أصول صياغة العقود التوثيقية
إن مسألة تحرير العقود فن يتطلب لصياغتها إتباع أصول وقواعد حددها القانون حتى تتم صياغتها الصياغة السليمة وحتى تعكس رغبة الأطراف المتعاقدة ويعود الاختصاص في تحرير العقود في القانون الجزائري للموثق باعتباره ضابطا عموميا مكلفا بإضفاء الصبغة الرسمية على العقود التوثيقية أو للموظف العمومي أو لشخص مكلف بخدمة عامة وليس كما هو جاري العمل به في الدول العربية، حيث تكون هذه الاجراءات موكلة للمحامي .
وتختلف أنواع العقود التي يحررها الموثق، فهناك العقود المدنية والعقود التجارية وعقود الشركات والعقود الاحتفالية كالزواج والهبة والوصية والوقف،.
ومن العقود المدنية ما يكون ملزما لطرفي العقد وهنا يتحمل الأطراف المتعاقدة الالتزامات المفروضة على عاتقهما كعقد البيع ، وقد يكون العقد ملزما لشخص واحد أو لعدة اشخاص كالهبة ، وقد يكون العقد بعوض كالبيع و بدون عوض كالهبة .
ولصياغة أي عقد من العقود فلابد من احترام إرادة الأطراف المتعاقدة ، بمعنى أن تكون صياغة العقد وفق ما ترمي إليه إرادة الأطراف، ولا بد من مراعاة الشكلية القانونية التي يفرضها القانون وهذا ما نصت عليه المادة 324 من القانون المدني أن العقد الرسمي : ” هو عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه “.
و المحامي ملزم بدراسة العقود التوثيقية ومعرفة طريقة صياغتها حتى يمكن له الطعن في صحتها أمام القضاء عند مخالفتها للإجراءات القانونية الواجب إتباعها لحماية الأطراف المتعاقدة .
ولقد أوجب القانون الشكلية عند صياغة العقود الموثقة لأنه اعتبر أن ما يورد فيها حجة حتى يثبت تزويرها، وهذه الضمانة التي وضعها المشرع هي بغرض استقرار المعاملات، لذلك كان لزاما على من يحرر العقد أن يكتبه باللغة العربية وبعبارات واضحة وهادفة لما ترمي إليه إرادة الأطراف، ويتجنب الكتابة ما بين السطور و كذلك التشطيب .
والموثق عند تحريره للعقود هو مثل المحامي الذي يحرر المذكرات، فهو رجل تقني يعمل على ترجمة إرادة الأطراف على أرض الواقع بأمانة وثقة.
ومن بين أهم البيانات التي يجب ذكرها في العقود المحررة :- أسماء و ألقاب و صفة ومسكن الأطراف المتعاقدة، وكذلك الشهود، وذكر تاريخ تحرير العقد، والتأكد من الأهلية القانونية للتعاقد و بلوغ الأطراف سن الرشد القانوني حسب ما نصت عليه المادة 40 من القانون المدني .
– تعيين الشيء المراد بيعه أو تأجيره تعيينا كافيا نافيا للجهالة، ولابد من ذكر أن الطرف الثاني عالما بالشيء وبأوصافه طبقا لنص المادة 352 من القانون المدني.
– سرد أصل ملكية الشيء المبيع أو الموهوب و تاريخ اكتسابه
– ولابد من ذكر طبيعة العقود الناقلة للملكية العقارية
– وأسماء المالكين السابقين وتاريخ التحويلات المتعاقد
– ذكر الثمن و طريقة تسديده
– ذكر جميع الشروط والالتزامات التي اتفق عليها أطراف العقد
– ثم تلاوة الموثق للقوانين والنصوص المتعلقة بالضرائب و التشريع الخاص بها .
وإذا كان العقد ينصب على عقار يكون محل إشهار، يجب أن يشتمل على ألقاب و أسماء وموطن الأطراف، وكذلك تاريخ ومكان الولادة ومهنة الأطراف وجنسياتهم وكل هذه العناصر تعتبر جوهرية في العقد.
– وعلى الموثق ان يعمل على تجنب الأخطاء عند تحريره للعقود حتى لا تكون ثغرة يستفيد منها أحد الأطراف المتعاقدة ويطعن في صحتها أمام القضاء، وعليه التأكد من شرعية العقود التي يحررها لأنه مسؤول مدنيا عنها اتجاه الأطراف المتعاقدة الذين يمكنهم الرجوع عليه بدعوى التعويض ومن بين هذه الأخطاء ما تم تنبيهنا اليه الأستاذ الكريم حمدي باشا عمر في كتابه المنشور من دار هومة للنشر بعنوان دراسات قانونية مختلفة :
كالخلط بين مفهومي السهم والحصة عند تحرير عقود الشركات .
– فالسهم : هي قيمة المساهمة المالية التي نجدها في شركات الأموال فقط .– أما الحصص : فهو مصطلح يستعمل في الشركات المدنية وشركات الأشخاص .
وكذلك بالنسبة لعقود البيع : فباعتبارها من العقود الأكثر تداولا بين الناس فهو من أهم مجالات تدخل الموثق، فيمنع عليه مثلا تحرير عقد البيع أثناء تنفيذ عقوبة جنائية :كأن يحكم على شخص بعقوبة جنائية ويؤدي نصف هذه المدة في السجن ثم يستفيد من نظام الإفراج المؤقت بعدها، وخلال فترة إفراجه يبرم عقد البيع منصب على قطعة أرضية يملكها، ففي هذه الحالة يمنع على الموثق إبرام عقد البيع هنا لأن البائع شخص محجور عليه قانونا ولا يملك أهلية التعاقد .
– وكذلك في حالة تحرير عقد البيع بدون ذكر أصل الملكية : ونعني بها تبيان أسماء المالكين السابقين، وعند الإمكان صفة وتاريخ التحويلات المتتالية ماعدا بعض العقود المستثناة : كعقود الشهرة والعقود التي تتضمن تنازل الدولة عن الأملاك العقارية ذات القطاع العام بموجب قانون 81/01 وكذلك العقود العرفية الثابتة قبل 01/01/1971 .
فالعقد الخال من ذكر أصل الملكية يعتبر حسب اجتهاد المحكمة العليا عقدا لفيفا .
– كما يمكن الطعن في العقد التوثيقي لعدم أهلية الأطراف فبالرغم من ذكر الموثق عبارة أن الأطراف متمتعين بالأهلية القانونية فهذا لا يمنع من الطعن فيها.
– أو تحرير عقد الهبة بدون حضور شهود عدل باعتبار أن الشهود في العقود الاحتفالية يعتبر ركن من أركان العقد ويستحب أن يكون شهود العدل من الأقارب .
– وكذلك بالنسبة لعقد الرجوع في الهبة فهو مخول فقط للأبوين دون غيرهما لذلك لايجوز تحرير عقد الرجوع في الهبة لغير الوالدين وهذا منصوص عليه صراحة في القانون .
– كما لا يمكن مثلا تحرير عقود الإيجار بالنسبة لعقارات محبسة لأن الملكية فيها تنتقل من الواقف إلى الموقوف له أو تحرير عقود وقف على عقارات محبسة لأن فيها عنصر التأبيد .
– كما لايمكن للموثق أن يمنح الصيغة التنفيذية إلا في العقود المنصوص عليها القانون : كالإعتراف بالدين، وعقد العارية وعقد المبادلة ، وعقد الرهن وعقد إيجار التسيير الحر وعقود إيجار المحلات السكنية وكذلك التجارية منذ التعديل الوارد في 2005 .
أما في غير هذه العقود لا يمكن له تجاوز القانون أو مخالفته كما في حالة منح الصيغة التنفيذية بالنسبة لعقد الإيجار المحدد المدة، وعند انتهاء المدة يبقى المستأجر في الأمكنة المستأجرة وبرضا المؤجر فان العقد يكون تجدد ضمنيا ولا يمكن إنهائه إلا برفع دعوى قضائية والمطالبة بإنهاء العلاقة الإيجارية ولا يمكن بأي حال من الأحوال منح الصيغة التنفيذية في هذه الحالة .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً