .05.
ثانيا : المصادر .
01 – القرآن الكريم .
02- القرارات الشرعية :
– قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 55 (06/06) لعام 1990 ، و المتعلق بحكم البويضات الملقحة ، بعد المؤتمر السادس المنعقد في جدة بالمملكة العربية السعودية ، خلال الأيام من 14 إلى 20 مارس 1990.
– القرار رقم 110/3/د .10 الصادر عن مجمع الفقه الإسلامي المنعقد بجدة في 28/6 0/ 97 إلى 3 0/ 7 0/97.
03- النصوص القانونية :
– القانون رقم 84/11، المؤرخ بتاريخ 09 يونيو 1984 ، المتضمن قانون الأسرة ، المعدل و المتمم .
– الأمر 05/02، المؤرخ في 27 فبراير 2005 ، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد. 15 .
– القانون المدني الفرنسي المعدل و المتمم .
– قانون العقوبات الليبي المعدل و المتمم .
– الدستور الفرنسي النافذ .
– تنص المادة الرابعة من الأمر رقم 84/11 المؤرخ في 09 يونيو 1984 ، المتضمن قانون الأسرة الجزائري المعدل [1]
و المتمم ،على أن الزواج هو عقد يتم بين رجل و امرأة على وجه شرعي ، من أهدافه تكوين أسرة أساسها المودة و الرحمة و التعاون ، و إحصان الزوجين ، و المحافظة على الأنساب “
– يقصد بالنسب لغة القرابة و الالتصاق ، فيقال أنسب الولد لأبيه أي ألحقه به ، و فلان يناسب فلان ، و هو نسيب فلان أي [2]
أنه قريبه ، في حين يناط به شرعا علاقة الدم و رابطة السلالة أو النوع الذي يربط الإنسان بأصوله و فروعه و حواشيه و رباط السلالة هو السبب في تكوين الأسرة .
– ذووا النسب هم الآباء و الأمهات و الأعمام ، و الأبناء و الأعمام و الأخوال ….[3]
– ذووا المصاهرة هم أقارب ذوي الأنساب .[4]
– يميز الأطباء بين العقم و عدم الخصوبة ،إذ يقصد بالعقم العجز الكامل عن الإنجاب بصورة نهائية ، فلا تجدي كل وسائل [5]
الإنجاب الاصطناعي لعلاجه أو تخفيف و إزالة آثاره ، فيما عدا تلك الحالات التي يتم خلالها زرع بعض الأعضاء التناسلية .
في حين يقصد بعدم الخصوبة حالة مرضية عارضة يمكن شفائها و يمكن معها إجراء التلقيح الاصطناعي ، و لمزيد من التفاصيل حول الموضوع أنظر ، محمد علي البار ، مشكلة الإجهاض ، الدار السعودية للنشر ، الطبعة الثانية ، جدة ، 1986 ، ص.18،19.
– إن تقنية التلقيح الاصطناعي هي فكرة قديمة الظهور ،و كان أول استخدام طبي للتلقيح الاصطناعي الداخلي [6]
بروسيا ، من خلال تمكن العلماء الروسيين من تلقيح الأبقار و الأغنام و الخيول في أوائل القرن العشرين ، ثم طبقت تقنية التلقيح الداخلي على الإنسان ، ثم بعدها انتشرت الظاهرة انتشارا واسعا في الولايات المتحدة الأمريكية و أوربا و مختلف دول العالم .
و لو أن فريق آخر من الفقه ارجع الفضل في بروز التقنية للكاهن الإيطالي “لازداد نزالي” ، أين أجرى أول تجربة تلقيح على أنثى الكلاب سنة 1786، في حين اتجه فريق آخر من الباحثين للقول أن الأسبقية في اكتشاف التقنية تعود إلى الباحث “هينتر” لسنة 1799 ، أين كان أول من يجرم التخصيب الصناعي على جنس البشر ،و لو أن جل الفقهاء يتفقون أن الطفلة ” لويزة بروان “ هي أول طفلة أنابيب المولودة بتاريخ25 يونيو 1978، نتيجة تلقيح بويضة أم لويزة بالحيوان المنوي لزوجها ، و لمزيد من التفاصيل أنظر ، مجلة كلية الدعوة الإسلامية، جمعة بشير، نسب المولود الناتج عن التلقيح الاصطناعي ، العدد .20 ، 2003 ، ص.180.
– أحمد محمد لطفي أحمد ، التلقيح الاصطناعي ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، 2006 ، ص.07.[7]
– يطلق على التلقيح الاصطناعي بعلم التناسل التكنولوجي الحديث أو آليات التوليد التقني أو الإخصاب التكنولوجي.[8]
– مجلة كلية الدعوة الإسلامية، جمعة بشير، نسب المولود الناتج عن التلقيح الاصطناعي، المرجع السابق ، الصفحة .579..
– إذ كانت المادة 41 من قانون الأسرة قبل التعديل تنص على أنه ” ينسب الولد لأبيه متى كان الزواج شرعيا و أمكن [10]
الإتصال و لم ينفه بالطرق المشروعة .
– و ذلك بموجب المادة 45 مكرر المستحدثة، و رغم تأخر المشرع الجزائري عن تبني التقنية، إلا أنها تبقى خطوة[11]
جريئة من طرف المشرع بحاجة لتكلل بمزيد من التنظيم .
– بأحمد أرفيس ، مراحل الحمل و الممارسات الطبية في الجنين بين الشريعة الإسلامية و الطب المعاصر ، [12]
الطبعة .02 ، الجزائر ، 2005 ، ص.307 .
– أمير فرج يوسف ، أطفال الأنابيب طبقا للحقائق العلمية و الأحكام الشرعية و القانونية ، الطبعة .01 ، مكتبة [13]
الوفاء القانونية ، الإسكندرية ، 2013 ، 12.
على الجنين المخصب خارج الجسم هو وصف غير bébé éprouvette- إن استعمال مصطلح الأنابيب [14]
دقيق ، حيث أن الوصف الأنسب الذي ينبغي إطلاقه على طفل الأنابيب خلال عملية التخصيب خارج الرحم هو تسمية ” جنين الأنابيب ” أو ” جنين التلقيح الاصطناعي” ، و لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع أنظر ، مجلة الحقوق ، خالد جمال أحمد ، الحماية القانونية للجنين ، الصادرة عن جامعة البحرين ، العدد .04 ، يناير 2007، ص.305.
– بأحمد محمد أرفيس ، مرجع سبق ذكره ، ص. 308.[15]
– أحمد محمد لطفي أحمد ، التلقيح الاصطناعي بين أقوال الأطباء و الفقهاء ، دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ، [16]
2006، ص.121،122.
– بغدادلي جيلالي ، الوسائل العلمية الحديثة المساعدة على الإنجاب في القانون الجزائري ، مذكرة لنيل شهادة الماجستير [17]
في القانون الخاص ، كلية الحقوق ، جامعة الجزائر 01، 2013/2014، الصفحة 178.
– يعد هذا الأسلوب الحل الأنجع في تلك الحالة التي يكون فيها الزوجة عقم ناجم عن انسداد قناة فالوب التي تصل بين [18]
مبيضها و رحمها .
– و يتم اختيار هذا الأسلوب في تلك الحالة التي يكون فيها مبيض الزوجة مستأصلا أو معطلا ، في حين يكون الرحم سليم [19]
يسهل علق اللقيمة فيه أو البويضة الملقحة .
– هو إشكال قد يفرض نفسه و بحدة على الواقع ، و سيتم سرد الفرضيات التي قد تجيب عنه من خلال المحور الثاني من[20]
هذه الدراسة المعنون بـ : تحديات إثبات نسب المولود من التلقيح الاصطناعي و الأمومة البديلة
– هذا الأسلوب الذي اصطلح عليه المشرع الجزائري بالأمومة البديلة أو تأجير الأرحام و منع تبنيها ، و فق ما سيتم [21]
توضيحه عند دراسة الإشكالات المرتبطة بإثبات النسب في الأمومة البديلة .
– أضاف المشرع الليبي مادتين إلى قانون العقوبات يجرم بموجبهما تقنية التلقيح و المتمثلتان في نص المادة 430 مكرر أ[22]
و التي تنص على أنه ” كل من لقح امرأة تلقيحا اصطناعيا بالقوة أو التهديد أو الخداع يعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن 05 سنوات ، إذا كان برضاها ..” في حين تنص المادة 403 مكرر ب على أنه ” تعاقب المرأة التي تقبل تلقيحها اصطناعيا أو تقوم بتلقيح نفسها صناعيا بالسجن لمدة لا تزيد عن خمس سنوات ، و يعاقب الزوج بذات العقوبة المنصوص عليها متى كان التلقيح برضاه ، و سواء وقع التلقيح من الزوجة أو من الغير .
– المجلة الجامعة ، محمد جمعة بشير ، موقف المشرع الليبي من التلقيح الاصطناعي ، كلية القانون ، جامعة السابع من [23]
أبريل ، العدد .05 ، لسنة 2005.
– القانون رقم 84/11 ، المؤرخ بتاريخ 09 يونيو 1984 ، المتضمن قانون الأسرة ، المعدل و المتمم .[24]
– تمت إضافة هذه الفقرة بموجب الأمر 05/02 ، المؤرخ في 27 فبراير 2005 ، الجريدة الرسمية للجمهورية [25]
الجزائرية ، العدد . 15 ، الصفحة .21.
– يشترط لقيام عقد الزواج توافر أهلية الزواج وولي و صداق و شاهدان مع انعدام الموانع الشرعية للزواج و [26]
ذلك وفقا لما ذهب إليه المشرع من خلال نص المادة 09 مكرر من قانون الأسرة .
– تثبت عقود الزواج العرفية بموجب حكم قضائي صادر عن قسم شؤون الأسرة بحضور النيابة العامة .[27]
– يقصد بالاستنساخ من الناحية العلمية، عملية الحصول على نسخ طبق الأصل في النبات أو الحيوان أو الإنسان، بدون [28]
الحاجة إلى تلقيح خلايا جنسية ذكرية أو أنثوية، وقد عرفه القرار رقم 110/3/د .10 الصادر عن مجمع الفقه الإسلامي المنعقد بجدة في 28/6 0/ 97 إلى 3 0/ 7 0/97 بأنه ” توليد كائن حي أو أكثر، بنقل النواة من خلية جسدية إلى بيضة منزوعة النواة، وإما بتنشيط بيضة مخصبة في مرحلة تسبق تمايز الأنسجة والأعضاء “، ويعتبر ميلاد النعجة “دولي” في يوليو 1996، أول خطوة علمية في مجال الاستنساخ الحيواني.
– يتجلى أوله في الاستنساخ الجيني أو العلاجي و يتم عن طريق استخلاص بويضات من المرأة، فتخصب البويضة[29]
الواحدة، بأكثر من حيوان منوي، فتحدث عملية الانقسام في خلية البويضة المخصبة ويتم فصل الخليتين وتعليق كل واحدة بغشاء صناعي يسمح للجنين بالنمو وتواصل البويضة انقساماتها لتنشأ عنها مجموعة من الأجنة المتطابقة في جيناتها الوراثية.
ويفتح هذا النوع من الاستنساخ إمكانية إنتاج خلايا أساسية وهي تلك الخلايا التي بإمكانها التطور إلى أنواع مختلفة من الأنسجة والأعضاء والعضلات والأعصاب.
في حين يتجلى النوع الثاني في الاستنساخ الخلوي أو اللاجنسي، حيث تأخذ خلية من أي إنسان ويتم عزل نواة تلك الخلية الحاملة للصفات الوراثية وفق طرق معينة، وفي المقابل تسحب نواة خلية حية من بويضة سليمة، فيتم زرع نواة الخلية الوراثية للإنسان الأصلي في هذه الوضعية، فتتشكل بويضة جينية، تحمل كل الصفات الوراثية للإنسان الأصلي يتم زرعها في رحم أي امرأة، أي أن يولد المولود نتيجة مطابقة للفرد المانح وهي تقوم على استطراد
أي دور للحيوانات المنوية وهي نفس الطريقة التي تم بها استنساخ النعجة دولي، و لمزيد من التفاصيل حول مفهوم إثبات نسب المولود بالاستنساخ أنظر ، يونس الحكيم ، نسب المولود الناشئ عن الاستنساخ البشري ، تاريخ الإطلاع 24 مايو 2017 ، منشور على الموقع التالي :
al-7aml.com/category/surrogate-motherhood..
– أمير فرج ، أحكام المسؤولية عن الجرائم الطبية ، المكتب العربي الحديث ، الإسكندرية ، 2005، ص.98.[30]
– إذ يعد التلقيح الاصطناعي الجبري اعتداء على حرمة الجسد ، أو جريمة عنف في حق الجسد البشري ، بإعتبار أن [31]
سلامة و حرمة الجسد البشري هي حقوق غير قابلة للتوارث ، و كل تعامل بها يعد باطل ” ، و إذا كان المشرع الجزائري قد اغفل تجريم الاعتداء على الجسم البشري ، و إجراء التلقيح الجبري على الجسد البشري ( جسد المرأة)، على خلاف المشرع الفرنسي الذي جرم الاعتداء على الجسد بموجب المادة 16 فقرة 01 و فقرة 05 ،و عدم الجسد البشري للتعامل فيه ، و من ثم عدم قابلية البويضات الفائضة للتعامل فيها بالبيع أو الهبة ، و قد وردت الفقرتين من نص المادة 16 سابق الإشارة إليها كالتالي :
Article 16-1 « chacun a droit au respect de son corps,
– le corps humain est inviolable.
– le corps humain et ses éléments ne peuvent faire l’objet d’un droit patrimonial ».
Article 16-5 « les conventions ayant pour effet de conféré une valeur patrimonial au corps humain, a ses éléments ou a ses produits sont nulles ».
Pour plus des détailles :consulte l’article sous titre de le respect du corps humain pendant la vie et après la mort, publié dans le site suivant :https://www.leh.fr/…/le-respect-du-corps-humain-pendant-la-vie-et-après-la-mort-978, consulté le 24 mai 2017.
– قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 55 (06/06) لعام 1990 ، و المتعلق بحكم البويضات الملقحة ، بعد المؤتمر[32]
السادس المنعقد في جدة بالمملكة العربية السعودية ، خلال الأيام من 14 إلى 20 مارس 1990.
– و هو ما نص عليه المشرع من خلال نص المادة 128 من قانون الأسرة الجزائري ، سابق الإشارة إليه .[33]
– و هو ما نص عليه المشرع من خلال نص المادة 134 من قانون الأسرة الجزائري ، سابق الإشارة إليه .[34]
– أمير فرج يوسف ، مرجع سابق الإشارة إليه ، ص.100. [35]
– يعد هذا الشرط تمهيدا لفكرة الأمومة البديلة التي منعها المشرع من خلال الفقرة الأخيرة من نص المادة [36]
مكرر من قانون الأسرة .
[37] – François Chénedé, Pascale Deumier , L’œuvre du parlement, la part du conseil constitutionnel en droit des personnes et de la famille , les nouveaux cahier du conseil constitutionnel ,numéro .39, éd .Dalloz , 2013 , p .05.
– أي عن طريق البينة ، القرائن ، الإقرار ، الطرق العلمية .[38]
– تم تعديل هذه المادة بموجب الأمر 05/02 ، المؤرخ في 27 فبراير 2005 ، الجريدة الرسمية للجمهورية[39]
الجزائرية ، العدد .15.
– أمير فرج يوسف ، مرجع سابق الإشارة إليه ، ص.101. [40]
– و لو أن المشرع الجزائري إشترط أن يتم التلقيح أثناء حياة الزوجين، مع اشتراطه أن يكون الحمل الوارث حيا، أو حملا [41]
أثناء افتتاح التركة .
– شوقي زكرياء صالحي ، التلقيح الصناعي بين الشريعة الإسلامية و القوانين الوضعية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ،[42]
2001 ، الصفحة .307.
– شوقي زكرياء صالحي ، نفس المرجع ، الصفحة .307.[43]
– الفعل المنصوص و المعاقب عليه بموجب المادة 339 من قانون العقوبات الجزائري ، الذي ورد كالتالي” يقضى [44]
بالحبس من سنة إلى سنتين على كل امرأة متزوجة ثبت ارتكابها جريمة الزنا .و تطبق ذات العقوبة على كل من إرتكب جريمة الزنا مع امرأة يعلم أنها متزوجة ….”
– هيام إسماعيل السحماوي ، إيجار الرحم – دراسة مقارنة – ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2013 ،[45]
ص.07 و ما بعدها.
[46] – qui se nome au français la mère porteuse .
[47] – qui se nome au français la maternité de substitution .
– مفاد نكاح الرهط دخول رجال تصل أعمارهم إلى 10 سنوات يطلق عليهم بالرهط على امرأة ، من أجل مجامعتها ، [48]
و متى حملت المرأة من أحدهم تضع مولودها و تستدعي الكل ” الرهط” ، و تلحق ولدها بمن تشاء ، دون معارضة الرهط لذلك ، لأن قبول الرهط معاشرة المرأة هو بمثابة قبول مستقبلي لمولودها .
– و مفاد ذلك اجتماع عدة رجل و دخولهم على امرأة بغي تضع راية على بيتها دون امتناعها عن أي شخص يأتيها ، [49]
و متى حملت تجتمع و كل الرجال اللذين جامعوها ، و دعوا القيافة و هو خبير الوراثة و النسب ، ليحدد إلى أي منهم ينسب مولودها ، و يأخذ في القيافة مدة المعاشرة كمعيار لإثبات النسب ، دون إمكانية المعارضة على ذلك .
– أين يهجر الزوج زوجته حتى تطهر و يرسلها بعدها إل رجل آخر ليجامعها حتى تحمل منه ،لأسباب شخصية إما لكونه [50]
يعتبره رجلا ذكيا أو قويا أو وسيما ، و لمزيد من التفاصيل حول المفاهيم الثلاث أنظر ، حسونة الدمشقي و عرفان بن سليم العشا ، التلقيح الصناعي أو أطفال الأنابيب و عرس الأعضاء البشرية بين الطب و الدين ، الطبعة الأولى ، بيروت ، 2006 ، الصفحة .13.
– جمال أبو سرور ، قضية الرحم البديلة تثير جدل الأطباء و الفقهاء ، تاريخ الإطلاع .23 يونيو 2017 مقال منشور على[51]
www.cyprusivfhospital.com/arabic.asp?page=reasons-for. الرابط التالي :
– و التي نذكر منها المملكة المتحدة ، كندا ، بلجيكا ، أستراليا ، بلجيكا ، الدنمارك ، رومانيا ، إسرائيل ، أوكرانيا ، [52]
هولندا ، ألمانيا ، رومانيا .
– و التي نذكر منها جنوب إفريقيا ، البرازيل ، الأرجنتين ، الهند ، تايلاند ، جنوب إفريقيا …[53]
– و التي نذكر منها فرنسا ، إسبانيا ، إيطاليا ، الصين ، و بعض الولايات الأمريكية ، و كل الدول الإسلامية و منها [54]
الجزائر ، باستثناء إيران التي أجازته كدولة إسلامية .
– و هي الأم التي تقدم البويضة لامرأة ثانية تحمل بدلا عنها .[55]
– و هو صاحب الحيوان المنوي الذي تلقح به البويضة .[56]
– و هي المرأة التي تقبل زرع البويضة الملقحة من الطرفين في رحمها ، و تقوم بحمل الجنين بدلا عن الأم [57]
الأصلية و يطلق عليها بالأم البديلة .
– الآية .233 من سورة البقرة .[58]
– نصت المادة 28 من قانون الأسرة الجزائري على الولد بالرضاعة باعتباره ابن للمرضعة و زوجها و أخا لجميع [59]
أولادها .
– الآية 14 من سورة المؤمنون .[60]
– مجلة رسالة الحقوق ، جندر حسين كاظم الشمري ، إشكاليات النسب – دراسة مقارنة في القانون و الشريعة الإسلامية ، [61]
كلية القانون ، جامعة كربلاء ، العدد .02 ، 2010 ، الصفحة .20.
– محمود توفيق إسكندر ، الخبرة القضائية ، دار هومة ، طبعة 2002 ، ص 37 و ما يليها .[62]
اترك تعليقاً