كيفية صياغة شكوى رسمية
إنّ الشكوى الرسمية هي إحدى الطرق القانونية لردّ الظلم أو الاعتداء، وذلك بعد أن يستنفد الشخص كافة الطرق السلمية الأخرى، حيث يكتب الشكوى وفق الأصول المتبعة، ثم يُقدمها للجهة المختصة، التي ستتكفّل بالتحقيق في الأمر، وملاحقة الشخص المشتكى عليه، ومعاقبته عند ثبوت صحّة الشكوى.
للشكوى الرسمية شكليّة خاصة، وأصول متبعة، ومحتوى معين، ومظهر عام، يجب توافرها جميعاً لضمان قبول الشكوى، وعدم رفضها من الجهة المُقدمة إليها، لذلك ينبغي على الشخص أن يكون حريصاً عند كتابتها، ويُعطي للأمر اهتمام خاص، فكيف يكون ذلك؟ وكيف يكتب الشخص الشكوى الرسمية؟
الأمور الواجب مراعاتها عند كتابة الشكوى الرسميّة
ينبغي على صاحب الشكوى والذي يرغب بكتابة الشكوى الرسمية أن يتعرّف على شروط خاصّة تتعلق بالشكوى الرسمية، وذلك حتى تعتمدها الجهة المقدمة إليها، وهي كالتالي:
شكليّة الشكوى
الشكليّة التي سنتحدث عنها هنا ليست مظهر الشكوى، ولا طريقة كتابتها، وإنّما المقصود هنا هو مسألتين مهمتين هما: (تقديم الشكوى لجهة صاحبة اختصاص، وتقديم الشكوى قبل انقضاء المدة الزمنية المحددة)، فهناك بعض الأشخاص يقدمون الشكاوي للجهات غير المختصة، وغير المخوّلة، وتُرد الشكوى شكلاً لعدم الاختصاص، ويعتقدون بذلك أنّهم فقدوا حقهم، وخسروا الشكوى، ولكنّهم لا يعرفون بأنّ الجهة المختصة الرسمية لن ترد الشكوى، وستحقّق بالموضوع، ولكن عندما تكون مخوّلةً بالأمر ومختصة بذلك، وعليه لا بدّ لصاحب الشكوى أن يتحقّق من أنّ الشكوى مقدّمة للجهة المخوّلة قبل تقديمها.
بالنسبة للفترة الزمنية، فهناك نوع من الشكاوى يقتضي تقديمها ضمن فترة زمنية محددة، وبالتالي يجب على صاحب الشكوى مراعاة ذلك، وتقديم الشكوى ضمن الفترة الزمنية المحددة، وإلا سوف تُرد الشكوى شكلاً لعدم تقديمها ضمن الفترة الزمنية المحددة.
صحة المعلومات
لا بدّ من مراعاة تقديم المعلومات الصحيحة في الشكوى، وعدم الافتراء والكذب، ذلك لأنّ هذه الشكوى ستُقدم لجهة رسمية، والتي ستأخذ الموضوع على محمل الجد، وبالتالي سيتحمّل المشتكي العواقب، وقد يعود عليه المشتكى عليه بشكوى معاكسة، يُطالب فيها برد الاعتبار، كما أنّه قد يوجه القسم القانوني للمشتكي، لذا عليه أن يُراعي تقديم المعلومات الصحيحة، حتى لا تنقلب الآية، ويُصبح هو المشتكى عليه.
تقديمها من صاحب العلاقة
يجب أن تُقدم الشكوى من الشخص صاحب العلاقة، بصفته الشخصية، أو بصفته وكيلاً، أو ولياً، أو وصياً، وهذه المسألة من أساسيات تقديم الشكوى الرسمية، فكيف للجهة المختصة أن تقبل الشكوى من شخص ليس له علاقة، حتى وإن ارتبط بالمشتكي بصلة قرابة أو غيرها، فإن كان المشتكي نفسه قد ترك حقه، فكيف لغيره أن ينوب عنه، وقد يكون هذا الشخص الذي تقدم بالشكوى فضولياً، تدخل في المسألة دون إذن المشتكي الرئيسي.
لغة الشكوى
يجب أن تكون الشكوى باللغة العربية، فهذا يعطيها طابع الجدية والرسمية، فلا يصح أن تكون باللغة العامية، ولا أقول هنا إنّه على صاحب الشكوى اتباع قواعد اللغة العربية بحذافيرها، ولكن يجب أن يُعبر عن شكواه بطريقة سليمة، يستطيع قارؤها فهم المقصود منها.
وضوح الخط
لا مانع من كتابة الشكوى بخط اليد، ولكن من الأفضل أن تكون مطبوعة، حتى تكون واضحة، وتُقرأ كل كلمة وكل جزئية فيها، فكلما كانت الشكوى أوضح استطاعت الجهة المختصة الإلمام بكافة جوانبها.
محتويات الشكوى الرسمية
اسم الجهة الموجهة إليها الشكوى: يجب أن تحتوي الشكوى الرسمية على اسم الجهة الموجهة إليها الشكوى، وذلك بشكل دقيق، ومحدد.
اسم المشتكي: يذكر الشخص (صاحب الشكوى) اسمه من أربعة مقاطع، مع رقمه الوطني، وتاريخ ميلاده، وعنوانه بشكل مفصل، ورقم هاتفه، وطبيعة عمله، وعنوان عمله، ويذكر كذلك صفته في الشكوى، فيما إذا كان مشتكياً بصفة شخصية، أو وكيلاً، أو ولياً، أو وصياً.
اسم المشتكى عليه: يذكر اسم الشخص المشتكى عليه، وجميع المعلومات المتوفرة عنه، كتاريخ ميلاده، وعنوانه، ورقم هاتفه، وطبيعة عمله، ومكان عمله، وغيرها من التفاصيل التي ستمكن الجهة الرسمية من الوصول إليها.
موضوع الشكوى: هنا يذكر المشتكي موضوع الشكوى باختصار، أي بجملة مكونة من عدة كلمات، يُعبّر بواسطة هذه الجملة عن نوع الشكوى المقدمة.
واقعة الشكوى: وهي تُعتبر أهم ما في الشكوى؛ فهي التي يُعبر فيها المشتكي عما حصل معه من قبل المشتكى عليه؛ حيث يقوم بتلخيص الواقعة بطريقة مُعبرة، ومفهومة، وواضحة، ويراعي الاختصار قدر الإمكان، حيث لا يهتم إلا بذكر الأمور الرئيسية، والأساسية، كما يجب أن تحتوي هذه الواقعة على تاريخ الأحداث التي حصلت معه، وفيما إذا كان هنالك شهود حضروا الواقعة، وفيما إذا كانت لديه بينات تؤيد صحة كلامه.
الطلب: هنا يحدد المشتكي طلبه، وما هي غايته من تقديم الشكوى، وما الذي يريده من المشتكى عليه.
التاريخ: يجب على المشتكي أن يذكر تاريخ تحرير الشكوى، وهذا الأمر مهم مراعاة للشكليّة التي تحدثنا عنها في السابق.
التوقيع: هنا يقوم المشتكي بإعادة كتابة اسمه مرة أخرى ثم يقوم بالتوقيع الرسمي المُعتمد بالنسبة له.
المظهر العام للشكوى الرسمية
يجب أن تكون الشكوى منظمة، ومُقسمة إلى عدة أقسام، حتى تكون مماثلة للمظهر العام الذي تكون عليه الشكاوى الرسمية، وما سيأتي ذكره أدناه هو الترتيب الذي يجب أن تكون عليه الشكوى الرسمية:
اسم الجهة الموجهة إليها الشكوى: وتقع من حيث المكان في منتصف الورقة من الأعلى، وإن كانت موجهة إلى جهة يبدؤها صاحب الشكوى بكلمة (لدى دائرة أو لدى إدارة، أو لدى محكمة أو لدى مركز…، وهكذا)، وإن كانت موجهة إلى شخص يبدأ بكلمة (السيد، أو سعادة، أو عطوفة، وهكذا…) كل شخص حسب اللقب المناسب له.
اسم المشتكي: (حسب الشرح الذي فصلناه سابقاً).
اسم المشتكى عليه (حسب الشرح الذي فصلناه سابقاً).
الموضوع (حسب الشرح الذي فصلناه سابقاً).
الوقائع: إن كانت الواقعة طويلة، يُفضّل تقسيمها إلى عدة نقاط رئيسية.
المرفقات: هنا يشير صاحب الشكوى إن كانت هناك مرفقات تؤيد صحة شكواه، ويشير إلى أنّها مرفقة مع الشكوى وعدد هذه المرفقات، وكم صفحة لكل مرفق، وتكون من ضمن المرفقات قائمة بأسماء الشهود إن وجدوا، حيث يُعدد أسماء الشهود، ويذكر عنوان كل منهم، ورقم هاتفه.
الطلب: إن كانت الشكوى المقدّمة مطبوعة يُفضّل هنا محاولة زيادة حجم الخط، أو تفخيم حجم الفقرة التي سيذكر فيها المشتكي الطلب، حتى تكون واضحة، فهي بالنتيجة تُبين وتحدد الغاية من الشكوى المُقدمة.
تاريخ تحرير الشكوى، يستطيع أن يؤجّل المشتكي ذكر تاريخ تحرير الشكوى حتى قيامه بتقديم الشكوى، وينقل موقع التاريخ إلى المنطقة التي سيقوم بالتوقيع عندها، أي أن يكتب التاريخ بخط يده أسفل توقيعه.
عبارة تقديم الاحترام: بعد أن ينتهي المشتكي من كتابة متن الشكوى، يذكر عبارة تفيد تقديم الاحترام مثل العبارات التالية: (مع الاحترام، أو اقبلوا الاحترام، أو مع فائق الاحترام والتقدير، وغيرها من العبارات)، وتقع هذه العبارة بعد المتن مباشرة في منتصف الورقة.
التوقيع: يتم التوقيع في أيسر الورقة، تحت المتن، ولكن ليس بمستوى عبارة تقديم الاحترام، وإنما أسفل منها قليلاً.
ترقيم الصفحات: إن كانت الشكوى واقعة على أكثر من صفحة، على المشتكي أن يشير إلى ذلك من خلال ترقيم الصفحات، ويقع تسلسل الصفحات على هامش الصفحة في الأسفل.
وفي الختام نقول بأنّه كلما ارتفع مستوى الجهة الرسمية الموجهة إليها الشكوى، توجّب مراعاة الشكلية، والأصول، في كتابة الشكوى، وعليه ينبغي استشارة الأشخاص المتخصّصين بذلك وتحديداً المحامين، لأن ذلك من صميم عملهم، وهم أدرى بالتعليمات، والأنظمة، والقوانين، وكيفية المخاطبة الرسمية، وطريقتها، وأصولها.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً